أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في الازمة الكردية 9-1















المزيد.....

مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في الازمة الكردية 9-1


عبدالله اوجلان

الحوار المتمدن-العدد: 1978 - 2007 / 7 / 16 - 07:09
المحور: القضية الكردية
    


و) دخل الكرد مرحلة تعد أقرب إلى الحرية من أي فترة أخرى في تاريخهم. ولا تزال ثنائية الحرية – العبودية التي تتحكم بتاريخ الكرد برمته، تحافظ على خاصيتها في يومنا الحالي أيضاً من حيث كثرة الخيانة وتعدد الخونة. ولا يزال الحرمان من الذهنية القوية وعدم أخذ النصيب الكافي من التحالفات السليمة، يستمر في وجوده كنقصان كبير وخطر فادح. ومن الصعب الحكم مسبقاً وبشكل حاسم على الأشكال الجديدة سواء للحرية أو العبودية. فكلا التيارين في تناحر وتصادم متواصل، وسيستمران في ذلك كضرورة من ضرورات التاريخ. لا تزال الطبقة الفوقية الكردية العميلة ترى فرصتها الوحيدة في مواصلة حياتها متمثلة في المواقف المعتمدة على الخارج في سبيل مصالحها الضيقة وتغذية مشاعرها وأيديولوجيتها القومية البدائية المتطرفة، سواء في المنطقة أو العالم على السواء. ونخص بالذكر هنا بالحملة المستهدفة للشرق الأوسط، والحاصلة بقيادة أمريكا وإنكلترا واسرائيل، حيث استقبلتها بحفاوة وغبطة وكأنها يوم عيدها. وراحت تبذل كل ما في وسعها لمواصلة تواطئها وعمالتها التقليدية مع كافة القوى القائمة. أما القوى الشعبية والمواقف الديمقراطية فلا تتقبلها ضمنياً، بل ستسعى لإلحاق الضربة بها وشل تأثيرها كلما سنحت الفرصة. وإذ لم تقدر على ذلك ولم يبقَ أمامها سبيل آخر، حينها ستـأتي لعقد التحالف والوفاق الديمقراطي مع القوى الشعبية.

ولأول مرة في تاريخ الشرائح والفئات الشعبية تقف وجهاً لوجه أمام وسط منفتح للحرية لهذه الدرجة. ومدى تحقيقها لحريتها بات مرتبطاً عن كثب بقيام قيادته بثورة الذهنية وبذل الجهود ولتحقيق التمأسسات المتخلصة من النزعة القومية البدائية والشمائية اليسارية الكلاسيكية. هذا بالاضاف إلى ضرورة صرفها لجهود الحرية بالتداخل مع الشعوب المجاورة. وتعد مساعي التمأسس الديمقراطي الخاصة بها وظيفةً حيوية ومصيرية جديدة تكتسب معناها في هذه المرحلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن ذلك مختلف عن جهود الطبقة الفوقية في سبيل دولة دمية. وإذا ما أردنا التفصيل أكثر:

–1 على كافة الكرد وعموماً والشعب الكردي والقوى المثقفة خصوصاً أن يحققوا توعية سليمة وصحيحة وقديرة بخصوص كيانهم الثقافي الذي يعد ثمرة من ثمار التاريخ. وما الثورة الذهنية في أساسها سوى تطبيق لهذه التعبئة والتوعية.

لا ريب في أن التاريخ الكردي – الذي ابتدأ في أعوام الألف العشرين ق.م بُعَيْدَ العصر الجليدي الحديث على وجه التقريب، والذي نشأ في سلسلة جبال زاغروس – طوروس، والمتشكل كثمرة من ثمار "الثورة النيوليتية" الظاهرة بعد العصر الميزوليتي منذ أعوام الألف العاشر ق.م على شواطئ المياه وفي السهول والحقول والهضاب، والذي يظهر أمامنا اليوم تحت أسماء عديدة متنوعة – يبدأ مع الحضارة السومرية التي كان الكرد فيها عضواً مؤسساً رئيسياً. ومع قبول هذه البداية على هذا المنوال باعتبار أن بداية التاريخ يتم إرجاعها إلى بدء الكتابة، اعتبار الثقافة الآرية تمثل الشعب والمجتمع "الخلية الأولى الأصلية" أمراً يؤدي إلى بلوغ ارشادات تاريخية صائبة. وذلك باعتبارها ثقافة أقدم مجتمع قد خلق النيوليتية ولا يزال يحافظ على خصائصها، وإن كانت على شكل رواسب متبقية. تميز التاريخ الكردي بمسار ثابت كسكة القطار منذ البداية تجلى في مقاوماته الدائمة ضد الحضارة الطبقية, وانكماشه على ذاته, والانسحاب إلى التحالفات والتعاون, وكأنه تسمَّر في الثقافة النيوليتية. هذه الميول التي ابتدأت مع السومريين, استمرت مع الإمبراطوريات البابلية والآشورية والأورارتية والبارثية والهيلينية والرومانية والبيزنطية والإسلامية العربية والإيرانية، وحتى الإمبراطورية التركية. وذلك بالتداخل العميق مع العديد من المجموعات الشعبية الثقافية، سواء تحت هيمنة النظام العبودي أم الإقطاعي, لتستمر حتى يومنا الراهن.

إن الكرد العاجزين على بناء دولة قومية لذاتهم في القرنين الأخيرين في العصر الرأسمالي- الامبريالي, دخلوا تحت نفوذ الإدرات الحديثة الإيرانية والعربية والتركية ذات الطابع القومي بالأغلب, بعد أن خارت قواهم واستنزفت طاقاتهم بقمع تمرداتهم المنتشرة في الأرجاء. وباتوا في مواجهة فناء كامل من التاريخ تقريباً، دون أن تكون لهم أية حقوق خاصة بهم قانونياً أو أي وزن ملحوظ، ودون أن يشكِّلوا قوة ذات اعتبار, أو أن يطوروا كياناتهم الثقافية بأي شكل من الأشكال. أما الحركات الكردية الناشئة في هذه الفترة بمناهضة هذه التوجهات, فبقيت عاجزة عن بناء دولة قومية، لافتقارها إلى مقومات الطبقة الشعبية والبورجازية المعاصرة وإلى صياغتها الأيديولوجية والسياسية من جهة, وبسبب الظروف السيئة الناجمة عن البنية الجغرافية المشؤومة بالمعنى السياسي من جهة ثانية. واهترأت البنى العشائرية والدينية والإقطاعية والعائلية والسلالاتية القديمة الموجودة في المجتمع, مما زادت من مشقات الوضع الكردي أكثر. وفيما يتعلق بالمجتمع المقحَم في وضع يناقض فيه جوهره بفرض التشبه بالغير عليه تحت ضغط سياسات الصهر والإذابة, فأضحى في مواجهة أزمة خانقة تامة. وقد تركت هذه الميزة بصماتها على جوهر القضية في سياق تطور تاريخ الظاهرة الكردية. بهذا المعنى تعدت القضية الكردية كونها مشكلة قومية, لتصبح مشكلة دمقرطة وتجمهر العشائرية والإقطاعية والنيوليتية المشتتة.

من المهم جداً استيعاب الفارق الموجود بين جهود الطبقة الكردية الفوقية في التواطؤ مع الدول المهيمنة والانصهار فيها أو السعي لبناء دولة منفصلة عندما تسنح لها الفرصة؛ وبين مساعي المجموعات الشعبية الكردية وتطلعاتها إلى الديمقراطية. إذ ثمة فوارق شاسعة وأساسية, سواء من حيث المضمون أو الشكل, بين مساعي التدوُّل المتكاثفة في كردستان العراق, وبين مساعي التمأسس الديمقراطي المتصاعدة في كردستان تركيا. فمساعي التدوّل الجارية في كردستان العراق تلقى الدعم والمساندة بالأساس من أمريكا- إنكلترا- إسرائيل وبلدان الاتحاد الأوروبي المختلفة. أما المراد منها فهو تأمين المراقبة على الشرق الأوسط وخلق حليف استراتيجي لإسرائيل فيها. وسواء كانت تلك الدولة فيدرالية أم مستقلة, فهي بوضعها الحالي عاجزة عن أن تكون أبعد من دمية متواطئة. لذا فهي تفتقر إلى المقومات الاقتصادية والاجتماعية والتنويرية الثقافية اللازمة, وليس بمستطاعها الصمود على رجليها، ولو ليوم واحد فقط، لولا دعم القوى الخارجية. فمؤهلاتها بهذا الشأن معدومة، وقد تتوطد أكثر لتظهر طبقة بورجوازية كردية شبيهة لما هلي عليه لدى العرب والأتراك والعجم. والإمبريالية وإسرائيل تملكان القدرة على تأمين ظروف ذلك, كما أن التمشيط الأخير على العراق يستهدف ذلك وسيسعى للنجاح فيه.

وفي الفترة اللاحقة قد تستهدف هذه العملية لمّ شمل الكرد في إيران وسوريا وتركيا حول هذه النواة, لتنفذ برنامجها في توسيع نطاقها على شكل كردستان الكبرى. والقومية الكردية البدائية مرغمة على التصرف وفق هذا الأساس, ذلك أنها تفتقر للمزايا الديمقراطية. فإما أن تؤسس لذاتها دولة دمية, أو أن تنصهر في بوتقة الدولة الحاكمة لتتواطأ معها. هذا هو المضمون السياسي لأيديولوجيتها. وبينما تعمل على بناء دولتها وترسيخها في العراق, ستسعى لتعزيز وإتخام فروعها المتواطئة معها والموجودة في الدولة القومية المهيمنة داخل كل من إيران وتركيا وسوريا, لتشدهم إلى داخلها عندما يحين الوقت المناسب, فتتعامل معهم. ولهذا السبب ستقدم كل أنواع التنازلات الدقيقة والفظة للإمبريالية ودول المنطقة، وستعمل على التلويح بعناصر العنف بين الحين والآخر كوسيلة لسياساتها التنازلية هذه. وستبدي تلك الممارسات السياسية الدقيقة والخشنة نفسها بشكل متداخل تجاه الشعب والقوى التحررية الشعبية، وستتصرف وكأن المطاليب الديمقراطية الحقيقية للشعب معدومة, أو كأنها هي التي تمثلها, حيث ستبدي مجالسها ومؤتمراتها وكأنها عائدة للشعب.

من الواضح أن كافة القوى الشعبية في كردستان من كرد وأقليات أخرى, باتت وجهاً لوجه أمام مهمة تاريخية تتمثل في صياغة وطرح مشاريعها البديلة التحررية الشمولية تجاه هذه المستجدات المتسارعة الجديدة والتاريخية للطبقة الفوقية. وإلا فقد تتعرض مصالحها الذاتية للهزيمة حتى قبل ولادتها, بتأثير من الأحاسيس القومية, مثلما لوحظ في العديد من الأمثلة في العالم. ويحظى تدمير هذه اللعبة وإبطالها بعد أن تكررت في كردستان لمئات المرات في العديد من الميادين, بدور المفتاح لأجل دمقرطة الكرد وكافة شعوب الشرق الأوسط. لا يمكن أن تناهض القوى الشعبية الكردية تدوُّل الطبقة الفوقية من حيث المبدأ، لكن بنيتها المناهضة للديمقراطية منذ نشأتها, وعدم انحيازها للوفاق الديمقراطي, يجعلانها تحمل بين طياتها طبائع متواطئة تنمّ عن مخاطر عديدة. لذا فهي ستعمل على تأجيج الأحاسيس والمشاعر القومية على الدوام, سواء تجاه الشعب الكردي أم تجاه البلدان المجاورة. وستخوض صراعها متراوحة بين النهج الأستسلامي ونهج التناحر والتصادم القومي. وقد يمهد ذلك السبيل لمواقف شبيهة لظواهر إسرائيل- فلسطين, البوشناق – الصرب. وهذا بدوره يعني أن مثل هذا النهج سيستنزف طاقات الشعب على مدى عشرات السنين, وسيتسبب في خسائر فادحة في الأرواح, ويؤدي إلى تفشي الفقر والحرمان والآلام لتسود حياة اجتماعية تتخبط في أزمة لا مخرج منها. وستعمل الإمبريالية على تحريض واستفزاز هذا النهح بسياساتها "فرق تسد" أو"اهرب أيها الأرنب, امسكه يا كلب الصيد". أما الترياق الشافي لمثل هذا النهج والممارسات, فهو مشروع دمقرطة شعب كردستان.

هذه الميول التي يمكننا تسميتها بالخيار الديمقراطي للكرد, قد خطت خطوة تاريخية مع ظهور PKK بعد أعوام السبعينات, لتنقل القضية الكردية إلى محور آخر. وعندما لم تفلح الإمبريالية وإسرائيل في إخضاع الحركة التحررية الكردية لهيمنتها رغم جهودها العنيدة, جنحتا إلى الاستفادة من الانسداد الذي تعانيه تركيا في هذه المشكلة للوصول إلى مآربها فيما بعد التسعينات، وتقربتا بموجب سياسة ضرب عدة عصافير بججر واحد. حيث زعمت هذه القوى أنها تود مساعدة تركيا بتشديد الخناق على PKK, بينما في الحقيقة والأصل تجني ثماراً تاريخية بإفساح المجال للطبقة الفوقية الكردية لبناء دولتها. وراحت تقدم الإمكانيات على طبق من ذهب للقوى القومية البدائية الكردية التي ضاق عليها الخناق. وتشير مؤامرة أثينا بكل وضوح إلى هذه المحاولات, من خلال المعنى الذي تطرقتُ إليه في مرافعتي هذه.

لكن حملة الديمقراطية لدى الكرد لم تفقد من وتيرتها شيئاً رغم كل هذه المحاولات المعادية. بل تحققت الانفتاحات الملحوظة, سواء على صعيد الحركات الجماهيرية الغفيرة أم على الصعيد المؤسساتي, لتضم الغالبية الساحقة من الكرد في كافة أجزاء كردستان والساحات الخارجية. هذا ومن الضروري تقييم انفتاح الكرد على الدمقرطة بالتداخل مع الشعوب المجاورة على الصعيدين النظري والعملي, وتداوله بدقة وشمولية بالغة.

قبل كل شيء, لا تهدف الحركة الديمقراطية الكردية إلى هدم الدول التي تتواجد فيها, بل يتحدد موقفها تجاه هذه الدول بمدى إبداء الأخيرة الحساسية الديمقراطية تجاهها. حيث لا يمكن إبداء دمقرطتها على أنها انفصالية أو انشقاقية, بل على العكس, تهدف إلى تكامل الوطن والدولة القوميين اعتماداً على الوحدة الديمقراطية الحرة. والكرد والدول القومية المجاورة على السواء, بحاجة ماسة لهكذا موقف, ذلك أنه يَحُول دون حصول الخسائر الفادحة الناجمة عن أساليب العنف المتبادلة للتيارات القومية المتطرفة والخطيرة جداً. هذا من جانب, ومن جانب آخر يُحوِّل المشكلة المتخبطة في متاهات الأزمة الخانقة إلى مصدر للقوة والمنعة بتطويره لأساليب الحل التي تخدم التكامل دون سفك الدماء. وهنا تكمن قيمته الخلاقة العظيمة. وفي الحقيقة يعود الفضل في تحقيق التطورات العظيمة في دول عديدة مثل أمريكا وانكلترا وسويسرا, التي طورت هذا الأسلوب من الحل في بلدانها أكثر من غيرها إلى سلوكها مثل هذا الطراز الديمقراطي أساساً.

كما أن البنى الإجتماعية للكرد أيضاً بحاجة ماسة لمثل هذا الطراز من الحل. ذلك أنهم, وكشعب خائر القوى ومتمزق حتى أصغر خلاياه بسبب ما تعرضوا له من الشدة والبطش والفقر على مدى التاريخ, لايمكنهم لمّ أشلائهم إلا بروح الديمقراطية ووعيها. وبذلك فقط يمكنهم التحلي بالمنعة لدرجة يصبحون فيها منبع القوة ضمن الشعوب الشقيقة. فالشعب الكردي الذي حقق دمقرطة نفسه يعني الشعوب التركية, العربية, الفارسية, الآشورية, الأرمنية, الرومية, الشيشانية, الأباظية, التركمانية والنهودية التي حققت دمقرطة ذاتها في نفس الوقت. وكردستان الديمقراطية تعني شرق أوسط ديمقراطي أيضاً. إنه شعب يتميز بهذه الخاصية من الانطلاقة الديمقراطية على أهبة الاستعداد. أما ربط كل الأهداف والمآرب المبتغاة باستراتيجية الحل الذي يرتأي الإبادة بكل الأساليب, فلن يسفر سوى عن هدر الطاقات. والنتيجة النهائية ستكون الديمقراطية لا محال, عاجلاً كان أم آجلاً. ذلك أنه من المستحيل أن تطالب الشعوب بحل الدولة المنفصلة.

الدولة المنفصلة هي مطلب دائم للطبقات الفوقية والبورجوازية. أما الشعوب فلا يمكن أن تنادي بالدولة. بل إن المنادة بالدولة يلبي مصالح الشعوب على الصعيد النظري أيضاً. فالدولة بالأرجح تعني اللامساواة واللاحرية. كل التدوّلات (كيانات الدول) تقلل من شأن الحرية والمساواة وتضمرهما ولا تزيدهما, عدا جوانبها المناهضة للإمبريالية والأستعمار والأوليغارشية. بمعنى آخر, فمناوءة أساليب تأسيس الدولة هو موقف مبدئي. وما تتم مناوءته هنا هو الوظيفة الخاصة بتأسيس الدولة. وإلا فحين يدعو الوضع بالضرورة إلى تكوين دولة ما, فالموقف الواجب اتباعه هنا هو ربط تلك الدولة بالحساسية الديمقراطية, لا الاستيلاء عليها واستملاكها.

بالنسبة لي شخصياً, تفيد النتيجة الهامة التي توصلتُ إليها في نظرية علم الجتماع، بأنه من المحال اعتماد الشعوب الكادحة على الأساليب والوسائل المنادية بالدولة والمتطلعة إليها. ذلك أن الوسيلة الأساسية بالنسبة للشعوب ليست إلا أشكال منظومة المجتمع الأيكولوجي والديمقراطي. وبقدر الحاجة لها يتم تأسيس منظمات المجتمع المدني. هذه هي وجهة التطور التلقائي (الطبيعي) للديمقراطية المعاصرة, حيث يتم تجاوز نموذج الدولة الكلاسيكية في أيامنا هذه, مثلما يحصل في الاتحاد الأوروبي في المقدمة, حيث يتجه نحو تشكيل معاهدة (konvasyon) أوروبية. وأصبح بذلك مبدأً أساسياً للابتعاد عن الدولة الكلاسيكية والخلاص من الأزمات. أما المعادلة التي طالما تتكرر صياغتها والتنويه إليها فهي: "كلما قلت الدول، كلما توفرت الحلول". وباختصار باتت مشاريع الحل الديمقراطي وسيلة لا يمكن الاستغناء عنها بالنسبة للشعب الكردي, نظراً لخصائصه التاريخية والاجتماعية وانطلاقاً من المستجدات المعاصرة. والأهم من كل ذلك نظراً للانقسام إلى أجزاء متعددة مع شعوب الدول القومية المجاورة في المنطقة وتداخله معها. والعامل الآخر الهام المحفِّز بشدة لهذا التوجه هو حاجة الشرق الأوسط إلى الديمقراطية كحاجته إلى الماء والهواء. تتميز المشاريع الديمقراطية الناجحة للكرد بإمكانيات تؤهلها للتحول إلى حملة ديمقراطية شاملة في عموم الشرق الأوسط، بما فيها اسرائيل. ونخص بالذكر التحركات المشتركة للكرد والأتراك طيلة التاريخ المديد في الشرق الأوسط, والذي يمكن تحويله إلى مسيرة الديمقراطية الشرق أوشطية العظمى معاً في يومنا هذا. حيث تعد هذه المسيرة حاجة مصيرية لشعوب الشرق الوسط، بل وثروة غنية فيه لا تقل شأناً عن الماء والبترول. على هذا الأساس نرى أن "مشروع كردستان ديمقراطية" ستؤمّن الحلول اللازمة والمواقف الأكثر إيجابية تجاه الكرد لدى البلدان التركية والإيرانية والعربية, عوضاً عن "المشروع المنادي بدولة كردستان القومية" الذي تكثر المخاوف منه لكونه يشكل "اسرائيل ثانية". وهكذا سيصبح الكرد إخوة وأصدقاء يقصدهم الجميع لأجل الوفاق, بدلاً من أن يكونوا مصدراً للمخاوف. وبذلك سيتحولون إلى محور للتكامل الطوعي الحر والمنيع، بدلاً من أن يكونوا آلة لسياسة "فرق – تسد". بالتالي سيصبح الكرد الركيزة الأساسية والضمان الرئيسي للديمقراطية في الشرق الأوسط. وسيُنظَر إليهم كشعب جدير بالدعم والمساندة والتقدير باعتباره يمثل القوة الديمقراطية الأساسية لحملة الديمقراطية العظمى في المنطقة, بدلاً من أن يكونوا أداة بيد القوى المهيمنة على العالم.

وبفضل التطورات التي ستبثق عن التحول الذهني لدى الشعب والقوى القيادية, ستتكون قوة ملحوظة للإدراك والتنوير في كل الميادين، وفي مقدمتها الأقتصادية والإجتماعية والفنية والعلمية. وستتحول الحياة الحرة إلى حقيقة ملموسة لها شكلها، بعد أن كانت مجرد خيال وحلم.





#عبدالله_اوجلان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في ...
- مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في ...
- مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في ...
- مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في ...
- مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في ...
- مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في ...
- مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في ...
- مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في ...
- مرافعة اثينا الفصل الرابع تحققت مؤامرة اثينا بتهميش القانون ...
- مرافعة اثينا الفصل الرابع تحققت مؤامرة اثينا بتهميش القانون ...
- مرافعة اثينا الفصل الرابع تحققت مؤامرة اثينا بتهميش القانون
- مرافعة اثينا الفصل الثالث بضعة من المواقف الفلسفية - السياسي ...
- مرافعة اثينا الفصل الثالث بضعة من المواقف الفلسفية - السياسي ...
- مرافعة اثينا الفصل الثالث بضعة من المواقف الفلسفية - السياسي ...
- مرافعة اثينا الفصل الثالث بضعة من المواقف الفلسفية - السياسي ...
- مرافعة اثينا الفصل الثالث بضعة من المواقف الفلسفية - السياسي ...
- مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكر ...
- مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكر ...
- مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكر ...
- مرافعة اثينا الفصل الثاني الحضارة الهيلينية علاقاتها مع الكر ...


المزيد.....




- نادي الأسير: الاحتلال يستخدم أدوات تنكيلية بحق المعتقلين
- رفح.. RT ترصد أوضاع النازحين عقب الغارات
- ميدل إيست آي: يجب توثيق تعذيب الفلسطينيين من أجل محاسبة الاح ...
- بعد اتهامه بالتخلي عنهم.. أهالي الجنود الأسرى في قطاع غزة يل ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمركز الوطني لحقوق الإنسان حول اس ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة لمركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان ح ...
- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للمنظمة العربية لحقوق الإنسان حول ...
- هايتي: الأمم المتحدة تدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة بشكل أكثر فا ...
- قبيل لقائهم نتنياهو.. أهالي الجنود الإسرائيليين الأسرى: تعرض ...
- هيومن رايتس ووتش تتهم تركيا بالترحيل غير القانوني إلى شمال س ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - عبدالله اوجلان - مرافعة اثينا الفصل الخامس نحو الحل ، او الرد على المؤامرة في الازمة الكردية 9-1