الرأسمالية وتطبيع الاستغلال والكوارث الإنسانية


حميد كشكولي
الحوار المتمدن - العدد: 8338 - 2025 / 5 / 10 - 03:00
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

نحن نعيش في زمن تتوالى فيه الأحداث من حولنا، تحمل في طياتها مرارة وألماً دون أن تثير فينا الدهشة كما كانت تفعل سابقاً. جفت الدموع التي كنا نذرفها، وأضحى الاعتياد على تلك المآسي جزءاً من واقعنا اليومي. ما الذي يجري في غزة؟ الحرب هناك حصدت حتى الآن أرواح عشرات الآلاف، ولم يبقَ من القطاع سوى حطام وأنقاض. في أماكن أخرى، خلفت الزلازل في ميانمار وتايلاند آلاف القتلى، والمئات لا يزالون عالقين تحت الركام. وفي أمريكا، يتصرف زعيم مضطرب بقرارات تعصف بالعلاقات الدولية، ملوحاً بحروب متعددة ونوايا لترحيل ملايين المهاجرين المساكين إلى بلدانهم الأصلية. أما الحرب في أوكرانيا، فلا تزال تضيف أسماء جديدة إلى قائمة الضحايا، بينما يبدو أن الفاشية والقومية المتطرفة تستعيد موقعها في المشهد الغربي. كل هذه الكوارث باتت من الأخبار اليومية المألوفة.

نحن في عصر يضطر فيه أكثر من مئة مليون إنسان إلى الهجرة هرباً من ويلات الحروب والجوع وفقدان الأمل في أوطانهم. يخاطر هؤلاء بحياتهم بحثاً عن أمان بسيط وعن فرصة للعيش بظروف إنسانية مقبولة أو مستقبل أكثر إشراقاً. يسلكون طرقاً محفوفة بالمخاطر، والكثير منهم لا يصل إلى وجهته أبداً. ورغم كل ذلك، لم نعد نشعر بالذهول أو الاستغراب؛ بل يبدو أن كل هذا أصبح واقعاً نتقبله بلا اكتراث.
تبدو وتيرة الأخبار المؤلمة في تسارع مستمر، مما يجعلنا مع مرور الوقت أقل تأثرًا بالصدمة وأكثر تقبّلًا للفظائع وكأنها أحداث اعتيادية في حياتنا اليومية. ما يحدث في غزة، بلا شك، يُعتبر كارثة إنسانية بكل المقاييس. حجم الخسائر البشرية والدمار الهائل الذي ألحق بالقطاع يثير الحزن العميق والقلق البالغ. متابعة أخبار بهذا القدر من الألم تترك أثرًا ثقيلًا من العجز واليأس.
وفي مناطق أخرى من العالم، الأخبار الواردة من ميانمار وتايلاند حول الزلازل وضحاياها والمحاصرين تحت الأنقاض تزيد الشعور بالحزن والانكسار. المعاناة التي يعيشها أولئك الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة مشهد لا يمكن إلا أن يكون مؤثرًا بشكل موجع.

أما على الساحة الدولية، فإن التوترات السياسية الناتجة عن تصريحات الشخصيات المؤثرة التي تهدد الاستقرار العالمي وتفاقم الأزمات تشكل مصدر قلق حقيقي. مثل هذه التطورات تُساهم بشكل مباشر في زعزعة العلاقات الدولية وتأجيج الخلافات القائمة. والحرب المستمرة في أوكرانيا مثال آخر على المأساة الإنسانية، حيث لا تزال تطحن المزيد من الأرواح وتجلب المعاناة على نطاق واسع.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن أي دلائل على تصاعد الفاشية والنزعات القومية في العالم تشكل إشارات مقلقة لعواقب ربما تكون وخيمة. تضاف إلى هذه المشاهد المأساوية حقيقة أن هناك أكثر من مائة مليون شخص مهجر قسرًا حول العالم، يفرون من الحروب والفقر واليأس، غالبًا في رحلات محفوفة بالمخاطر بحثًا عن الأمان وحياة أفضل. تلك المخاطر ومآسي الذين لا يصلون إلى برّ الأمان تضاعف الإحساس بالوجع.

من الطبيعي أن نشعر بالإحباط عندما تتحول هذه المشاهد الكارثية إلى أحداث يومية مألوفة. قد يبدو أحيانًا أن العالم أصبح مكانًا فقد فيه الناس القدرة على الدهشة مهما بلغت فظاعة الظروف. لكن علينا أن نتذكر أن ما يُشبه الاعتياد على هذه المعاناة لا يُقلل من بشاعتها، بل يجعل الحاجة ملحة للنظر في كيفية تقديم يد العون.

الحفاظ على إنسانيتنا وتعاطفنا وسط كل هذا الوجه القاسي للعالم أمر ضروري. لا يجب أن ندع الأخبار المتكررة تُبقي قلوبنا لامبالية أو تعوّدنا على القبول بالظلم والمعاناة كأمر طبيعي. وبدلًا من ذلك، علينا أن نسعى دائمًا لفهم أدق لهذه الأزمات، ودعم الجهات العاملة على إيجاد حلول، والمشاركة بأي طريقة ممكنة في تخفيف الآلام الإنسانية وتعزيز قيم السلام والعدالة.
الهجرة تُعتبر ظاهرة متأصلة في التاريخ البشري بجذورٍ عميقة ومتعددة الأوجه. طالما وُجدت دوافع تُجبر الناس على مغادرة أوطانهم بحثًا عن الأمن، العدالة، وحياة أفضل، ستبقى الهجرة واقعًا مستمرًا. التوزيع غير المتكافئ للثروة يُعد واحدًا من المحركات الرئيسة لهذه الظاهرة، ولذلك لا يُثير دهشة كبيرة أن تصبح أخبار نزوح الملايين أمرًا مألوفًا، وكأنها جزءٌ اعتيادي من المشهد العالمي.

سيطرة الأثرياء والنخب التي تمتلك الثروة على دوائر صنع القرار باتت أمراً يثير القلق العميق. فحينما تتركز القوة الاقتصادية في أيدي قلةٍ محدودة، تزداد احتمالية توظيف هذا النفوذ للتأثير على السياسات بطرق تُعمّق الفجوة بين الطبقات وتُربك اتزان المجتمعات. هذا الانحراف في موازين القوى قد يؤدي إلى عالم أكثر عرضة للتوترات وعدم الاستقرار.

لا شك أن تفاقم الأزمات السياسية والاقتصادية ساهم كثيرًا في تعقيد أزمة النزوح والهجرة. كما أن هذه الموجات حملت معها تحديات ثقافية واجتماعية استغلها البعض لتحقيق مصالح آنية دون النظر إلى الأبعاد الإنسانية. ويبدو جليًا أن بعض القوى السياسية، لا سيما الأحزاب اليمينية في أوروبا، وظّفت ملف الهجرة لتعزيز شعبيتها، متبعةً خطابات تحريضية تستهدف اللاجئين والمهاجرين بشكل غير منصف. هذا الاستغلال يأتي غالبًا على حساب مبادئ حقوق الإنسان وقيم التعايش.

من ناحية أخرى، فإن تراجع القوى السياسية الأكثر اعتدالًا أو الداعمة للحقوق يؤثر سلبًا على جهود المؤسسات والمنظمات غير الحكومية التي تسعى دائمًا لحماية المستضعفين والدفاع عنهم. وهكذا تتحول قضية إنسانية معقدة إلى ساحة للصراعات السياسية على حساب معاناة البشر.

تحويل أزمة الهجرة إلى مجرد أداة للمساومة السياسية دون البحث عن حلول مستدامة وعادلة يضعف الجهود الرامية إلى معالجة جذور المشكلة وضمان حماية الحقوق الإنسانية. هناك حاجة ملحة للتخلي عن الخطابات الشعبوية التي تؤدي إلى تأجيج الخوف والانقسام، والتركيز بدلًا من ذلك على تعزيز التعاون الدولي، وتكثيف الجهود لمعالجة الأسباب الأساسية للهجرة، مما يساهم في حماية حقوق المهاجرين واللاجئين وصون كرامتهم.

الإلمام بهذه القضايا وفهم أبعادها يمثل الخطوة الأولى لمساءلة المسؤولين والمطالبة بسياسات أكثر عدالة وإنسانية. ينبغي علينا أن نرفض تحويل المعاناة إلى حالة اعتياد تفقدنا الإحساس بالمسؤولية الأخلاقية أو تعيق دفاعنا عن القيم الإنسانية والعدالة. ملف الهجرة يبرز بوضوح القلق المتزايد حول توظيف المهاجرين كورقة سياسية انتخابية، حيث يتم تسليط الضوء عليهم كنموذج "سلبي" لإثارة الناخبين، رغم أن غالبيتهم يعانون من تهميش طويل الأمد ومنعهم من المشاركة الفعلية في العملية السياسية، حتى بعد سنوات من إقامتهم واندماجهم.

من التحديات الرئيسية التي تواجه الدول الأوروبية اليوم هي إدارة التنوع الثقافي والديني الناتج عن موجات الهجرة الأخيرة. فالاختلافات الطبيعية بين السكان المحليين والجدد تؤدي أحيانًا إلى ظهور توترات واحتكاكات، إذا لم يتم التعامل مع هذا التنوع بطريقة مدروسة ومنظمة تعزز التفاهم والاندماج.

أما المخاوف الأمنية المتعلقة باستغلال بعض الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وطالبان لحركات الهجرة للتسلل إلى أوروبا، فإنها تمثل تحديًا حقيقيًا لا يمكن إنكاره. ومع ذلك، يجب أن نضع في الاعتبار أن هذه الحالات تمثل نسبة ضئيلة من مجموع اللاجئين والمهاجرين. وبناءً على ذلك، تعميم القلق على كافة المهاجرين واللاجئين هو أمر مجحف ويؤدي إلى إشاعة الوصم ضد فئة كبيرة من البشر الذين يبحثون ببساطة عن حياة آمنة وكريمة.
صحيح أن حجم الهجرة إلى أوروبا يمثل تحديًا لوجستيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. إن تلبية الاحتياجات الملحة للاجئين، وخاصة الأطفال والنساء، يتطلب موارد وتخطيطًا دقيقًا. وقد يؤدي الضغط على الأنظمة القائمة إلى أزمات محلية في بعض الأحيان.

ومع ذلك، فإن مقارنة هذه التحديات باستغلال الرأسمالية الكبرى للأزمات، بما في ذلك أزمة اللاجئين، يضع الأمور في منظور مختلف. غالبًا ما تستغل الشركات الكبرى والجهات الاقتصادية القوية الأزمات لتعزيز مصالحها الخاصة، سواء من خلال الحصول على عقود مربحة لتقديم الخدمات للاجئين أو من خلال استغلال حاجتهم للعمل بأجور منخفضة. هذا الاستغلال يمكن أن يزيد من حدة التوترات الاجتماعية ويقوض جهود الاندماج.

إن تحويل النقاش حول الهجرة إلى مجرد دعاية سياسية، كما ذكرت، هو أمر خطير لأنه يحجب الحقائق المعقدة ويمنع التوصل إلى حلول مستدامة. عندما يتم اختزال قضية إنسانية إلى مجرد أداة لكسب الأصوات، فإن ذلك يؤدي إلى تدهور الخطاب العام وتعميق الانقسامات في المجتمع.

من الضروري أن نميز بين المخاوف الأمنية المشروعة وحملات التخويف التي تستهدف فئة معينة من السكان. يجب أن نركز على بناء سياسات هجرة عادلة وإنسانية تأخذ في الاعتبار الاحتياجات الحقيقية للاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء. يتطلب ذلك تعاونًا دوليًا وجهودًا متواصلة لمكافحة التطرف ومعالجة الأسباب الجذرية للهجرة، بالإضافة إلى تعزيز الاندماج والتفاهم بين الثقافات المختلفة.

السماح لهم بالعمل والمساهمة في الاقتصاد ودفع الضرائب، مع حجب المشاركة السياسية عنهم، يعكس تناقضًا حادًا. يصبحون جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي، لكنهم يظلون خارج دائرة التأثير السياسي، مما يعزز لديهم شعورًا بالظلم والتهميش ويجعلهم عرضة للاستغلال السياسي.

المؤسف أن الخطابات السلبية التي تنتهجها بعض القوى السياسية تجاه المهاجرين قد بلغت مستوى يجعل القسوة وانعدام الإنسانية أدوات لكسب التأييد وتعزيز النفوذ. وهذا يعكس تراجع القيم الإنسانية واستثمارًا غير أخلاقي لمعاناة الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع.

الشجاعة والأمل اللذان يجسدهما المهاجرون، وخصوصًا الأطفال والشباب الذين خاضوا رحلة مليئة بالمخاطر بحثًا عن فرص للعيش بكرامة، تظل مشاهد مؤثرة. لقد غامروا بكل شيء لتحقيق حلم بسيط هو نيل حقوق أساسية، لكن هذه الحقوق تتحول في كثير من الأحيان إلى ورقة مساومة تُستغل سياسيًا.

بالنسبة للآباء الذين غادروا أوطانهم سعيًا لأجل حياة أفضل لأطفالهم، فإن التعقيدات القانونية والبيروقراطية التي تعرقل حصولهم على العمل هي عامل إضافي يثقل كاهلهم. يُحرمون من القدرة على توفير احتياجات أسرهم أو المساهمة بشكل فاعل في المجتمع، مما يفاقم مشكلات البطالة التي تُستغل لاحقًا كذريعة للتصعيد ضدهم تحت غطاء الخطاب الشعبوي، لا سيما خلال فترات الأزمات الاقتصادية.

هذا الوضع يعكس بجلاء الأهمية العاجلة لإعادة النظر في طريقة التعامل مع قضايا الهجرة. بدلاً من شيطنة المهاجرين واستغلال ظروفهم، يجب أن نتوجه نحو إدراك أعمق لمعاناتهم وقدراتهم. لا بد من بناء مجتمعات شاملة تحترم حقوق الجميع وتتيح لهم الفرصة ليكونوا جزءًا إيجابيًا من عجلة التنمية والازدهار. استمرار استبعاد شريحة كبيرة من السكان عن حقوقهم الأساسية ليس فقط أمرًا مشينًا، بل يقوّض أيضًا دعائم القيم الديمقراطية والمبادئ الإنسانية الجامعة.
تصاعد النزعة القومية والفاشية الحديثة في عدد من الدول الأوروبية خلق بيئة مواتية للهجمات السياسية على اللاجئين والمهاجرين. إذ أضحى استخدام أزمة الهجرة كوسيلة لتحقيق مكاسب حزبية من قبل تيارات اليمين المتطرف ظاهرة تثير القلق.

في ظل السياق السياسي الراهن في بلدان مثل النمسا وهولندا وألمانيا وفرنسا والدنمارك وغيرها، أصبحنا نرى تنافسًا حادًا بين الأحزاب، بما في ذلك الأحزاب الكبرى، لاعتماد سياسات أكثر تشددًا وعدائية ضد غير المواطنين. هذا التنافس يركز على تقديم حلول ترحيل وطرد تبدو "أكثر كفاءة"، متجاهلين في ذات الوقت الحقوق الإنسانية الأساسية والتزامات هذه الدول بموجب الاتفاقيات الدولية.

الأطفال والنساء من طالبي اللجوء هم أكثر الفئات التي تعاني من قسوة هذه السياسات. فهم يعيشون ظروفًا مليئة بعدم الاستقرار والخوف واليأس بسبب هذه "اللعبة السياسية الخطيرة". يرافق ذلك تحديات إضافية تتمثل في آلام الغربة، والتفاوت بين تطلعاتهم والواقع المفروض عليهم، فضلًا عن طول فترة إجراءات اللجوء وما تحمله من غموض وإحباط، إلى جانب معوقات تعلم اللغة وصعوبة الاندماج في سوق العمل.

من المؤلم ملاحظة أن الإحصائيات الرسمية غالبًا ما تفتقر إلى احتساب الآلاف من طالبي الهجرة واللجوء في دول أوروبا الغربية. أما بالنسبة لأولئك الذين فقدوا حياتهم في رحلات خطرة باتجاه المجهول، أو الذين ابتلعتهم البحار وهم يحملون أحلامًا بحياة أفضل، فإنهم يمثلون شهادة صامتة على إخفاق هذه السياسات في تقديم الحماية والرعاية لمن هم بأمس الحاجة إليها.
لا شك أن هذا التعارض الكبير بين الخطاب حول "فرصة حياة أفضل" وبين السياسات الحالية التي تكرس انتهاك حقوق الإنسان وتعمق معاناة اللاجئين والمهاجرين يفرض علينا التفكير الجاد. هناك حاجة ملحة لاتخاذ خطوات عاجلة تعيد القيم الإنسانية والالتزام بالقانون الدولي إلى جوهر الحوار حول قضايا اللجوء والهجرة.

الطبيعة الجوهرية للرأسمالية تكمن في سعيها المستمر لتحقيق الربح. من الصواب الإشارة إلى أن المحرك الأساسي للكثير من الشركات والجهات الفاعلة في النظام الرأسمالي يتمثل في زيادة الأرباح وتعظيم العائدات لصالح المساهمين.

في هذا السياق، يبرز تساؤل أخلاقي هام حول كيفية تعامل هذه الشركات مع المآسي الإنسانية. عبر التاريخ وحتى يومنا هذا، تتعدد الحالات التي يتم فيها استغلال الأزمات والكوارث والمعاناة الإنسانية بهدف تحقيق مكاسب مالية.

خلال فترات الكوارث الطبيعية أو الأزمات المختلفة، قد تلجأ بعض الشركات إلى رفع أسعار السلع الأساسية بشكل مبالغ فيه، مستغلة الاحتياجات الملحة للناس. بالإضافة إلى ذلك، قد تستفيد الشركات من أوضاع اللاجئين أو المهاجرين الذين يعانون من ضغوط شديدة، فتدفع لهم أجورًا منخفضة وتفرض عليهم ظروف عمل غير عادلة. شركات البناء والمقاولات والخدمات المرتبطة بها قد تجني أرباحًا ضخمة من مشاريع إعادة الإعمار التي تأتي إثر الحروب أو الكوارث، وغالبًا ما يكون ذلك بتكاليف مرتفعة. كما أن هناك شركات تسعى لاستغلال المخاوف العامة المتعلقة بالأمن أو الصحة أو المستقبل للترويج لمنتجات وخدمات معينة. على سبيل المثال، تستفيد شركات تصنيع الأسلحة من استمرار الحروب والصراعات، فيما تربح شركات الأمن من حالات عدم الاستقرار.

هذا النوع من الاستغلال لا شك يولد استياءً واسعًا واستنكارًا عميقًا، لأنه يضع المصالح الربحية فوق القيم الإنسانية الأساسية. وهو يعكس جانبًا قاتمًا للرأسمالية، حيث يمكن أن تُحول معاناة البشر إلى وسيلة لتحقيق الثروة. ومع ذلك، من المهم أيضًا ملاحظة أن هناك قلة قليلة من الشركات والأفراد في النظام الرأسمالي الذين يلتزمون بمبادئ أخلاقية ويسعون للمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع. هناك شركات تتبنى ممارسات تجارية مسؤولة وتساهم في جهود الإغاثة والتنمية.

لكن يبقى التحدي قائمًا في وضع آليات تنظيمية ورقابية فعالة تمنع الاستغلال الجشع وتضمن أن يكون السعي لتحقيق الربح متوازنًا مع المسؤولية الاجتماعية والاعتبارات الأخلاقية. النقاش حول دور الرأسمالية في مواجهة مآسي البشرية هو نقاش مستمر ومهم.

مالمو
2025-05-09