أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم محمد - اقطاعيات العراق وكانتونات بغداد / ايها الوطنيون احذرو التقسيم















المزيد.....


اقطاعيات العراق وكانتونات بغداد / ايها الوطنيون احذرو التقسيم


كاظم محمد

الحوار المتمدن-العدد: 2019 - 2007 / 8 / 26 - 09:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"في ظلّ فشل ومأزق أمني وعسكري واقتصادي لسياسات المحتل ومشاريعه، حيث سيقدم كشف حسابه وما أنجزه وأنجزته خطته الأمنية في أيلول القادم، والذي بالضرورة سيرفقها بالبدائل والخيارات الجديدة والتي يجب أنْ لا يتوهم البعض، بأنها ستكون تراجعية، بل هي مسلسل جديد من التكتيكات السياسية والعسكرية ذات القواعد المختلفة والتي ستصب في عملية البدء بالتقسيم الفعلي كمخرجٍ لمأزقه وخدمةً لأهداف مشروعه".
هذا ما كتبته في أحد المقالات السابقة، واليوم وبعد أنْ أجمعت التقارير العسكرية والسياسية الأمريكية وتصريحات وزير الدفاع والقادة العسكريين على فشل خطّة فرض القانون وتوابعها من الإجراءات العسكرية والأمنية والسياسية، وبعد أنْ نالت حكومة المالكي حصتها من التوبيخ والتقريع على عدم صلاحيتها، وفشلها في الإيفاء بالتزاماتها السياسية، سارع الكونغرس الأمريكي على التصويت بسحب القوات من العراق، وبدأت جبهة الجمهوريين تتصدع، بتقديم عضوين من مجلس الشيوخ مشروع قانون يحثّ الرئيس على بدأ سحب القوات بحلول نهاية العام الحالي وبدون تحديد موعد نهائي لإنهاء الانسحاب، إضافة إلى إشارة ذو مغزى في النصّ والتي تقول بتغيير مهمة القوات الأمريكية لضبط الحدود وتدريب الأجهزة الأمنية بدلاً من ضبط العنف الطائفي.
جاء هذا بعد أنْ رفض بوش قرار الكونغرس، حتّى يقدم ديفيد بترواس قائد القوات في العراق تقريره النهائي حول مدى النجاح والتقدّم الحاصل.
والمعلومات الواردة من بعض المصادر الغربية والتي نقلتها صحف غربية، تشير إلى الضغط المكثف الذي تمارسه دوائر صهيونية على صاحب القرار الأمريكي، والذي يتم تمريره عبر دراسات استشارية أو عبر المتعاطفين مع إسرائيل في هذه الإدارة، بأهمية تقسيم العراق لصالح (الأمن لإستراتيجي) للمنطقة ولصالح تكوين كيانات مضمونة الولاء للولايات المتحدة ومتعاطفة مع الدولة العبرية، وهو بنفس الوقت مخرج للمأزق الأمريكي في العراق، وتأمين إستراتيجي لمصالحها
والذي سيسمح بتصفية القضية الفلسطينية، والسيطرة على (مصادر الإرهاب).
أن الحقيقة التي يدركها الشعب العراقي وقواه الوطنية المناهضة والمقاومة للاحتلال، هي أنَّ الاحتلال وتوابعه قد مهدوا ومنذ دخول قوات الاحتلال العراق، إلى عملية التقسيم والتفتيت، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وامنياً، وعملت دوائر مختلفة وذات مصالح متشابكة بإنجاز الخطط اللازمة التي تمهد للتقسيم الفعلي.
ففي الجانب السياسي شرعنوا للمحاصصة والفدرالية إدارياً وجغرافياً، وعملوا على تمرير كلّ القوانين والأنظمة التي تصمن سيطرة أحزاب الطوائف والإثنيات على محمياتهم وإقطاعياتهم، واجتماعياً، أضعفوا والى حدٍ كبير الوحدة الوطنية ونسيجها الاجتماعي عبر ترسيمات مناطقية وطائفية، تكفلت بإنجازها ميليشات وفرق خاصة وبأوامر سياسية من الأحزاب الطائفية وبدعم إيراني واضح وتحت سمع وبصر قوات الاحتلال الأمريكية، فكان القتل على الهوية وحرق البيوت والقصف الهاوني وتفجير السيارات المفخخة عن بعد ومن ثمّ التهجير المحلي والمناطقي من معالم رسم الحدود الطائفية.
فتحت شعار إزالة (المستوطنات الصدامية) ومن ثمّ محاربة القاعدة والتكفيرين، في بغداد وما حولها، اقترفت جرائم لم يشهد العراق مثيلاً لها، وجرت عمليات تهجير ونزوح جماعية للسكان، بدأت ترسم خطوط التفكير الطائفي وافقه لجهة فكّ الطوق المضروب حول بغداد من المدن والبلدات التي فيها أغلبية لطائفة بعينها وتتميز بشدة مقاومتها للمحتل، إضافة لفلترة المناطق والأحياء داخل بغداد، ووضع الخطوط الفاصلة بين جانبي المدينة وأحيائها.
لقد شهدت مناطق في بغداد وما حولها عمليات ضرب قاسية من قبل القوات الأمريكية وتوابعهم من شرطة وجيش حكومة الاحتلال، وكان هدفها الأساسي كسر شوكة المقاومة الشعبية فيها وتحطيم إرادة وروح الرفض للاحتلال وأذنابه، حيث استخدم الاحتلال الأمريكي ما كنته العسكرية الضخمة في الضرب والتدمير واستخدمت المليشيات الطائفية والمدعومة إيرانياً سلاحها المتوسط والخفيف في القتل والحرق والتهجير، أما السيارات المفخخة والمعدة في سراديب ومعاقل أحزاب الطوائف والانفصال، فإنها تنفجر عن بعد لتكمل دائرة الإرهاب وأهدافها المطلوبة.

كانتونات بغدادية:
بعد أنْ استعان المحتل الأمريكي بالخبرة الإسرائيلية في محاصرة المدن والبلدات، حيث تؤكد المعلومات بوجود خبراء عسكريين إسرائيليين في زي أمريكي، يعملون ضمن الكتائب الأمريكية في المناطق الغربية من العراق، والذين وضعوا خبرتهم في محاصرة المدن الفلسطينية وعزلها والسيطرة الأمنية عليها، في خدمة الجيش الأمريكي في قتاله ضدّ المقاومة العراقية الباسلة ومحاولة عزلها عن محيطها الشعبي ليسهل إضعافها والقضاء عليها، وبعد أنْ أصبحت الإجراءات العسكرية الأمريكية في عزل المناطق والمدن بالسواتر الترابية والأسلاك الشائكة والخنادق واستخدام نظام العقوبات الجماعية، بدأ العمل الفعلي في تقسيم بغداد إلى كانتونات ومناطق ذات صبغة طائفية معينة، حيث سورت مدينة الأعظمية بسور كونكريتي ذو منافذ محددة، وبدأ العمل في عزل مناطق جانب الكرخ من بغداد بعضها عن البعض الآخر عبر بناء جدران إسمنتية عالية، حيث صرح العقيد برايان روبرتس قائد اللواء الثاني في بغداد "إننا نحاول خلق بيئة آمنة، وإننا لا نخلق مناطق معزولة، بل نوفر للسكان ما يحتاجونه من مدارس ومستوصفات وأسواق تلبي احتياجاتهم دون الحاجة لمغادرة مناطقهم." وبذلك فهم يبنون أسوارا حول شارع حيفا والعلاوي وشارع الكندي وحي الخضراء والجادرية، وقريباً سنسمع ببناء أسوار جديدة لتكتمل حالة العزل والفصل، للتمهيد للتقسيم اللاحق الذي تثبت الآن معالم بياناته الجغرافية على خارطة بغداد والعراق.
لذلك فتحت حجة المجمعات السكانية الآمنة، تعمل قوات الاحتلال على عزل المناطق والأحياء والحارات عن بعضها، بعد أنْ تكون عملية الفلترة الطائفية قد تمت وبإشرافها في بعض المناطق، ليصار إلى تطبيق نظام السيطرة والتدقيق الأمني، عبر الهويات الخاصة بالمناطق، وهو الإجراء الذي تحدثت عنه حكومة الاحتلال في بداية تطبيق الخطّة الأمنية، ليصار إلى تكريس الأمر الواقع فيما بعد بقرارات (برلمانية وحكومية) وبمباركة أمريكية وإيرانية.
إنَّ المتابع للوضع العراقي، ولتفاصيل ما يجري عسكرياً وسياسياً وإعلامياً يستطيع أنْ يرصد وبيسر ما يلي:
- امتداد وتشعب للنفوذ الإيراني الذي يدفع وبكُلّ الوسائل لإقامة الفدراليات وخاصة فدرالية الجنوب، والتي ينادي بها سياسياً وإعلامياً حزب الحكيم وتوابعه، حيث تشير بعض المعلومات إلى أنَّ الطواقم الإيرانية العاملة في الجنوب وتحديداً في البصرة والناصرية، قد وزعت أموالا كثيرة لبعض العشائر والجهات المدنية لحثها على المطالبة (الشعبية) بإقامة الفدرالية وتشكيل هيئاتها الإدارية، وهذا ما لوحظ من البيان الصادر من مجموعة من رؤساء العشائر التي أعلنت قيام إقليم الجنوب وتشكيلاته السياسية والأمنية، والذي لاقى الدعم والتأييد من قبل عمار الحكيم ابن عبدالعزيز الحكيم، وهذا إلى جانب التفاهم التام بين الحكيم ومسعود وجلال حول مسالة كركوك والتنازل عنها لصالح دعم القيادات الكردية لمشروع الفيدراليات في (البرلمان العراقي). علماً ان خيوط هذه التفاهمات والنشاطات تحت بصر وإشراف المحتل وبالتنسيق الفعلي مع دوائره المختلفة.
- التحرّكات العسكرية لقوات البشمركة التابعة للحزبين الكرديين وتحت اسم الجيش العراقي في مناطق كركوك وحولها بحجة ضمان أمن خطوط الكهرباء والنفط، لأحكام السيطرة على حدود كركوك الإدارية، وكذلك انتشارهم في سهل الموصل وعمليات التهجير التي رافقتها لعوائل مسيحية ومن طوائف مختلفة، والذي ترافق مع تهديدات شديدة اللهجة من قبل مسعود البرزاني وتحذيره حول مسالة تطبيق المادة 140 من دستور الاحتلال بشان كركوك، ليتم التفاهم بعد ذلك حول المناطق (المتنازع) حولها في ديالى والموصل وحتّى محافظة واسط، لتكتمل حدود إقطاعية القيادات العشائرية بالسيطرة على ثلث مساحة العراق، والذي يعتبره المحتلون تفاهمات وتوافقات بين العراقيين ولا دخل لهم فيها!.
- الإصرار الأمريكي سياسياً وإعلامياً على الإسراع بإقرار قانون النفط، وربطه بمسألة (المصالحة الوطنية)، كونه يوزع الثروة النفطية على الأقاليم ويلغي الخلافات على المصادر المالية لهذه الأقاليم، كما يدعون، وهو في حقيقته عملية إجبار قسري على تشكيل الأقاليم والحكومات المحلية والتي ستحرم بهذا الشكل أو ذاك المحافظات التي لا تدخل ضمن إقليم فدرالي أو ترفض التقسيمات العرقية والطائفية، وبذلك يلاحظ أنّ ربط إقرار القانون بالمصالحة عملية مفتعلة، لتكريس التقسيمات المطلوبة، وإعطاء أكبر قدر من الصلاحيات لحكومات الأقاليم للتصرف بثروة الشعب العراقي لصالح القيادات العشائرية والانفصالية والطائفية، والتي لا يهمها سوى ديمومة حكمها ومصالحها.
- عودة إدارة بوش إلى توصيات تقرير بيكر - هاملتون مع بعض التعديلات المهمة، والتي تؤشر إلى أن إدارة بوش بدأت فعلياً ببرنامج التقسيم، حيث أصبحت التصريحات الرسمية الأمريكية وتصريحات القادة العسكريين في العراق تركز على العنف الطائفي وتجنب الحرب الأهلية وتحميل إيران وسورية مسؤولية تدهور الأوضاع، وأن الشيعة والسنة والأكراد لا يمكن أنْ يتعايشوا في إطار العراق القديم، أنهم يقولون أنَّ التجربة أثبتت عدم صحة المبدأ القائل بأن العراقيين يريدون العيش معاً داخل دولة واحدة ذات حكومة مركزية حيث صوت العراقيين في الانتخابات في السنوات الأخيرة وفقا لمصالح الطوائف التي يدينون لها بالولاء إلى جانب أن العنف الطائفي، كشف أن العراقيين يشعرون بالأمان حين يعيشون في منطقة معظم سكانها من نفس الطائفة وهذا ظهر بوضوح خلال حركات النزوح التي قام بها آلاف العراقيين هرباً من العنف، وبذلك فأن عمليات القتل الطائفي قد أدت إلى اصطفافات طائفية وأثنية، وأحدثت متغيرات مؤثرة، وكذلك فأن حكومة بغداد ضعيفة ولا تستطيع الوفاء بالتزاماتها السياسية، وعليه فأن المحتل ودوائره، بدءوا بخطاب سياسي يستند على ما خلقته سياستهم ومخططاتهم من نتائج على الأرض.

- والملاحظ من عموم المسلك السياسي والإعلامي لأدارة الاحتلال وحلفائها، أنّهم ينأون بنفسهم عن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى العنف والإرهاب والتشظي وتفكيك الدولة العراقية، وأصبحت المأساة العراقية في خطابهم الخبيث هي صناعة عراقية وهي تركة من النظام السابق، ولذلك فأن مسؤوليتهم الحالية تنحصر بدرء الحرب الأهلية عبر الحلول التي يجب أنْ تشترك فيها وبشكل أساسي الأمم المتحدة والدول العربية المعتدلة وربما منظمة المؤتمر الإسلامي.
وعلى نفس الديدن تعزف بعض دور الدراسات الأمريكية، والباحثين والدافعين بصياغة السياسات الخاصة بالعراق، حيث أصبحوا يتناولون وبشكل صريح وتفصيلي الخطط الخاصة بتقسيم العراق، وتحت عنوان الخلاص من المأزق العراقي، وهو في حقيقته عنوان تظليلي لأهداف ومصالح الدوائر الصهيونية المرتبطة بمصالح الطغمة السياسية الحاكمة في واشنطن.
لقد تناول باحثان أمريكيان في (دراسة) ملغومة الوضع العراقي وسبل الحلّ، فبعد أنْ تجاوز الباحثان الغزو والاحتلال وقفزوا على طبيعة الجريمة الدولية التي ارتكبت بحق دولة العراق وشعبه، فأنّهم شددوا على أن الاحتراب الطائفي والانقسام السياسي قد وصل إلى مرحلة يصعب تجاوزها، إلا من خلال المحاصصة الجغرافية وتقسيم الأرض وإنشاء الكيانات الخاصة بالطوائف والأعراق وهذا أفضل الخيارات، وتشير (الدراسة) إلى أن الحرب الأهلية في العراق على حدّ وصف الباحثين - أدت إلى خلق واقع ديموغرافي جديد ينبغي على إدارة بوش التعامل معه بشكل مختلف.

إنْ هذه (الدراسة) التي أعدها جوزيف أدوار وهو باحث في معهد بروكينجز وشاركه فيها الباحث المتخصص في شؤون الأمن القومي الأمريكي ما يكل هاتلون، تضع الخطط التفصيلية لعملية (التقسيم السهل)، حيث تتحدث عن:
1- المعطيات الجديدة التي تستدعي التقسيم.
2- كيفية رسم الحدود باستخدام الحواجز الطبيعية كالأنهار والجبال.
3- تأمين الحدود بقوات تصل إلى 300 ألف جندي، وهنا تشير (الدراسة) إلى أن مهمة القوات الأمريكية ستتغير ويعاد انتشارها لتلبي المتغير الجديد، وهذا ما أشرت له في بداية المقال بتقديم عضوين جمهوريين من مجلس الشيوخ مشروع بدأ سحب القوات دون تحديد فترة زمنية وتغيير مهمة هذه القوات وإعادة انتشارها لضبط الحدود وتدريب الأجهزة الأمنية.
4- توزيع عادل للثروة النفطية حسب عدد سكان الإقليم، وهذه إشارة واضحة إلى قانون النهب النفطي الذي تريد إدارة بوش إقراره، وفي الوقت الذي تستغبي هذه (الدراسة) عقول العراقيين والمتابعين، بأن تنسب أعمال القتل والإرهاب وما تسميها (الاقتتال الداخلي) إلى أنَّ الدستور قد ترك مسالة توزيع الثروات بشكل غامض، وهذا ما عزز (القلق السني) حسب وصف الباحثين، وهنا يلاحظ مقدار قلب الحقائق والتظليل الذي تمارسه هذه الدوائر وباحثيها، بإعفاء الغازي والمحتل من جريمته، وتبعاتها القانونية والاعتبارية وتحميل الشعب العراقي وزر المخططات الأمريكية ومشاريعها.
5- وتتحدث هذه (الدراسة) عن أهمية إصدار هويات خاصة بِكُلّ إقليم، حسب نظام جديد، يبغي كما يدعي الباحثان محاصرة العناصر الإرهابية، وهذا ما قد بدأت العمل فيه قوات الاحتلال في مناطق عديدة من العراق.
6- إنّ هذه (الدراسة) تضع الجدول الزمني والتكاليف، وتؤكد في جانب أساسي على تكريس نسب معلنة للسكان وخاصة (السنة) حيث تعطيهم نسبة 20% من السكان، في الوقت الذي، تقر (الدراسة) بعدم وجود إحصاء سكاني دقيق.

من الواضح جداً أنّ هذه الأفكار التي طرحت بصيغة دراسة، قد جاءت بعدما مهدت إدارة الاحتلال وتعمل على استكمال مقومات التقسيم بالتعاون والتناغم التام مع مريدي الاحتلال، وهذا ما يمكن رصده طيلة السنوات الماضية من عمر الاحتلال وحملاته العسكرية وأفعال أحزابه وحكومته وبرلمانه ودوائر القتل والإرهاب والفرق القذرة، وكذلك إعلامه وكتابه من الملتحين والمستشيعين والماركسيين المعممين والمتأمركين.
وبذا فأن هذه الدراسات المشبوهة هي تأطير وتنظيم لفعل سياسي قادم يشرعن ويقنون هذه الأفكار، والذي بدأت ملامحه بالاتضاح من زيارة السناتور الديمقراطي جون بإيدن للأمم المتحدة ولقاءه ببعض أعضاء مجلس الأمن وما سمعه منهم بعد أنْ طرح مشروعه لتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق للحكم الذاتي منطقة شيعية وسنية وكردية، حيث يشير بأنه تشجع مما سمعه "لماذا احتجتم كلّ هذا الوقت. نحن سنصل إلى تلك النقطة أما من خلال إجرائنا أو من دونه، وما نحتاج إليه هو إدارة التقسيم" وهو بذلك يحاول تقديم مقترحات للسياسة الخارجية لبلده في الوسط الأممي.
عند تقديم بإيدن مقترحه بتقسيم العراق إلى ثلاثة أقسام ومعه لزلي غلوب الرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية، في مايو من العام الماضي، دعا (بإيدن) إلى أنْ تكون منطقة بغداد مدينة دولية خاضعة لأشراف وحصانة دولية، ومنذ العام الماضي، ومع رفض الإدارة الأمريكية المعلن لهذه الخطّة، فأن ما جرى على الأرض في بغداد وبفعل قوى الاحتلال وأتباعهم من تهجير ونزوح إجباري وعزل وفصل مناطق وشوارع في بغداد وتفجير جسور، يؤكّد خطّة التقسيم التي أشار لها الباحثان جوزيف أدوار وميكل هاتلون في (دراستهما) وخطتهما للتقسيم السهل في العراق، فأنهما قد انتقدا وبشدة بإيدن على مقترحه في جعل بغداد مدينة دولية، وأكدا أنْ تغير الواقع الديموغرافي يدفع باتجاه تقسيم بغداد نفسها، حيث لا توجد مشاكل جدية تعيق التقسيم في الجنوب والشمال، أما الموصل وكركوك، يستطيع العراقيون التفاهم حولهما بمساعدة أطراف دولية.
إنْ هذه الخطّة (الدراسة) تشير بشكل واضح إلى ضرورة ابتعاد الولايات المتحدة وإدارتها عن تنظيم وتنفيذ هذه الخط، لأن وكما يقول الباحثان "أن الولايات المتحدة لا بُدَّ أن لا تتدخل في هذه العملية حتّى تتجنب اتهامها بالانحياز وتقوية فصيل على أخر وبالتالي فأن الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية هما الجهتين المرشحتين للقيام بهذه العملية وذلك على عكس ما حدث في منطقة البلقان عندما تمّ تقسيم البوسنة بقيادة السفير الأمريكي ريتشارد هول بروك إلا أن وضع الولايات المتحدة حالياً لا يؤهلها لقيام بذلك نظراً لفقدانها المصداقية في الأزمة المستفحلة بين الطوائف العراقية"

ومن هنا نستطيع إدراك التحرّك الأمريكي الجديد باتجاه مجلس الأمن الدولي والحصول على القرار 1770 الخاص بتوسيع دور الأمم المتحدة سياسياً في العراق، وهو الدور الذي تريده إدارة بوش في حدود وضمن سير خططها في العراق، أي أنْ يوفر الغطاء السياسي الدولي (لجهودها) وخطواتها المستقبلية في تعميق وتكريس مقومات التقسيم، بعد أنْ تحصل على شرعنة نهب وسرقة ثروات العراق من برلمانها في المنطقة الخضراء، وتهيأ الأجواء لتغيير مهمات قواتها وإعادة انتشارها، بعد تعليم حدود التقسيم على خارطتها العراقية، وإعلانها أنَّ الحالة العراقية حالة مستعصية، لا ينفع معها إلا عملية بتر جراحية، وعلى الأمم المتحدة القيام بالمهمة القانونية والسياسية.

ولكن لأي مدى ستنجح إدارة بوش في تسويق بدائلها العسكرية والسياسية وخططها التكتيكية داخل العراق، ولأي مدى ستنجح في تمرير مشاريع القرارات الدولية التي تشكل غطاءً دولياً لها في ظلّ متغيرات دولية لصالح بروز تعدد الأقطاب ورفض واسع لنهج هذه الإدارة وغطرستها وما تشيعه من مناخ دولي يهدد الاستقرار العالمي ويجنح للعسكرة والحرب، خاصة وإنها منيت بفشل ذريع في مخططاتها الشرق أوسطية وغاصت في الوحل العراقي، حيث تتلقى هناك ضربات المقاومة الباسلة وتتكبد الخسائر الكبيرة، مع اتساع دائرة الرفض الشعبي لوجودها والتمسك بالعراق الموحّد، وبعد انكشاف زيف ادعاءاتها في الديمقراطية والرخاء المزعوم وافتضاح أذنابها وتوابعها من العراقيين الذين يخدمون سياساتها في العراق.
فإذا كان لا بُدَّ من تدخل دولي في العراق يكرس الشرعية الدولية ومنظمتها التي فقدت مصداقيتها لدى الكثير من شعوب العالم، بعد أنْ أسرتها الإدارة الأمريكية ولسنوات طويلة، لا بُدَّ أنْ يساهم هذا التدخل في وقف الكارثة العراقية وتقليص تداعياتها الداخلية والإقليمية.
لذلك فأن عقد مؤتمر دولي حول العراق وبإشراف نزيه من الأمم المتحدة وتحت رعايتها، وبحضور ممثلي الإرادة الوطنية العراقية من المقاومة الباسلة والقوى المناهضة للاحتلال وأعوانه، هو الحلّ الأنجع دولياً، وعلى أساس اعتبار أنّ كلّ ما نتج عن الاحتلال باطل شرعاً وقانوناً، مع ضمان الحقوق الوطنية في التعويضات وإعادة الأعمار من الدول التي ساهمت بغزو واحتلال العراق، وعلى أنْ يتكفّل هذا المؤتمر الدولي، والذي دعت له روسيا سابقاً بالحفاظ على وحدة العراق أرضاً وشعباً، ويساعد على قيام عملية سياسية وطنية ذات إرادة شعبية، تكفل محطاتها التالية إعادة الاستقرار وعودة المهجرين وإعادة بناء ما دمره الاحتلال ومعالجة آثاره الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، ووضع العراق على عتبة ديمقراطية وطنية حرة بعيدة عن املاءات الاجنبي وتدخله .
ان المنعطف التاريخي الذي يمر به العراق اليوم ، يستدعي تكاتف الجهود الوطنية لكل عراقي غيور يؤمن
بأزالة الاحتلال وباستعادة اللحمة الوطنية وافشال واسقاط مشاريع وخطط التقسيم التي يريد المحتل واتباعه تمريرها .



#كاظم_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحوار غير المتكافئ
- النكبة الشاملة
- المتغيرات الدولية والسيادة الوطنية
- البريق الروسي الجديد !
- حصاد القمة !
- ! المؤتمر الدولي حول العراق ) حركة التفافية فاشلة )
- لعبة القط والفأر .. ألى اين ؟
- الفتنة الشرق اوسطية ! ايها الوطنيون كفوا عن النفخ في بوق الط ...
- أفغانستان في ظلال العراق
- افغانستان في ظلال العراق
- الصومال امتداد لمشروع الشرق الاوسط الكبير
- مصالحة على عجل ( النسخة الثالثة)
- حركة مكشوفة في التوقيت والمكان
- مهمة التحرير والبديل الوطني العراقي
- المتغيرات واستراتيجية حزب الله
- هل حملت زيارة رايس أي معاني استراتيجية ؟
- القرارات الدولية وهستيريا العبث الأمريكي
- فاشية المسلمين ! أم فاشية رأس المال الأمبريالي
- معالم ما بعد قرار مجلس الأمن المنتظر
- معالم ما بعد قرارمجلس الأمن المنتظر


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم محمد - اقطاعيات العراق وكانتونات بغداد / ايها الوطنيون احذرو التقسيم