تصاعد الصراع من أجل انتزاع حرية العمل النقابي
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن
-
العدد: 8414 - 2025 / 7 / 25 - 12:50
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
١
أشرنا سابقا إلى خطل قرار مسجل عام تنظيمات العمل في مايو الماضي الذي قضي بانتهاء دورات المكاتب التنفيذية للتنظيمات النقابية، وتحويلها للجان تمهيدية إلى حين الإعلان عن بداية دورة جديدة، باعتباره تدخلا سافرا في النقابات التي تكتسب شرعيتها من قواعدها وخرق واضح لقانون حرية العمل النقابي رقم "٧٨"،ومحاولة للعودة إلى سنوات الانقاذ الكالحة في مصادرة الحقوق والحريات النقابية والسياسية، والعودة لقانون نقابة المنشأة سيء الصيت.
وكان طبيعيا أن ترفض التنظيمات النقابية هذا القرار، فقد عبرت نقابات ومؤسسات مهنية عن رفضها القاطع لما وصفته بمحاولات حكومية في مدينة بورتسودان لعقد جمعيات عمومية تهدف إلى إعادة تشكيل الأجسام النقابية بطرق اعتبرتها تفتقر إلى الأسس القانونية والتعاقدية اللازمة. وأصدرت نقابة الصحفيين السودانيين بيانًا اعتبرت فيه الإجراءات الحكومية انتهاكًا واضحًا لمبدأ الاستقلالية النقابية، كما ورد في اتفاقية الحرية النقابية رقم (87) الصادرة عن منظمة العمل الدولية، والتي صادق عليها السودان وأصبحت جزءًا من منظومته القانونية الملزمة. وكذلك رفضت القرار في بيانات لجنة المعلمين، ونجمع المهندسين السودانيين، و اللجنة المركزية للمختبرات الطبية، و تجمع أساتذة جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا رفضه القاطع لأي تدخل حكومي في الشؤون النقابية، و تجمع مهنيي الأرصاد الجوية الذي طالب بإلغاء جميع القرارات التي اعتبرها موجهة لتجميد الحريات النقابية، الاجسام المهنية.
كذلك دعا تجمع البيئيين السودانيين كافة القطاعات المهنية والنقابية إلى التوحد خلف هذا الموقف الرافض للتدخلات السياسية في العمل النقابي، محذرًا من أن محاولات التمكين النقابي ذات الطابع السياسي لا تقل خطورة عن التمكين العسكري أو الأمني، لما تمثله من تهديد مباشر لبنية العمل الديمقراطي. واعتبرت مجموعة محامي الطوارئ أن القرار الحكومي الأخير يشكل تدخلًا سافرًا في الشؤون النقابية.
٢
كما أوضحنا سابقا أن الرفض الواسع لقرار المسجل هو امتداد لنضال الحركة النقابية التي لعبت دورا كبيرا في الاستقلال وإسقاط الأنظمة الديكتاتورية وقوانينها النقابية التي حاولت أن تكبل بها الحركة النقابية مثل:
- قانون 1960 أيان ديكتاتورية عبود حتى تم إسقاطه بعد ثورة أكتوبر 1964. وكان من منجزات ثورة أكتوبر 1964 إلغاء قانون 1960 ، وأعيد العمل بقانون 1948 متضمنا تعديل المادة (30) التي أصبحت تعطي الحق لكل نقابتين أن تكون اتحادا، وتسجل اتحاد العمال وفقا لهذا المادة.
- قوانين ديكتاتورية مايو التي صادرت حرية العمل النقابي مثل: قانون 1971 ، وقانون 1972، وقانون 1977، حتى تم إسقاطها بعد انتفاضة أبريل 1985، وتم انتزاع قانون 1987 الذي شارك فيه النقابيون.
- بعد انقلاب الإنقاذ في يونيو 1989 قاوم العاملون و النقابيون مصادرة حرية العمل النقابي وجعل عقوبة الاضراب في الأيام الأولي الإعدام !!، كما في قوانين 1992، وتكوين نقابة المنشأة 2010 لاضعاف العمل النقابي ، واستمرت المقاومة حتى قيام ثورة ديسمبر التي اسقطت رأس النظام ، وما زال النضال مستمرا من أجل وقف الحرب واستعادة مسار ووحدة البلاد وديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية وإلغاء قانون نقابة المنشأة وكل القوانين المقيدة للحريات التي تتعارض مع حقوق الإنسان والمواثيق الدولية، ومن أجل إجازة القانون الموحد لنقابة الفئة الذي يؤكد وحدة و ديمقراطية واستقلالية الحركة النقابية..