أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - - مدين لقاتلتي بالحياة - لسعيد التاشفيني : نقد ... :














المزيد.....

- مدين لقاتلتي بالحياة - لسعيد التاشفيني : نقد ... :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 2071 - 2007 / 10 / 17 - 11:39
المحور: الادب والفن
    


في ديوانه الأول يدخل الشاعر المبدع سعيد التاشفيني مناطق في الوعي الإنساني يحمل مواصفات المجتمع وموروثاته والثقافة السائدة فيه ، وكذلك تجاربه الحياتية ( تجارب الشاعر نفسه ) ومعاناته العملية التي عاشها خلال حياته المهنية في أمكنة متعددة وخلال أزمنة مختلفة .

يوحي لنا عنوان الديوان ( مدين لقاتلتي بالحياة ) وللقاريء عموما بأن هذا الشاعر يكشف الدين الذي يدين به لقاتلته والتي اكتشفنا هويتها بعد قراءتنا للقصيدة التي تحمل عنوان الديوان ، وتوضح لنا بأنه شاعر لا يحب أن يتستر عن دين هو مدين به وخاصة للقصيدة . فالقصيدة هي قاتلة الشاعر ، تلك القصيدة المستبدة الحبيبة التي علمته الكثير ، ورغم تمكنه من رد الدين لها لكنه في قرارة نفسه يحس بأنه ما يزال يدين لها وسيبقى كذلك إلى الأبد .

إن القصيدة أنثى ، وتدل على الكثير من الإيحاءات كالحب والعشق والجمال والسحر والرهافة والروح ... والقصيدة تتضمن جزءا من مصير الشاعر الذي عانى في حياته المهنية في مكان ناء جدا وهو يقتسم الفراش والمؤونة مع الفئران والحشرات ، ونجد هذه المعاناة متجسدة في قصيدته " فارة تيزال " . إن ما ترسله القصيدة إلى وعينا كقراء ونحن نتأمل القصيدة التي أخذت عنوان الديوان هو تلك العلاقة التي تربط الشاعر بقصيدته وتلك الرابطة العضوية القوية بينهما .

الشعر عند الشاعر سعيد التاشفيني ليس مجرد تراكم معرفي ولغوي وموسيقي . ولا هو مجرد قصائد تنسج على نفس المنوال وتحتل رفوف المكتبات في المنازل والدور الثقافية والمؤسسات دون أن تكون ثورة شعرية تستحق المتابعة والقراءة ولا هو مجرد كلام عابر يقال ويسرد في الأمسيات الشعرية ليموت بعد ساعة من مغادرة هذه الأمسيات . إن الشعر عند سعيد هو ثمرة شجرة وارفة تغمر عالمنا بالجمال واللحن وتنبت فضاء حدائقنا الغناء والخضراء ، حتى تعطي معنى رائعا لكل الفضاءات الأخرى ، إنه إصغاء جيد واستماع مرهف إلى الأصوات التي تستكشف العالم السحري في حياتنا الغارقة في وحل الحروب والدمار والخراب :

هتفت بعشتروت
القلب تائه ...
جفاه الحب أسرف في بلائه
وذنبي ...
أنه قد بات يشقى
بما يلقى .

سعيد التاشفيني واحد من الشعراء الذين انتظروا طويلا وسنينا وسنينا حتى استوت ثمرة الشعر لديهم ولم يغامروا بنشر الترهات الحرفية والكلامية المسماة شعرا ، واستطاع بعد عمر طويل في كتابة القصيدة وإعادة الكتابة أن يرسخ في ذهنه أن الشعر الجميل ليس هو إغراق الساحة بقصائد متجاوزة ، بل انتظر حتى تأتي القصيدة إليه خلسة لتستولي على ملكته الشعرية التي أنتجت ولازالت تنتج يقول في قصيدة " مدين لقاتلتي بالحياة " :

وتأتي الحبيبة خلسة
كعادتها ...
فليست تزور سوى حين أجلو بنفسي أضمد جرح كآبتها
أكاد أجن بحضرتها ...
ماذا تريد القصيدة مني ؟ ...
وقد نخرتني ... وقد نهبتني ..!
وقد سلبتني اليقين ...!!

هذه الحبيبة التي يجن بحضرتها وقد نخرته ونهبته وسلبته اليقين سرعان ما يغار منها وعليها من كل شيء وينساق لدعوتها كالمجنون وكالمسحور ويفرش قلبه للفراشات التي تطير إلى حيث يطير . هل هناك حب أقوى من هذا الحب ؟ الحب الذي يأتي بعد خصومة وقلق وقطيعة ، يقول الشاعر :

... أغار عليها من أقلامي ... من أوراقي ... من كل الناس وكل الأشياء ...
لا أقبل أن يشاركني فيها أحد مهما كان ...
تدعوني ...
أنساق لدعوتها كالمجنون ... كالمسحور لأي مكان ...

وقد شاع أن طبائع الشعراء والمبدعين تشكل نسبة كبيرة من طبيعة كتاباتهم وإبداعاتهم ، فيتطبع الشاعر بهذا الطابع أوغيره ، وشاعرنا متطبع بالتواضع والرصانة والاتزان والرقة في حياته وفي أشعاره . فهو ابن لأسرة عريقة تنحدر من مدينة الجديدة من أب عالم وصوفي وفقيه مشهور بالمدينة . وقد اكتسب تربية دينية رزينة أكسبته طبائع رائعة في الحياة وفي معاملاته مع الناس ومع الأقران . وتبقى الإشارة إلى أن الشاعر هو من مواليد مدينة الجديدة سنة 1957 م وهوعضو النقابة الوطنية للموسقيين المغاربة وعضو الرابطة المغربية للشعر المعاصر ، كتب كلمات لعدة أغاني بخزانة الإذاعة الوطنية ومؤلف لمجموعة أناشيد الأطفال ، ساهم في ديوان محمد الدرة الصادر عن دار البابطين بالكويت ، حاصل على جوائز تقديرية وتشجيعية من مهرجانات وطنية ودولية ، ويعمل مدرسا ملحقا بنيابة وزارة التربية الوطنية بمصلحة الشؤون التربوية وتنشيط المؤسسات بالجديدة ...

ونختم هذه القراءة البسيطة لديوان الشاعر بمقطع من قصيدته " حوار مع فأرة تيزال " ، يقول فيها :

يا فأرة سكنت معي
بالله لا ! لا تجزعي
أنت الأنيسة ها هنا
فلتمرحي ... ولترتعي
لكن إليك وصيتي
لشروطها لا تخضعي
........
.......
هيا نوقع هدنة
بيني وبينك فاسمعي
ولك المجال بأسره
إلا المرور بموضعي
..........
.........
_________________




#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشبكة العلائقية العائلية وورطة عباس الفاسي : رأي :
- النفاق المشروع عند صاحب العصمة : شعر
- ” بيت لا تفتح نوافذه ” لهشام بن الشاوي :الرثاء المفعم بالألم ...


المزيد.....




- كيف مات هتلر فعلاً؟ روسيا تنشر وثائق -اللحظات الأخيرة-: ما ا ...
- إرث لا يقدر بثمن.. نهب المتحف الجيولوجي السوداني
- سمر دويدار: أرشفة يوميات غزة فعل مقاومة يحميها من محاولات ال ...
- الفن والقضية الفلسطينية مع الفنانة ميس أبو صاع (2)
- من -الست- إلى -روكي الغلابة-.. هيمنة نسائية على بطولات أفلام ...
- دواين جونسون بشكل جديد كليًا في فيلم -The Smashing Machine-. ...
- -سماء بلا أرض-.. حكاية إنسانية تفتتح مسابقة -نظرة ما- في مهر ...
- البابا فرنسيس سيظهر في فيلم وثائقي لمخرج أمريكي شهير (صورة) ...
- تكريم ضحايا مهرجان نوفا الموسيقى في يوم الذكرى الإسرائيلي
- المقابلة الأخيرة للبابا فرنسيس في فيلم وثائقي لمارتن سكورسيز ...


المزيد.....

- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز العرباوي - - مدين لقاتلتي بالحياة - لسعيد التاشفيني : نقد ... :