أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الزهرة شذر - الانسان .. نسبة مئوية















المزيد.....

الانسان .. نسبة مئوية


عبد الزهرة شذر

الحوار المتمدن-العدد: 2050 - 2007 / 9 / 26 - 03:45
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عندما كتب جورج اورويل روايته مزرعة الحيوان، اعتبرها البعض قصة مكتوبة للاطفال في محاولة منهم لدفعها الى ميادين”الاطفال والحيوانات “ باعتبار ان الكبار لا يتقبلون الحوارات التي تجري على هذا النحو،
ولكن اخرين اعتبروها رؤية سياسية للحرب الباردة وصراع الايديولوجيات التي كانت تدور في تلك المرحلة وقد ابرز النقاد الشخصيات الحيوانية وما يقابلها من القادة السياسيين في العالمين الشرقـي”السوفيتي“ والغربي ”الرأسمالي“ ولقد كان تأثيرها كبيرا على جميع الاعمال الادبية والفنية التي نحت لهذا المنحى وبقي ظله واضحا على الافلام الجديدة واقصد الافلام ذات الشخصيات الكومبيوترية التي استهوت الكثيرين ونالت الرضا بشخصياتها الحيوانية التي تذكرنا بطريقة اورويل في خلق هذه الحيوانات والتعاطف معها.
لا تجد شعبا ليس لديه تلك الحكايا التي يتداخل فيها الانساني والحيواني لدرجة لا تستطيع معها التمييز بين الفكرة وصانعها اهو الحيوان ام الانسان؟ ولعل كتاب كليلة ودمنة لابن المقفع خير دليل على ما وصلت اليه هذه الانماط من الكتابة الابداعية التي تقول اشياء كثيرة يصعب الحديث عنها دون اللجوء الى عالم لا يتحمل تبعاته احد.
لم يعرف سبب اختيار المجتمعات البدائية طوطما يقدسونه ولا سبب نوعية ذلك الحيوان الذي سيحدد نمط العلاقات الاجتماعية والمحرمات التي تصاحب هذه العلاقات وهذا ما دفع فرويد الى الاعتقاد بان جذور المحرمات في العلاقات العائلية تعود الى هذه الطوطمية التي عاشها الانسان في مطلع طفولته والتي سجل اغلب حكاياتها جيمس فريزر في كتابه”الغصـــن الذهبي “.
بقيت العلاقة بين الانسان والحيوان متغيرة فمرة هو الاله الذي سيعبده ومرة هو الطوطم واخرى هو الاصل الذي تطور منه الانسان على حد رأي دارون معتمدا على ابحاثه التي اجراها اواخر القرن التاسع عشر التي ادت الى منازعات فكرية لم ينته اوارها الى اليوم، حتى جاء موعد الانسان مع اعاصير تسونامي الذي هلك فيها البشر رغم امكانياتهم التقنية ولكن الحيوان استشعر الخطر على بعد ساعات وفر الى حيث النجاة ولكنها كانت بالنسبة اليه لعبة من لعب الطبيعة يعرفها منذ بدء الخليقة ونسيها الانسان وبقي الحيوان يحفظ في ذاكرته الرطبة الدرس كأن الزمن لم يستطع ان يمحو منها شيئا.
***
لا اعرف ان كان لشكل الانسان وقربه سلوك وهيئة من حيوان بذاته معنى ما، حتى يسمى ويلقب به فمن الشائع ان يقال عن فلان”الواوي“ او”الذيب“ او انه ديك، ولكل اسم من هذه الاسماء دلالته الاجتماعية والرمزية وهي مشتركة في كل المجتمعات ويمكن ان يوصف نمط السلوك بانه ذئبي او كلبي و ثعلبي تبعا لنوع السلوك، وقد تجد احدهم يلقب تبعا لهيئته التي تدلل على ذلك الشكل الحيواني.
ولكن المناهج العلمية الحديثة”الصرفة “ ستجري التجارب على الفئران وعلى غيرها وتراقب سلوكها وردود افعالها ابتداء من”كالفن“ حتى بافلوف في فعله المنعكس الشرطي الذي برهن على بعث الجوع لدى الحيوان والانسان عند قرع الجرس واذن ذلك لعلماء النفس وعلماء الاجتماع بمراقبة مجاميع الفئران والقرود والجرذان مرة بتجويعها ومرة لاختبار مواد كيمياوية ومرة بمدى تحملها لضغوط نفسية واجتماعية وستنقل هذه التجارب الى مراكز الدراسات الستراتيجية ثم تنقل الى مراكز القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاعلامي وتعدل القوانين السارية والعادات والاعراف، كل ذلك سيلقي القبول لان جرذا لم يهرب من مجموعته التي تعرضت الى صدمة كهربائية مقدارها بالفولت وتحت ضغوط نفسية ومكانية وزمانية جديدة على البيئة التي يعيشها، لهذا سوف لن يهرب الانسان الذي سيعرض الى نفس الضغوط، وسوف يعيش دون ان ينتحر ولا يعتدي على مسؤوله المباشر، لهذا فرب عمله سيكون بمنأى يراقب اخر النسب المئوية التي تؤكد نجاح التجربة ومدى مقبوليتها لانها دوما بحدود 1% الى 5% وهذه النسبة المئوية لا بأس بها مادامت لا تخل بالاساس الهام للتجربة، والتجربة وحدها هنا هي المهمة بالتأكيد.
بينما تنشغل النقابات العمالية باعداد الاضرابات والمظاهرات وادارة العمل منهمكة لاعداد الحقن الطبية والاعلامية والمناورات السياسية لاعادة المجموع المنفلت عن النسبة المئوية والعودة الى الدرجة المقبولة ونجاح التجربة بلا ضرر يذكر سواء في حقل التجارب الجرذية او حقل التجارب العمالية.
***
ذات المأزق وجد الفنان نفسه فيه موزعا بين حروب الانسان وبين تدجينه فكانت الرسومات التي خطها الانسان الاول والانسان الاخير تعطي ذات الرمز عن الحيوان وبحركة رشيقة وممعنة في اظهار كينونته كونه سيقول شيئا في يوم ما، او انه قال اشياء ولكننا غير مستعدين لسماع ما يريده، لان الاشياء التي صنعناها اكثر قوة من ضعف القول لديه، يقول هربرت ريد:”ان اكتشاف موهبة فنية لدى رجل ما قبل التاريخ البشري متطورة تطورا رفيعا، قد سببت اضطرابا هاما لعلماء الجنس البشري”انتربولوجيا “وعلماء الاجتماع بوجه عام“ ويقصد الرسومات الكهفية
في اسبانيا التي ترجع الى عصر الياليوليتيك(Yalealithic period).
***
يبدو ان مرحلة”الانسان الناطق“ و”الانسان الضاحك“ قد فقدت صداها فصارت المؤسسات التي تدجن الانسان وهو من صنع هذه المؤسسات وتنظر اليه من خلال النسب المئوية، فالانتخابات تتراوح بين 50% أعلى او اقل والهزيمة والنصر بين 99% الى 1% ومعامل النسبة المئوية تقرر مصير سكان الكرة الارضية حتى اصبح الانسان هو معامل نسبة مئوية، قد يكون الامر مضحكا ولا بأس من الضحك مادام ضمن معدل النسبة المئوية؟ وهنا اقول هل يفقه الحيوان الذي هرب من اعتى اعصار لهذه النسبة التي تفصل بين الموت والحياة؟، قد يرجع السبب الى ان الحيوانات لم تعرف حتى الان الاشياء السرية في الجنس ولم تتعلمها وارجو ان لا يأتي اليوم الذي تتعلم فيه عاداته فتترك حياتها العلنية بلا رجعة ولعل هذا ما حرض بعض الفقهاء بوجوب ارتداء ما يستر للماعز عورته على وجه التحديد!
***
ان السفينة التي اطلقتنا الى العالم اثنين اثنين كانت تدرك ان الغرق سيطوف حولنا اذا ما دمرنا هذا العالم الذي منحنا القدرة على الفهم المشترك وبوادر الغرق في محو هذا الفهم واستئصاله



#عبد_الزهرة_شذر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدار
- ستراتيجية الطفو أم السباحة
- فوبيا صناعة الاخبار
- هدم الاعمال المخربة للذائقة تأسيس لقيم جديدة
- مارد التخلف أم مارد الاصلاح
- حلم بائع الرصيف يتحدى الدول الكبرى


المزيد.....




- -التعاون الإسلامي- يعلق على فيتو أمريكا و-فشل- مجلس الأمن تج ...
- خريطة لموقع مدينة أصفهان الإيرانية بعد الهجوم الإسرائيلي
- باكستان تنتقد قرار مجلس الأمن الدولي حول فلسطين والفيتو الأم ...
- السفارة الروسية تصدر بيانا حول الوضع في إيران
- إيران تتعرض لهجوم بالمسّيرات يُرَجح أن إسرائيل نفذته ردًا عل ...
- أضواء الشفق القطبي تتلألأ في سماء بركان آيسلندا الثائر
- وزراء خارجية مجموعة الـ 7 يناقشون الضربة الإسرائيلية على إير ...
- -خطر وبائي-.. اكتشاف سلالة متحورة من جدري القرود
- مدفيديف لا يستبعد أن يكون الغرب قد قرر -تحييد- زيلينسكي
- -دولاراتنا تفجر دولاراتنا الأخرى-.. ماسك يعلق بسخرية على اله ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الزهرة شذر - الانسان .. نسبة مئوية