الحركة النقابية الأمريكية في عيدها تخوض نضالاً ضد سياسات ترامب وأصحاب المليارديرات: نحن نقاوم ولن نخضع لهم.
جهاد عقل
الحوار المتمدن
-
العدد: 8454 - 2025 / 9 / 3 - 20:18
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
إحتفل العمال والنقابات العمالية في الولايات المتحدة الأمريكية (معقل القوى الراسمالية) يوم الاثنين الأول من شهر أيلول/ سبتمبر الجاري، بعيد العمال، الذي جرى تحديده من قبل القيادة السياسية الأمريكية ،كي لا يتوافق مع عيد العمال العالمي الأول من أيار، وبهذه المناسبة ،قام أكبر تنظيم نقابي أمريكي اتحاد العمل الأمريكي ومؤتمر المنظمات الصناعية(AFL-CIO) الذي يضم أكثر من 16 مليون عامل منظم، بتنظيم فعاليات ومظاهرات عمالية في مختلف الولايات، شملت اكثر من 1000 نشاط نضالي وذلك بالإشتراك مع منظمات نقابية ومدنية، أخرى تحت شعار "العمال قبل المليارديرات".
وقد جاءت هذه النضالات في ظل الهجوم الوحشي الذي يقوم به الرئيس دونالد ترامب وطغمته الرأسمالية الحاكمة على جميع النقابات العمالية، وقيامه بالغاء العديد من الحقوق العمالية خاصة على صعيد العاملين في الجهاز الفيديالي .
بإدعاء الحفاظ على الأمن القومي!!
مؤخراً (الأسبوع الماضي) أصدر الرئيس دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا جديدًا يجرد فيه بعض الموظفين الفيدراليين من حقوقهم النقابية. استهدف القرار العاملين في وكالات مثل ناسا وخدمة الأرصاد الجوية الوطنية ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية ووزارة شؤون المحاربين القدامى. وبرر ترامب ذلك بدواعي الأمن القومي، قائلاً إن النقابات تعرقل الإدارة في الوظائف الحيوية.
تأثير القرار على النقابات الفيدرالية
وكانت مصادر نقابية الناشطة في الجهاز الفيدرالي ،أكدت بأن قرارات الرئيس ترامب ومجموعته من أصحاب الملياردات أدت الى الغاء العديد من الحقوق القائمة في عقود عملهم، التي كانت تغطي إجراءات الانضباط والإجازات والعمل الإضافي ، بل أصبحت باطلة. وتم طرد النقابات من مكاتبها داخل المباني الفيدرالية.
وأكدت تلك المصادر، أن النقابات مثلاً في الجهاز الصحي ، ضغطت من أجل تحسينات في السلامة مثل زيادة وجود شرطة الوزارة في أقسام الطوارئ ووحدات الطب النفسي.
كما أشارت تلك المصادر الى أن سياسة الرئيس التي يقوم بتنفيذها بأوامر صادرة عنه ، بل يتضح أنها في كثير من الحالات لا تجري فعلاً من أجل "تحسين العمل" ولا من أجل المحافظة على "لأمن القومي" ، بل هي انتقائية ، مثل عدم ضرب جهات نقابية دعمته في الإنتخابات (وهي أقلية محدودة العدد) مما يؤكد ان هدفه الحقيقي هو ضرب معارضيه ، وتقويض قوة النقابات العمالية والعمل المُنَظّم ، أي أنها خطوات إنتقامية من العمال ونقاباتهم.
رد العمال
خلال نشاطها في يوم العمال في الأول من أيلول سبتمبر الجاري وفي خطاب لها إعتبره العديد من الخبراء بأنه رد قوي يحمل مضامين نضالية ومعارضة قوية لسياسة ترامب ومعه أصحاب المليارديرات قالت فيه النقابية ليز شولر رئيس "اتحاد العمل الأمريكي ومؤتمر المنظمات الصناعية" :"يمكن للمليارديرات والمديرين التنفيذيين للشركات الجشعين والسياسيين المناهضين للعمال أن يرموا كل ما لديهم علينا، لكن النقابات الأمريكية لن تذهب إلى أي مكان ، لا شيء أقوى من قوة العمال وتضامننا”. وأضافت :”يقول 76% من العمال أنهم قلقون من تلبية نفقاتهم، بينما يجني المديرون التنفيذيون للشركات الجشعون 285 ضعف مما يفعله العامل المتوسط. ليس على العاملين قبول هذا. الاتحاد هو الذي بقاوم.إجراءات إدارة ترامب هذه. وأوضحت ليز شولر:"الآن، يتعرض العمال لهجوم من قبل ترامب ومسؤوليه وأصحاب المليارديرات. إنهم يقطعون وظائفنا، ويقتلون خدماتنا الأساسية ويحاولون تمزيق عقود نقاباتنا - لكنهم يقللون من قوة العمال. نحن نقاوم ولن نخضع لهم”.
أما النقابي فريد ريدموند أمين صندوق "اتحاد العمل الأمريكي ومؤتمر المنظمات الصناعية" ، وهو الشخصية النقابية الثانية بعد الرئيسة ليز شولر ، فقد قال في خطاب له في العمال في احتفال يوم العمال يوم الأول من أيلول الجاري :” اليوم ، سوف نسير ونتظاهر ، ونحتفل بالحركة العمالية ، ونحتفل بالعمال ، وغداً سنناضل حتى نتأكد من أن كل عامل في هذا البلد له الحق في الكرامة والإحترام كل يوم.”
كيف يؤثر قرار ترامب بإلغاء حقوق النقابات الفيدرالية على الموظفين الفيدراليين العاديين؟
فيما يلي بعض النقاط المركزية التي جرى ضربها من قبل قادة البيت الأبيض وفي مقدمتهم ترامب:
1. الإجازات والمرونة
قبل القرار: النقابات كانت تتفاوض على سياسات إجازة الأمومة والأبوة، والإجازات المرضية، وعلى الأجر الأدنى للمتعاقدين الفيدراليين، وإلغاء شرط أجر الحد الأدنى لذوي الإعاقة، وحتى آليات تعويض ساعات العمل الإضافي.
بعد القرار: الموظفون قد يواجهون تشددًا أكبر في الحصول على إجازات، وقد لا يتم تعويضهم بشكل عادل عن العمل الإضافي وغيره ،وكل ما يتعلق بأجر الحد الأدنى،وإلغاء الحماية الفيدرالية للأجر الأدنى وساعات العمل الإضافية لعمال الطفولة والرعاية المنزلية.
2. الأمن الوظيفي
قبل القرار: العقود النقابية كانت تحدد إجراءات واضحة للانضباط والفصل، بحيث لا يمكن طرد الموظف إلا وفق خطوات عادلة (مثل التحقيق والاستماع لشهادة).
بعد القرار: الإدارة أصبحت تملك سلطة أوسع في الطرد أو النقل دون الحاجة لاتباع نفس الضمانات، مما يزيد من القلق بين الموظفين.
3. ظروف العمل
قبل القرار: النقابات ضغطت لتحسين السلامة في أماكن العمل (مثل زيادة الأمن في المستشفيات أو توفير تدريب إضافي).
بعد القرار: هذه المطالب قد لا تجد من يدافع عنها، مما قد يؤدي إلى مخاطر أكبر على سلامة الموظفين والمرضى أو المستفيدين من الخدمات.
4. الصوت النقابي التمثيلي
إلغاء حق المفاوضة الجماعية من أكثر من مليون موظف فيدرالي، من العاملين في الوزارات والهيئات الحكومية الأمريكية. مما يعني انه قبل القرار الرئاسي: الموظفون كانوا يملكون قناة رسمية للتعبير عن مخاوفهم عبر النقابات، والتفاوض مع الإدارة.
بعد القرار: سيفقد الموظفون هذه القناة، مما يعني أن صوت الفرد أضعف بكثير أمام الإدارة، وقد يشعر الكثيرون أنهم بلا حماية.
5. الروح المعنوية والاستقرار الوظيفي
غياب الحماية النقابية قد يدفع بعض الموظفين إلى ترك العمل الحكومي نهائياً، خصوصًا في القطاعات الحساسة مثل الصحة والخدمات الاجتماعية.
هذا قد يؤدي إلى نقص في الكوادر وزيادة الضغط على من يبقون في وظائفهم.
الحركة النقابية لن تستلم وتواصل النضال
في النهاية نشير الى أن القرار لا يقتصر على موضوع “المفاوضات الجماعية” فقط، بل ينعكس على جوانب ملموسة جدًا في حياة الموظفين: الإجازات، الأمن الوظيفي، ظروف العمل، وحتى الاستقرار النفسي. ومحاولة لضرب حقوق العمال وضرب حركتهم النقابية التي لها تاريخ نضالي طويل وتضحيات قدمها قادتها النقابيين وعمالها ، قد تؤدي هذه القرارات الى النتيجة المحتملة هي تراجع جودة الخدمات الحكومية بسبب تراجع الروح المعنوية وهروب الكفاءات، لكن واضح أن الحركة النقابية الأمريكية لن تستسلم أمام هذه الخطوات التي يقوم بها ترامب ، وستواصل النضال ضد سياساته هو واصحاب المليارديرات ممن منحهم صلاحيات في مركبات حكومته ، وقيامهم بمحاولات تنفيذ مآربهم الراسمالية المعادية للطبقة العاملة الأمريكية ولتنظيماتها النقابية.