أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين النصير - نازك الملائكة ضمير اليقظة ونشيد الحداثة














المزيد.....

نازك الملائكة ضمير اليقظة ونشيد الحداثة


ياسين النصير

الحوار المتمدن-العدد: 1955 - 2007 / 6 / 23 - 06:31
المحور: الادب والفن
    


نحن بحاجة دائما للموت كي نتذكر الحياة، هذه امة افسدت على نفسها الطريق فضيعت مفازاته والوصول، نحن أمة لا نقدر الثقافة إلا متى ما ارتبط منتجها بجهة سياسية أو قبيلة أو حزب، نازك الملائكة الشاعرة والمفكرة كانت خارج اي تأطير حزبي أو سياسي وبقيت خارج اي تأطير حزبي أو سياسي، وسيظل نتاجها الفكري والشعري خارج اي تأطير حزبي أو سياسي. ولذا كانت راضية بعيشها، مقتنعة بعزلتها، شاعرة بما انتجت، وناقدة بما فكرت ونظّرت. كانت نازك ضمن توجه الحركة التقدمية العربية وما تزال مقارعة للظلم، مشدودة لقضايا الأمة ومصائرها، مرتبطة بتاريخ عريق من الوجدان العربي، وقد حسب موقفها هذا مغايرا لاتجاهات وتصورات أخرى فانكفأت منزوية عن الشارع، بعيدة عن هتافه، قريبة من نبض الثقافة ووجدانها، عزيزة الجانب. لم تستجد أحدا، ولم تهادن قوما أو فئة، هذا الكيان المعرفي الكبير بقي حيا في ضمائر المثقفين، شاخصا في منعطفات الأحداث، وفنارا يضيء الطريق في بحار العرب المتداخلة. ويوم اتخذت من القاهرة مكانا لا يعني انها رافضة لبغداد، كما يدعي البعض، ولاهي منحازة أو منضوية تحت خيمة أو ستار، إنها الشاعرة التي لم تهادن أحدا، ولم تستعطف تيارا، ولم تركب موجة، كانت ضمن ضمير حر منفتح متحرك، وستبقى واحدة من شواهد القامات الشعرية العربية.
نحن أبناء الثقافة وجدنا في شعرها موقفا إنسانياً عميقاً، وهذا يكفي ان يكون إيمان الشاعرة تجديدا ولم نجد في شعرها ولا في نثرها مسبة للثقافة وللمثقفين، كما لم نعثر في نتاجها ما يجعل احدا يقول قولا ناقصا في حقها وتاريخها، فاحترام موقفها جزء من الايمان بحرية القول والفكر. هكذا هم قامات الشعر الحر، السياب الذي تتكشف بنية قصائده يوما بعد يوم عن قارة واسعة من تجوال الفن ورحابته. البياتي لم يجد له حاضنة غير حاضنة الثقافة التقدمية. والبريكان الشاعر الصامت هل كان غريبا عن التجديد والتحديث وهو ابنهما وحارس بوابتهما، بلند الحيدري، هذا الفارس الذي لم يترجل عن العراق، وتبقى سيدة الجميع نازك التي ما فتئت تذكر العراق وتحتضنه؛ راية وعلما وموقفا وجغرافية وألما، نازك التي يكون الاختلاف معها مقالات نقد، والحوار معها فسحة للثقافة، والحديث إليها نافذة على الجديد، منها قرأنا كيف يكون الشعر ملتصقا بوجدان الأمة، ومنها تعلمنا أن كتابة الشعر موقف وليس سباب أوانتقاص من احد. الشاعر الحديث شاعر زماننا هذا، وليس شاعرا لامة غابرة ماضية مليئة بقمل التاريخ. لم نجد في شعر نازك إلا ما يجعل موقف المثقف واضحا وجليا في الملمات والأحداث، لا تأخذها في القضايا مواقف عابرة، ولا في الشعر نداءات كاذبة. يوم بدأت تكتب عن ماساة الكوليرا في مصر وكانت قصيدتها فاتحة للريادة، متجاورة مع السياب العبقري الكبير، كانت اغراض الشعر العمودي تتمرد على سياقات الحياة الاجتماعية، لا اخوانيات، ولا حروب، ولا وجدانيات، ولا غزل، ولا ثارات، ولامدح، كانت الكوليرا حالة من الرعب الكوني يفرز اشكاله التعبيرية بوضع مأساوي لشعب يعاني من مرض فتاك، هكذا حرك المرض الشعر فاصبحت الحداثة نفيا له، وفي طريق النفي كان ثمة تجديد في الإيقاع والصورة. ومن يقرأ ديوانها شظايا ورماد واعتبارا من العنوان يشعر ان الحزن مصدر للحداثة، ولم لا فالعراق مختبر ومورد الأحزان عبر التاريخ، ولذا كان التجديد فيه دائما، والتمرد منه ينطلق، والحرية نبتته المجاورة للنخيل.ويوم نظرت نازك لقضايا الشعر العربي الحديث، لم ترد بتنظيرها الخروج عن مدرسة أبوللو ولا مدرسة الديوان، بل وجدت فيهما تقدمة لما يمكن أن تقوله،وفي خضم تجربة التنظيرلم تتأثر بقراءاتها للشعرالأنجليزي، بل كانت باحثة في ثنايا الإيقاع العربي نفسه، مستخلصة من الدوبيت روحه الثورية المتمردة والحرة، معتمدة على طاقة من التخييل والممارسة وواضعة لأسس الحداثة الأولى التي لم تتجاوزها الدراسات كثيرا. الشعر لدى نازك ثورة ،والنقد فكر وفلسفة ومعرفة منفتحة. الشعر هذا الكيان الذي كلما كبر تنفس الآخرون من هوائه،وكلما خفت وضعف إشارة على لهو القائلين بامور ثانوية، ونازك كانت رئته الحرة ، كانت في الشعر قامة لم تنكسر، وستبقى قامة لم تنحن، على العكس من أولئك الذين، ما أن كبروا،حتى فقدوا بوصلة اللسان والحكمة، وبدأوا يعبثون بالفكر ويمارسون الدعوة للقتل، ويصطفون مع صناع اقفال السجون والهراوات، فاين موقف الحداثة عند نازك، من موقف مدعي الحداثة ومروجي الموت ومنظري القتل والتدمير؟. هل نتعلم من الحياة أن الشاعر عندما يتقدم العمر به يكون نافذة على الحرية، حكيما لايقول إلا ما يشترك الناس به، ولا يفعل إلاما يجعل العمر ملتصقا بالفعل الإنساني، اين الشعر دون حداثة وموقف، واين الشاعر دون حكمة وفراسة؟ فلنتعلم من نازك الشاعرة والإنسانة ،يوم لم تغادر مواقفها إلا بما يغني تجربة القصيدة ونقدها.





#ياسين_النصير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ومؤتمر شرم الشيخ
- القراءة وعلاقات الدائرة
- منحوتات محمد غني حكمت
- يوميات سائق تكسي
- تحية لحزب المناضلين العراقيين
- ما تروية الشمس...ما يرويه القمر
- سواجي الكلوب وتعري الذاكرة
- هل بدأ العد العكسي لضرب إيران؟
- أعمال المهجر المسرحية
- المعارضة البرلمانية العراقية المتخاذلة
- ...حكومة نظام الاموات
- الدولة بين اليسار العراقي وموظفي التقديس
- Euro 60 تقاعد اهم محرج مسرحي عراقي
- بحاجة إلى غورباتشوف من جنسنا
- امريكا /ايران/ العراق و...الضرية قادمة
- تحية للمالكي في خطواته الايجابية
- ارخبيل الحدائق تجربة شعرية جديدة
- مسرحية نساء لوركا خطاب مرتبك
- تحالف الإسلام السياسي والشيطان
- مناقشة هادئة لوثائق المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي


المزيد.....




- “وأخيرا بعد طول انتظار” موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 1 ...
- وزير الثقافة والاتصال الموريتاني يوضّح موقف نواكشوط من من مق ...
- جودة خرافية للمباريات.. تعرف على أحدث تردد قناة MBC أكشن 202 ...
- -الدين المعرفي-.. هل يتحول الذكاء الاصطناعي إلى -عكاز- يعيق ...
- هوليود تنبش في أرشيفها.. أجزاء جديدة مرتقبة لأشهر أفلام الأل ...
- رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار: التعاون الثقافي مع روسيا ...
- -بيت الشعر في المغرب- يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر ...
- عودة الأدب إلى الشاشة.. موجة جديدة من الأعمال المستوحاة من ا ...
- يجمع بين الأصالة والحداثة.. متحف الإرميتاج و-VK- يطلقان مشرو ...
- الدويري: هذه أدلة صدق الرواية الإيرانية بشأن قصف مستشفى سورو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسين النصير - نازك الملائكة ضمير اليقظة ونشيد الحداثة