أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - حزب العمال التونسي - في تقييم المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل















المزيد.....



في تقييم المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل


حزب العمال التونسي

الحوار المتمدن-العدد: 1971 - 2007 / 7 / 9 - 11:35
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


مقدمة

انعقد أيام 14 – 16 ديسمبر 2006 المؤتمر الوطني للاتحاد العام التونسي للشغل وهو المؤتمر 21 في سلسلة المؤتمرات العادية والاستثنائية التي سجلها تاريخ هذه المنظمة الطويل وهو كذلك المؤتمر العادي الأول بعد مؤتمر جربة الاستثنائي الذي اختتم مسار الصراع للتخلص من الأمين العام السابق إسماعيل السحباني الذي فقد مساندة السلطة وأسدل الستار على ما سمي بحركة " التصحيح النقابي". وكان من المفروض أن يتفرغ هذا المؤتمر لدرس القضايا الجوهرية المتصلة بظروف عمل وحياة المنخرطين وعموم العمال والبلاد ككل وللصعوبات التي تعترض النشاط النقابي في ظل الاختيارات الرأسمالية الليبرالية المتبعة في تونس واندماجها في السوق الرأسمالية العالمية. تلك كانت نظريا وظيفة هذا المؤتمر منظورا إليها من زاوية انتظارات الشغالين والقواعد النقابية والقوى الديمقراطية والتقدمية بالبلاد.

غير أن أطوار الإعداد له ومجرياته أثبتت كلها عكس ذلك تماما حيث اتخذ المؤتمر طابعا انتخابيا واضحا وانصبت فيه الاهتمامات على إعادة توزيع الأوراق باتجاه التحكم في مواقع النفوذ داخله أولا لضمان تواصل هيمنة الخط المتواطئ مع الديكتاتورية النوفمبرية على حساب مصالح العمال والشغالين وثانيا لتأمين استمرار هيمنة بعض كتل البيروقراطية على الأمانة العامة على أسس جهوية ضيقة في إطار ما أصبح يسمى في الأوساط النقابية بمسألة "التوريث".

وللتذكير فإن الهيئة الإدارية الوطنية للاتحاد المنعقدة في مستهل سبتمبر الماضي كانت قررت تقديم أجل المؤتمر عن موعده الأصلي (فيفري 2007) لأيام 14 – 16 ديسمبر المنقضي. وقد ابرز مقترح التقديم آنذاك خلافا داخل الفريق القيادي للمنظمة (المكتب التنفيذي والهيئة الإدارية على حدّ السواء) حسم في النهاية لصالح الأمين العام بالموافقة على التقديم بما أثبت أنه ما يزال يتمتع بتأثير واسع داخل المنظمة وهياكلها القيادية وأن الشق الذي كان يقوده علي رمضان والرافض لهذا المقترح ما يزال محدود الوزن والتأثير.

أقرت إذن مسألة تقديم المؤتمر رغم كل التحفظات المثارة بصددها. وقد كان الكثير من النقابيين يرون في الاستجابة لهذا المقترح رضوخا لإملاءات السلطة التي كانت تريد الالتفاف على الحركية الاجتماعية المرتقبة بعلاقة بالاضرابات المقررة في قطاعات التعليم (الثانوي والأساسي) وفي قطاع الصحة وأعوان التأطير والإرشاد التربوي. كما تقرر أن تحتضن مدينة المنستير المؤتمر ورأى الكثير من النقابيين في ذلك أيضا استجابة لرغبة السلطة في ضمان صعود الكاتب العام لتلك الجهة للقيادة التي ستنبثق عن المؤتمر. هذه هي الملابسات الداخلية التي حفت بانعقاد مؤتمر المنستير.

الظروف العامة للمؤتمر

أما على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العام فإن مؤتمر المنستير يتنزل في إطار ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية صعبة بالنسبة للشغالين وعموم الشعب. فالسلطة ماضية في تنفيذ مشروعها الاقتصادي الرأسمالي الليبرالي الذي دشنته منذ قبولها بتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي صائفة 86 والذي اتخذ أبعادا أشرس منذ دخول تونس منظمة التجارة العالمية وعقد اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي سنة 96 لتدخل بذلك في نظام العولمة الرأسمالية الليبرالية. ففي ظل هذه الخيارات تم تحرير الاقتصاد وخصخصة المؤسسات وتوجيه الاقتصاد أساسا نحو التصدير وفتح السوق المحلية على مصراعيها للاستثمارات والبضائع الأجنبية وتخلت الدولة عن دورها "الإنتاجي والتعديلي" و"كراعي للخدمات والصالح العام"، وفقا لما كانت تعلنه، وهو ما انعكس في فسح المجال لخوصصة تلك الخدمات وتقليص نفقات الدولة عليها.

وقد انعكست هذه السياسة على الشعب التونسي وعلى الكادحين خصوصا بمزيد دهورة ظروف المعيشة والعمل وتراجع فرص التشغيل فارتفعت نسب البطالة والفقر وتردت المقدرة الشرائية رغم الزيادات الصورية في الأجور جراء ارتفاع الأسعار ونسب التضخم وتلاشت الكثير من المكاسب الاجتماعية في مجال الصحة والتعليم والتغطية والسكن والنقل والثقافة والترفيه واشتدت صعوبات الحياة بصورة عامة.

وقد صاحب هذه التطورات الاقتصادية والاجتماعية انغلاق سياسي لم تعرف البلاد له مثيلا إذ شدد النظام قبضته الأمنية على جميع مظاهر الحياة العامة وفقدت المواطنة معناها ورضخ الشعب لنظام حكم فردي مستبد وفاسد رغم المناوشات القليلة والمتفرقة التي أبدتها بعض فصائل الحركة الديمقراطية والاجتماعية والشبابية لمواجهة هذا الواقع المرير.

ولقد اتخذ النظام من البوليس السياسي ومن حزبه "التجمع الدستوري الديمقراطي" ومن الإدارة الأدوات الفعالة لتمرير هذه الاعتداءات الاقتصادية والسياسية ووجد في تخلف الوعي الجماهيري وفي ضعف المعارضة السياسية وفي تواطؤ "المعارضة" الديكورية المشجع على المضي قدما فيها.

واضطلع الاتحاد العام التونسي للشغل طوال فترة التسعينات في عهد السحباني بدور السند الاجتماعي لهذه الخيارات فمرّر سياسة "السلم الاجتماعية" وأصبح من أكثر المتواطئين مع النظام في انتهاك الحريات العامة والنقابية وأداة من أدوات التهجم على مكونات المجتمع المدني والأحزاب المعارضة والدفاع في الساحة الدولية على سياسة بن علي الفاشستية.

ورغم إزاحة السحباني وانعقاد مؤتمر جربة الاستثنائي فإن الاتحاد استمرّ على نفس النهج الذي سار عليه من قبل رغم بعض المواقف الإيجابية التي فرضتها قلة من الإطارات النقابية داخل الهيئة الإدارية الوطنية لمنع الزجّ بالمنظمة في تزكية الرئاسة مدى الحياة أو في مجلس المستشارين الصوري أو لاستقبال مجرم الحرب شارون وغيرها من المواقف الإيجابية التي لا مناص من التنويه بها وبالذين أصدعوا بها من النقابيين.

انعقد مؤتمر المنستير إذن في الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المشار إليها وبالنظر إلى حجم الأضرار التي تكبدها الشغالون جراء ذلك اتجهت الأنظار إلى هذا المؤتمر عساه يشكل محطة يضع من خلالها النقابيون خطة التجاوز من أجل ردّ الهجوم رغم أن دلائل كثيرة كانت تؤكد أن البيروقراطية التي ما تزال تنوء بكلكلها على المنظمة ستحاول هي الأخرى أن تتحكم كما يلزم في فعاليات المؤتمر كي لا يحدث التغيير المنشود وتواصل التمعش من المنظمة وإسداء الخدمات لصاحب النعمة متنكرة لمطامح القواعد والنواب.

طموحات مشروعة

كان واضحا من تركيبة المؤتمر (نوعية النواب الذين سيحضرونه) أن كثير من النواب يرغبون في أن يكون هذا المؤتمر محطة للتعمّق في تقييم توجهات المنظمة ووضع خطط النضال الملائمة لتجاوز السلبيات التي لازمتها منذ مدة غير قصيرة والتركيز بشكل خاص على ملفات حيوية مثل سياسة التشغيل وحماية حق الشغل والخوصصة والمناولة والتغطية الاجتماعية والدفاع عن الحق النقابي والملفات الوطنية الكبرى مثل الجباية والتقاعد والحريات العامة والفردية وغيرها على أن تكون التوصيات في شأنها دقيقة وملموسة وقابلة للتنفيذ لا من قبيل التدبيج والثرثرة الذي سرعان ما تلتف عليها القيادة الجديدة كما كان الأمر في عهد السحباني. وإلى جانب ذلك فإن المؤتمر بالنسبة إليهم فرصة هامة لمراجعة صيغة المفاوضات الثلاثية التي أضرت أيما ضرر بالعمال وشكلت إطارا لمزيد التعدي على المقدرة الشرائية وفرض سلم اجتماعية لفائدة الأعراف والدولة على حساب الشغالين وعامة الشعب. فالمؤتمر هو السلطة العليا المخولة باتخاذ قرار بالتخلي عن هذه الطريقة وإرساء صيغة جديدة تربط الزيادة في الأجور بالزيادة في الأسعار في إطار مراجعة شاملة لأسس التفاوض الاجتماعي عموما بما في ذلك ما يتصل بالجوانب الأخرى المتعلقة بتراتيب العمل والحق النقابي وفسح المجال للعمال وللقطاعات بوضع خطط النضال الحقيقية للدفـاع عن حقوقهم حتى لا تتكرر مهازل كمهزلة التعليم الثانوي في بداية هذه السنة.

والمؤتمر فرصة أيضا لكي يرفع الشغالون صوتهم عاليا بخصوص ما يحصل اليوم في مجال الحياة السياسية من تعديات على الحريات العامة والفردية وما تتعرض له مكونات المجتمع المدني والمجتمع السياسي من قهر وتعسف وما يجري إعداده لتكريس الرئاسة مدى الحياة وهو كذلك فرصة لإصلاح حال المنظمة من الداخل بوضع خطة لإعادة تنظيمها وهيكلتها بصورة تتلاءم مع متطلبات النضال النقابي في ظل التحولات الحاصلة في المجتمع وفي مؤسسة الإنتاج وبما يقضي نهائيا على المركزة البيروقراطية التي تمثل القاعدة المادية لاستحكام حفنة من الوصوليين بالمنظمة وتسخيرها لخدمة مصالحهم الأنانية ولجني الامتيازات على حساب العمال والمنخرطين.

وإذا كان رهان المحتوى يكتسي كل هذه الأهمية فإن رهان التصويت لانتخاب قيادة قادرة على تبنيه والالتزام به وتفعيله خلال الخمس سنوات القادمة لم يكن ليقل عنه أهمية وخطورة. ومعلوم أن الصراع على المواقع النقابية والقيادية منها بالخصوص كان عادة ما يطغى على أشغال مؤتمرات المنظمة وهياكلها لذلك كان عدد هام من المؤتمرين يأمل أن لا تطغى الحسابات الانتخابية على باقي الجوانب وأن تتركز اهتمامات النواب على المضامين قبل القوائم والتحالفات والتكتيكات الانتخابية وكل ما يتصل بها.

كيف جرى الاستعداد للمؤتمر؟

فاجأ تقديم أجل المؤتمر كل الأطراف تقريبا بما في ذلك عناصر من البيروقراطية النقابية. وبطبيعة الحال كان تأثير هذا التقديم متفاوتا من طرف لآخر لكن الأمين العام ومجموعته هما المستفيدان الأكبر من ذلك. فجراد بنجاحه في جر المنظمة إلى القبول بالتقديم أثبت للسلطة أنه مازال يتحكم في الأوضاع الداخلية بنسبة هامة وكسب بذلك ثقتها بعد أن كانت بحثت مطولا عن بديل محتمل له ثم تخلت عن مسعاها مقابل الخدمات التي قدمها لها وآخرها تفكيك الحركة الإضرابية التي كانت ستندلع مع مستهل الموسم الاجتماعي والسياسي الجديد.

وكان الخلاف الذي ظهر بين شقي البيروقراطية حول مسألة تقديم موعد المؤتمر على جدية بعض مظاهره مقدمة لنسج مسرحية عنوانها انقسام صفوف البيروقراطية أو ما أسماه بعض النقابيين "انقسام العشيرة" في إشارة إلى التكتل الجهوي الضيق للعناصر البيروقراطية أصيلة قرقنة ولعب عبد السلام جراد وعلي رمضان أدوار البطولة في هذه المسرحية التي لم تنكشف خفاياها – ما كما أراداه لها – إلا في الساعات الأخيرة من المؤتمر. فقد أثبت الواقع أنهما بعد اندلاع الخلاف حول التقديم تفطنا إلى أنه ينطوي على فرصة ذهبية لافتعال مسرحية والتمادي فيها من أجل إقناع الآخرين أن الخلاف بينهما بلغ نقطة اللاعودة وأن لا فرصة لأي طامع في التسلل إلى موقع بالقيادة إلا بركوب قطار أحدهما وبذلك أجبرا معظم الأطراف بما فيها أطراف "يسارية" على الاقتناع بأن الصراع سينحصر بين الأمين العام وعلي رمضان. وبذلك سقط اليسار – أو على الأقل طرف من أطرافه – في فخ التعويل وبصورة حصرية على أحد شقوق البيروقراطية ليفوت على نفسه أسنح فرصة للتقدم للمؤتمر كطرف مستقل وكبديل جدي عنهما.

وخلف ستار الخلاف الوهمي كان جراد وعلي رمضان اتفقا على سيناريو اللعبة القاضي باستمرار جراد في موقعه كأمين عام على أن يتحكم علي رمضان في ملامح قائمة القيادة الجديدة التي تضمن له أغلبية مريحة تقبل به أمينا عاما ساعة انسحاب جراد سواء أثناء الفترة النيابية القادمة أو خلال المؤتمر القادم. وقد كانا يرميان استراتيجيا إلى ضمان توريث الأمانة العامة في الشق "القرقني" وفي شخص علي رمضان باعتباره الوجه الجديد المرشح أكثر من غيره لهذا المنصب وهو ما يكشف عن أحد وجوه الإرث السيء للاتحاد الذي أصبحت فيه المواقع تخضع لاعتبارات جهوية ضيقة علاوة على الاعتبارات السياسية التي تقضي بالولاء للنظام القائم والتي يتم في إطارها التوزيع الجهوي للمقاعد.

كان كل شيء يسير وفق هذا المخطط ولم تكن الحملات الدعائية التي أحكم كل منهما إخراجها غير وسيلة لتضليل المنافسين. وكانت الأدوار تقتضي أن يتظاهرا بحدة ذاك الخلاف الذي شاهدناه طوال فترة ما قبل المؤتمر وأن يظهر جراد بمظهر المحايد وفوق الصراعات والضامن للوحدة المغشوشة. وفي الجانب الآخر واصل علي رمضان حملاته التصعيدية رافعا دوما الفيتو في وجه عناصر من القيادة المتخلية ناهيك عن عناصر أخرى يسارية ومستقلة فيما كان جراد يتولى طمأنة الجميع ويربح الوقت مخفيا حقيقة ما كان خطط له مع حليفه. على هذا النحو أمكن لجراد وعلي رمضان التلاعب بذوي الحسابات الضيقة واللامبدئية والطامعين في موقع في القيادة بأي ثمن. وقد كان المتهافتون على المواقع من مدعي اليسارية (جماعة "العود" خصوصا) أول فريسة لهذه الألعوبة بعد أن تولوا مهمة فرقعة أي محاولة لتشكيل جبهة يسار موحدة زيادة على النفاذ إلى ما سمي بمجموعة "الأرضية" وجرها إلى مستنقع التذيل لعلي رمضان وربط مصيرها به.

لقد فقد اليسار مبكرا - نتيجة هذا التخريب - الأمل في تشكيل بديل موحد وفقد الطاقة على تجاوز حالة الإحباط وبذلك حكم على نفسه بالخروج من السباق وتقدم للمؤتمر مشتتا وبالأحرى كتلة ضعيفة محدودة التأثير في مجريات الأمور.

أما الكتاب العامون للاتحادات الجهوية ولبعض الجامعات ومن ورائهم عدد هام من الإطارات في ما سمي بـ"كتلة الشمال" التي هي في صراع مفتوح مع علي رمضان منذ ما يزيد عن السنة فإنهم لم يتمكنوا من بلورة رؤيتهم بخصوص التعامل مع صراع الكتل الانتخابية رغم رغبة الكثير منهم في التمايز وخوض المعركة. كما أنهم لم يتوفقوا إلى تحديد موقف نهائي من التحالفات المطروحة أمامهم وبالخصوص مع اليسار. ويعود هذا التردد في الواقع إلى عدم تجانس هذه الكتلة وإلى هشاشة وحدتها المبنية أساسا على معارضة علي رمضان وسعيه إلى تصفية مكسب جربة بخصوص الدورتين (الترشح لدورتين في المكتب التنفيذي). لذلك لم تتوصل هذه الكتلة أو بالأحرى بعضها إلى بلورة قائمة انتخابية مع ممثلي اليسار إلا قبيل انطلاق عملية الانتخاب بساعات فقط. ولعل التردد الذي ميز موقف وسلوك عناصر من الرباعي المراد إزاحته من القيادة (اليعقوبي وبوزريبة والغضباني والماجدي) هو الذي زاد في تذبذب هذه الكتلة ومنعها من تحديد اختيارها وضبط قائمتها وخوض حملتها الانتخابية بصورة مبكرة.

على هذه الصورة استعدت كل القوى ودخلت السباق الانتخابي وكان واضحا أن البيروقراطية التي تستند إلى الجهاز الرسمي للمنظمة وإلى دعم السلطة تتمتع بحظوظ أوفر.

لقد كانت البيروقراطية النقابية أكثر وعيا من كل القوى الأخرى بطبيعة المخاطر التي تتهددها خلال هذا المؤتمر، إذ كانت على وعي تام بأنها في هذا المؤتمر لا تتحكم كما في السابق في النيابات نتيجة تطور النفس الديمقراطي في الاتحاد وما أحرزه من نتائج إيجابية في مؤتمرات التشكيلات القاعدية وحتى الجهوية والقطاعية طوال الفترة الماضية. غير أنها كانت تعلم أيضا أن هناك هامش مناورة هام ينبغي استغلاله بإحكام وفطنة لأن معسكر الديمقراطيين ما يزال ضعيفا وما تزال وحدته هشة وقابلة للاختراق بسهولة. وهو ما بينته مجريات المؤتمر بكل جلاء ووضوح. وهو العنصر الذي حسم المعركة لصالحها في النهاية رغم المتاعب التي وجدتها.

مؤتمر تحت الحصار الأمني: لماذا؟ وكيف كانت ردود الأفعال؟

انعقد مؤتمر المنستير تحت حصار أمني غير مسبوق، فلأول مرة منذ عشرات السنين تنطلق أشغال مؤتمر اتحاد الشغل تحت الرقابة المشددة لفرق البوليس السياسي مصحوبة بموظفي الاتحاد وميليشيا احتياطية خصّص لها نزل عدن المحاذي للنزل الذي احتضن أشغال المؤتمر. والحقيقة أن حصار المؤتمر كان تقرر منذ الهيئة الإدارية التي سبقته والتي خصّصت لإعداد الجوانب التنظيمية والعملية. فالهيئة الإدارية هي التي قررت أن يكون المؤتمر "للنواب فقط" وهي التي قررت أن يكون الدخول بـ"البادج" وأن تسحب الهواتف من أعضاء لجنة مراقبة التصويت والفرز. كان ذلك مؤشرا للجو المراد إحاطة المؤتمر به منذ البداية.

وقد اتضح المغزى من قرارات الهيئة الإدارية بداية من عشية المؤتمر أي مساء الأربعاء 13 ديسمبر إذ فوجئ المتوجهون إلى مدينة المنستير بكثافة حضور البوليس وكثرة حواجز التثبت من الهويات ومنع قاصدي المدينة من النقابيين من العبور إليها مما اضطر الذين ردوا على أعقابهم إلى قضاء ليلتهم بسوسة. ويذكر بعض النقابيين الذين اتصلوا هاتفيا بأعضاء القيادة طالبين التدخل لرفع الحصار أن الأمين العام شخصيا (أجاب "ابقوا في دياركم وتابعوا المؤتمر من هناك...".

وتأكدت حالة الحصار المضروبة على المؤتمر صبيحة يوم افتتاحه أي الخميس 14 ديسمبر 2006 قيم حاجز أمني كبير على بعد كيلومترين من مكان انعقاده (في مستوى الطريق الرابطة بين سوسة والمنستير) لمنع النقابيين من وصول المكان. ورغم الاحتجاجات والمحاولات أصرّت قوات البوليس على موقفها ومنع فعلا ما يزيد عن الـ 100 نقابي بما في ذلك أعضاء جامعات واتحادات جهوية وأعضاء قدامى من المكتب التنفيذي وعدد كبير من المترشحين من المرور وحوالي الساعة الواحدة بعد الزوال صدرت الأوامر بتشتيت المتجمهرين بالقوة، فتم الاعتداء على النقابيين الأمر الذي استوجب نقل بعضهم للاستعجالي (خميس صقر ومحمد بن عمار ...) وعلى سياراتهم (سيارة حمادي بن ميم...).

وكان مفهوما أن عملية عسكرة المؤتمر إنما الهدف منها منع العديد من النقابيين وخاصة المترشحين من الاحتكاك بالنواب والتأثير فيهم وبالتالي في نتائج التصويت. وبالمقابل كان سمح لعدد كبير من نقابيي جهة صفاقس يعتقد في موالاتهم للأمين العام وعلي رمضان بالإقامة في النزل المحاذي لنزل المؤتمر وبالسماح لهم بالحركة بكل حرية.

واجه النقابيون هذا القرار بعزيمة وإصرار ولم يخضعوا للأمر الواقع بل اشتبكوا مع قوات البوليس رافعين شعارات التنديد معبرين عن استيائهم من هذا الصنيع وتحملوا في ذلك أتعاب الانتظار والتعنيف في ظروف مناخية قاسية. وعلى غرارهم بادر النواب منذ الوهلة الأولى لافتتاح أشغال المؤتمر بالمطالبة بضرورة رفع الحصار قبل انطلاق الأشغال وظلوا يرفعون الشعارات مانعين الأمين العام ولفترة تزيد عن ثلث الساعة من التدخل بل وانسحب عدد هام منهم من القاعة في محاولة لجر بقية النواب إلى الخروج وكان من الممكن أن يحصل ذلك لو لا الدور السيئ الذي لعبه دعاة "التهدئة" و"التريث" من عناصر "اليسار" الداعمة لعلي رمضان.

وكان لهذا الموقف الشجاع والمناضل تأثير هام في إعطاء المؤتمر طابعا نضاليا وفي إرغام عبد السلام جراد على التراجع في آخر المطاف عن محاصرة المؤتمر. إن النجاح في رفع الحصار هو ما ساعد النواب على التفطن مبكرا إلى أهداف جراد/رمضان من وراء عسكرة المؤتمر ومن بينها جرّ المؤتمرين أو أغلبهم إلى القبول في النهاية إلى مراجعة قرار جربة الخاص بـ"الدورتين" باتجاه تمرير وتثبيت مخطط التوريث. وعلى هذا الأساس اهتدى النواب إلى صياغة شعار "لا توريث ولا تمديد والعزيمة من حديد" وبذلك انقلب السحر على الساحر فسقطت المناورة وخاب مسعى البيروقراطية النقابية.

كان المؤتمرون متحفزين لكل المسائل ذات الصلة بالحياة الداخلية ومن هنا طغى على المؤتمر اهتمام خاص بقضايا الديمقراطية الداخلية واستعداد تلقائي لرفض التوريث إلى درجة إهمال البعد البرامجي في المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي العام.

القضايا المثارة في مداولات المؤتمر

سيطرت إذن المسألة الديمقراطية الداخلية على مداولات المؤتمر وأصبح تمرير التراجع في قرار جربة هو الرهان المركزي بالنسبة للأمين العام وحليفه علي رمضان والقطب الواسع الذي يدعمهما ممثلا أساسا في جهة صفاقس وبن عروس وجزء من سوسة وسنده السياسي المتمثل في حزب "العود". وبالمقابل أصبح إفشال هذا التوجه هو رهان قطب نقابي واسع ضم هو الآخر أهم فصائل اليسار والمستقلين إلى جانب النقابيين المساندين لكتلة الاتحادات الجهوية والجامعات المعروفة كما قلنا بكتلة "الشمال".

كانت هذه هي إذن نقطة الخلاف الأساسية والأبرز التي استقطبت اهتمام المؤتمر والتي بلغ الصراع حولها ذروته عند طرح القضية في الليلة الأخيرة من أيام المؤتمر. وقد كشف التصويت عليها تفوق القطب الثاني على القطب الموالي لحلف جراد/علي رمضان حتى اضطر هذا الأخير أمام تشبث الأغلبية الساحقة من النواب بقرار جربة إلى التهرب من التصويت في مرحلة أولى ثم اقتراح إرجاء المسألة إلى المجلس الوطني ثم إلى مؤتمر استثنائي يعقد خصيصا لها بنفس النواب على حد اقتراح محمد الطرابلسي. وبعد كل المحاولات والمناورات أجبر رئيس المؤتمر على حوصلة النقاش بإقرار التمسك بقرار جربة القاضي بحصر حق ترشح أعضاء المكتب التنفيذي في مرتين فقط واضعا بذلك حدا لتلك الحلقة من الصراع والمواجهة التي كادت في وقت من الأوقات أن تعصف بالمؤتمر.

وفيما عدا هذه القضايا فإن بقية الجلسات جرى أغلبها في غياب ولا مبالاة عدد كبير من النواب رغم أن مداخلات عديدة تميزت بطرح القضايا المركزية في الحياة السياسية للبلاد وفي حياة الاتحاد مثل قضايا المناولة والعمل بالعقود وملف التشغيل والتأمين على المرض والمفاوضات الاجتماعية وعلاقة الاتحاد بمكونات المجتمع المدني وخاصة ملف الرابطة وضرورة تفعيل التضامن معها إلى جانب طائفة أخرى من المسائل المتعلقة بمناهضة العولمة ومساندة المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق. كما تميزت مداخلات أخرى بدعواتها إلى تبني مواقف مناصرة لإيران وحركة طالبان والمحاكم الإسلامية في الصومال وبتشويه قضايا أخرى كالمنتدى الاجتماعي مدعية أنه " مشروع إمبريالي غربي معادي للعرب والمسلمين". غير أنها جوبهت بردة فعل منظمة ومكثفة وضعت مسألة مناصرة حركات المقاومة في نصابها والتفريق بين مناهضة الاستعمار وخطر السقوط في الدعم اللامشروط للحركات الرجعية التي لا تعبر بالضرورة عن مطامح شعوبها الراغبة في التحرر والانعتاق. ويمكن القول أن المداولات حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كانت إجمالا متميزة من حيث عمق التحاليل والدعاية ولكنها افتقرت إلى المقترحات والتوصيات البرنامجية الملموسة التي من شأنها أن تشكل بديلا نضاليا مستقبليا ملزما للقيادة التي ستنبثق عن المؤتمر. وبصورة عامة فإن سيطرة قضايا الديمقراطية الداخلية ومواجهة مشروع " التوريث " والضغوط التي مارسها تحالف جراد/علي رمضان من أجل تمريره في المؤتمر أثرا سلبا في نوعية التوصيات التي تمخض عنها المؤتمر.

لذلك ستجد القيادة الجديدة نفسها غير ملزمة بكثير من التوصيات والقرارات بل ستجد الباب مفتوحا أمامها لتتعاطى مع الملفات التي سيطرحها الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وفق اجتهاداتها الخاصة أو في أحسن الحالات وفق ما ستتخذه الهياكل والهيئات الإدارية من قرارات بصدد هذا الملف او ذاك عند طرحه للنقاش.

لقد تميز مؤتمر المنستير كما كان متوقعا بالطابع الانتخابي عدا ما أقره بخصوص الترشح للقيادة مستقبلا وهو قرار سيظل لا محالة موضوع صراع طوال الفترة القادمة حتى حلول موعد مؤتمر سنة 2011.

دروس المؤتمر ومهمات المرحلة

تأكد من خلال ما تميز به مؤتمر المنستير أن البيروقراطية النقابية متشبثة بصورة مفضوحة وصريحة برغبتها في استمرار هيمنتها على مراكز النفوذ في المنظمة. لكنها وبالنظر إلى تراجع قدرتها التقليدية على التحكم في تركيبة المؤتمر ومجرياته لجأت هذه المرة لافتعال خلاف وهمي كما بيناه منذ البداية لشق صفوف معارضيها ومنع ظهور قطب معارض وجدي وفاعل ضدها. وبواسطة هذا التكتيك أمكنها فعلا استمالة الشق المتهافت على المواقع صلب تيارات اليسار. ولم يكن هذا الأخير وللأسف على درجة من الوعي والنضج لإفشال المخطط البيروقراطي وتجاوز آثاره التخريبية.

لكن ولئن نجحت البيروقراطية في سد الطريق أمام اليسار وفي الحفاظ على موقعها المتميز ماسكة بناصية المنظمة فإن هيمنتها على الاتحادات الجهوية والقطاعات تراجعت كثيرا وبات من الممكن نسف هذه الهيمنة التقليدية ووضع المنظمة على سكة نضال جديدة أفضل لفائدة الطبقة العاملة والشغالين عموما. إن ذلك ممكن شرط أن ينبني هذا الإنجاز على أساس بديل واضح وملموس لا يحمل أوهاما على من يدعي اليسارية وهو في الواقع لا يقل خطرا عن البيروقراطية التقليدية.

إن مسار بلورة مقومات البديل المنشود عن النهج البرقراطي المهيمن على الاتحاد منذ عشرات السنين قد يأخذ وقتا طويلا لأن الحركة النقابية ما تزال بحاجة لمزيد من الوعي والوضوح لتنقية خطها من مفاهيم انتهازية خاطئة ومن تقاليد بالية أرستها ورسختها البيروقراطية غذتها وتغذيها اليوم تيارات تدعي اليسارية والتقدمية. وقد يستوجب ذلك جهدا ضخما ومرونة قصوى لتشكيل قطب تقدمي بحق متحرر من نزعة عبادة المواقع ومنتصر بنزاهة لقضايا العمال والديمقراطية الداخلية والاستقلالية عن السلطة بعيدا عن اللهث وراء الامتيازات والمصالح والمكاسب الشخصية.

ويمكن أن تشكل المعركة التي من المنتظر أن تتواصل حول مسألة " التوريث " وبالتالي حول الديمقراطية داخل الاتحاد الإطار المناسب لبعث هذا القطب الديمقراطي كما أنه من الممكن أن تساعد المعارك التي قد تندلع حول هذه المسألة او تلك أو هذا الملف المطلبي أو ذاك على مزيد توضيح ملامح هذا القطب وأهدافه وتصوراته البديلة. فعلى قاعدة هذه المراجعات سيجري الفرز الطبيعي بين من سيصطف وراء البيروقراطية طمعا في موقع أو صونا لامتيازات خاصة ومن سيدافع عن مطالب العمال وعن الديمقراطية داخل المنظمة وعن استقلاليتها وخاصة الحيلولة دون التراجع في قرار جربة الخاص بتحديد عدد دورات المسؤولية داخل القيادة. والواضح أن المعركة قد بدأت بعد وسيكون كسبها لا محالة مرهونا بدور كل طرف من أطراف الصراع فيها ومرتبطا بمدى وعي كل طرف بأهميتها وبخطورتها على مستقبل العمل النقابي وعلى ثقة كل طرف بحظوظه في النجاح.

س. م. د.
نقـابي





#حزب_العمال_التونسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظات حول وثيقة -مشروع أرضية لليسار
- التعددية النقابية في تونس: قراءة في الوثائق التأسيسية ل-الجا ...
- إضرابات ناجحة في التعليم:المعلمون والأساتذة يدقّون نواقيس ال ...
- بمناسبة عيد العمال العالمي:بيان
- مؤتمر اتحاد الشغل بالمنستير: وكادت المفاجأة الكبرى أن تحدث!
- الطبقة العاملة الثورية وحقوق الإنسان
- أحداث حمام الشط - سليمان: فشل الاستبداد في توفير الأمن والاس ...
- قولوا الحقيقة للشعب !
- ماذا تعرف عن العلمانية ؟ 4
- خطاب 7 نوفمبر: لا تنتظروا تغييرا...فكل شيء على ما يرام
- حملة أمنية واسعة على -المتحجبات
- الحق في الشغل، حق مقدس
- الجبهة الوطنية ضرورة ملحة في مواجهة الهجمة الامبريالية والصه ...
- البابا يمنح تفويضا دينيا لسياسة بوش العدوانية
- بعد مرور 50 سنة على صدور مجلة الأحوال الشخصية: المساواة القا ...
- سنة سياسية جديدة بمشاكل قديمة
- الإجرام ملازم للنظام الرأسمالي
- لا طريق أمام الطبقة العاملة سوى طريق النّضال
- تونس إلى أين؟
- الاتحاد العام لطلبة تونس: التوحيد النقابي، مهمة عاجلة


المزيد.....




- بشري لجميع الموظفين .. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 والإجازا ...
- Basque Country: The WFTU General Secretary participated in ...
- تحذير قبل انتهاء المدة .. منحة البطالة في الجزائر 2024 “الشر ...
- فيديو غرافيك.. احتجاجا على مجازر غزة، أوروبا على فوهة بركان ...
- Solidarity statement to the Brazilian public workers’ nation ...
- بيان تضامن مع إضراب الموظفين العموميين في البرازيل
- موعد صرف معاشات المتقاعدين لشهر مايو 2024 في السعودية… ورابط ...
- وزارة المالية توضح الامر.. متى نزول رواتب المتقاعدين في العر ...
- راتبك بزيادة 100,000 دينار..وزارة المالية تعلن بعد التعديل س ...
- رابط التسجيل في منحة البطالة بالجزائر 2024 … وماهي الشروط ال ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - حزب العمال التونسي - في تقييم المؤتمر 21 للاتحاد العام التونسي للشغل