أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - الحاكم العربي في حقيقته العارية!















المزيد.....

الحاكم العربي في حقيقته العارية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2032 - 2007 / 9 / 8 - 10:39
المحور: المجتمع المدني
    


علاقة الحاكم بالمحكوم، عندنا، تحتاج إلى "تَعْرية" كاملة حتى تُرى على حقيقتها الموضوعية، فإنَّ "صورة" هذه العلاقة على ما تراها أبصارنا وبصائرنا في "مرآة" الدستور والنصوص القانونية والإعلام والصحافة والشِعْر والأغاني والأناشيد والكُتُب المدرسية والخِطاب السياسي والديني الرسمي..، لا تشبه، ولو قليلا، أصلها الواقعي، فـ "واقع" العلاقة و"صورتها" في تنافُر مستمر ومتزايد.

في "الصورة"، يرى الحاكم نفسه، ونراه غَصْباً عَنَّا، حاكِماً (أو قائداً) ليس كمثله حاكم، فهو "الفضيلة" التي فيه، وبه، تَحَقَّقَت واكتملت وخَلَصَت. وعملاً بـ "القاعدة الذهبية" في الحُكم على البشر (والأحزاب والدول..) لا بدَّ لكَ من أن تَحْكُم على الإنسان من خلال واقعه الموضوعي وليس من خلال رأيه هو في ذاته، فرُبَّ إنسان يَعْتَقِد أنَّه يفوق نابليون بونابرت أهمية ومكانة، فهل نَعْتِقِد بما يَعْتَقِد، ونعامله، بالتالي، بما يُوافِق رأيه في ذاته؟!
إنَّنا نَزِن، ويجب أن نَزِن، الإنسان (والحاكم أو القائد على وجه الخصوص) بـ "ميزان الواقع الموضوعي"، وليس بميزانه هو، والذي هو "ميزان ذاتي" على وجه العموم.

إذا أردتَ أن تَفْهَم الحاكم على حقيقته، وعلى خير وجه، فإيَّاك أن تُنَزِّهَهُ عن "الحياة الدنيا" بوصفها "متاع الغرور"، فهو مُحِبٌّ لكل ما تَسْتَكْرِهُهُ "الفضيلة"، ويسعى إليه، وهو مع كل "مصلحة عامَّة" تَتَّسِع لها مصلحته الشخصية والعائلية والفئوية، فإنْ هي كانت غير ذلك، أو يمكن أن تضر بمصلحته، فإنَّه لن يكترث لها، وقد يناصبها العداء.

إنَّه مُحِبُّ للنكاح والنساء والليالي الحمراء (ولو كان مُسِنَّاً أو مريضاً) ويَمْلِك كل ما يُمَكِّنَهُ من تَمَلُّك "القوارير"، وما يَسْتَلْزمه هذا التملُّك من حيوية جنسية.

وهو مُحِبٌّ للمال، جَمْعاً وكَنْزاً واستثماراً وإنفاقاً..، وليس من وسيلة يمكن أن يجتنبها (أو يربأ بنفسه عن الأخذ به) إذا ما سَوَّغَتْها تلك الغاية، فهو، وبوصفه حاكِماً، له حقٌّ معلوم في أموال غيره، وفي "المال العام"، ويحق له (مع أفراد عائلته) أن يستثمر ماله كما يستثمر أباطرة المال في بلده أموالهم، فأمواله تذهب (في داخل الوطن وفي خارجه) إلى حيث معدَّل الربح يُغْري بالاستثمار. وما له من سلطان على رعيَّته لا أهميَّة له إذا لم يُتَرْجَم بمزيد من الثراء له ولعائلته ولو استعان على قضاء حوائجه بالكتمان، وبما يشبهه من وسائل وطرائق، فسؤال "من أين لكَ هذا؟" يجب أن يظلَّ مفتقرا إلى مبررات وحيثيات طرحه عليه؛ وتوصُّلا إلى ذلك لا بدَّ له من أن يَتَّخِذ "التَّقِيَّة" مبدءاً له (ولعائلته) في سعيه إلى الثراء، وإلى مزيد من الثراء.

وهو مُحِبُّ للرغد من العيش، يأكل من طيِّبات ما رَزَقَهُ الشعب، الذي يغلي بنار الغلاء؛ أبناؤه يدرسون ويتعلَّمون في خارج الوطن الذي يُحِب، فإذا مرض فلا علاج يتلقَّاه إلا في خارج الوطن، الذي في خارجه، أيضا، وخشية أن يأتي "يوم أسود"، يُخَبِّئ جُلَّ ما يَمْلِك من "قِرش أبيض".

ويظلُّ "خادِماً" للرعيَّة ما ظلَّت الرعيَّة كالغَنَم يسوقها الراعي إلى مرعاه، الذي يُسمَّى، تجميلاً، "الوطن"، الذي لا يَعْدِله وطن، جمالاً وعَظَمَةً!

في "الإعلام"، الذي لا مكان فيه لـ "الحقيقة"، خبراً، ومعلومةً، وقولاً، وقلماً، وصوتاً، يَظْهَر الحاكِم على أنَّه الخادِم لشعبه، المتفاني في خدمته، يأكل مِمَّا نأكل، ويَشْرِب مِمَّا نشرب، يُصلِّي معنا، وكما نصلِّي، يتحدَّث كما نتحدَّث، وفي اللهجة التي نُحِب، يُشْبِهنا في عاداتنا وتقاليدنا..؛ ولولا موكبه، وحُرَّاسه وما تقتضيه حراسته من إجراءات وتدابير، لَقُلْنا إنَّه مِنَّا ومِثْلَنا.

أمَّا في العالَم الحقيقي الواقعي، الذي بينه وبين "العالَم الإعلامي" برزخ عرضه عرض السماوات والأرض، فلا شيء يدلُّ على أنَّه كذلك، فهو لا يُرينا من صفاته وسلوكه ما يدلُّ على أنَّه خادِم للشعب إلا لِيُحْرِز مزيدا من النجاح في قيادته وحُكْمِه، أي في سعيه إلى الإبقاء على الشعب خادِماً أبديا له، يطيعه ما بقي مُلْتَزِماً إطاعة ولي الأمر منه.

وهو مُحِبٌّ لـ "التغيير"، لا يتوقَّف عن السعي إليه، فإذا الشعب لا يحقُّ له أن يُغيِّر حاكمه فإنَّ الحاكم من حقِّه، ومن واجبه أيضا، أن يسعى دائما في تغيير شعبه بما يَجْعَله في صُلحٍ دائم مع مصالحه. وتوصُّلاً إلى ذلك قد يَمْنَح شعبه من "الديمقراطية" ما يفي بهذا الغرض، أي بما يُنْجِح جهوده ومساعيه لِجَعْل الشعب، فكراً وشعوراً وإرادةً وسلوكاً، كمثل ريحٍ تجري بما تشتهي سفينته. قد يمنحه ذلك؛ ولكن من غير أن يتخلَّى أبداً عن "آخر العلاج" وهو "الكي"، فهو بالسيف جاء، وبالسيف يبقى، ولن يذهب، بالتالي، بما يشبه صلوات كاهن.

وهو مُحِبٌّ لـ "العَظَمَة المُطْلَقة"، يُرينا، ويُري العالَم، أُفْقاً له يسع كل شيء ولا يسعه شيء، فهو ليس بحاكم فحسب. إنَّه المُفَكِّر المُبْدِع الذي يرى رأياً سديداً رصينا في كل شيء، والذي ينبغي لكل مجالسيه ومستمعيه أن يشهدوا أن لا عبقرياً إلا هو ولو شهد العالَم بأسره أن لا غبياً يفوقه غباءً. ينبغي لهم ذلك ولو سعى في إظهار وتأكيد عبقريته في قول من قبيل "إنَّ الفَرْق بين المرأة والرجل يكمن في كون المرأة تحيض والرجل لا يحيض"!

لا تسألوه عن "الحق" و"الحقيقة"، فـ "الحق" هو كل ما يراهُ حقَّاً؛ و"الحقيقة" هي ما يُفكِّر فيه الآن. ولا تسألوه عن "شرعيته في الحُكم"، فهو ما أن اغتصب السلطة حتى منحه الشعب شرعية البقاء فيها وممارستها (إلى الأبد) فإذا أقصاه الموت عنها حقَّ لورثته (من أبنائه) أن يَرِثوا حتى "الدولة" عنه. ثمَّ أنَّ السؤال عن شرعيته في الحكم غدا من الأسئلة الفاسدة، فالزمن الطويل الذي قضاه في حُكم الشعب، والتحكُّم في مصيره، ينبغي له أن يُعَلِّمنا جميعا أنَّ الشرعية التي لا تعلوها شرعية هي المستمدَّة من كل ما ينطق به ويفعله، وإلا ما معنى أن تكاد أسماؤه الحسنى تَبْلُغ 99 اسماً؟!

إنَّنا نحمد الله على هذا المكروه فلا يُحْمَد على مكروه سواه، مُجْتنبين، في الوقت نفسه، "الشُكر"، مخافة أن يزيدنا إذا ما شَكَرْنا!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الغيبية- و-الغيبيون-!
- في الطريق إلى -اللقاء الدولي-!
- بوش يوشك أن يفتح -صندوق باندورا-!
- مناقشة ل -الرأي الآخر- في مقالة -التسيير والتخيير في فتوى شي ...
- العراق بين -التقسيم- و-التقاسم الإقليمي-!
- -التسيير والتخيير- في فتوى شيخين!
- هذا -التلبيس- في قضية -الربا-!
- المال.. إله الحياة الدنيا!
- غلاءٌ.. سَقْفُه السماء!
- توصُّلاً إلى الفصل بين الدين والسياسة
- التربية
- بين -أيلول بن لادن- و-أيلول بوش-!
- هناك مَنْ جَعَلَ الشفاء في الدواء!
- هي الآن -خريطة الطريق- إلى بغداد!
- الأخلاق والدين
- أهو خيار فلسطيني جديد؟!
- كثرة في -الأحزاب- وقِلَّة في -الحياة الحزبية-!
- لا تلوموا هاولز!
- وكان الدكتور علي جمعة قد أفتى ب ..
- مفتي مصر يفتي.. ثم ينفي ويوضِّح!


المزيد.....




- الاتحاد الأوروبي يدين تشريع البرلمان العراقي قانونًا يجرم -ا ...
- مسئول إسرائيلي يدعو بايدن لمنع مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وجال ...
- هيئة الأسرى الفلسطينيين: سياسة الاحتلال بحق الأسرى لم تشهدها ...
- أيرلندا تهدد بإعادة طالبي اللجوء إلى المملكة المتحدة
- مصدر: المملكة المتحدة لن تستعيد طالبي اللجوء من أيرلندا حتى ...
- القوات الإسرائيلية تقتحم عدة مناطق في الضفة الغربية وتنفذ حم ...
- الأمم المتحدة توقف أعمالها في مدينة دير الزور حتى إشعار آخر ...
- في غضون 3 أشهر.. الأمم المتحدة تكشف أعداد اللاجئين السوريين ...
- حميدتي: قواتنا ستواصل الدفاع عن نفسها في كافة الجبهات ومستعد ...
- مسؤولون إسرائيليون: نعتقد أن الجنائية الدولية تجهز مذكرات اع ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - الحاكم العربي في حقيقته العارية!