تصاعد حدة الحرب وتزايد خطر تأثيرها على المنطقة
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن
-
العدد: 8380 - 2025 / 6 / 21 - 11:13
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
1
تستمر الحرب اللعينة التي دخلت عامها الثالث ، مع المزيد من الدمار والخراب وجرائم الحرب كما في تهجير 13 مليون داخل وخارج البلاد، ومقتل أكثر من 150 الف وفقدان الآلاف من الأشخاص، مع العنف ونهب منازلهم وعرباتهم تعرضهم للمآسي الإنسانية من نقص في الغذاء والعلاج والسكن والدواء،وعدم فتح المسارات الآمنة لوصول الاغاثات للمتضررين، ونهب طرفي الحرب الاغاثات كما في بيانات الأمم المتحدة التي استنكرت الهجوم على قوافل الإغاثة، وتدمير البنيات التحتية ومرافق الدولة الحيوية والمصانع والأسواق والبنوك ومواقع الإنتاج الصناعي والزراعي والخدمي، وتعطل ملايين التلاميذ من الدراسة، والمرافق الصحية وخدمات الكهرباء والماء والاتصالات. الخ.
ورغم انشغال المجتمع الدولي والإقليمي بالحرب الإسرائيلية الإيرانية التي حددنا في مقال سابق خطرها على المنطقة، إلا أن تصاعد نيران الحرب في السودان وجرائمها كانت حاضرة، كما في تحذير البعثة الأممية لتقصي الحقائق بشأن السودان، أمام مجلس حقوق الإنسان في جنيف، من تصاعد حدّة الحرب هناك كما في كردفان ودارفور، ما قد يؤدي إلى عواقب وصفتها بـ”المميتة” لعدد لا يحُصى من المدنيين العالقين في النزاع، كما في استخدام الأسلحة الثقيلة، . فقد أشارت البعثة للتصاعد في استخدام الأسلحة ضمن المناطق المأهولة بالسكان،وتعرض المستشفيات لحصار، واستخدام المساعدات مع نهب قوافل الاغاثات كسلاح، وحرق القرى، والارتفاع الحاد في العنف الجنسي والقائم على النوع الاجتماعي. مع الدعوة لحظر الأسلحة، وعدم الإفلات من العقاب.
إضافة لتزايد التدخل الخارجي وتسليح طرفي الحرب من المحاور التي تدعم طرفي الحرب بهدف نهب ثروات وأراضي البلاد.مما يفاقم الوضع ويطيل أمد الحرب، ومصادرة الحريات كما في معتقلات طرفي الحرب، والتعذيب الوحشي للمعتقلين، والإعدامات بهدف الإرهاب والتخويف بحجة التعاون والدعم السريع كما في قطع الرؤوس، ومصادرة حكومة الأمر الواقع غير الشرعية في بورتسودان للحريات كما في محاولة العودة لقانون نقابة المنشأة، وقانون الصحافة لمصادرة حرية العمل النقابي والصحفي التي وجدت مقاومة واسعة من النقابيين والصحفيين، والجماهير. ومحاولة الإسلامويين للعودة للحكم عبر بوابة الحرب التي وضح هدفها في تصفية الثورة، وانتهاك استقلال البلاد، ونهب مواردها من المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب.
2
كما تزايد خطر إشعال المنطقة بصراع إقليمي، وتحويل الصراع الي أثنى عنصري وقبلي يمتد للبلدان المجاورة. فقد امتد الصراع بين الدعم السريع والجيش إلى منطقة جبل عوينات او المثلث الحدودي بين السودان ومصر وليبيا ، فقد أعلنت منظمة الهجرة الدولية، الأربعاء، عن نزوح أكثر من 4 آلاف سوداني داخليا، ولجوء نحو 1000 آخرين إلى ليبيا، جراء اشتباكات دارت مؤخرا بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع” في منطقة المثلث الحدودي، وأفادت المنظمة الدولية في بيان أن “فرقها الميدانية قدرت عدد النازحين من منطقة المثلث إلى الولاية الشمالية بـ4.278 شخصا، وذلك خلال الفترة من 15 إلى 17 يونيو الجاري، عقب اشتباكات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، وفي 11 يونيو، أعلن الجيش السوداني سحب قواته من منطقة المثلث الحدودي ضمن “ترتيبات دفاعية”، واتهم قوات “الدعم السريع” بالهجوم على المنطقة بدعم من مقاتلين يتبعون لقائد قوات الشرق الليبي خليفة حفتر، وهي اتهامات نفتها الأخيرة.
إضافة لمغادرة عدد من السكان من منطقة السكوت قرب "الخناق" وغيرها منازلهم،ونهب حركات مسلحة لممتلكاتهم، وتم إغلاق المدارس بشكل مؤقت، وذلك في أعقاب إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على منطقتي المثلث وكرب التوم الحدوديتين، اللتين تقعان ضمن النطاق الإداري للولاية الشمالية وتُعدان من المحاور الاستراتيجية المتاخمة للحدود مع مصر وليبيا.
معلوم أن منطقة جبل عوينات تمثل نقطة تماس ثلاثي بين السودان ومصر وليبيا، وهي منطقة غنية بثرواتها المعدنية جعلتها محل أطماع كما في : اليورانيوم، الحديد والمنغنيز، النحاس والنيكل، الذهب، الخ ، اضافة لمخزون المياه الجوفية الذي يضاعف من قيمته الاقتصادية.
بالتالي فهو محط أطماع إقليمية للحركات المسلحة والدعم السريع، ويتميز بوفرة المياه الجوفية ، الذي يعتبر مورد مهم يدعم مشاريع الأمن الغذائي والتنمية الزراعية في المنطقة، فضلا عن صعوبة مراقبتها أمنيًا، و تتميز ذطرق التهريب المعروفة فيها. ومع تمدد الدعم السريع نحوها، تتحول إلى نقطة انطلاق محتملة لمرحلة جديدة من الصراع على النفوذ في شمال إفريقيا والَتحالفات التي بدأت تتشكل من الدعم السريع وإثيوبيا وتشاد. الخ، وتحالف حكومة الأمر الواقع في بورتسودان مع إريتريا جيبوتي. الخ. إضافة للدول التي لها أطماع في ثروات المنطقة كما في :مصر 0روسيا، تركيا، الصين. الخ. فالحرب الجارية بعد احتلال الدعم السريع جبل عوينات امتد أثرها لخارج السودان، مما يطيل أمدها، مع تزايد حدة والصراع من أجل الموارد.
3
أما حكومة الأمر الواقع في بورتسودان، فليس في أجندتها وقف الحرب، وتستمر في خداع النفس بتكوين حكومة، غير شرعية خارجة من رحم انقلاب عسكري غير شرعي، يقف خلفها، بعد تعديل الوثيقة الدستورية لتكريس الحكم الإسلاموي الديكتاتوري العسكري، مع تقديم د. كامل إدريس كديكور مدني، علما بأنه بدون وقف الحرب واستعادة مسار الثورة، لا يمكن الحديث عن حكومة (امل) ، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، وفتح المدارس والجامعات وتأهيل المستشفيات، فمن خداع النفس إعلان رئيس الوزراء السوداني المعين حديثاً كامل إدريس، ملامح تشكيل حكومته المزمعة، الذي اطلق عليها حكومة «الأمل المدنية»، من 22 وزارة،مع إعطاء دروس عصر حول اختيار الوزراء، علما بأن الأسبقية كما اشرنا لوقف الحرب كشرط للاستقرار وتكوين حكومة مدنية ديمقراطية تضمن وحدة السودان من خلال تنوعها.
من جانب آخر هناك خطر الحكومة الموازية غير الشرعية في مناطق سيطرة الدعم السريع، الخارجة من رحم الانقلاب غير الشرعي التي تهدد بتقسيم البلاد واطالة أمد الحرب.
4
كل ذلك يتطلب أوسع عمل لمقاومة جماهيرية قاعدية لوقف الحرب واسترداد الثورة،وتحقيق الحكم المدني الديمقراطي، وعدم الإفلات من العقاب، وتفكيك التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، وتحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والصحية والأمنية، وتوفير خدمات الكهرباء والمياه والانترنت، وتأهيل المدارس والمستشفيات والمراكز الصحية، وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم ومدنهم، ودرء خطر تمدد الحرب للبلدان المجاورة 0مما يزيد من خطر التقسيم، وأطماع المحاور الاقليمية والدولية التي تسلح طرفي الحرب لنهب ثروات البلاد، إطالة أمد الحرب،وتحقيق أهداف الثورة حتى قيام المؤتمر الدستوري للتوافق على شكل الحكم ودستور ديمقراطي وقانون انتخابات يفضي لانتخابات حرة نزيهة في نهاية الفترة الانتقالية.