أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بهجت عباس - المقامة الثقافية














المزيد.....

المقامة الثقافية


بهجت عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2053 - 2007 / 9 / 29 - 04:00
المحور: كتابات ساخرة
    


حدثنا الصباح الجهني حيث قال:
بعد أنْ هـدَّتِ الزلازلُ أركانَ الطُّغيان، وتشتّت الخدم والخصيان ، في كل مكان ، صدّق الناس بحسن نيِّـة، وصفاء طـويَّة، خدعةَ التحرير، فرقصوا في الحرّ والزَّمْهَـرير، وبعد وقت قصير ، بإشارة رمزية وغمزة خفيّة ،عاد الأزلام من الباب الخلفيّة ، فأخذ هؤلاء الأغراب من الأعراب، يملأون الصحف بالشتيمة والسِّـباب، آملين أن يجدوا الماءَ في السَّراب. فلا يزال في خيالهم البليد، البطلُ الصِّـنديد، والماضي التَّـليد ، أنّ يعود، فتتـورَّدَ الخدود، وتهتـزّ النهـود، وتُطبِّـل الفهود، وترقص القرود حتى اليومَ الموعود.
ففي هذه الأيام العصيبة، ذات الأحداث الرهيبة، التي جاوز فيها الحوار كُـلَّ الأسوار، واشتـدَّ صراع الأفكار، وذاب الليل في النهار، وتفـرَّق السُّـمّار، وتـنازعت الأضداد، وتصاعدت الأحقاد، فضاع القـرّاءُ بين الضلال والرشاد. فاستغـلَّ بعضُـهم الأوضاعَ الحميدة، في حرية العقيدة، فراح يسعى بكُـلِّ حيلة، مُـتَّـخذاً كُلَّ وسيلة، لدسِّ السُّـمِّ في الدسم، دون شعـورٍ بالإثم والندم، لِمـا يُـصيب القرّاءَ من ألم. فلا لومَ على من فقدَ ما نال ، مِنْ جاهٍ ومال، فأخذ يُرغي كالجمال، التي أثقلتـها الأحمال ، ويعلّل النفسَ بالآمال ، ففتح دكاناً سمّاه ثقافة وجمع غلمان الشعر والطرافة ، فأغدق الهبات على من خوضوا في الموبقات وأكرمهم بالولائم والسفرات وجعلهم عبيده يقبلون يدَه وجِيـدَه ، فلا يعصون له أمرا ولا يُذيعون له سرّا ، والدّول الجوار ، تنثر على رأسه الدولار ، فيطنطن كالصرصار،
" غيرُ بِدع ٍإذا ظُلِـمتَ بدهـرٍ *** رُزقَ الغَمْـرُ فيه حظاً عظيمـا*
فالهواءُ الصَّحيحُ يُدعى عليلاً *** واللديـغُ المُصابُ يُدعى سليما"
وفي أحد الأيام ، وأنا مُـثقل بالأوهام ، أردتُ أنْ أطّلعَ على أحد هذه الدكاكينْ ، الممتَـدّة من فلسطين حتّى لندن وبرلين ، فقادني الطريق إلى موطن النقيق، فقلت دعني أسمع هذه النغمات، لعلّها تَشفي من الصّدمات وتمحو آثار الكدمات، وتريحني من الحسرات وتفرّج الكُـرَب وتُـزيل الهمَّ والنَّصَب، فلقد أجهدني التفكير ، وأتعبني التذكير بأمر مُنـكر ونكيـر ، فالحياة لا تساوي شروى نقيـر، فدخلت البيت العتيق، فوجدت الرفيق ، ووجهه يتلألأ كالعقيق ، وهو يجأر بالغناء كالبعير ، وبملأ الجو بالصَّفير، فانشرح خاطري وصفا ناظري وجال المرح في نفسي فنسيت بؤسي، فقلت يا صاحب النشرة الشاخرة ، أهيَ حقاً ساخرة أم في عباب الغباء ماخرة وبالتافه من الكَلِـم زاخرة؟ فضحك كالبليد ورمقني ببصَرٍ من حديد ، وقال إنها ناقدة ، وفي الميوعة راقدة ، وللنجوم راصدة، فإذا لم تصدِّق ما أقولْ، ولم تفهم الأصولْ، فإنَّ مصيركَ الذبولُ والأفولْ. فاعتذرتُ له بطيب الكلام ، وأسبغت عليه آياتِ الثناء والاحترام ، فطاب نفساً وصفا حسّاً، وقال ماذا تريد ، أيها الطّارئ من بعيد ؟ قلتُ يا واهبَ العروش ، هاك بعضَ القروش ، وغنِّ لي بعضَ الموّال وارقصْ لي كالغزال، فلقد بلغ بي السأمْ ، حتى طلبتُ العدمْ ، فأنت ترى العراقْ ، والدمَ المراقْ، والناسَ في شقاقْ. قال، فخلع المداسْ وحكّ الراسْ ووقف كالنّسناسْ، وقال سمعاً وطاعة ، فأنا في معصمك كالسّاعة ، هات البضاعة ، ودعني أحوفْ في هذا الصّوفْ فانا إلى المال لَملهوفْ ، يا لطيفْ ، يا مانح الرّغيفْ ، يا سيد العارفين والجاهلين. فقلت لقد زدتَـني طربا وأعجبتَـني حِقَـبا ، أين كنت في الأيام الخوالي، ولماذا أنت من العقل خالي ؟ قال: فاستشاط غضبا وتوهج ناراً ولهبا ، فربتّ على كتفيه وقبّلتُ ما بين وجنـتيْـه ، وقلت يا صاحب الكواكبْ ، والسائح في المشارق والمغاربْ ، كيف تُقـنِـعُ البُعَـداءَ والأقاربْ ، فيمنحونك الولائم والأسفار ليل نهار ؟ فضحك بملء شدقيه ، وهطلت دموع الفرح من عينيه ، حتى غاب عن الصواب ، فأمسكتُ بكتفيه ، ومن خوفي عليه ، هززته هزّا وأشبعته لكزا ، فأفاقْ ، ونظر إليَّ بإشفاقْ وقال هاك جوابَ ما سألتَ يا صديقي لتعرف طريقي ؛ أرقصُ في كل حلبة ، وأغنّي في كل جلبة ، فيُـسَـرّ السادةُ النسورْ ، وتشعّ أوجهُهم بالحبورْ ، وعندها أهدر كالأسد الهصورْ: إذا لم تتبرّعوا ، ولم تفهموا كلامي وتَعُـوا ، فسأغلق في وجوهكم الأبواب ، فتكونون في دنيا الخراب ، ينعق عليكم البوم والغراب، فتنهال على رأسي الهِباتْ ، فأقهقه حتّى المماتْ، أنا الروائيّ العجيبْ ، ذو الفن الغريبْ ، أنا أبو زيد الأسدي ، ذو العمر اللّـُبَـدي**والكيد الأبدي! وطفق يغنّي

أجـيد رقصاً وهـزّا****قفزاً وغمزاً ورهزا
فصِرتُ في الدّهر لُغزا***بشَعـريَ الشيطاني


=======================
* الغَـمر (بفتح الغين) تعني الجاهل الذي لم يجرب الأمور. (البيتان لحسين الجزري الحلبي)
** لـُُبَـد : آخر نسور لقمان بن عاد عاش عمراً طويلاً. ويعني أيضاً (الكثير).



#بهجت_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى هولدرلين - للشاعر الألماني راينر ماريا ريلكه
- الجينات والعنف والأمراض
- الروبوت وجراحة البروستاتة
- أوراق الخريف - للشاعر الفرنسي جاك بريفير
- من سونيتات إلى أورفيوس - راينر ماريا ريلكه
- عندما يُصبح الجميع غير أوفياء
- استئصال البروستات بواسطة الإنسان الآلي
- خماسيّات
- هل يستطيع العقل تفسير ما يحدث داخل خلية الإنسان ؟
- ترتيلة محمد - لشاعر ألمانيا الكبير غوته
- العصر البرونزي* – لورد بايرون - 1788 - 1824
- قطرس الخليج - سونيته
- الحوار المتمدن في عامه الخامس
- المرثية الخامسة - راينر ماريا ريلكه
- ريلكه باللغة العربية
- المرثيَة الثّالثة من مراثي دوينو - راينر ماريا ريلكه
- برومثيوس – لورد بايرون (1788- 1824
- عظيمةٌ هي الخرافاتُ - للشاعر الأمريكي والت ويتمان
- سرطان البروستاتة الغامض
- تفاعل الدواء والغذاء - الكريبفروت نموذجاً


المزيد.....




- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - بهجت عباس - المقامة الثقافية