الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي 2025: الإصلاح أم العودة إلى العقيدة القديمة؟


جهاد عقل
الحوار المتمدن - العدد: 8498 - 2025 / 10 / 17 - 10:02
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

تختتم غداً في 18 تشرين ثاني 2025 بمدينة واشنطن الاجتماعات السنوية لكل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ،والتي تجري في ظل أزمة عالمية فجرها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقيادته من كبار الرأسماليين الأمريكان،بخصوص فرض الضرائب والجمارك والهجوم الغير مسبوق على العمال في الولايات المتحدة ، وفصل مئات آلاف منهم من العمل بدون سابق انذار.

تشكّل الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي (IMF) والبنك الدولي (World Bank) محطة محورية تجمع صانعي القرار والخبراء والنقابات لمناقشة مستقبل الاقتصاد العالمي. في أكتوبر 2025، عُقدت الاجتماعات في واشنطن بين 13 و18 أكتوبر وسط توترات اقتصادية وجيوسياسية عالمية.
* خلفية تاريخية وجدول الاجتماعات
تعود جذور هذه الاجتماعات إلى عام 1944 حين أُنشئ النظام المالي الدولي في مؤتمر بريتون وودز. تُعقد الاجتماعات السنوية عادة في أكتوبر، ويشارك فيها محافظو الدول الأعضاء، رؤساء البنوك المركزية، وزراء المالية، وممثلو النقابات والمجتمع المدني. في عام 2025، استضافت واشنطن هذه الاجتماعات في الفترة من 13 إلى 18 أكتوبر.
* من هم اللاعبون الرئيسيون؟
يمتلك كبار المساهمين مثل الولايات المتحدة واليابان والصين والدول الأوروبية تأثيرًا واسعًا على قرارات المؤسستين، في حين تسعى الدول النامية إلى تعزيز تمثيلها عبر مجموعات مثل G-24. وتلعب النقابات العمالية والمجتمع المدني دورًا متزايدًا في الضغط نحو سياسات أكثر عدالة اجتماعية.
* إنتاج البحوث والسياسات
تعتمد المؤسستان على وحدات بحثية داخلية لإعداد تقارير مثل تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي" و"تقرير التنمية العالمية". لكن كثيرًا من الباحثين يشيرون إلى أن هذه الدراسات تميل إلى تفضيل السياسات النيوليبرالية كالتقشف والخصخصة.
* التحديات الحالية لعام 2025
تتمثل أبرز التحديات في أزمة الديون المتفاقمة في الجنوب العالمي، والتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتأثير الحرب في الشرق الأوسط، إضافة إلى الجدل حول التحول الأخضر والتمويل المناخي.
* موقف النقابات العالمية
في بيانها الموجّه لاجتماعات 2025، حذرت النقابات العالمية من عودة المؤسستين إلى وصفات التقشف القديمة، ودعت إلى سياسات تركز على العدالة الاجتماعية والوظائف اللائقة والضرائب التصاعدية، وإنهاء تجميد أجور القطاع العام.
* آفاق الإصلاح
ترى النقابات وخبراء التنمية أن مستقبل البنك الدولي وصندوق النقد يعتمد على مدى قدرتهما على التحول من الاستقرار المالي الضيق إلى دعم العدالة الاجتماعية والتنمية البشرية المستدامة. كما أن إشراك النقابات في صياغة السياسات يُعدّ خطوة أساسية نحو ديمقراطية اقتصادية أكثر توازنًا.

مؤسسات "بريتون وودز" وبرنامجها -B-READY
*أولًا: ما هو مؤشر B-READY؟
B-READY هو الإطار الجديد الذي أطلقه البنك الدولي عام 2024 لتقييم جاهزية بيئة الأعمال، ويغطي عشرة محاور تشمل تأسيس الشركات، الضرائب، العمل، التجارة، وتسوية النزاعات. يستند إلى تحليل القوانين الرسمية والممارسات الواقعية .

*ثانيًا: القراءة النقدية النقابية
رغم الوعود بالتوازن، يرى النقابيون أن المؤشر ما زال يحمل منطقًا نيوليبراليًا متطرفاً يربط التنمية بتقليل القيود بدلًا من تحسين معايير العمل. قد يكافئ الدول التي تخفف حماية العمال، مما يتطلب إشرافًا من النقابات ومنظمة العمل الدولية لضمان احترام حقوق العمال.

*ثالثًا: من يملك النفوذ في المؤسستين؟
في البنك الدولي، تملك الولايات المتحدة نحو 15.8% من القوة التصويتية، ما يمنحها قدرة تعطيل للقرارات الكبرى. أما في صندوق النقد، فتملك 16.5% من الأصوات، تليها اليابان والصين وأوروبا. هذا التركّز يجعل النفوذ العملي في يد قلة من الدول الغنية، ويحد من قدرة الجنوب العالمي على التأثير.

*رابعًا: الرسائل النقابية الأساسية
1. إدماج النقابات في صياغة وتقييم مؤشرات B-READY.
2. ربط بيئة الأعمال بمعايير العمل اللائق والعدالة الاجتماعية.
3. إصلاح نظام التصويت في المؤسستين لتوسيع تمثيل الدول النامية.
4. إنهاء سياسات التقشف وتجميد الأجور.
5. دعم نظام ضريبي عالمي تصاعدي عادل.

* خاتمة
تكشف المناقشات التي شهدتها اجتماعات 2025 عن حاجةٍ ملحّة لإعادة تعريف دور مؤسسات "بريتون وودز" بما يتجاوز الأطر المالية الضيقة نحو سياسات إنمائية عادلة وشاملة. وإدراكًا لتأثير المؤشرات الجديدة، مثل مؤشر B-READY، ولتركيبة السلطة داخل البنك الدولي وصندوق النقد،
ووقف دورهما كمراقب للسياسات المالية والبرامج الحكومية في مختلف الدول مما يؤدي الى فرض سيطرتها على تلك الدول وتنفيذ سياسات وخطط القوى الرأسمالية، التي تسيطر على تلك المؤسسات ، وبذلك تمنع تطور المسار الي تطالب به النقابات العمالية بخصوص تطوير معايير العمل اللائق وتحسين الأجور ورفع وتيرة العدالة الأجتماعية، إننا نعي جيداً أن نتائج هذا المؤتمر السنوي لن تحيد عن فرض نمط السياسات التي تفرضها القوى صاحبة السياسة النيوليبرالية المتطرفة ، هنا نؤكد ونقول أن لا طريق أمام الحركة العمالية العالمية ، سوى طريق رفع وتيرة النضال العمالي تحت شعار من اجل إسقاط هيمنة هذه الدول وسياساتها على عالمنا.