أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رزاق عبود - صوت الانتصار يطغى على دوي الانفجار















المزيد.....

صوت الانتصار يطغى على دوي الانفجار


رزاق عبود

الحوار المتمدن-العدد: 2000 - 2007 / 8 / 7 - 05:14
المحور: المجتمع المدني
    



عفوية الشعوب تخلق المستحيل. الطيبة البشرية تتغلب دائما على الشر. الفرح العراقي الصادق غامر هادر ثائر لايحده حد، ولايوقفه سد. شهدت ذلك صبيحة الرابع عشر من تموز 1958، و يوم صدر القانون رقم 80، ويوم تاميم النفط عام 1972. ورأيته اليوم بعد فوز منتخبنا الوطني بكاس امم اسيا لاول مرة في تاريخ الكرة العراقية. من اين جاءت هذه الامواج البشرية في كل شوارع، وساحات العالم متحدية الارهاب، والموت، والطائفية، والغربة، والاحتلال، وشرائع المليشيات؟ رفع هاوار جبله، وطار يونس لاستقباله. تلقف رأس يونس رسالة هاوار متحدين كل الاصوات الناشزة عن "شعوب" العراق. وتوالت الهتافات، والاصوات،والتسميات، والتوصيفات المحببة: منتخب المحبة، منتخب التالف، والتاخي، والتصافي، والوحدة. هذه الجموع المليونية وهذه الفرحة لم يكن يهمها فوز، او خسارة المنتخب بل فوز وحدة العراق فخرجت تحتفل بوحدة، وتضامن، وتاخي، العراقيين. وليس لان كرة يونس هزت شباك الفريق السعودي. نسي الناس انقطاع الماء، والكهرباء، وفقدان الغاز، والنفط، والبانزين. نسوا التوابيت التي تنتظر التشييع، والجثث التي تنتظر التسليم، او التشريح، او التشخيص. نسوا الاطفال المشردين، واليتامى، والارامل، والجثث المجهولة الهوية. نسوا الارهابيين، والمجرمين، والطائفيين، والقتلة. نسوا البطالة، والفقر، والعوز، والجوع، والتشرد، وتمزق العوائل، وتغرب الاهل والابناء. لم ينسوا كل ذلك بل وضعوه مؤقتا الى جنب. انزلوا سلة همومهم الثقيلة من على هاماتهم المتعبة المرهقة، ووضعوا اسم العراق. فهذا الاسم بلسم لكل الجراح، ومصدر كل الامال، والاحلام. فجاءت التعابير العراقية الصادقة، وجائت التسميات الصحيحة: الفرح العراقي، الغيرة العراقية، فرحة الدموع، التي غسلت، ولو الى حين، دماء الشهداء من شوارع بغداد الجريحة. "منصورة يابغداد" امل، وحلم، وصوت، ونداء ظل يهدر. صرخة الفرح التي افزعت الموت، وشلت الارهاب، واصمت اذان المزيفين، والمشعوذين، والمتاجرين بدماء الشعب العراقي المسكين. اثبت الاكراد انهم عراقيون مثلما اثبتوه في اول استفتاء لهم في بدايات القرن الماضي، ويوم14 تموز يوم اعلنوا ولائهم، ويوم انتفاضة اذار لتحرير العراق من الفاشية. اللاعبون اخزوا الطائفيين، والقوميين المتعصبين واقاموا عرسا عراقيا ميدانه العالم كله. وحفر المحتفلون بساريات راياتهم العراقية قبور الخونة، والعملاء.26 مليون عراقي كان يطارد كرة الملعب ليظفر بها. لا من اجل هدف السبق، او لقب الهداف بل من اجل ان يقال ان العراق سجل هدفا. وهو اعظم هدف في تاريخه الرياضي. ومثلما صرخ الشعب في ثورة العشرين "الطوب احسن لو مكوارة" صرخت الجموع في كل مكان. العراق احسن لو طشارة. لن يستطيعوا تحويل العراق الى طشار، ما دامت اسماء الفريق متنوعة في وحدتها العراقية. لقد قاتل الجرحى مثل ابطال الاساطير. حاربوا باخلاق وروحية الفرسان. الكل للعراق، والعراق للكل. نهض الزبير ليعانق علي، وعادت الخنساء لتضمد جراح الحسين. صعد نبوخذ نصر الى برج بابل يحي الجموع، ويو زع زهور جنائنه المعلقة لابطال بابل الجدد. اسرع اشوربانيبال بعربته العسكرية لياخذ حمورابي معه في تفقد جموع المحتفلين. صعد الصدر ليضمد جراح المسيح، ونزلت العذراء لتواسي زينب. ونهض سلام عادل ليلبس عمامة ابيه ويرفع علم الثورة. عاد محمود الحفيد من منفاه ليعانق شعلان ابو الجون. ونهض مصطفى جواد ليشكر ويهنأ انستاس الكرملي. وانتفض الجواهري، وهو يقول باسم الشعب: "انا حتفهم"، وشارك جموع المغتربين في شوارع الشام، والسيدة زينب. جاءت الحافلات بيهود العراق المهجرين قسرا ليستعيدوا جنسياتهم، وهم يهزجون مع شعبهم الجذل بالفوز التاريخي. وانتشر شيوخ الصابئه المندائية على الطرقات بملابسهم البيضاء الطاهرة يوزعون خارطة العراق الذهبية. نهض الزعيم الامين من قبره المجهول، وهو يصرخ سننتصر سننتصر سننتصر. وانتصرنا على ديمون الفرقة، والنزاع، والطائفية. كركوك مدينة التعايش، البصرة مدينة التسامح، بغداد عاصمة الوطن الواحد الموحد الكاظمية، والاعظمية. النجف، وكربلاء، عين كاوة، وشيخان، الفاو، وزاخو، الفلوجة، والكوفة تنادوا لشوارع الابتهاج، ورقصوا بايدي متشابكة. تحدوا الحواجز الكونكريتية، وجدران العزل الطائفية، واجراءات المنع الامريكية. وساروا حتى الصباح يهتفون للعراق الحر. فرحة المآسي العراقية انتصرت على المحاصصة الطائفية، واضواء انتصارات المنتخب عوضت عن كهرباء السلطة المقطوعة. سلطت الضوء على عجز المتصدين المتسلطين على رقاب جموع الشعب التي خرجت من دون خوف من احد ليهتف ابناء النجف الشيعة، ليونس ابن كركوك السني: "يونس ابو الغيرة". وطافت السيارات في تكريت، والفلوجة، وهي تحمل صور هاوار كبطل قومي وتقبلها كقديس. خرجت كردستان عن بكرة ابيها لتحيي نور، وكرار، ونشأت، وتفتخر اربيل بابنها هوار وابوها العراق. اضواء الملاعب ابهرت عيون المتصيدين بالماء العكر، وحشرتهم في زاوية الخذلان، والتقصير، وانعدام المسؤولية. رقصت دهوك على انغام الهيوة. ودبكت البصرة الجوبي على طبول السليمانية. اصطفت الربابة الى جانب الناي لتعزف نشيد موطني. تعانق الارز والنخيل، السهل والجبل العقال مع اليشماغ. نوروز وشموع الخضر. شط العرب يقبل دوكان. كاوة الحداد يشعل النار ويطرد الاشباح بمطرقته الهائلة. الوان القوس قزح العراقي اطفئت، مؤقتا، جرائم الارهابيين. كتيبة عراقية متخصصة مقدامة اسمها المنتخب الوطني ازالت الغام الطائفية، والتعصب، والمحاصصة، وأمنت طريق المحتفلين. اسيا بكل الوانها، وقومياتها، وشعوبها، ولغاتها، واديانها، ومدنها صارت عراقية. اطفال ولدوا في الغربة ولا يعرفون اللغات العراقية، بل كانوا يخجلون من اخبار بلدهم الرهيبة امام اترابهم. صبغوا وجوهم بالوان العلم العراقي، ورسموا نجومه على جباههم، والتفوا بعلم العراق فخورين بانتمائهم لاول مرة. تخلت الفتيات عن تبرجهن لوشم نجمات العلم العراقي على وجناتهن الغضة، وارتدين الوانه يرقصن رشاقة الفوز والوحدة. صارت الوان العلم العراقي وخارطته "نفنوف" لكل امهاتنا، واخواتنا، وحبيباتنا. نعم ارتفعت راية الرياضة الانسانية، وسقطت راية استغلال الدين، والطائفية، والاثنية. كتب اسم العراق بالذهب على خرائط المدن، وتوالت الاصوات المهنئة عبر الاثير تبارك وتحيي. كلهم رددوا ان عنقاء العراق انتفضت. دموع الفرح تغسل هموم الحرب. ساحات، ومدن الغربة، والضياع، والتشرد صارت ميادين احتفالات، واعياد، وفرحة. اتسعت رقعة الفرح لتشمل العالم كله رغم اعداء الحياة، وتجار الحروب وممتهني القتل، والانتحاريين المرضى. مفاتيح الفرح توزعها الناس ودخلوا بيوت العراقيين ليوزعوا على سكانها "واهلية" وزهور الوحدة، والامل، والتصافي. اسد بابل نهض من جديد، ونفض غبار الزمن ليلتهم اعداء العراق، ويحمي "اسود الرافدين" ويقودهم الى عرينه الامين وسط زخم الهلاهل، والهوسات. ورغم الظروف الصعبة، والتجاهل، وعدم الرعاية مقارنة بامكانيات الفرق الاخرى. رغم الصعوبات، والاهوال، والمعوقات فان "اولاد الملحة جابو الكاس". وقدموه تاجا لتاريخ طويل من فن الكرة العراقية، وهدية لصف طويل من لاعبي كرة القدم الذين حرموا مثلهم من كل امتيازات يستحقونها. لكن بريق الكاس يوعد بان شمس تموز اشرقت من جديد ولن تغيب ابدا رغم الحاقدين، والمحتلين، والطائفيين. ولن يستطيع احد تجيير النصر له فهو نصر لشعب العراق صنعه ابنائه وقدموه لهم، وللشهداء، واهلهم، وللثكالى، واليتامى، والمشردين، وضحايا العنف، والارهاب، والحرب، والطائفية، والفساد. نفس الجماهير خرجت يوم ثورة14 تموز قبل 49 عاما. وهاهي تخرج الان لتسحق في طريقها كل من سرق، وقتل، وشوه صورة العراق البهية. وشمس تموز اللاهبة كفيلة بتجفيف كل المياه الضحلة.
رزاق عبود
30/7/2007



#رزاق_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انجمار برجمان احد عباقرة الفن العالمي يغادرنا بهدوء
- المسيح يصلب يوميا في العراق
- مكونات العراق سياسية وليست طائفية او قومية
- ايها العراقيون اتحدوا ضد الاحتلال والارهاب والطائفية
- انقلاب محمود عباس وطموحات جلال الطالباني. عن النظام الرئاسي ...
- النفط مقابل السلطة
- على حماس اعلان الدولة في غزة وسلوك طريق فيتنام
- الاسلاميون ذبحوا العراق من الوريد الى الوريد فاوقفوهم
- لماذا لا يستغل العرب ورطة امريكا لحل قضية فلسطين
- الحزب الشيوعي العراقي شرف العراق الذي لا يثلم
- اذا كانت كركوك عراقية فلماذا يطرد منها العراقيين؟؟
- ابو الخصيب فردوس النخيل والمياه والشعر
- تجار المواكب الحسينية ودماء الشيعة المهدورة
- ماذا يفعل عداي الحكيم في ايران والحدود مسدودة؟
- يالمهدي شجابك للزركه
- الدين جلاد الشعوب
- العملية السياسية بحاجة الى عملية جراحية
- خطة بوش لا تجلب الامن للعراق لان اهدافها امن امريكا
- العراق ليس بحاجة الى ديمقراطية التفجيرات
- الامريكان اعدموا صدام بايدي شيعية لمصالحة بعثية


المزيد.....




- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رزاق عبود - صوت الانتصار يطغى على دوي الانفجار