أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح سرميني - حروبٌ صغيرة















المزيد.....

حروبٌ صغيرة


صلاح سرميني

الحوار المتمدن-العدد: 2061 - 2007 / 10 / 7 - 12:42
المحور: الادب والفن
    


على هامش الدورة العشرين لأيام قرطاج السينمائية

بعيداً عن الأفلام التي عُرضت في الدورة العشرين لأيام قرطاج السينمائية خلال الفترة من 1 إلى 9 أكتوبر, والتي قدمها, وتحدث عنها زملاء آخرين يمتلكون سرعةً في الكتابة, لا أمتلكها, وتدفقاً تحريرياً ليس لي القدرة عليه .
ولأنني لا أعمل في هذه الصحيفة, أو تلك, ولا يلاحقني محررو صفحاتها الثقافية, فإنني أتابع أيّ تظاهرةٍ سينمائية على راحتي, وأشاهدُ, وأتأملُ, وأنتظرُ الوقت المناسب للكتابة .
ومن جهةٍ أخرى, أنظر بعينٍ مراقبة لما نُشر في نفس الصفحة, كي لا أكرر المعلومات التي كتبها غيري, ولا أضع نفسي في منافسة احترافية مع أحدّ, ولا أخشى منافسة أحداً لي.
ولهذا, فقد تخيّرت الكتابة عن زيارتي الأخيرة لتونس بمناسبة مهرجانها السينمائيّ, والحديث عن مشاهداتي, وانطباعاتي الشخصية عن السينما, والضيوف, والمُعارضة العراقية السابقة, وأشياء أخرى,.....
ولا أعرف لماذا تذكرتُ اليوم اللحظات التي استوقفني فيها الناقد السينمائيّ اللبنانيّ(محمد رضا) على درجات سلالم القصر الكبير لمهرجان كان السينمائيّ, وسألني بلطفٍ شديد :
ـ هل تنوي الكتابة عن المهرجان لمجلة الرافد الإماراتية ؟
لم أفهم جدوى السؤال, وأجبتُ بسرعة :
ـ لا أعرف, رُبما, لستُ متأكداً, لماذا ؟
وبادرني بدوره :
ـ لديّ مادةٌ جاهزة, ولكن, إذا كنت تنويّ الكتابة, فسوف أرسلُ مادتي إلى مجلة أخرى, أعرف بأنك تتعامل مع (الرافد) منذ زمنٍ طويل, وأنت أكثر احتياجاً مني للمكافأة المُخصّصة للنشر, ولهذا فقد سألتك ...
كررتُ نفس إجابتي الأولى, وأضفت :
ـ على أيّ حال, أعتقد بأن المجلة سوف تنشر ما يصلها مني, ومنك, وهيئة التحرير تعرفنا, وتحترم كتاباتنا, ولن تفضّل واحداً عن الآخر.....
وبالفعل, فقد نشرت المجلة تقريريّن لناقديّن سينمائيين توطّدت منذ ذلك اليوم علاقتهما الإنسانية, واحترام الواحد منهما للآخر .
على عكس ما فعله يوماً (جواد بشارة), أحد أقطاب المُعارضة العراقية السابقة, والمُفترض بأن يتحلّى بالأمانة, والنزاهة, والانفتاح, والتسامح, وكلّ الصفات الحميدة المُناقضة لما كان يُعارضه سابقاً من رئيسٍ, ونظام .
وهو الذي لم يقضِ يوماً واحداً في زنزانةٍ عراقية, على الرغم من زعمه الدائم بأنه كان محكوماُ عليه بالإعدام, ولكنه قضى وقتاً طيّباً في أحد السجون الفرنسية بسبب كتب واسطوانات, كان يعتقد بأنه من حقه إخراجها خفيةً من المحل الشهير الذي عمل فيه بداية الثمانينيّات .
وفي باريس, مارس حياةً مناقضة تماماً لما كان يُعارضه من فسادٍ, ولولا الذكاء, والتحايل, والكذب, والخداع, والمُراوغة,... لقضى حياته كلّها في سجون فرنسا, أو على الأقلّ, بتعويض أكثر من مؤسّسة اجتماعية لأموالٍ لا يستحقها هو, ولا زوجته, ولا أولاده ,.....
أذكر, بأنه بعد عودتي من إحدى دورات مهرجان كان, حملتُ مجموعةً من الكتب العربية الصادرة عن (صندوق التنمية الثقافية) في مصر, وكانت زائدة عن حاجتي, وبدلاً من تركها في ردهات قصر المهرجان, كما فعل غيري, ليكون مصيرها علب القمامة, أو مصانع التدوير, فكرتُ بتقديمها هديةً ل........ (جواد بشارة) نفسه.
وعندما إلتقينا في إحدى مقاهي الشانزإليزيه, وبعد أن أصبحت الكتب في حوزته, ونسيّ, أو تناسى دعوتي على فنجان قهوة, أظهر لي استياءه, واستنكاره لأنني أكتب في مجلة (المدى) السورية بدون استئذانه, أو استشارته, لأنه المندوب الدائم, والرسميّ, والوحيد للمجلة(على حدّ قوله) .
كان ردّي حاسماً, وقاطعاً :
ـ جواد, إنك لا تكتبُ في المجلة منذ سنوات, ومن جهةٍ أخرى, مكانتي الاحترافية لا تسمح لي بالتعاون مع أيّ مطبوعة من خلال مراسليها, وثالثاً, طالما أنّ المجلة قد نشرت مقالاتي, يتحتم عليك في هذه الحالة توجيه ملاحظاتك لمدير التحرير مباشرةً,.......
المُثير للغيظ, وفي بداية إقامتي الباريسية, كنتُ أول من شجّعه على الكتابة في مجلة (الحياة السينمائية) السورية, ولكن, بعد أن تمكنتُ من لغتي الفرنسية, اتضح لي بأنّ معظم ما يكتبه, هي دراسات, وحوارات مسروقة, وكان اكتشافي لهذا الأمر بمحض الصدفة, وأصبح فيما بعد متعمداً.
فقد نشرتُ يوماً في مجلة (المدى) دراسةً مُترجمةً عن (السينما التجريبية) كتبها الروائيّ, والباحث الفرنسيّ (دومينيك نوغيز), وبعد سنواتٍ, أهداني الشاعر العراقيّ (صلاح الحمداني) أعداداً قديمة منها, وحالما تصفحتها, عثرتُ على نفس الدراسة بقلم .......( د. جواد بشارة).....تواردٌ في الخواطر لدراسةٍ كاملة من عشرات الصفحات .
واليوم, وأنا أسمع أخباراً مُتلاحقة عمّا يحدث في العراق, فإنني أستغربُ, وأتساءلُ, وأتعجبُ : ـ كيف لمُعارضٍ للنظام السابق, يمتلك سلوكاً عرفته, وعشته, وجربته في فرنسا, كيف له أن يكون شريفا,ً ونزيهاً, وصادقاً في عمله (السابق) بوزارة الثقافة, وكيف يمكن للسينما العراقية أن تتطوّر, وتتقدم, وتتغيّر على يديه, والكثير من أمثاله؟
وعلى نفس المنوال, وخلال متابعتي للدورة العشرين لأيام قرطاج السينمائية, شدّتني مشاهد جديدة لم أنتبه لها في الدورات السابقة .
قبل الغزو الأمريكيّ البريطانيّ للعراق بهدف تحريره من النظام السابق, كان العراقيون الذين يعيشون في تونس على أنقاض معارضتهم, يتمتعون باحترام الشعب التونسيّ, حتى أن البعض منهم حصلوا على فرص عملٍ مهمّة,.... من منطلق التعاطف, وليس الخبرة, والشهادات العلمية التي حصلوا عليها في الغرب, أو التي ابتدعوها لأنفسهم .
كنت أسمعُ من أصدقاء تونسيين عبارات التذمر الضمنية من سلوكيات بعض العراقيين, وأخلاقياتهم في بلد الضيافة, ومن خبرة تعليمية, واحترافية متواضعة تكشفت لهم على مرّ السنوات, ........
ولكن, في زيارتي الأخيرة, كان الاستهجان واضحاً, وعلنياَ, وأشد قسوةً, فبالإضافة للسببيّن السابقين, بدت صورة المُعارضة العراقية السابقة مهزوزة, ومشوشة عند الرأيّ العام التونسي, وبسبب الشرخ الكبير الذي أحدثه الاحتلال الأمريكي للعراق, وإهانة شعبه, والأمة العربية بأجمعها, تقلص التعاطف كثيراً مع العراقيين من المُعارضين السابقين, وتحول إلى عداء مُبطّن, وهم يسمعونهم يدافعون, ويبررون الاحتلال .
وفي الوقت الذي كان الشعب التونسيّ(والعربيّ إجمالاً) على طريقٍ واحدة ضدّ النظام الديكتاتوريّ السابق في العراق, أصبح كلّ طرف في طريق مغايّر .
لم أكن أتصور حجم هذا النفور الضمنيّ, والمُعلن ضدّ القليل من العراقيين الذين يعيشون في تونس بهناء, أو أولئك الذين عاشوا فيها لفترةٍ مؤقتة, ولا يفهم التونسيون تبريراتهم في احتلال العراق, ولماذا لم يرجع هؤلاء إلى بلدهم بعد التحرير, وأكثر من ذلك, طفت سلوكيات بعضهم على السطح, فزاد النفور, واتسعت المسافات .
في الدورات السابقة, عندما كنت ألتقي بالصحفيّ, والشاعر العراقي المُعارض(حكمت الحاج), لم أكن أفهم أسباب عدوانيّتهّ, وفظاظته, وسلوكياته المريضة, وحروبه التنافسية مع هذا, أو ذاك, وحتى تسريب الأقوال, والإشاعات الاحترافية, والشخصية عني, محاولةً منه إبعادي عن تونس, أو على الأقلّ عن صفحات (القدس العربيّ), واليوم, اختفى عن صفحاتها, وعن (تونس) نفسها .
وبينما كنتُ أقدر, وأحترم السينمائيّ المُعارض(حكمت داود), انقلب عليّ فجأةُ حالما شاهدني مرةً ألتقي بمدير (معهد الفنون المسرحية) في تونس لمناقشته بموضوع يتعلق بعراقيّ آخر يرغب إنجاز ورشةٍ مسرحيةٍ بالتعاون مع المعهد,(هو أيضاً تسبّب بحرماني من دورة سابقة من أيام قرطاج السينمائية) .
وبدلاً من الاستفسار, والمُصارحة, استخدم أسلوباً صبياناً ليس بأقلّ عدائيةً من زميله (حكمت الحاج), وعرفت بأنه بُروج لفكرةٍ كنت أتمنى بأن أكون قادراً على تنفيذها, تتلخص بأنني السبب المباشر في إنهاء عقده من (المعهد) .
لو كنت أعيش اليوم في تونس, وأحاضر في معاهدها التنشيطية, لكنتُ فهمت عدوانيته نحوي, ولكن, أن أكون السبب في إنهاء عقده, وأعود أدراجي إلى باريس, لأكمل حياتي فيها, فهو توّهم عبثيّ, ليس بأقلّ حجماً من أوهام الاضطهاد, وأحكام الإعدام,...
وبينما كان الكثير من العراقيين يبيعون, ويشترون من معارضتهم للنظام السابق, ويعيشون النضال عن بعد, فإنهم يتمتعون اليوم بالتحرير, والعراق الجديد في ظلّ الاحتلال,...ولكنهم بالمقابل خسروا بضاعتهم, ولا يمتلكون ما يمكن مقايضته .
وفي الوقت الذي نفذوا بجلدهم من أخطار حروب كبيرة, وتركوا بلدهم في حربّ متواصلة مع الأمريكان, وحلفائهم, فقد خلقوا لأنفسهم (حروباً صغيرة) يتسلّون, ويقتاتون منها على أرصفة المقاهي .



#صلاح_سرميني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حضورٌ افتراضيٌّ لمهرجانات السينما/تجميع أخبار, أخطاءٌ بالجمل ...
- حق الرد وإستجلاء الحقيقة في ضرورة القراءة المجهرية المحايدة، ...
- الثقافة السينمائية العربية تحتاج إلى مخلصين, صادقين, معها, و ...
- الملفات المُخجلة في الثقافة السينمائية العربية/من القصّ, وال ...
- سحر السينما
- بعض المشاكل الاستدلالية للسينما التجريبية
- (ليلة البدر) لمخرجه السعوديّ (ممدوح سالم) رصدٌ متعجلٌ لمظاهر ...
- بومبايّ : الأحلام بالألوان
- بوليوود, عالمٌ بلا قلب
- سينماتون, الفيلم الأرخص، والأطول في تاريخ السينما ل(جيرار كو ...
- الدورة الثالثة للمهرجان الدوليّ لسينما الشعوب الإسلامية(المن ...
- مهرجانات السينما العربية بين الهواية, والاحتراف/وهران, وقليب ...
- النقد السينمائيّ بين دردشة المقاهي, النصوص الإنشائية وتلخيص ...
- نقاد القصّ, واللصق تطاولٌ على النقدّ, وعبثٌ بالثقافة السينما ...
- ظاهرة السرقات في الثقافة السينمائية العربية
- المخرج العراقيّ عدي رشيد مأخوذٌ بالفنّ الشعبيّ, وبألوان البس ...
- فيلم (غير صالح) للمخرج العراقيّ عدي رشيد ذكرياتٌ عن مدينة عت ...
- أحلام منتصف الظهيرة لمخرجه السوري غسان عبد الله, مُقارناتٌ م ...
- دعوةٌ للاحتفاء بمهرجانات السينما العربية
- كان يا مكان بوليوود السينما الهندية في عيون الغرب...


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صلاح سرميني - حروبٌ صغيرة