اتفاق جوبا وتصاعد الصراع حول السلطة


تاج السر عثمان
الحوار المتمدن - العدد: 8384 - 2025 / 6 / 25 - 11:05
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير     

١
تصاعد الخلاف على السلطة بين الموقعين على اتفاق جوبا والسلطة الانقلابية التي عينت د. كامل إدريس ديكورا مدنيا، وقام بحل الحكومة وشرع في تكوين حكومة جديدة، التي بدأت بتعيين وزيري دفاع وداخلية جديدين.
فقد عارضت حركة العدل والمساواة السودانية بقيادة د. جبريل ابراهيم حل الحكومة وتمسكت حسب زعمها باستحقاقات اتفاق جوبا لسلام السودان، بما في ذلك المواقع التنفيذية التي أُقرت بموجبه، في ظل الجدل المتصاعد بشأن تشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة بقيادة رئيس الوزراء المكلف الدكتور كامل إدريس، كما جاء في بيان لها. مما شكل أزمة حادة داخل التحالف المساند للحيش"القوات المشتركة" ، على خلفية عزم رئيس الوزراء كامل إدريس، على إعادة النظر في نسب المشاركة في الحكومة المزمع تشكيلها. مما فجر الأزمة الكامنة بين مكونات التحالف المؤيد للجيش في بورتسودان. بعد تعيين الفريق البرهان كامل إدريس رئيساً للوزراء، وعزمه على تكوين حكومة «تكنوقراط غير حزبية»، وهو أمر يستلزم إعادة النظر في أنصبة مكونات التحالف الحاكم، الأمر الذي رفضته الحركات ولوحت بالعودة إلى التمرد، وعدّوا ذلك محاولة لإلغاء اتفاقية السلام.
٢
اشرنا سابقا عند توقيع اتفاق جوبا أنه لن يحقق السلام المستدام ، لأنه سار علي نهج نظام الإنقاذ في الاتفاقات الجزئية التي فشلت في تحقيق السلام العادل والشامل ، وأعادت إنتاج الأزمة والحرب ، وتحولت لمحاصصات - كما واضح من الخلاف الجاري بعد حل كامل إدريس للحكومة ٠وتمسكهم بالمحاصصات وانصبتهم في السلطة - ومسارات فجرت مشاكل وصراعات قبلية وعنصرية في شرق وشمال ووسط السودان ، وتنكر موقعوها لشعارات ازالة التهميش ، وحل مشاكل جماهيرهم ، وتوفير ابسط الخدمات لهم وعودتهم لمناطفهم وتعويضهم وتعميرها والمحاسبة. الخ.
جاء اتفاق جوبا، بعد اختطاف المكون العسكري لملف السلام من مجلس الوزراء ،وكان الهدف منه إجهاض ثورة ديسمبر والانقلاب عليها، وعدم تحقيق أهدافها و مهام الفترة الانتقالية، بل كان من ضمن البنود تحت الطاولة التي كشف عنها منى اركو مناوي: عدم تسليم البشير للجنائية، تجاهل التحقيق في مجزرة فض الاعتصام ، عدم قيام التشريعي، .الخ.
كما أصبحت بنوده تعلو على "الوثيقة الدستورية " في غياب المجلس التشريعي الذي يحق له تعديلها ، حتى تكوين مجلس شركاء الدم ، ومشاركة قادة حركات جوبا في جريمة انقلاب 25 اكتوبر الدموي ، الذي أعاد التمكين، وبعض الأموال المنهوبة الفاسدين،
و بعد الانقلاب استمروا في السلطة الانقلابية وتحملوا كل أوزارها رغم الانقلاب على الثورة !!، بل ساهمت قواتهم في قمع المواكب السلمية والمجازر ضد الثوار،وفي مناطق الحروب.
كما تدهورت الاوضاع الأمنية في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان بعد اتفاق جوبا ، وبمشاركة قادة جوبا في تلك المجازر ، ونهب الأراضي والمعادن والذهب والحواكير بالابادة الجماعية ، وفشل الاتفاق في تحقيق السلام العادل والشامل ،بل ساهمت مكوناته في الفوضى ونهب ممتلكات اليوناميد ، والفساد الذي ازكم الانوف والمنشور في الصحف ، وتحول لمحاصصات وجبايات لمصلحة أفراد محددين ، ارهقت كاهل المواطنين ، ولم تعود تلك الأموال لمناطق الحروب في التنمية وعودة النازحين لقراهم واعمار مناطقهم.
اضافة لعدم المحاسبة وتسليم المطلوبين للجنائية، والمطالبة بحل المليشيات والجنجويد ، بل شاركوا في نهب الاراضي والموارد ، كما في مخطط جبريل ابراهيم لتحويل مشروع الجزيرة الي هيئة ،ومشاركته في صفقة الميناء على البحر الأحمر في غياب المؤسسات التشريعية القومية والولائية بالشرق وفي ظل حكومة انقلابية غير شرعية. كما قاد انقلاب ٢٥ أكتوبر 2021 الي الحرب اللعينة الجارية حاليا، وشاركت بعض الحركات المحتجة على حل الحكومة في الحرب لجانب الجيش ضد الدعم السريع.
٣
كل ذلك يتطلب أوسع جبهة جماهيرية لوقف الحرب واستعادة مسار الثورة، وترسيخ الحكم المدني الديمقراطي، وخروج العسكر والدعم السريع والمليشيات من السياسة والاقتصاد، والترتيبات الأمنية لحل كل المليشيات وجيوش الحركات وقيام الجيش القومي المهني الموحد الذي يعمل تحت إشراف الحكومة المدنية، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، والمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية، وضمان عودة النازحين لمنازلهم و لقراهم وحواكيرهم، وتوفير خدمات الكهرباء والمياه والانترنت والتعليم والصحة والدواء، وفتح المسارات الآمنة لوصول الأغاثات للمتضررين، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وقيام دولة المواطنة التي تسع الجميع غض النظر عن العرق أو اللون أو العقيدة أو الفكر السياسي اوالفلسفي، والحل الشامل والعادل، ودرء آثار كارثة اتفاق جوبا الذي تحول لساد ومحاصصات وصراع على كراسي السلطة بديلا للتوجه لخدمة جماهيرهم المهمشة التي تكتوي بنيران الحرب اللعينة.