أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاضل سوداني - المفكرون العرب لا يمتلكون الاحساس بالزمن















المزيد.....



المفكرون العرب لا يمتلكون الاحساس بالزمن


فاضل سوداني

الحوار المتمدن-العدد: 1961 - 2007 / 6 / 29 - 11:44
المحور: مقابلات و حوارات
    


المسرحي التونسي عز الدين المدني :
المفكرون العرب لا يمتلكون الاحساس بالزمن
كيف أواجه الألفية الثالثة وأنا حزين ووحيد ومفلس!!
الثورات تخون نفسها ، لكنها دائما تولد من جديد .

حاوره د. فاضل سوداني

أولا : هل الإصالة هي تقديس التراث

تعتبر تجربة الكاتب المسرحي التونسي عز الدين المدني متفردة ورائدة ليس فقط في مجال وضع إسس المسرح التراثي العربي كنص ، وإنما كمقترح لكيفية استغلال الفضاء المسرحي ( العرض ) من اجل أن يتميز المسرح العربي عن المسرح الغربي ، ومازال المدني وحتى هذه اللحظة يفكر بالتجريب على النص المسرحي ، والواقع والتراث بوعي تاريخي ومعاصر ، ولا يتكامل هذا لديه إلا أن يمتلك القدرة على مسك جمرة الجنون الإبداعي ليودعها نصه الكوني أو المحلي ، وقد حاول ذلك في سنوات تشرده الباريسي حيث تحول العالم أمامه إلى كون من المتناقضات ، سلسلة مفككة تتحول إلى متاهة لا متناهية ، هل يبحث عن العقل فيها أم عن ذلك الخصب الروحي والخيال الذي لا يمكن أن يشفع لأي نص إبداعي بدونهما ، فأكتشف هذا في الغنى التراثي العربي والإسلامي . المسرحي عز الدين المدني بالرغم من تزمته الظاهر إلا أنه يحمل في داخله روح ساخرة مرحة تنعكس دائما في نصه المشاكس ، مما يدفعه إلى البحث عن الفردوس المفقود ويدعوا إلى ( مملكة الكاتب المبدع القادر على خلق كون حقيقي من الخيال ) الذي سيكون هذا محور كتابه النظري القادم الذي سماه ـ البعد الضروري ـ
والآن وبعد عشرين سنة من شقاء الكتابة وسعادة الإبداع مازال المدني يحلم بكتابة نص يستفز الأجيال وينتقل من جيل إلى جيل ومن حضارة إلى أخرى ومن زمن إلى آخر وكأنه خلاصة الفكر والفن ، هل يستطيع ذلك في ظروف الواقع العربي الراهن الذي يحارب الفن الحقيقي ؟. وبالرغم من أن المدني لا يمكنه أن يتنفس إلا في مدينة تراثية ومعاصرة مثل تونس . لكن أسئلته الفلسفية والدرامية المعاصرة دفعته الى التنوع في الوسائل الإبداعية ، من اجل فهم السؤال الصعب حول علاقة الإنسان بالتاريخ والتراث والكون والوجود والجمال . فهو مؤلف مسرحي وروائي وكاتب للعديد من البحوث النظرية في جماليات المسرح والإبداع العربي، منذ كتابه ( ألأدب التجريبي ) الذي أنجزه في بداياته الأولى عندما شعر بان الأدب العربي يجب أن يكون تجريبيا ، ليس في هذا المجال فحسب بل يجب أن يشمل المسرح والتشكيل والعمارة وغيرها .
أن المدني في كل منجز مسرحي له يحاول أن يجعل منه بيانا مسرحيا في كيفية استخدام الوسائل التراثية لإغناء التأليف والعرض المسرحي فكريا وتقنيا في آن واحد ، لأنه يؤمن بأن التراث والتاريخ يجب أن يعالجا بوعي حداثي تجريبي منذ أعماله الأولى مثل " الحمال والبنات " و " رأ س الغول " و "خرافات " و
" الإنسان الصفر " . أما مسرحياته " ثورة الزنج " و "ثورة صاحب الحمار" و" الحلاج " فقد عالج فيها خيبة الثورات ، لأنها سرعان ما قمعت وبهذا كأنها تعبر عن واقعنا الآن . وتميز المدني ببحثه التراثي للكشف عن درامية التاريخ والتراث معا فكتب مسرحيات أخرى مثل "مولاي الحسن الحفصي " ،" قرطاج " ، "كتاب النساء " ، "التعازي " ،" رسالة الغفران "، " التربيع والتدوير" ، "على البحر الوافر" ، "الله ينصر سيدنا " ، و " ابن رشد " وغيرها ، وترجمت العديد من مسرحياته الى لغات عالمية عديدة .
في القاهرة شهد قمرها البهي بحضور النيل العظيم توهج محاورتنا التي كان هدفها ملامسة مشاكسه للمكونات الإبداعية والدرامية لعقل عز الدين المدني انطلاقا من التراث العربي ـ الإسلامي ومعالجته بتكنيك فني معاصر . و لالتزامه الشديد بمنهجه الفني و أفق نظرته المنطلقة من وعيه الحداثي اضطررت أن ابدأ محاورتنا بسؤال عن أسرار صنعته التي تساهم في بناء وتطوير فنيات النص وتقنيات العرض المسرحي العربي.

• حاولت دائما كمؤلف مسرحي أن تنحو نحو كتابة مسرحية حديثة فاستخرجت مبدأ "الأستطراد "من دواوين الشعر الكلاسيكي وباطن الكتب القديمة مثل ـ الأغاني للأصفهاني و الإمتاع والمؤانسة للتوحيدي والتوابع والزوابع لإبن شهيد الأندلسي ـ واستخدامه في المسرح من أجل اكتشاف شكل مسرحي مبتكر ، كما في مسرحية "الحمال والبنات " وديوان الزنج الذي عالجته ليس كنص مسرحي فقط وإنما كديوان مسرحي واستخدمت فيه بعض التقنيات واعتبرتها فنيات لمسرح عربي . هل يمكن لهذه التقنيات وبالذات مبدأ الإستطراد أن تعوضنا عن فنيات وتقنيات المسرح الغربي ؟

• ـ أن مفهوم الاستطراد الذي كان أحد الدعامات الهامة في الإنشاء الأدبي العربي القديم وفي الأنواع الأدبية كالشعر والقصة والمقال وفي كتب اللغة والبلاغة والفقه والتفسير والتاريخ ويشمل الهزل والجد والأمثال والعبر التي تأتي نتيجة لسريان السليقة واختلاج الملكة ، حتى وإن كانت بلا شمول ولا عمق ولا روابط ، بغية إمتاع القارئ . وقد سمي الاستطراد عيبا في التأليف العربي القديم وهو التداخل في الأغراض الأدبية والتراكيب والأحاديث ، فاعتبرته مفهوما ومبدأ جماليا أساسيا يمكن أن يستخدم في المسرح ويساعد على اكتساب شكل مسرحي مبتكر ويساعد في تركيب العمل الدرامي تركيبا مرنا حركيا متفاعلا جدا .وتكون كل جزئية ترتبط بسائر الجزئيات الأخرى المكونة له ، وتتفاعل معها ، بلا اعتباط ولا عفو ، ولا خلط ، وإنما عمدا وقصدا ، من أجل الاستحواذ على الواقع المتشعب من معظم أوجهه .
هذا من جانب فكرة النص أما من جانب الشكل المسرحي فقد ساعدني مفهوم الاستطراد عند كتابة "الحمال والبنات " وديوان الزنج ، في الإنصراف عن فنيات المسرح الغربي الكلاسيكي والطلائعي ، ودفعني الى الإقتراب أكثر من الأرضية الذهنية والواقع الشعبي وبالتالي الشكل المسرحي . ففي مسرحية ديوان الزنج اقترحت ان تكون هنالك عدة اركاح مختلفة المستويات بدلا من ركح مسرحي واحد حتى تلائم ما جاء في المسرحية من دراما ، وذلك لأن ديوان الزنج ليست مسرحية فقط ، بل هي تضافر بين المسرح والموسيقى وتلاحم بين التمثيل والنحت وتداخل بين المنظور والمسموع والمنطوق . وبهذا فإنني منحت المخرج فضاءا جديدا له علاقة بالعرض وليس بالنص فقط .


• أن أحد المفاهيم التي جعلت المواطن العربي لا ينسجم مع تراثه هو تقديس الجانب المظلم من التراث واعتباره أساس لحياتنا المعاصرة بعكس الشعب الياباني مثلا الذي أخضع تراثه لمتطلبات عصره . كيف ترى هذا في المسرح ؟

ـ حينما نعود إلى التراث العربي ـ الإسلامي ، وخصوصا الى فنياته الجمالية ، لا نريد بذلك أن نستدل على صحة مفهوم الأصالة المزعوم ، وأن نقدس هذا التراث أكثر مما يطيق من التقديس ، وان نجعله بالتالي صالحا لكل زمان ومكان . (أقصد التوفيق الخاسر بين قوالب التفكير القديم المعتمد أساسا على العنصرية وبين مقتضيات الحياة العصرية ، وأعني أيضا بهذا الخصوص المعنى السلفي ، أي العيش فكريا في القرون الماضية ) .
وإنما يجب أن نعتبر التراث مجموعة من القيم والأفكار والأشكال التي مازالت بحاجة إلى التقصي ، لاسيما أنها لم تحظ بالدرس في معظمها ، وإنها أصيبت بداء التأويل القاصر ، أو قد دفنت بنظرة الإعجاب ، والقداسة والتقليد . ويجب أن ننظر إلى التراث نظرة جدلية مع حاضرنا ومستقبلنا رغم أن خيط الزمان انقطع مدة قرون لأسباب معروفة .
ومتى أدركنا هذا الكلام ، فإننا سنمسك حتما عن تقليد ما نجم من التراث ، سواء كان عروضا شعرية او صيغا صرفية وفلسفية أو أشكالا معمارية ، وسنعمل حتما على تطويرها وعصرنتها وتثويرها حتى يربط من جديد خيط التاريخية بينها وبيننا بصفة حركية متفاعلة دائما .
من هذا المنطلق يجب تناول الوسائل والمفاهيم والأشكال الموجودة في التراث لخلق جماليات النص والعرض المسرحي ، ولكن كان خليقا بالعرب ، لما تبنوا الفن المسرحي الغربي ، وأعطوه الصدارة في آدابهم وفنونهم ألا يتبنوا منه إلا النوع فقط أي تبني المسرح كفكرة فقط ، وأن يتركوا جانبا الفنيات ، والأشكال ، والأتجاهات التي رافقت النوع ، والتصقت به ، وكادت أن تمتزج بأصوله ، وأنه كان ضروريا بالنسبة إليهم أن ينظروا في جوهر المسرح ، وان يمعنوا النظر في أدواته ، وان يتأملوا في اتجاهاته . لأنهم بتقليدهم الفنيات الغربية ، ومجاراتهم الأشكال الفرنسية مثلا قد جعلوا من الفن المسرحي فنا مقصورا على الحضارة الأوربية ، في حين أن الشرق القديم قد عرفه حق المعرفة بتقنيات وأشكال أخرى لا تماثل تقنيات المسرح الغربي وأشكاله .
ولئن شرع البعض من الفنانين في السنوات الأخيرة الماضية ،في تغير ملامح المسرح في العالم العربي ، بإدخال فنية " المداح والحلقة " أو باستعمال فنية " الكراكوز " أو بتحوير التركيب الدرامي شيئا ما ، على نمط المقامات مثلا فإنهم مازالوا لم يتعمقوا التعمق الكافي في مشاكل المجتمع العربي : كالمجتمع التونسي او الجزائري ، الذي هو ليس إلا تضاريس لحضارة ألفية لها خصائصها ، وممارساتها ونظرتها وباختصار لها علاماتها الحضارية التي لا تزال في اشد الحاجة القصوى الى سبر مجهولها ، واقتفاء آثار ثورتها ، ومتابعة منعرجات صعودها وهبوطها .
وأنه لا يكفي بالنسبة إلى رجل المسرح ، سواء كان مؤلفا أو مخرجا ، أن يستعمل " المداح " مثلا في عمله المسرحي حتى يكون عمله عربي المشاغل والإطار ، وتونسي الواقع وألآمال ، شعبي المشاكل والمطامح ، طلائعي النزعة والشكل و الإخراج ، لأن "المداح " و"الكراكوز " أو "إسماعيل باشا " ليس إلا ظاهرة "فولكلورية " ذات أصباغ زاهية يرتاح إليها الجمهور بمختلف أعماره ، وتزهو في عين الزائر ، كفولكلورية الأماكن السياحية . لم تأخذ من العلامات الحضارية إلا بعض القشور . ونقصد بهذا كله أنه يجب التعمق في التفكير العربي ، والتشبع به ، والوقوف على خصائصه وتفهم مداركه ، كأن يتسائل الإنسان :كيف هو سلوك الفرد التونسي ؟ كيف هي ردود فعله في مجتمعه ؟ علام يتخذ هذا الموقف من الأحداث ولا يسلك ذاك الموقف المنتظر منه ؟لم يفكر بهذه الطريقة بالذات ولا يفكر بطريقة أخرى؟ ماهي الركائز التي تقوم عليها أعماله ؟ الى غير ذلك من الأسئلة التي لا يسويها " المداح " ولا يحلها "الكراكوز " أو " إسماعيل باشا " في اعتقادنا ، رغم أنها محاولات تجديدية طيبة لكنها ضيقة في الآن نفسه .
• ما هي القوانين التي تحكم الكتابة المسرحية لديك ولا يمكن أن نجدها في النص الآخر ؟

ـ كانت النصوص العشرين التي كتبتها مختلفة تماما في مستوياتها وأفكارها ، ، فكل منها كان متفردا في موضوعه وشكله وهدف كتابته ، وكذلك السياق السوسيولوجي والظاهراتي ومعالجة المشاكل المعاصرة التي لاتهم الإنسان التونسي فحسب وإنما العربي أيضا . فالكتابة بالنسبة لي أصبحت عادة يومية ، بالرغم من أنها مرهقة وتأخذ وقتا طويلا منذ انبثاق الفكرة وتأملها وإعادة تركيبها من جديد حتى الصيغة الأخيرة التي يجب ان تكون مثل الجوهرة المشعة ، فمسرحيتي " ابن رشد " مثلا أخذت مني 6 سنوات كاملة ، أتركها وأعود إليها . في هذه السنوات كنت أحرث موضوعها في ذاكرتي ، أتأملها و أراودها ، وحينما تتكامل ، أقوم بتفكيكها من جديد ضمن تأملي المعاصر الذي يتطور مع حركة الواقع والحياة ، أبذل جهدا في كل شئ ، الشكل ، البناء ، اللغة …الخ وبالتأكيد فإن هذا هو إرهاق متعب ، لكن بهذا تكمن متعة الكتابة ومتعة خلق النص . وكذلك الحال مع " رسالة الغفران " لأنني كنت أقوم بتفكيك الفكرة وبناء النص ببطيء شديد . من هنا فإنني أكون سعيدا إذا كتبت صفحة واحدة في اليوم . وعندما أحرث النص كما تحرث الأرض ، ينبثق من الأعماق في كل مرة شئ ما ، فأنا لا أنظر إلى المسرحية كنص واحد وإنما هنالك نصوص متعددة في النص الواحد ، وبهذا فأنني أمنح المخرج رؤى فنية جديدة ونصوصا مختلفة .

• تعني أفكار وتنويعات و مستويات مختلفة و ….
ـ أعني نصوصا عدة ، أنا لا أكتب نصا واحدا . المسرحية الواحدة فيها عدة نصوص ذات مستويات مختلفة لكنها متماسكة البناء.

• بعيدا عن الثرثرة التي تملأ الكثير من النصوص العربية .
ـ يعيشك ( التونسية ) ، فمن أجل هذا التماسك وقفت منذ الستينات ضد ما تسميه بثرثرة النص المسرحي العربي ، ضد الحوار والمعاني الساذجة التي ترد في الكثير من المسرحيات ، أو قل ضد الكلمة القاموسية .. حتى لا يحمل الجمهور قاموسه لفهم هذه الكلمات ، لهذا يجب أن تكون الكلمة مفهومة ومعبرة . بالنسبة لي أعمد دائما إلى تنقية نصي المسرحي من فائض الأفكار والكلمات حتى يكون نصا متماسكا ، لدرجة إذا حذفت أو أضفت كلمة أو جملة يحدث خللا في البناء الدرامي ، وهذا ما أسميه بحوليات النص المسرحي ، إذن هذا الحرث وتنقية النص في كل مرة تدفعني إلى أن أكون ناقدا لنصي حتى أصل إلى تماسكه . لذلك فإن النص المسرحي هو كل شامل ، عالم ، كون متجانس الأجزاء ، يطهر اللاشعور ، يدهش الجمهور . فنص دون الإدهاش لا يساوي شيئا .

• كيف تفهم النص الذي تود كتابته وتحاول ان تجعل القارئ والمتفرج أن يؤمن به ؟
ـ النص المسرحي كلٌ شامل و كون متجانس ومثل هذا النص هو الذي يطهر اللاشعور لدى الإنسان. وفي كل نص تكمن نبذة من الجنون . والنص الذي يبسط سلطانه على جميع النصوص وعلى عصره ، أي النص المغامر هو النص الذي يسافر من جيل الى جيل ، ومن إنسان الى آخر ، من ثقافة الى أخرى ومن حضارة الى إخرى ، ومن الحاضر الى المستقبل ، لذلك فالنص هو مشاركة وإسهام. ونص دون اندهاش لا يساوي شيئا ، فيكون كطالفرح في جبين الكون . ومن هذا المنطلق فان علاقة النص المسرحي العربي الجديد والذي أفكر به ، بالنص الغربي هي علاقة قطيعة .
هل اللغة المسرحية لديك تنتج جوهر النص أم النص هو الذي يمنح اللغة وجودها .
ـ عملي على اللغة يأخذ جانبين
ألأول : هو اعتماد الكلمة الدرامية المؤثرة .
والثاني : التأويل ، بمعنى أن الكلمة الدرامية متعددة المستويات والمعاني .

• تعني التأويل العلاماتي ؟
ـ نعم .. فكل مايقال أو يفعل على الخشبة هو علامة ودلالة سميولوجية ، ويؤدي هذا بالتأكيد الى الى تعميق النص ، وهذه الأسباب جميعها تدفعني الى أن أصنع النص .
• ألا تعتقد بأن الكلمة يجب أن تتخلى عن جذرها الأدبي (إذا جاز التعبير ) بحيث تتحول وتصبح جزءا من مكونات صور الفضاء المسرحي ولغته ؟
ـ بحسب رؤية المخرج فمثلا في متن مسرحيتي " قرطاج " هنالك قصيد شعري بعنوان " الخيول الجامحة "كتبته على إيقاع الصور المكية في القرآن الكريم ، لذا فان المخرج يمتلك حريته في الأخذ بها أو حذفها أو اقتباس إيقاعها فقط … الخ .
• لا أعني هذا فقط وإنما اعني ما ا سميه " بالنص البصري كبديل ضد النص الأدبي المسرحي المغلق " ويقوم بهذا المؤلف ذاته عندما يمتلك وعيا بصريا في الكتابة ،وكنت أنت أحد المتحمسين لهذا الطرح عندما ناقشناه في ندوة مهرجان الكويت المسرحي السادس . ألا ترى بان مسؤولية المؤلف تفرض عليه أن يكتب نصا بصريا .
ـ نعم هذا ممكن جدا لكن الكثير من مؤلفينا لم يتعرفوا على هذا المفهوم ، وإنما هم يعتمدون الوسائل الأدبية . لذا فان هذا يعتبر من مهام المخرج .
• إن ما أعنيه هو ان المؤلف قادر على إعطاء الكلمة ودلالاتها الفضائية بدون أن يتحول الفضاء المسرحي إلى حوار يعتمد السمع فقط ، وإنما أن تكون الكلمة جزءا من مكونات الفضاء وتحمل تأويلها الحركي ومعناها الفلسفي .
ـ نعم من الضروري ألا تكون الكلمة معقدة وخشنة وقاموسية مهجورة ، وأن يكون لها إيقاعها وموسيقاها

ثانيا : الثرثرة في المسرح العربي والنص المسرحي ، كل شامل و كون متجانس


• نعود الى الثرثرة ولا أعني بها في الحوار فقط ، وإنما الثرثرة في الفعل والحدث والبناء الدرامي للنص ، إضافة الى ثرثرة العواطف والأفكار الساذجة المتوفرة بإفراط وكثافة لدرجة أصبحت ميزة تميز المسرح العربي . إذن كيف يتخلى المسرح والدراما العربية عموما عن هذه الثرثرة ؟
ـ لقد سبقتني إذ كان بودي أن أطرح هذا الموضوع ، لأن آلية التأليف هي الدراماتورجيا . ونوعية وجدية التأليف هي التي تحدد هذه الآلية . فالنص والإخراج المسرحي يجب أن يخضعا للدقة الميكانيكية ، كالساعة الدقيقة التركيب ، مكوناتها الداخلية مرتبطة إحداهما بالأخرى .. كذلك التأليف المسرحي ، من الضروري ألا تكون هنالك كلمة أو جملة أو حدث فائض وفي هذا المجال فان الفرنسيين يعمدون الى استخدام المقص مع الممثل الذي يحاول إضحاك الجمهور لتغطية ردائته الفنية ، فيعمد إلى زيادة الحوار والإرتجال غير البناء مما يزيد من سذاجته . واستخدامهم للمقص هو من أجل أن يتغلبوا على الثرثرة الفائضة لأن تماسك الشكل والمضمون الفني لا يحتمل هذا .

• المخرج بيتر بروك يدعوها بالاختزال والتكثيف .

ـ نعم سماكة الأشياء من أجل تحقيق رسالة الخطاب حتى يفهم الجمهور ما يجري أمامه .

• إذن أنت تنحت النص في مشغلك المسرحي حتى تصل إلى نوع من الرضى الذاتي . لكن من خلال نقاشاتنا في ليل القاهرة الساحر وعلى ضفاف النيل أو وسط الضجيج نهارا في المهرجان التجريبي وبعد ذلك في مهرجان الكويت ، شعرت بأنك من نوع المؤلفين الذين لا يسمحون للمخرج بالحذف من النص .. هل تغلق على نصك خوفا من حرية فكر المخرج ؟
ـ أنا اقدم نصا مملوءا بالأحداث والمشاهد المتماسكة.مثلا أثناء العمل على نص" ثورة صاحب الحمار" حاول المخرج علي بن عياد ،الحذف واختصار النص ،لكن في كل مرة يحدث خللا في البناء الدرامي ، نعم أنني أميل إلى كتابة نص متقن الصنع دراميا ، لكن في بعض الأحيان أوافق على الحذف والإضافة بعد محاورة المخرج ، وفي مقابل هذا أطالبه أن يكتب فكره المسرحي من خلال رؤيته الإخراجية استنادا إلى النص التأليفي ، الأدبي ، أي أطالبه ان يكتب نصا للركح .. للعرض ، بمعنى ألا يقدم نصي كما هو بل أن يعيد الصياغة الدراماتورجية للنص ، وفي هذا المجال فان المنصف السويسي كان يعمل على صياغة النص حركيا من جديد ، وكنت انا أسهل الأمر على الممثل من خلال تنقية النص وتأكيد وانتقاء الكلمة الدرامية التي تتناسب مع شغل الممثل حتى يستطيع النص أن يؤثر على الجمهور .
• سذاجة ونرجسية بعض المخرجين العرب تدفعهم الى تجاوز غير معرفي بل طفولي على عالم ، وعقل المؤلف وقواعد صنعته . والدعوات المتكررة في هذا الخصوص التي تشجع المخرج غير الواعي ، مما تزيد من غطرسته ودكتاتوريته وتدفعه الى تشويه نص شعراء المسرح المهرة ومتصوفيه مثل الكتاب الإغريق وشكسبير وتشيخوف وحتى كتاب مسرح الطليعة ، وكل هذا بحجة التجريب أو الفهم الساذج لمقولة المخرج هو مؤلف العرض المسرحي . إذن كيف ترى العلاقة بين المؤلف والمخرج في المسرح العربي ؟

ـ ليس هنالك من صراع بينهما بل يجب أن يكون الهدف هو التكامل . فإذا لن يعجب النص مخرجا ما أو هو لا يفهمه عليه أن يختار نصا آخر ، وبما أنه اختار نصي ، إذن عليه أن يحترم قوانيني كمؤلف ، وإلا سيقوم بتفكيك النص بدون دراية .

• لماذا تفترض مثل هذا الافتراض .
ـ إذا قام بهذا بدون دراية ، فإنني لا أحترمه وأعتبره مخرجا عفويا أو على أقل تقدير فهو مخرج رديء ، ليس هنالك إخراج عفوي ،وإنما هنالك رؤية إخراجية يمتلكها ذلك المخرج ـ الفنان والمفكر من طراز عال، أما الآخر فانه مخرج تابع ويقلد الآخرين . لذلك فأنا أعطي نصي لذلك المخرج الفنان الملتهب . لأنني متيقن بأن رؤاه كالنار المستعرة ، وبهذا فقط يستطيع أن يثريني ، وأستطيع أن أتفاعل معه . فعندما يحلق عاليا كفنان ملتهب الفكر والخيال سأحلق بجانبه ، وبالتأكيد فان هذا سيدفعني إلى كتابة نص جديد أو إذا اقتضى الأمر سنكتبه سوية ، ومع هذا المخرج فقط أستطيع الدخول في ورشة كتابة النص تأليفا وإخراجا إذ أن الفن لا يموت وأن المسرح مغامرة وجودية ، وقد تحقق هذا مع الطيب الصديقي في مسرحية " رسالة الغفران " حيث كنا نثري بعضنا مما أوجد عرضا متفردا .
• نعم أن المسرح مغامرة وجودية واعية . ولكن إذا بليت أنت المؤلف بالمخرج الدعي اللزج والمسلح بالتكيف والجهالة ، أو ذلك المخرج الخطر الذي يكون شاغله أن يتصدر واجهات المهرجانات المسرحية الرسمية فقط والذي لا يفهم بأن الرؤيا الإخراجية كونها تتم في البعد غير المرئي للنص ، وإنها وسيلة لتكثيف الوعي والوجود الذاتي ؟
ـ لا أعمل معه . يجب أن أحمي نصي ومغامرتي من الفانتازيا غير الواعية لمثل هذا مخرج .

النص البصري ضد الأدب

• لم يكن المؤلف العربي متمكنا أيضا في الكثير من تجاربه التأليفية في فهم القوانين الإبداعية للعرض المسرحي . هل هذا واضحا من وجهة نظر سميولوجية ؟
ـ من خلال تجربتي الطويلة فان القليل من المخرجين والمؤلفين يمكن أن يفهموا دور الدلالات والتحليل السميولوجي في المسرح . لكن هنالك دائما نخبة عربية مثقفة يمكن للمرء أن يثق بها في خلق المعادل السميولوجي المعاصر ، وهذا واضح وبشكل مكثف في تونس ، وفي السنوات الأخيرة بدأ يظهر فهما دلاليا للنص في العراق ومصر والمغرب .

• لم يعد النص المسرحي عالميا يكتب حسب قوانين التأليف الأرسطوطاليسية ، في تقديمه لإمثولة ما أو تكديس أحداث على الورق بغية تطهير الجمهور بالمفهوم الأغريقي القديم ، وإنما أصبح هنالك حيز للرؤية البصرية فيه . وأنا أدعو لكتابة ما أسميه ( بالنص البصري ) . هل المؤلف العربي قادر على صياغة مثل هذا النص الذي يتناسب مع متطلبات العرض المسرحي المعاصر ؟
ـالمخرج العربي في الكثير من الأحيان ليس لديه الوقت لأن يرى النص جيدا بهذا المفهوم
وبالتأكيد فان المخرج المتمكن من صنعته يمتلك القدرة على الصياغة البصرية لمثل هذا النص.

• إذن كيف تكتب أنت نصك البصري ؟
ـ اعتمادا على الصورة حيث يمكن أن أكتب نصا بدون حوار، أي يبنى على الصور ، فالصورة هي التي تعبر عن الحدث ومن هنا تأتي أهميتها . إن المؤلف المبدع لا يكتب حوارا وإنما يكتب بالصور ، فهي الأساس في عمله ، وهي المركز . وعندما تكون الصورة أصيلة ومعبرة ، حية ونابضة ولها وجود حي تكون شمولية . وبهذا تبنى العلاقة مع الجمهور ، وعلى هذا الأساس الصوري في النص عمل كبار المخرجين مثل مايرهولد ، أريان منوشكين ، أنتونين آرتو ، فيتاس وغيرهم . ولكن بالرغم من هذا لم تتم دراسة الاستخدام الحقيقي والعميق للصورة كونها لغة مسرحية تعبيرية .

• هل ترى حجم الصورة المسرحية على الورق وتخلقها أنت المؤلف في النص أم تنتظر مايراه المخرج ؟
ـ في مخيلتي وفي العرض .

• ويدخل هذا ضمن التحقق لمقولة مايرهولد عن بوشكين كمؤلف مسرحي حيث اعتبره هو القادر على صياغة مستقبل العرض ، وكذلك ما تدعوه أنت ، أن يكون المؤلف هو المحفز للمخرج .

ـ بالتأكيد وقد تم هذا بيني وبين الطيب الصديقي كما ذكرت ، حيث يستطيع المخرج المتمكن ، التعامل مع صور المؤلف الدرامية بحركية ، لأنها تحفزه كونها مرة ، ومتحركة وغير ساكنة . أنا أرى الصورة دائما بحركيتها ، وهذا ينعكس على حالتي النفسية أتناء الكتابة ، حيث يحصل نوع من التطابق بيني كمؤلف وبين ما أخلقه من أحداث وشخصيات ، فأثناء الكتابة أتحول الى إنسان مهلوس .

• تعني الهلوسة الإبداعية والتداعي الحالم ؟
ـ نعم لأن ما أكتبه يتلبسني

• عمل انتونين آرتو على التخلي عن الأدب بل إلغائه تماما في العرض المسرحي ، وتعويضه بلغة ووسائل بصرية ومشهدية ، بالرغم من انه كان معجبا بأدب سينيكا وخاصة مسرحيته أوديب . لكنه يقول فكرة مهمة لدرجة الخطورة بحيث تلغي كل الارتكاز على السسيولوجيا وهي : " أن المسرح هو الذي يجعلنا نحلم ونحن مستيقظون ويكف أن يكون مسرحا إذا تخلى عن هذه الفكرة " مارأيك بهذا ؟

ـ كلام مهم .. كلام من ذهب ، جواهر .

• لكن ليس له علاقة بالسسيولوجيا التي تبني عليها رؤيتك المسرحية .

ـ سمها ما تشاء ، أنا أكتب عن مشكلات زمني ومجتمعي ، لكن رأي آرتو يمتلك معاصرته ، وفي ذات الوقت أنا بجانب الأدب المرتبط بمشكلة العصر في المسرح .

• الأدب الملتزم ؟
ـ (يبتسم ) سمه ما تشاء أيضا ، أعرف بأنك تضرب على وتر ألآديولوجيا .

الذائقة الجمالية للمؤلف المسرحي

• ماهي مكونات ذائقتك التراثية والجمالية ؟

ـتكونت ذائقتي التراثية والجمالية منذ الصغر عندما وعيت الغنى الجمالي والتراثي المكثف في الأسواق والأحياء الشعبية في تونس ، كنت مأخوذا بسماع الحكايات والأساطير والخرافات من الرواة والحواة حيث كانت متناثرة في الطريق والأماكن الشعبية المختلفة ، ووجدتها في المسرح عندما أخذني والدي لمشاهدته وأنا مازلت صغيرا . وعندما كبرت وتعلمت المهنة أحببته وقرأت المسرحيات كأنها إلهام غني ومتنوع ، فأنا أمتلك ثقافتين عربية قديمة متأصلة وثقافة فرنسية حديثة .وكذلك ما يترجم عن الثقافة الأوربية ، لكنني افضل الكتابة باللغة العربية. وكان هنالك سؤال يقلقني دائما هو.. كيف اسرد حكايتي على المسرح للمتفرج العربي.

• هل يمكن أن نعرف كيف تروي حكايتك دراميا ؟

ـ سأحدثك عن بعض همومي الشخصية .أنا إفكر دائما بجماليات العمل الفني ، أي المكونات الجمالية لمختلف أنواع الابداع . وبما أنني كنت أكتب القصة القصيرة سابقا فقد تعلمت أن الكاتب بالرغم من أنه يخاطب القارئ ويعالج نماذج بشرية إلا أن الحكاية يجب أن ترتبط جذريا بذات المؤلف .

• بأي معنى يكون هذا الأمر .
ـ بمعنى أن تكون الحكاية نابعة من كيانه وروحه بحيث لا تكون ترجمة للواقع الخارجي . لذلك فقد أقلقتني الأسئلة آنذاك ، ماذا أريد ؟كيف أكتب ، ماذا أكتب ؟ كيف أبدأ ما هي ضرورة هذه الفكرة .. الخ

• بمعنى جدوى الكتابة .
ـ نعم . ففي الوقت الذي أخاطب شخصية وهمية هي ذات القارئ من خلال كتاباتي ومسرحياتي ، فإنني في ذات الوقت أخاطب المخرج أيضا ، وعندما أحلل المشكلة ،أقوم بتجربة عقلية وفنية وجمالية وسسيولوجية.
الزمن العربي الآن هو زمن معقد ، لذلك فان مسرحي يحاول أن يكون شاملا ، فإضافة الى الإنسان ومشاكله ، أحاول أن أتناول كل مكونات الحياة والواقع . فمثلا أدخلت في مسرحي الحيوان والأشياء التي تأخذ صفات الإنسان ، وبهذا فإن الكائنات لها تاريخ وكيان مسرحي ، وبالتأكيد فان هذه الإستخدامات تعد إحدى مكونات جماليات العمل الفني . لهذا فإن النقاد لم ينتبهوا لهذه الحقيقة ـ الجماليات التي تخلق شمولية مسرحي ـ فهي جزء أساسي من همومي المختبرية وتجريبيتي ، وهذا يؤكد بان الكلمة لا تشكل لوحدها جوهر المسرح . فإذا كان الممثل يمتلك القدرة على تعويض الكلمة بالفعل المسرحي عليه أن يرفضها ، لأن الفعل هو جوهر المسرح ، وقد تعلمت هذا خارج الأدب والبلاغة العربية ، فالعمل المسرحي لا يعتمد على تكرار الفكرة أو المعنى وإنما على البناء الدرامي للحدث .
• هل أنت مؤلف نخبوي ؟
ـ نعم

• لقد كتب الكثير عن استخدام التراث في المسرح ، وعن جماليات النص التراثي ، إذن ما هي العلاقة بين الدعوة للمسرح التراثي والمتغيرات المعاصرة بما فيها العولمة ؟
ـ لا يشكل التراث الشئ الجوهري في حياتنا المعاصرة ، وإنما موضوعة الزمن هي الأكثر أهمية ، فالعرب لم يعالجوا أو يدرسوا مشكلة الزمن في الأدب أو المسرح ، بعكس شكسبير حيث استوعبها بوعي معاصر ، وخاصة في هاملت عندما وضع مسرحا بداخل مسرح ، أي زمن ماض أثناء الزمن الحاضر .
كذلك الحال في معالجتي لمسرحيتي الجديدة "إبن رشد " حتى يبدو وكأنه يعيش معك في الراهن ، فعندما يكون على خشبة المسرح لا يشكل ماضيا ، بل هو بطل معاصر ، في ذات اللحظة يعيش في الماضي والحاضر . إن سحر العرض المسرحي هو قدرته على أن يجعل من الحدث الحاضر أو الشخصية التاريخية مرتبطين بالحاضر ( الآن ) وهذا يعتمد على وعي المؤلف ذاته .

• تؤثر هذه "الزمانية " بأبعادها وإيقاعاتها المختلفة في العرض المسرحي وعلى الجمهور أيضا ، فامتلاكها من قبل المفكر أو المؤلف والفنان عموما يؤدي إلى الامتلاء والغنى لاستشراف المستقبل ، لأن الإحساس بالزمانية هو حركية فكرية .

ـ نعم . لكن المشكلة هي أن المؤلفين العرب لم يهتموا بمسألة الزمن ، لأنهم لا يمتلكون الإحساس بالزمن أصلا في الفن عموما أو في المسرح بالذات ، فهم مرتبطين دائما بالماضي ، وهذا لا يمنع من وجود قلة مثقفة منهم تشغلهم هذه المشكلة .
وهذا هو الذي يحدد الفرق بين المؤلف العفوي الساذج والتابع ذلك الذي يحس بالماضي أكثر من الراهن والمستقبل ، وبين المؤلف الخلاق الذي يمتلك إحساسه الزمني المعاصر ويعكسه في فنه . من هنا يأتي تعقيد المشكلة لأنها مشكلة تراث ، إنها مشكلة الإحساس بالزمن كما هو متناول في الفكر و الفلسفة الأوربية .
الشيء الجوهري هو "اليوم وغدا " أو " الآن وهنا " . ولكن هذا لا يعني ان العرب عليهم أن يهدروا ماضيهم في الفكر العربي المعاصر. ليس هنالك مفكر عربي يمتلك الحساسية أزاء مشكلة الزمن،وليس هنالك دراسة ما جدية حول الزمن وإحساس الإنسان والمفكر العربي به.
• هل هذه الأفكار الأخيرة للنشر وبدون حرج ؟

ـ نعم وبكل حرية .
• ألا يعد هذا عدم احترام لجهود الأولين من الفلاسفة على أقل تقدير مثل :إبن رشد والفارابي وبن سيناء وابن خلدون وغيرهم ؟
ـ كلا .


ثالثا : الحلاج وإعادة التأمل في الإسلام الحقيقي .

المبدع وحيد دائما ، أنه إنسان معزول في مجتمعنا العربي .

• إذا أكدنا العلاقة بين الإحساس بالزمانية والحركية الفكرية ، يكون من الضروري التفكير بديناميكية التراث ورفض سكونيته ، لذلك فان كتابة النص المسرحي الآن تقتضي الاهتمام بمكونات فضاء العرض وحيز الرؤيا بحيث تلعب دورا أساسيا في مخطط المؤلف الأولي .
ـ عند مشاهدتي لمنمنمات يحيى الواسطي ، لم أرها ساكنة وإنما كانت تتحرك ، وعندما كتبت مسرحية أبو حيان التوحيدي ، كنت أراه في حركة المنمنمات وليس في الكتب ، فثمة ربط بين أبو حيان وفكره وحركة المنمنمات . فوقع لي ما يشبه الامتلاء أو الانفجار الداخلي ، وأنا مهووس بهذه الحكايات وهذا التراث .

• ألا تعتقد بان اعتماد الكاتب على التراث هو اتكالية تستسهل الكتابة التراثية ؟
ـ كلا لأن هنالك انتقائية واعية للحدث التراثي يفرضها وعي الكاتب وإحساسه التاريخي وكذلك الإحساس بالمعاصرة .

• هل تستخدم ذات الحوارات القاموسية التي وردت في نصوص المعري في الغفران او علي بن محمد في الزنج او حوارات الحلاج مثلا أم تدخلها في مختبرك الفكري والتقني ؟
ـ بالتأكيد لا يمكن تناول التاريخ كما هو عليه في الكتب الكلاسيكية ـ القاموسية ، ولا يمكنني أن أعيد التراث ـ كما لا أقبله كما هو ، بل إنني اختار منه تلك اللحظات الحارة التي تصبح مرتكز لي ابني عليه تصوري . ففي مسرحية رسالة الغفران يبدو الأمر وكأن الصراع في المسرحية غير موجود ، والسبب هو انني تخليت عن مفهوم الدراما كما يعرفها الأوربيون ، واعتمدت اسلوب الحكاية أو النادرة كما وردت في كتب مثل الأغاني . أما البطل التاريخي فيمتلك حضوره ضمن المعاصرة وهذا واضح في شخصية المعري حيث منحته موقفا وإحساسا بالمسؤولية فاصبح ينظر الى الأشياء نظرة جديدة . وكذلك الحال مع شخصية الحلاج المركبة الأبعاد حيث جعلتها ثلاث شخصيات بدلا من واحدة ، فهناك حلاج الحرية الذ ي يرحل بين الافكار والمعتقدات وما يؤمن به ويدور بين الأمصار داعيا للحرية . وهناك أيضا حلاج الأسرار الذي ترك كل شئ يدعوا للتنسك السلبي ونزل الى الرعية لمساعدتهم في إعادة التأمل في الإسلام الحقيقي ، وإنشغل كذلك في ثورات عصره . أما الثالث فهو حلاج الشعب وهو الذي يحرض الناس ضد الحكام وأصحاب القرار .

• في السنوات الأخيرة من حياة سعد الله ونوس شعر بأنه فشل في تحقيق مشروعه الفكري عموما والمسرحي خاصة الذي تبناه مع النهوض القومي العربي في الستينات . هل هذا هو قدر الفنان العربي الذي يعيش في واقع سكوني وخواء فكري .
ـ أن علاقة مسرح سعد الله المبني على التحليل الاديولوجي والسياسي مرتبط بالظروف الاجتماعية والتحولات السياسية للواقع العربي . وأنا أحترم مشروعه المسرحي هذا . لكن طريقي المسرحي يمس الواقع الاجتماعي والسياسي من جوانب أخرى ، فأنا أتناول تلك المواضيع التي تؤدي إلى إقلاق المتفرج من خلال مناقشة وتحطيم ثوابت حياته المرتبطة بالثوابت الاجتماعية . أن مسرحي مبني على السؤال المحيّر المقلق والمزعج بالنسبة الى الجمهور ، ومن خلال هذا يبدأ الشك في سكونه المزيف ، ومن الممكن أن تتولد إشكالية في حياته وواقعه .

جماليات المسرح العربي

• ما الأسس التي يمكن من خلالها أن تمتلك الدراما العربية كنص وعرض مسرحي ، تفردها وخصوصيتها ؟

ـ لقد كتبت الكثير من المقالات حول جماليات المسرح العربي ، أكدت فيها على الرؤية الفنية العربية وعلى اختلاف الجماليات حتى من وجهة نظر السيميولوجيا ، فمثلا إذا أخذنا حكاية شعبية أو حكاية من أف ليلة وليلة ، أو شخصية أبو حيان التوحيدي النخبوية المأخوذة من كتب التاريخ والتراث ، فإننا نرى بأن هذه الحكايات تختلف جماليا و بنائيا عن الحكايات التي اعتمد عليه شكسبير أو رابليه ، وليس هنالك أي تشابه أو علاقة بينهما .لهذا فان مهمتي هي إعادة صياغة عصرية لهذه الحكايات التراثية ، وهنا يمكن التأكيد عن التفرد والخصوصية .فشهرزاد بالرغم من أنها كحكاية وشخصية مبنية على الكثير من الرموز التي لها دلالاتها المعاصرة إلا أنها جزء من وجدان وتاريخ الجمهور . ولهذا فانه يفهم الكلمة وسياقها وكذلك الرمز والإيماءة والإشارة ، بدون أن يحتاج الأمر اللجوء إلى الهدف التعليمي البرشتي الذي يضطر الفنان فيه أن يسك مسماره ليطرق أدمغة البشر ، ويقوم بعملية التكرار لذات الموضوع ويثرثر بتعليميته .

• هل ترى موت برشت مسرحيا في الأفق المستقبلي القريب ؟
ـ نعم .

• لكنه كمؤلف ومنظر ومخرج كان واعيا للبعد الزمني ، أي أنه لم يعالج الآدولوجيا والجانب السياسي فقط ، وإنما عالج البعد الفكري والإنساني والفلسفي الشمولي .
ـ من هذا الجانب يمكن لمسرحه وبعض أفكاره ونصوصه ذات الموضوعة الإنسانية الشاملة ، أن تمتلك استمراريتها . لكن الجانب الآديولوجي التعليمي الضيق كان هو المهيمن على أعماله جميعها تقريبا لدرجة أن الكثير من الكتاب العرب تأثروا بهذا الجانب ، فوقعوا في الكثير من الأخطاء . من هنا تصبح قضية المسرح العربي صعبة بل شائكة. فالمؤلف العربي مسكين حقا ، لأنه من السهل أن يتأثر بإتجاهات وموضات أخرى .

• لكن الحوار والتبادل الثقافي التكاملي بعيدا عن الهيمنة والغزو المطلق ، الأحادي الجانب لإحدى الثقافات شئ ضروري ألان .
ـ أنا لم أعد أفكر بهذا الأمر لأنه لم يعد يهمني بالرغم من أهمية هذا التلاقح الحضاري ، لأنني أمتلك طرحا آخر هو سلطة الإبداع ، وعادة فان الإبداع حر حيث لا يتطلب الأمر الانتماء إلى ثقافة ما ، وهو الذي يخلق الأصالة لذلك ليس هنالك مسرحي أوربي " يكبر بعيني ".

• في وقتنا الراهن ؟
ـ نعم … وغدا .

• وحتى الكلاسيكيات .. المسرح الإغريقي ..شكسبير .. راسين ، رابليه ؟!

ـ الجميع.بالرغم من تقديري لعبقريتهم ، إلا أنني إذا فكرت بهم أو قدستهم لا يمكن أن اكتب شيئا مهما. أتراني ، إنسان عنيد ، والعناد من سمات الإبداع ، وكذلك هو الغرور الإبداعي والذاتية المفرطة. وكل هذا هو الذي جعلني مبدعا ، وهذا الأخير هو النواة الصلبة للفكر والثقافة ، وهذا هو التفرد الإبداعي . أن مثل هذا الموضوع يمتلك أهميته لأنه طرح جديد ، فلم يعالج في الثقافة سابقا .. لم يناقش أو يحلل كما ينبغي . أن الإبداع هو السلاح الجوهري للثقافة أيضا ، أنه التمنع ، الإبداع هو طريقي .. استقلاليتي .. ذاتيتي ، فمن خلاله أحفر درب المسرح الشاق .

• ألا يعتبر هذا تضخيما للذات ، وضمن مقاسات نرجسية الكاتب ؟
ـ كلا .
• حتى وإن كان الأمر بهذه الذاتية المفرطة
ـ نعم ، لأنه مبتغاة للخصوصية والتفرد الإبداعي .


اتجاهات المسرح التونسي

• في تصوري هنالك اتجاهان في المسرح التونسي . الأول :المسرح المرتبط بالتراث التونسي والعربي لخلق مسرح تراثي معاصر يمتلك طريقه الخاص . والثاني ينطلق من معاصرته محاولا الاقتراب من المسرح الاوربي (وبالذات الفرنسي ) ومتأثرا به ضمن مفهوم مسرح الجسد والصورة أو مسرح الحداثة وما بعد الحداثة. والمزج بين هذين الاتجاهين هو الذي يخلق تفرد المسرح في تونس. هل يمكن الحديث عن مسرح تونسي يخط طريقا جديدا للمسرح العربي .

ـ هذا تحليل سليم ، فإضافة الى وجود بعض الاتجاهات الصغيرة الأخرى ، إلا أن الاتجاه الطاغي في المسرح التونسي هو الاتجاه الثاني . لكني أود الحديث عن الاتجاه الأول .إن المسرح منذ الستينات يعمل على التفرد من خلال التجريب على شتى الاتجاهات الإخراجية والتأليفية ، وقد تراكمت التجارب بشكل كبير وخاصة خلال مهرجان مسرح المغرب العربي في السبعينات . واستطعنا أن نبلور الرؤى والوسائل التي تهم المؤلف والمخرج والممثل . ومثل هذه التجارب التي لها علاقة بتحقيق المسرح التراثي ، كان هدفها الخروج من تأثير المسرح الاوربي وان نتفرد بمسرحنا بوصفنا عربا وتونسيين ، إذن تمايز القضية هو شئ له علاقة بالوجود التاريخي ولا يمكن نكرانه .
فالتفكير السليم هو أن نمتلك وعينا التاريخي والتراثي وأن ننتمي إلى هذا العصر مع الحفاظ على كوننا عربا نعيش على ضفاف الأبيض المتوسط أو ننتمي إلى المغرب العربي الكبير ، وهذا هو الوجود الحقيقي . فكتابتنا وإخراجنا وتمثيلنا هو معاصر وتاريخي في السياق العام ، ولا يمكن أن ننسلخ من هذا بحجة إننا عالميون .
إذن تفردنا يعني أن نعود الى تراثنا ، وقد خضنا الكثير من النقاشات في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي لخلق البديل الذي يساعدنا على الابتعاد عن الثقافة والمسرح الأوروبي . فأنا كمؤلف يجب أن أرفض التبعية ، لأنني إنسان حر ، والمسرح بدون الحرية لا يعني شيئا .، والمشكلة دائما تكمن في كيفية أن يتحرر الإنسان من النماذج الثقافية المهيمنة في العالم .

• من الإمبريالية الثقافية والتمركز الفكري
ـ نعم ، أن نتحرر من التبعية الثقافية الأوربية وفضائنا الثقافي والحضاري معروف وله جذوره التاريخية ، إذن يجب علينا أن ننتمي إليه .

• هل تدعو الى النص والمسرح العربي المؤسس .

ـ أنا لا أدعو الى شئ من هذا . أنا لست ضد الصورة ولا حركة الجسد في المسرح ، أنا فقط ضد التقليد والمسخ والسذاجة . إن النص الأدبي لا يجب أن يكون ضد استخدام الصورة ، ولغة الصورة ليس ضد النص اللغوي ، لكن الكثير من العروض المسرحية في المسرح العربي والتي تدعى بالتجريبية هي تقليد ونقل حرفي من المسرح الأوربي ، الذي تجاوز هذه الموضة .

• ألا تعتقد بان الوضع الثقافي العربي بفعل الواقع السياسي لا يمتلك الحرية المطلقة في خلق استقلالية فكرية وثقافية وتفرد للمسرح العربي .
ـ لا يهمني هذا ، لأنني عنيد وأية فكرة تخطر لي لابد من كتابتها مهما اختلفت مع الوضع العام . فأنا اسبح دائما ضد التيار ، ومسرحي بعيد عن الأيدلوجيا ، لكن لدي أفكاري وتوجهي الخاص .

عزلة المبدع والخواء الثقافي
• لقد ذكرت في المائدة المستديرة في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، بأنك دخلت القرن الواحد والعشرين وأنت "حزين ووحيد ومفلس " . إذا كنت تعني وحدة وتهميش الكاتب ، إذن إلى أين ستؤدي بنا هذه الحرقة والخذلان والبؤس في ظل الإنهيار الثقافي في مجتمع مهووس بالتعاويذ وتعدد الزوجات ( بمعنى الحريم وليس الحاجة الإجتماعية) ومازال يمارس فيه " ختان البنات " ونسبة الأمية فيه تصل الى 43% ، وامية النساء اكثر من النصف ، في أنظمة مازالت شمولية أو قبلية . أسألك الى أين سيؤدي بنا هذا المسار ؟

ـ الكاتب المبدع وحيد دائما ، أنه إنسان معزول .
• يذكرني هذا بما يقوله بودلير .
ـ ممكن ، لأن المبدع يعي ما يحيطه من خراب ، وعليه أن يقول الحقيقة بكاملها . وسيكون رديئا هو وإبداعه إذا فكر بنصفها ، والإفلاس هنا يعني افتقار للرصيد المسرحي والفكري العربي . فالمسرح الأوربي يمتلك تاريخه منذ الإغريق حتى يومنا ،أما المسرح العربي فلا يمتلك إلا تاريخا قصيرا مهملا ، ولم يؤرخ لهذا التراكم كما ينبغي ، أنه استهانة بالمسرح والكاتب العربي ، استهانة بماضي المسرح العربي ، بعكس الشعر العربي حيث هنالك تراكم للتجارب وتواصل منذ امرؤ القيس وشعراء الأندلس حتى الشعر الحديث .

الخطاب النقدي المرتجل
• إن هذا يحيلنا الى مهمة النقد الفني وعلاقته بالتحليل الهامشي للنص والخطاب الابداعي .

ـ نتيجة للتكوين الثقافي المدرسي وعدوى تقليد الثقافة النقدية الاوربية المهيمنة .
• او نتيجة للجاهزية الفكرية .
ـ نعم إضافة الى غياب الإختلاف ، فهنالك اتفاق متشابه وكامل في الرأي ، وبالتأكيد فان هذا يشكل التباسا للنقد والناقد العربي .
• وهذا قائم الآن ، لأن الناقد العربي يخضع دائما النص الإبداعي العربي لمقاسات نظريات النقد الأوربية ، لذلك فإن الخطاب النقد ي العربي في المسرح ملتبس وغير مفهوم الآن ، فهو خطاب مقالات صحفية مرتجلة مدفوعة الثمن حسب المزاج والمقاسات المطلوبة ، فأشباه الصحفيين يلملمون مواد للكتابة عن الفن التشكيلي والقصة والشعر والفوتغراف وينشرونها على أنها نقد .
ـ نعم ، ولهذا فان الناقد العربي وأشباه المبدعين يميلون دائما للتقليد ، فيفتقرون للتفرد الفكري والنظري .

• هل تدعو الى نظرية خاصة في النقد العربي ؟
ـ النقد قضية شائكة لها علاقة بالفلسفة والفكر وعلم الجمال .وهو يلتزم الجدل والحوار مع النص الآخر . وبما أن النقد العربي يطبق نظريات غريبة عن ثقافتنا ، فان الناقد العربي يضطر إلى الحديث عن الثقافة والإبداع العربي من خلال النظريات الأوربية وإشكالياتها التي نشأت في مجتمع له تاريخه وأسباب أزماته وسياقاته الخاصة التي ليس لها علاقة بثقافتنا .
• ألا تتفق معي بان تطوير الواقع الثقافي سيؤثر في خلق هذا التاريخ والتقاليد الفنية والفكرية ؟

ـالمهم هو التراكم والتواصل من خلال السياقات التاريخية واستمرارها وترابط الحلقات والتجارب المسرحية فيما بينها ، فجودة العمل المسرحي تتأسس على التجارب التاريخية المترابطة كنتائج .وبهذا ينشأ ما يسمى بتأصيل التاريخ المسرحي , المسرح العربي مازال غير واضح الملامح بفعل القناع الذي يرتديه .

وفي الختام ويعد عز الدين المدني حالم كبير في المسرح فيمكن القول بان مسرحياته هي تعاويذ مستخرجة من بطون التراث لتطرح علينا تلك الأسئلة المعاصرة المصيرية فهو كالباز في مسرحيته الغفران الذي يحمل المعري لرؤية ما خلف الحجب فيشاهد عن شماله ألوانا أرجوانية ، وعن يمينه أشعة زعفرانية ، وعين كشمس متلبدة لازوردية وفوق رأسه وأمامه ، حيث اللانهاية مجارات الكون تنداح في فضاء الصمت كقناديل ذهبية . لكن هذا الحلم سرعان ما يتبدد عندما يمعن النظر في واقعنا
( السجن ) من جديد فيكتشف بان الغفران خرافة فيصرخ المدني على لسان المعري بان :( الدنيا جناية ، أعطوني عينين من نور ، كسروا السجون مهما كانت ، لأن العدم زنزانة ، حطموا السجون أريد أن أبني أبراجا تبلغ السماء ، أريد أن أبني إنسانا جديدا ، إنسانا قديرا ، إنسانا جبارا . هلموا معي هلموا نبن. )
هل يمكن أن يتحقق هذا في واقعنا العربي الراهن ، أنه سؤال كبير ، لكن عز الدين المدني سيجيب عليه حتما في المستقبل .

القاهرة ـ كوبنهاكن



#فاضل_سوداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المخرج المسرحي العراقي د.فاضل سوداني .....الحضارة الشرقية غن ...
- خيال الظل العربي الاسلامي
- الدلالات السميولوجية في فضاء العرض المسرحي
- جلجامش …….. والبعد السميولوجيي للنص البصري المعاصر
- فان كوخ يعرض طقسا مسرحيا
- النقد المزدوج وغربة المسرح العربي
- الفنان العراقي عوني كرومي وبرتولد برخت
- العراق والسياسة والمنفى والغرب ومسرح الصورة
- جحيم الحرية والتباس الحقيقة الذاتية
- بصريات الجسد في الطقس المسرحي
- ذكرى عنادل العمارة ( ميسان) المهاجرة
- رسائل تشيخوف يقرأها المخرج بيتر بروك دراميا
- عروض مسرحية عن همس الحواس و ذاكرة الاشياء
- عرض مسرحية حدّ ث ودلالات الفكر الاخراجي في المسرح
- فن التشكيل البصري في زمن العولمة
- البعد الرابع لغة فن التشكيل البصري
- البعد الرابع لغة الفن البصري
- الممثل في مسرح البعد الرابع البصري
- هل مازال العراق يلتهم أبناؤه
- الموسيقى ومجزرة حلبجه


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - فاضل سوداني - المفكرون العرب لا يمتلكون الاحساس بالزمن