أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل سمارة - ليس أول ولا آخر جدار للدولة الامنية















المزيد.....

ليس أول ولا آخر جدار للدولة الامنية


عادل سمارة

الحوار المتمدن-العدد: 614 - 2003 / 10 / 7 - 03:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


رام الله المحتلة

هل حقاً،  بدأ الاحتلال فجأة بإقامة جدار بين تجمعه السكاني، بين "الجيتو" في حقبة ما تسمى "القرية العالمية" وبين الشعب الفلسطيني في بلد هذا الشعب ؟ ترى ماذا يقول المروجون "للقرية العالمية"، من العجم وأتباعهم العرب، عن هذا الجيتو وذلك الجدار؟ أم ان لشعب الله المختار خصوصيته التي لا اعتراض عليها، بل لأنه مختاراً فلا بد ان يخلقوا "من بين ايديهم ومن خلفهم سداً"! بل تحتهم وفوقهم وفي خيالهم جدراناً وصياصي لم يألفها أحد من قبل ولا من بعد؟ 

هل هو الجدار الاول؟ أم ان هذا الجدار وحده الذي رآه الفلسطينيون بينما عجزوا عن رؤية الجدران العديدة والمديدة الأخرى؟ وهل هذا الجدار وحده الذي أبرز الطابع العنصري للدولة الصهيونية الاشكنازية؟

جدران قبل الجدار:

في اعقاب احتلال عام 1948 خُلق شريط من الارض طوله اكثر من 600 كم وعرضه بين 1-2 كيلو متراً ليفصل بين الجزء الشرقي من فلسطين (اي الضفة الغربية) الذي كان احتلاله مؤجلاً الى عام 1967 وبين الجزء المحتل من قبل الدولة الصهيونية الاشكنازية الجديدة (عام 1948) ، وأطلق على هذا الشريط "المنطقة الحرام". والحقيقة انها لم تكن أيضاً كذلك. كانت حركة الفلسطينيين ممنوعة بالقوة بينما كان اليهود يتحركون في المنطقة الحرام، وكل منطقة حرام،  كما يريدون. لقد كانت سياجاً لهم ولصالحهم. كان هذا هو الجدار الأول، وكما اشرنا كان تجاهنا وليس تجاههم. لكن المهم في الامر انه كان شكلا من "الامر الواقع" الذي زعم أن ما هو داخله الى الغرب اي ثلاثة ارباع فلسطين هو ارض الدولة الاستعمارية الاستيطانية.

لكن هذا الجدار كان متحولا متنقلاً وباتجاه واحد ايضاً، اي باتجاه الشرق لالتهام اراض جديدة من شرقي فلسطين اي من الضفة الغربية ومن جنوبها اي من قطاع غزة. وهو الامر الذي حول القرى الحدودية من الضفة الغربية الى مجرد تجمعات سكانية او مهاجع، وهو ما دفع سكانها لهجرات متزايدة ومتواصلة الى اقطار الخليج العربي والشتات، اي اصبحوا لاجئين دون لجوء رسمي. وكل ما تم عمله لهم هو توفير "إعاشة – مؤن" لهم من خلال الدولة الاردنية كان يطلق عليها "مؤن للخطوط الامامية" وبلا شك بمساعدات اميركية هدفها تثبيت ما سُرق من أرض مقابل بعض الطحين.

لذلك وجدنا من تبقى من سكان هذه القرى وقد تحولوا سريعاً الى عمال داخل الخط الاخضر فور احتلال الضفة والقطاع عام 1967.

بعد عام 1967، شهدنا انواعاً عديدة من الجدران وبنفس الهدف الاستغلال الاقتصادي وسرقة المزيد من الارض.

لقد اقيم سور اقتصادي بين الاراضي المحتلة والكيان الاشكنازي الصهيوني، هو ايضا سور يرشح من ناحية واحدة. فقد حِيْلَ دون تدفق المنتجات الفلسطينية الى الاراضي التي احتلت عام 1967 إلا بشروط امنية وصحية...الخ، في حين كانت منتجاته تتدفق الى الضفة والقطاع بحرية. لم يكن هذا السور الاقتصادي سوراً وهمياً. كان الجانب الوهمي فيه هو عدم وجود الاسمنت، اما الجانب العملي فيه فكان المنع الحقيقي للفلسطينيين كما لو كان اسمنتياً. لم يكن مثل كافة الحدود بين "دولتين" لأن المعاملة بين الدول السيادية متكافئة. أما في حالة هذا السور فكان مقاماً بين الاحتلال وبين مستعرات ذلك الاحتلال. ولم يتغير هذا الحال بعد اتفاقات اوسلو. كان هذا السر شبه مفتوح لعمالنا كي يعملوا داخل الكيان الصهيوني، كان يبدو مفتوحاً، ولكن اتضح ان اغلاقه كان امراً سهلاً. ففي حرب اكتوبر اغلق تماماً، وفي العدوان على العراق عام 1991 أغلق وتكرر اغلاقه حتى في مناسبات اقل شأناً بكثير.

ولمواجهة الانتفاضة الثانية، أقام الكيان الاشكنازي الصهيوني مئات الاسوار . فقد اقام سورا حول كل قرية او مدينة او مخيم لاجئين فلسطيني. وكانت هذه ايضا اسوارا من جانب واحد او باتجاه واحد. فهي مغلقة امام الشعب الفلسطيني  ومفتوحة ليس فقط امام جنود الاحتلال للقتل والتنكيل والتنعم بذلك، بل مفتوحة لكافة منتجاته التي استمرت في الوصول الى كل تجمع سكاني فلسطيني بعكس المنتجات المحلية التي أخذت تتلف زراعيا وتكسد صناعياً.
 
كان الشكل الامني الاول للسور الجدار، بعد احتلال عام 1967،  هو  حزام آلون المحاذي لنهر الاردن حيث وضعت سلطات الاحتلال يدها على مساحات واسعة من الارض الخصبة واقامت عليها المستوطنات بحجة الامن الذي هو الحجة المتجددة لكافة عدوانات هذا الكيان الاستعماري الاستيطاني.

وبعد السنوات الثلاث الاول للاحتلال بدأت خلايا الاستيطان السرطانية بالتفريخ في كافة ارجاء الضفة والقطاع، وإذا بنا أمام وحدات "مسوَّرة" ومتزايدة العدد. فكل مستوطنة هي جدار فاصل بينها وبين المحيط الفلسطيني المحيط بها.

اما اتفاق أوسلو، فقد جلب فيما جلب من كوارث جدرانا جديدة هي الطرق الالتفافية المخصصة لتنقل المستوطنين وجيش الاحتلال، والتي كانت مثابة "بروفات" أولية للجدار الذي يُقام الآن. التفت هذه الطرق حول معظم القرى في الضفة والقطاع، فالتهمت هي نفسها مساحات واسعة نظرا لعرضها وليس طولها فقط، وفُرضت مناطق محاذية لها ذات اليمين وذات الشمال،  بحيث تبقى بدون استغلال من اصحاب الارض، وفي حالات كثيرة كانت تمتد  الطريق بين القرية ومظم ارضها مما حال دون وصول الفلاحين الى ارضهم لاستغلالها ولا سيما تلك الاراضي التي تفصلها عن قريتها طرقا عريضة.

سألتني مخرجة هولندية مؤخراً، لماذا لا يحتج الشعب الفلسطيني على هذا الجدار؟ ألا يدرك خطورته؟ ولمست ان هذه المخرجة، وإن كانت متعاطفة مع شعبنا، إلا انها تعتقد بأنها "رغم كونها اجنبية تفهم خطورة الجدار اكثر من اهل البلاد". لقد لمست في حديثها "استشراقاً – صديقا". وهو استشراق لم يكتشفه المرحوم إدوار سعيد،  ينتهي بشعور فوقي للعبقري الغربي يعطف على هؤلاء السذج والبسطاء والمظلومين. إنه استشراق في اوساط اليمين واليسار الغربيين.

ولكن المسألة ليست بهذه النظرة الاستشراقية المحدودة.  صحيح ان الجدار التهم مساحات لم تُحصر بعد من الارض، وعزل اكثر من 210 آلاف فلسطيني عن ارضهم ومدارسهم . لقد سقت ما سقته من نماذج علىالجدران لكي ابين ان الشعب الفلسطيني هو بين الجدران منذ عام 1948. لذا، لم يكن هذا الجدار هو الاول ولن يكون الاخير. هذا ناهيك عن ان كل مواطن هو تحت ضغط وإهلاك يومي من قبل الاحتلال بحيث لا يكاد يوفر قوت يومه وهذا ما يقلل اهتمامه بالكثير من الامور العامة والاساسية، وهذا جزء من سياسة الاحتلال لتركيع المقاومة.

وإذا اضفنا الى دور الاحتلال انتشار الفساد في السلطة الفلسطينية وفي احسن الاحوال اهمال المواطن وعدم توفير اية خدمات او ضمانات له، نجد تفسيراً اضافيا لعدم الاهتمام الشعبي الواسع بمسألة الجدار.

لهذه الاسباب انحصر الاهتمام بالجدار في نطاق الإعلام وبعض موظفي المنظمات غير الحكومية الذين لا يعانون من قلق معيشي والذين تقتضي وظائفهم البحث عن قصص مثيرة ليقوموا بعمل ما لا سيما وان هذا النوع من العمل يلقى هوىً من الدول المانحة ويبين هؤلاء امامها كحضاريين فلسطينيين. دعنا نقول هذا اجتهاد منهم كطريق عمل لهم. وبالمقابل  يقوم آخرون بالاعمال المسلحة والاستشهادية التي تحتج على الجدران بتجاوزه واجتيازه قناعة منهم بأن هذا هو الرد على الجدار وعلى الامم المتحدة التي قبلت دولة الجيتو وتغاضت عن عدم تلبيتها لشروط العضوية.

بقي ان نقول، هل هذا الجدار مؤشر استقلال؟ ربما. فهو بمعنى ما مؤشر فصل سياسي نسبي وبمعنى آخر لا، ولكنه ليس بالتأكيد مؤشر فصل اقتصادي. ان كامل قطاع غزة وراء سياج ومع ذلك لم يخرج الاحتلال منه. وقد تم توقيع اتفاق "جدار اوسلو" وبقي قطاع غزة تحت الاحتلال! فالاستقلال مشروع سياسي اقتصادي عملي لا علاقة له بوجود جدار او سلك كهربائي او نقاط عسكرية. ولا شك ان هذا العدو ليس بصدد رفع يده عن اي شبر من فلسطين، مهما صيغت من اتفاقات وخطط طرق وغيرها.

كنعان



#عادل_سمارة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مبادرة الجبهة الشعبية
- نسوية عربية تبارك عودة الاستعمار - ملاحظات على مقالة فاطمة ح ...
- لهذا لمْ، وربما لنْ، يطردوا عرفات!
- اقتصاد -اسرائيل-: بين ضغط الانتفاضة، انفلات حكومته ومنافع ال ...
- خريطة الطريق: قراءة عربية لإملاءات استعمارية وصهيونية
- تديين الصراع مجرد إيديولوجيا راسمالية: سابقة على الاقطاع ومت ...
- المرأة والانتخابات بين -الكوتا- العالمية والمناصفة في مجلس ا ...
- خطة الهدف ( الحملة الشعبية لأنهاء الاحتلال) أم حملة مع الاحت ...
- إشكالية الناصرية
- الآن-: نحن أقوى من بوش فلنبتزه
- سياسة فك الارتباط لن تكون حكومية
- قمتا بوش في شرم الشيخ والعقبة
- انقسام آخر للمثقفين العرب
- خطاب العرش الامريكي لاستعمار الوطن العربي
- استقالة عريقات تعيد عرفات الى الواجهة
- أنثراكس:هدى عماش أم... بريطانيا العظمى
- الوحدة محظورة والتضامن ممنوع حتى لو رغبتم...فما العمل!
- خصخصة، وراسمالية مافيا، وكمبرادور في العرق تغيير في التركيب ...
- بدأت ألمذبحة... ذهبت السلطة وبدأت المقاومة
- انحطاط الحزبية العربية


المزيد.....




- بعد جملة -بلّغ حتى محمد بن سلمان- المزعومة.. القبض على يمني ...
- تقارير عبرية ترجح أن تكر سبحة الاستقالات بالجيش الإسرائيلي
- عراقي يبدأ معركة قانونية ضد شركة -بريتيش بتروليوم- بسبب وفاة ...
- خليفة باثيلي..مهمة ثقيلة لإنهاء الوضع الراهن الخطير في ليبيا ...
- كيف تؤثر الحروب على نمو الأطفال
- الدفاع الروسية تعلن إسقاط 4 صواريخ أوكرانية فوق مقاطعة بيلغو ...
- مراسلتنا: مقتل شخص بغارة إسرائيلية استهدفت سيارة في منطقة ال ...
- تحالف Victorie يفيد بأنه تم استجواب ممثليه بعد عودتهم من موس ...
- مادورو: قرار الكونغرس الأمريكي بتقديم مساعدات عسكرية لأوكران ...
- تفاصيل مبادرة بالجنوب السوري لتطبيق القرار رقم 2254


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل سمارة - ليس أول ولا آخر جدار للدولة الامنية