عنف لم نألفه في لوس أنجلوس


حميد كوره جي
الحوار المتمدن - العدد: 8371 - 2025 / 6 / 12 - 03:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

عنف لم نألفه في لوس أنجلوس

بقلم: ويم لافين

ترجمة: حميد كوره جي

الصور القادمة من لوس أنجلوس – الشوارع التي تحولت إلى ثكنات عسكرية، المتظاهرون الذين يواجهون بقوة، وجولة أخرى من التبريرات لتصعيد العنف – تثقلني بعبء ممل من الشعور المتكرر وكأنني أعيش اللحظة مرة أخرى. الأمر ليس صادمًا بالنسبة لي، بل هو ذكرى مؤلمة تعود إلى السطح.

بدأ وعيي السياسي في كاليفورنيا. كنت في الثالثة عشرة من عمري عندما رأيت فيديو رودني كينغ. لم أصدق ما رأته عيناي. تساءلت مع والدي كيف يمكن أن يحدث هذا – كيف يمكن لأشخاص يمتلكون شارات وهراوات أن يرتكبوا مثل هذا العنف وينجوا دون محاسبة. وفي العام التالي، انفجرت المدينة بأكملها. انتفاضة عام 1992 انحفرت في ذاكرتي، ليس باعتبارها فوضى عارمة، بل كغضب نابع من ظلم وسوء إدارة. أمضيت سنوات عديدة أدرس تلك الأحداث، محاولًا فهم ما كان يمكننا فعله بشكل أفضل. كان يجب أن نعمل على التهدئة، كان يجب أن نصغي، وكان علينا أن نظهر مزيدًا من ضبط النفس.

لكننا لم نفعل. وما زلنا لا نفعل.

بعد سنوات، وجدت نفسي في كليفلاند، أشارك في مسيرة سلمية احتجاجًا على مقتل جورج فلويد. لم أكن قريبًا من أي مواجهة أو أضرار بالممتلكات، ومع ذلك تم إطلاق الغاز المسيل للدموع بطريقة عشوائية. استمر الحرق في عيني وحلقي لساعات طويلة. رغم سنوات من ممارسة ونشر قيم اللاعنف، شعرت بغضب ينبعث في داخلي كنت قد نسيت وجوده. لم أتصرف بناءً على هذا الشعور، لكنني فهمت في تلك اللحظة كيف يمكن للعنف الممنهج من قبل الدولة أن يدفع حتى أكثر الأشخاص سلمية نحو اليأس أو الغضب. تذكرت الكتابة على الجدران من عام 1992: "أنتم من فعلتم هذا".

التصعيد يولد التصعيد

التصعيد يولد التصعيد. إنه أمر متوقع. ويمكن تجنبه. لكنه يحدث على أي حال. الحرس الوطني ليس مدربًا على التعامل بحساسية مع تجمعات المدنيين. وجودهم غالبًا ما يزيد من التوتر. يوصل رسالة إلى العامة: نحن في حرب مع أنفسنا. يقول للمجتمعات: نحن لا نثق بكم – والحقيقة دائمًا ما تكون الضحية. ويشير لأجهزة إنفاذ القانون: كل شيء مسموح.

في الوقت نفسه، تكشف السياسة الكامنة وراء هذه التحركات كل شيء عن أولوياتنا الوطنية. لن أنسى أبدًا السادس من يناير 2021، عندما اقتحم حشد عنيف مبنى الكابيتول ولم يقم ترامب بأي شيء. لم يكن هناك غاز مسيل للدموع، ولا قوات، ولا أي استجابة سريعة وواضحة. طُلب منا التزام الصبر. قارن ذلك بالمركبات المدرعة التي تواجه الاحتجاجات السلمية المتعلقة بحقوق المهاجرين، أو بالقوة الغاشمة التي تُستخدم في الأحياء التي يقطنها السود والبُنيّون عندما يطالب الناس بالمحاسبة. النفاق هنا ليس فقط مزعجًا بل هو قاتل أيضًا. والأمريكيون يلاحظون ذلك.

لطالما عارضت أغلبية الأمريكيين سياسات الترحيل الجماعي. وبشكل عام، تدهورت شعبية ترامب إلى أدنى مستوياتها، حيث سجلت أقل نسبة تأييد خلال أول 100 يوم لأي رئيس حديث العهد في المنصب. ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن 66% من الناخبين وصفوا فترة ترامب الثانية بأنها "فوضوية"، بينما وصفها 59% بأنها "مرعبة". هذه ليست مجرد أرقام متعلقة بالهجرة، بل هي إدانة لنهج يتبنى القسوة كسياسة. الناس ليسوا فقط غير راضين؛ هم قلقون ومذعورون.

الطريق الذي نسير عليه

نحن نحتج لأننا لا نزال نؤمن بالديمقراطية. المعارضة ليست تهديدًا؛ إنها واجب وطني. نحن نطالب بأن يُعامل العمال، ومقدمو الرعاية، والمدربون، والمعلمون، والجيران بيننا – بغض النظر عن وضعهم القانوني – كالبشر الذين هم عليه، لا كتهديدات. الكذبة التي تصفهم بالإرهابيين يجب أن تنتهي.

عندما يُقابل التعبير المحمي بالقوات العسكرية، وعندما تُصور المعارضة كفوضى، وعندما تكافئ الحكومة العنف بالصمت وتعاقب السلمية بالوحشية، فإننا لم نعد في ديمقراطية؛ بل نقف على الحافة ونتجه نحو شيء مختلف تمامًا.

لا أستطيع أن أشاهد ما يحدث في لوس أنجلوس لأنني شاهدته من قبل. شعرت به. تذوقت الغاز المسيل للدموع. درست التاريخ. وأعلم إلى أين يقودنا هذا الطريق الذي نسير عليه الآن. لا يزال لدينا خيار آخر. ولكن هذا الخيار يتطلب الشجاعة – ليس من المحتجين الذين يظهرون شجاعتهم بالفعل، بل من الذين يملكون السلطة والذين يجب أن يستمعوا أخيرًا ويلتزموا بالعهود التي أقسموا عليها.

كفى أكاذيب. كفى نفاق. وكفى الصمت أمام القوة الجائرة.


*ويم لافين حاصل على درجة الدكتوراه في إدارة النزاعات الدولية، ويقوم بتدريس مواد في العلوم السياسية وحل النزاعات. كما أنه عضو في المجلس التنفيذي لكل من الجمعية الدولية لأبحاث السلام وجمعية
دراسات السلام والعدالة.