أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين النصير - العراق ومؤتمر شرم الشيخ















المزيد.....


العراق ومؤتمر شرم الشيخ


ياسين النصير

الحوار المتمدن-العدد: 1896 - 2007 / 4 / 25 - 12:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1
لن يكون بمقدور أحد غير العراقيين أن يصوغ قرار مصير العراق، حتى لو كانت جيوش امريكا تحتل العراق، ومليشيات إيران تسهم في تدمير وتخريب اية مصالحة وتقارب مصيري بين أطياف الشعب العراقي، و بيوت المال الخليجية تسهم في تغذية شرايين الإرهاب. ولذا على العراقيين أن يذهبوا لمؤتمر شرم الشيخ ويُسمعوا الأخرين صوتهم العالي دون مواربة أو مداهنة. فالعراق ملّ الانتظار من ان تكون الدول الإقليمة والعالمية عونا بقدرما تكون هذه الدول منتظرة من العراقيين أن يكونوا عونا لأنفسهم، لتأتي مساعدة الدول لنا تكملة لخطى الاصطفاف الوطني .من هنا على العراقيين أن يذهبوا لمؤتمر شرم الشيخ وفي ايديهم عدة أوراق لا ورقة المصالحة فقط. ولكن قبل ذلك على العراق أن يفهم أن كل الأطراف المؤتمرة في شرم الشيخ تمر بأزمة خاصة بها، ليس العراق إلا طرفا واحدا من أطرافها، ومن هنا سيكون على العراق أن يحصر مداولات المؤتمر بالقضية العراقية لوحدها وهو ما ينسجم وطروحات الأمم المتحدة. ولكن مؤتمرا مهما مثل هذا لن يكون خارج الأطر التي تمنهج العملية السياسية للأطراف المشاركة فرصة لأن تناور حول قضاياها فثمة من يعتقد أن جزء من المؤتمر هو لعقد صفقات مقايضة بين إيران وأمريكا وسوريا، وثمة يعتقد أن المؤتمر سيمنح مصرا دورا جديدا بعد أن ابدت مرونة إزاء الوضع في العراق، ثمة اعتقاد آخر ان الأطراف التي تغذي الإرهاب قد يأست من احداث تغيير جذري في الوضع العراقي لصالحها فحان الوقت أن تتراجع بعد أن ظهرت بوادر اصطفاف وطني أوسع.
هنا نلقي الضوء على دبلوماسيات بعض الدول المشاركة في المؤتمر والتي تحملها كأوراق غير معلنة. تتشكل سياسة أمريكا من ثلاث دوائر كبيرة، تشمل الدائرة الأولى الوضع الداخلي لها، والدائرة الثانية االعلاقة بينها وبين أوربا ، الثالثة الوضع خاج العالم الأوربي.
محور الدائرة الأولى الداخلي يتمحور هذه الأيام حول الانتخابات القادمة وهو صراع على من سيحكم امريكا في السنوات القادمة، ولن يكون العراق إلا طرفا صغيرا في هذه الدائرة، كما سنرى بعد مؤتمر شرم الشيخ،الذي ستنفض الإدارة الأمريكية بعض يدها من المشروع العراقي وتلقي به على الأمم المتحدة والعراق ودول المنطقة المعتدلة. وهذه الحلقة الداخلية متفق عليها فهي جزء من بينة السياسة الأمريكية الداخلية، ولذا سيبقى تأثيرها داخليا ولن تخرج خارج إطار الانتخابات.
محور الدائرة الثانية أوربي واسيوي، وهو الأكثر وضوحا لدى الحزبين الرئيسيين في أمريكا. امريكا تريد اشراك اوربا بما تتخذه من قرارت حتى قرارت الحرب، وقد نحجت بحدود في حربها في العراق، وفشلت بحدود أكبر عندما ظهرت بوادر نزعات الاستقلال في المانيا وفرنسا عن سياسة الولايات المتحدة بينما لم تفعل ذلك بريطانيا إيطاليا واسبانيا إلا بعد التغيير في نتائج الانتخابات للدولتين الاسبانية والإيطالية. وأهمية هذه الدائرة لن تكون نتائجها في امريكا أو اوربا وحدهما، بل في الصين واليابان اللتان تنتظران نتائج آليات الصراع الامريكي الأوربي كي تحتلا اسواقا جديدة وقد بدأتا بالفعل في تحرك مهم باتجاه السعودية والعراق. فالحرب هذه، قائمة، وربما سيكون اثرها أكبر من اي حرب موضعية أخرى على تغيير بنية الإقتصاد العالمي حتى لو كانت الحروب باسلحة عسكرية، وبجيوش كبيرة. ونجد صدى هذا المحور في تحرك أمريكي واسع وسريع في نصب منظومة صواريخ بتاريوت المضادة لصواريخ إيران في بعض الدول الأوربية الحديثة التي انضمت للإتحاد الأوربي بولندا والجيك، بالرغم من الفشل الذي رافق مفاوضات مساعد وزير الخارجية الامريكي في روسيا،ومع ذلك ستشهد الأيام القادمة موافقة روسية على نصب هذه المنظومة عندما تفتح امريكا لها نافذة في الأسواق العالمية الجديدة.
محور الدائرة الثالثة هو حلقة الدول المضطربة كالعراق وفلسطين وكوريا وايران ولبنان وغيرها وهي دول حديثة العهد بالديمقراطيات، وبعيدة نسبيا عن أوربا بينما هي بعيد جدا عن تأثيراتها المباشرة على أمريكا، ولهذه الدول امكانات مادية مستقبلية كبيرة ومن هنا تبدو السياسة الخارجية لاميركا في حال مضطرب دائما عليها أن تقيم جملة توازنات داخلية واوربية ومن ثم عالمية كي تضمن صواب تحركها وحصولها على نتائج سريعة- لاحظ التغيير المستمر في طاقم وزارة الخارجية الأمريكية- بقدر ما تكون سياسات دول الجوار هي المتحكمة بهذه الدول. تكون تحركات أمريكا أكثر تشنجاً. وبما أن هذه الأرضية قلقة ستبقى عرضة للتجارب الدبلوماسية والعسكرية- لاحظ الصراع بين وزارتي الدفاع والخارجية الامريكيتين على إدارة السياسة الأمريكية في مثل هذه المناطق- وفيها يمكن أن تفتح كل نوافذ الاجتهادات والتجارب الدبلوماسية بما فيها اختطاف عسكريين او دبلوماسيين او مناوشات موضعية وحتى ضربات عسكرية، فستبقى منطقة مضطربة بالرغم من أن حدودها بعيد كليا عن امريكا. ولذا ستكون مشكلات هذه الدول ثقلا دبلوماسيا ومناورات سياسية واطالة امد الحروب الموضعية وحقل تجارب لدبلوماسية الطاولات، وعلينا أن نتفهم أن مثل هذه السياسة، لا تصب في مصلحة اي من البلدان بقدر ما تصب في مصلحة أميركا. فنحن مجرد عناصر في لعبة شطرنج دولية تدار من قبل لاعبين يجلسون بعيدا عن رقعة الصراع العراقية.
كما تتشكل سياسة إيران من ثلاث دوائر ايضا ونأخذ إيران نموذجا لانه الأكثر وضوحافي هذا الصراع.:
محور الدائرة الأولى داخلي أيضا وعناصره هي شد اللحمة اليمينية الداخلية بتغييب عناصر الاعتدال والخط الاصلاحي عن قرارات مصيرية تسعى إيران للحصول عليها وابرزها الموقع الستراتيجي لها في منطقة الخليج العربي. ،خاصة بعد أن خرجت من الحرب مع العراق شبه منتصرة وغير مطلوبة ماليا، ومارست حلقات تصنيع قوية، ومهدت لمشروعها النووي بخطوات تضليلية وعلنية، واشغلت امريكا بحلقات اضطراب اقليمية لبنان والعراق. ودلت عملية اسر طاقم بحري بريطاني على أنها متمسكة بخط مياه جديد هو ليس الخط الذي رسمه صدام حسين بالرغم من تنازله لايران بالكثير من الكيلومترات، لاسيما ونحن ابناء المنطقة ونعرف ان الطمي يضيف سنويا للساحل الإيراني مئات الامتار لصالحها، بينما يبقى الخط المائي ثابتا، هذه المحاولة العسكرية انتزعت اعترافا من بريطانيا بخط مياة دولي جديد، بالرغم مما حدث من نتائج سلبية بعد قتل جنود بريطانيين في البصرة بعد يوم من اطلاق سراح طاقم الزورق. على العراق أن ينتبه لذلك مستقبلا وأن يعيد حساباته من أن بريطانيا ليست هي المسؤولة عن ترسيم حدودنا من جديد كلما اخفقت في خط سير دورية لهم، تجربة الزوارق البريطانية هذه هي الثانية خلال هذه الحرب وثمة تجارب غير معلنة عن مشاركة تهريب بين قوى عسكرية أجنبية وقوى إيرانية لنفط العراق خاصة إذا كانت العملية تتم في المياه الدولية.نتائج المحور الداخلي الإيراني هو قطع الصلة على عودة الإصلاحيين من جديد.ولعل البعد النووي هو في صلب تحديث الرؤية القومية الفارسية بمواجهة الانفتاح الديني على العالم العربي الذي قاده خاتمي ولم يفلح فيه كثيرا.
محور الدائرة الثانية دولي وعناصره اوربا وشرق اسيا ومفاده أن إيران ستدخل هذه الميادين معتمدة على ارث علاقاتها مع أوربا التي مهدت لها بعد الحرب العالمية الاولى لان تكون ذات نفوذ في الشرق، وعلى اسيا ودولها في ان تصبح سوقا تنافسيا مع اوربا البعيد، لاسيما وانها تستطيع تحريك احتياطيها النفطي الهائل كورقة ضغط، ، سيما وأنها ستمد خطوط انابيب غاز طويلة في هذه المناطق.
محور الدائرة الثالثة اقليمي، وهو دورها المستقبلي في منطقة مضطربة قابلة للاختراق والتأثير، وهي منطقة الخليج العربي ودولها الضعيفة والمهتمة ببناء نفسها قبل أن تكون بمواجهة عسكرية من الآخر. لاسيما وانها مثخنة بالمشكلات الأقليمية. ومن هنا تستغل إيران ضعف العراق وانشغال الدول العربية بنفسها،لتقوم هي بالدور الأقليمي محاولة منها لإزاحة امريكا وبريطانيا من المنطقة. حيث تستطيع إيران أن تكون القوة الفاعلة التي تتحكم بمضايق وطرق امدادات النفط. كل هذه المناطق عوامل نفوذ بعضها عسكري وبعضها دبلوماسي، وقد وجدت إيران أن مقدمات صراعها مع أمريكا يتم عبر اسرائيل والعراق ولذا شددت على الدخول لهذين البلدين بقوة لصالح مشروعها الإقليمي مهددة بغلق المضايق عندما تغلق امريكا عليها مناطق النفوذ.
أما الأمم المتحدة فهي الآخرى لها أجندتها الخاصة التي تحرك في ضوئها في هذا المؤتمر
اولا ان يكون لها دور فاعل بعد أن همشتها امريكا خلال سنوات الحرب على العراق.
وثانيا أن كي مون الكوري الجنوبي يريد ان يكون مغايرا لكوفي عنان المتهم باجندة علاقات مع كابونات النفط
وثالثا أن القضية العراقية معقدة خاصة بعد ان اصبحت مشكلة اللاجئين العراقيين مشكلة دولية واقليمية وعلى الأمم المتحدة ان تتلافى كارثة إنسانية.من هنا سيكون دور الأمم المتحدة أوسع بعد مؤتمر شرم الشيخ.
أما مصر والسعودية فلديها ايضا مشكلاتها التي في ضوئها تتحركان في المؤتمر
كلتاهما تعاني من تهميش دور الجامعة العربية في احداث المنطقة.
وكلتاهما دخل في تنافس من أجل احتواءات اقليمية خاصة بهما على حساب العراق، كانت سوريا محور تجاذب بين مصر والسعودية.
وكلتاهما مساهمة في الإرهاب قي العراق، إما عن طريق المجندين في حال مصر، او المال والمجندين في حال السعودية ويبقى لسورية حساباها الخاصة المتعلقة بالمحكمة الدولية وقضية الجولان وحزب الله ولبنان.بمعنى أن حضور الدول العربية المؤتمر هي الحصول على بطاقة تزكية من الدول الكبرى من أنها ستكون قادرة على فعل شيء مستقبلا للعراق.
وفي العمق من هذه الصورة البانورامية تقف إسرائيل اللاعب الخفي الذي يحرك بعض خيوط اللعبة ومن اهمها عدم اعطاء اي دور كبير لإيران وسوريا في حل المشكل العراقي، بل ابقائهما على وتر مشدود تمهيدا للضربة الأستباقية وهو الحل الذي تراه إسرائيل حالياً. في حين أن الدول الخمس الدائمة العضوية خاصة روسيا والصين ستقف مكتوفة الأيدي بانتظار ان تسهم المفاوضات عن دور معطى لهم.
بعد ان نفهم ان مؤتمر شرم الشيخ الذي هو من أجل العراق، هو ايضا من أجل صراع قوى الدول المشاركة فيه، علينا أن نذهب لنقلب طاولة الحسابات البعيدة عن القضية العراقية على رؤوس الذين يصوغون قراراتهم في ضوء اتفاقهم لا في ضوء مصلحة العراق. من هنا على الوفد العراقي ان يتسلح نظريا وعمليا بما يلي:
1
أن تعكس طبيعة الوفد العراقي الوحدة الوطنية العراقية، وأن يتضمن الوفد شخصيات وطنية قد يكون من بينها من لا ترتاح له أطراف أخرى. فالقرارعراقي وطني، وليس عراقيا طائفيا. وان يكون الوفد مؤلفا من خبرات سياسية دبلوماسية عالية، مهمتها ليست ان تكون ممثلة لفئاتها، بل لعموم شرائح العراق.ولا باس ان يكون فيه من الفصائل المسلحة التي ارتضت العمل الوطني.فطبيعة تشكيل لوفد رسالة معلنة لتوجهات العراق القادمة.

2
من الضروري ان يكون خطاب الوفد العراقي هو الأعلى، دون أن ينتظروا من الآخر- ايا كان هذا الآخر- ان يصوغ لهم خطابهم، وعليه يكون الخطاب عراقيا، وبلغة عراقية وبحروف عربية وبلسان عربي مبين، وليس بلسان امريكا أو إيران أو السعودية أو مصر، ويتضمن فقرات عالية النبرة، من أن التكفيريين لا مجال لهم في عراق المستقبل وإن طال بقاؤهم لحد الآن، وأن من يساعدهم هو في حكمهم إن لم يكن الأسوأ، خاصة بعد ان قرأنا أن إيران تساعد الإرهابيين من السنة والشيعة على حد سواء،وأن السعودية تمدهم بهباتها وغسيل أموالها، وان المليشيات العراقية بانواعها تسهم في انعاش التكفيريين، وان السرقة والرشوة والفساد وتوزيع الوظائف وفق المحاصصة الطائفية القائمة الآن حاضنة حقيقية للإرهاب، هذا الخطاب هو اللغة التي يفهمها كل المشاركين بوضح فقراتها وإجراتها العملية.
3
على الفصائل العراقية المشاركة في الوفد أن تصون نفسها ضد كل فايروسات التخريب الطائفية الداخلية التي اسستها ثقافة التخندق الطائفي، وان تستمع لنداء العقل والواجب الوطني، وأن يكون خطابها المصيري هو وحدة العراق لا تقسيمه أو تدويله. وعلى المؤتمرين أن يلزموا العراق بذلك، وإلا لن تنفع العهود الدولية والمشروعات العربية في رسم خارطة جديدة للعراق.

4
على العراقيين ان يقولوا للعالم أنهم اصحاب القرار،وأن يعلنوه بوضوح، وما الدول المساندة ومواقفها إلا من قبيل المساهمة ليس إلا في صناعة هذا القرار، واثبتت أحداث التاريخ أن الشعوب هي التي تقرر مصيرها وليس الأخرين. ولذا مهما طالت فترات الاضطراب والتخريب مآلها الزوال، وعلى الآخرين ان يفهموا أن العراق ، بالرغم من كل ما يمر به، سينهض، ويقوى، ويتعافى. وعندئذ لن يكونوا بمنجى من غضب الحق الوطني. ولنا في تجارب شعوب عدة أمثلة على اليقظة الوطنية التي بدأت بوادرها تظهر في صحوة الأنبار وفي صحوة القوى الوطنية في الاصطفاف على الحق الوطني وليس على البعد الطائفي.

5
على المالكي ان يكون اشد حزما مع مجموعة عصي الإتلاف الأخرى التي تريد تخريب تجربته المتفردة، ومناورات إيران على تشكيلة الوفد خاصة بعد وضوح ملامح تجربته الوطنية ولو بحدود ، وهي تتخلص من بعدها الطائفي. ولن يكون التغيير الوزاري ببعيد عن اثبات إرادته في ان يكون هو لاغيره صاحب القرار، وان يعيد لمعنى الدولة هيبتها في ان يكون وزراؤها من التكنوقراط الوطنيين المستقلين، وليس من طوائف بني شيعة أو بني سنة أو بني كرد.وأن يعلن هذا القرار قبل أن يذهب إلى المؤتمر. كي يكون ورقة عالية النبرة في توجه العراقيين نحو رسم سياستهم المستقبلية.

6
على الوفد العراقي ان يوضح للآخرين أن اللعب الدولي مع اي بلد جار للعراق هو لعب من اختصاصهم، وأن دول الجوار عليها أن تفكر اكثر من مرة أن الأخوة العراقية حتى لو كان بينها أنهار دم لن تكون متفرقة مستقبلا. فلن تعيد تجربة ابن العلقمي من جديد،والشعوب لوحدها هي التي تدير عجلاتها باتجاه أعدائها، مهما تعبت أو سارت بعيدا عن الساحة الفعلية للمعركة. معركة العراق الداخلية يمكن أطفاؤها بسرعة لو رفعت قوى الجيران السود يدها من التخريب.

7
وعلى العراقيين أن يفهوا جيدا بما يقوله وفدهم على مستوى التفكير البعيد المدى، أننا لسنا طرفا في نووي إيران التي ستجد قريبا فرصة للتفاوض مع أمريكا لتقاسم النفود في منطقة الخليج كي تتلافى التغيير الداخلي وتتلافى امريكا الفشل العسكري في المنطقة.ولسنا طرفا في مشروع امريكا المتأرجح عالميا بين أن تعيد النمط العسكري في احتلال العالم أو النمط التقني الاقتصادي، هذه الحقيقة نراها وإن بعدت عنا وتحاك خيوطها في مفاوضات سرية قائمة الآن بين أطراف عدة ودول إقليمية وعالمية وما مؤتمر شرم الشيخ إلا حلقة دبلوماسية عالية النبرة في تقريب وجهات النظر بين الاثنين فوق طاولة العراق. ومن هنا على الوفد العراقي أن يكون حذرا في تبني اي خطاب من خطابي إيران أو أمريكا كي ننجي أنفسنا وشعبنا من مؤامرة دولية كبيرة ستأتي بعد أن تقدم امريكا على ضرب إيران دون أن تغير حكومتها. وفي العلم الدبلوماسي أن من يقدم على ضربة عسكرية استباقية لا يريد الحرب. بل يريد تأجيلها كي تأخذ المفاوضات المتعثرة طريقا اكثر وضوحا. فالحرب لا تصنعها الضربات الاستباقية، بل تصنها الأستعدادات الطويلة الأمد لها. وسياسة أمريكا ليس كذلك. من هنا على سياسي العراق ان يفهموا أن إيران لاترى مصلحة لها في استقرار العراق، بل ما يسهم في الاستقرار هو الوحدة الوطنية، والغد قريب في أن نشهد صحوة، لابل صحوات، وستذهب رياح الطائفية مع اسلحتها السياسية المكشوفةإلى مزبلة التاريخ.

8
على العرب المشاركين ان يفهموا أنهم ابتعدوا عن العراق كثيرا، وابعدوا انفسهم عن مواقفهم الإنسانية وتركوا العراق منذ نهاية الدولة العثمانية للقلة من القوميين السنة كي يحكموا العراق المتمايز القوميات، بل وامعنوا في تخريب الوحدة الوطنية بايديولوجياتهم القومية والدينية المرتبطة بالسنة فقط،، وتركوا النسبة الكبيرة من العراقيين نهبا لمشاريع الحروب الأقليمية والدينية.عليهم أن يعوا ذلك وان يديروا ظهرم لقوى التكفير الإرهابية التي تتخذ من الاختلاف الديني طريقة لتغذية الحروب والنزعات الشوفينية. العرب ابعدوا العراق، وهو عين العرب وقوتهم،عن أن يكون فاعلا، عليهم ان يعيدوا حساباتهم من جديد، وأن لايخطأوا بحق العراق أكثر من مرة، مما سهل الأمر على إيران ودول أخرى أن تتدخل، ليس بسبب الدين،إنما بسبب ان العراق اصبح ضعيفا بإرادة القوى القومية العربية.

9
نحن نعرف إن إيران ليست دولة دينية وما الشيعية التي تتخذها مذهبا ليست إلا غطاء لفارسيتها القومية العريقة.- استخدم الفارسية هنا كقومية واضحة المعالم وليست لفظا معاديا كما تصوره الفكر القومي العربي الشوفيني- وإيران دولة قومية كبيرة وغنية ولها حق في الامتداد والتقلص، ولها موارد مؤثرة دوليا، ولها علاقات طويلة مع دول اوربا. فالدين لاقومية له،بينما القوميات هي من تختار أديانها. وما المشروع النووي الإيراني إلا عودة لتلك النار القومية التي تسري في وجدانهم من أنهم دولة كانت يوما محورا لحروب كثيرة مع الرومان واليونان، ولذا لم تجد امتدادا لها إلا في العمق العربي تحت الغطاء الديني. الإيديولوجية القومية التي سادت المنطقة العربية منذ فترة النهضة، وحتى سقوط صنم بغداد اسهمت في بعث القومية الإيرانية، وهذا درس علينا ان نتعلمه، أن الدول الطامعة دائما يكون اعتزازها القومي مرضيا.. فإيران تستعير دائما خطى قومانية الحكام، وليس لها مقدرة على صياغة وجودها داخل ذاتها إلا بهذه الطريقة.- يشهد تاريخ إيران السياسي انها دولة انقلابات قومية دينة بغطاء ايديولوجي ديني، حتى ثورة مصدق كانت كذلك، ولم تقمع إلا بإطار القومي الديني نفسه- ومن يتابع خطابات الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يجدها خطابات القوميين العرب نفسها، بل أنها تتطابق مع عنجهية صدام حسين، ولفظية عبد الناصر. وكان الأجدر بإيران أن تعيد حسابتها ذاتيا بعيدا عن تدخلاتها الإقليمية وأن تحتمي بنارها لا أن تخرج نارها من معابدها القديمة،وأن تنتبه لشعبها الفقيرلا ان تكون كوريا ثانية في المنطقة. فهي تعرف أن مثل هذا الطريق لن يؤدي بها إلى بر السلم وأمامها تجارب قومية فاشلة كثيرة، في مصر عندما غزت اليمن، وفي سوريا عندما غزت لبنان، وفي العراق عندما غزا الكويت، وفي اسرائيل عندما غزت فلسطين، إضافة إلى تجارب يوغوسلافيا وكوريا وغيرها. ولكن إيران بعمقها الفارسي دولة تريد تحجيم العراق بقدرما فعلته الدول العربية لعراق اليوم. ومن هنا على العراق أن يقلب الطاولة على المفاوضين الذين يديرون مصالحهم على حساب العراق.ومن هنا أيضا علينا أن نفهم ان المشروع الإيراني النووي ليس لصالح اي دولة عربية، فلنتركها تقرر مصيرها القومي بصياغات وجودية معاصرة خاصة بها، ونقطع الطريق عليها من أن تحقق وجودها القومي على حساب العراق، كما نقطع الطريق على امريكا أيضا من أنها تدعي تحطيم مشروع إيران النووي وهي غير قادرة على ذلك حاليا، ونقطع الطريق على الدول العربية من أن تبقى عند تصورها القديم عن العراق الحالي، وعليها أن تنتبه أكثر للعراق وإلا فمصيرها معلق بين طاولات عدة تحاك خيوطها بعيدا عن المنطقة.
10
على العراق أن يعلن تصورا مبدأيا واضحا هو أن المشروع الدولي لاعمار العراق ليس مشروعا إيرانيا أو عربيا أو امريكيا، ولذا على الوفد أن يتمسك بتدويل المشروع وأن يعطي للدول المساهمة كلها في المؤتمر حقها في ان تكون أطرافا مشاركة لا أطرافا متحكمة، ومن هنا فعلى الوفد أن يتمسك بتدويل القرارات لا بمناطقيتها. وعندئذ يكون معنى قلب الطاولة هو إعادة تثبيتها على اقدام دولية راسخة، وليست على أقدام امريكية او إيرانية أو عربية.
11
وأخير على قوى المجتمع العراقي المختلفة أن توحد خطابها ليصبح سندا قويا للوفد العراقي، وأن تصدر القوى السياسية العراقية مواقف تضامن مع الوفد العراقي وعليها أن تعيد صياغة مفردات خطابها في ضوء متحركات سياسية جديدة كي لا تمهد لأي دولة أو فئة ضالة من استغلال الوضع العراقي لتمزيقه. ولدينا حقائق تظهرها صحافة مرتزقة وكتاب مرتزقون - وهم عراقيون مع الأسف - يسهمون في تمزيق الوحدة الوطنية، مفضلين مصادرموارد اموالهم على مواقفهم الوطنية.




#ياسين_النصير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القراءة وعلاقات الدائرة
- منحوتات محمد غني حكمت
- يوميات سائق تكسي
- تحية لحزب المناضلين العراقيين
- ما تروية الشمس...ما يرويه القمر
- سواجي الكلوب وتعري الذاكرة
- هل بدأ العد العكسي لضرب إيران؟
- أعمال المهجر المسرحية
- المعارضة البرلمانية العراقية المتخاذلة
- ...حكومة نظام الاموات
- الدولة بين اليسار العراقي وموظفي التقديس
- Euro 60 تقاعد اهم محرج مسرحي عراقي
- بحاجة إلى غورباتشوف من جنسنا
- امريكا /ايران/ العراق و...الضرية قادمة
- تحية للمالكي في خطواته الايجابية
- ارخبيل الحدائق تجربة شعرية جديدة
- مسرحية نساء لوركا خطاب مرتبك
- تحالف الإسلام السياسي والشيطان
- مناقشة هادئة لوثائق المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي العراقي
- تراجيديا رجل الدين العراقي


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ياسين النصير - العراق ومؤتمر شرم الشيخ