كابوس الأنوار


حميد كشكولي
الحوار المتمدن - العدد: 8291 - 2025 / 3 / 24 - 02:38
المحور: الادب والفن     

قدماك عالقتان في مستنقع زمني متجمد، يؤطرهما وحل الزمن الثلجي مثقلاً خطواتك، وكأنك سجين في عالم أنهكه النعاس. يداك هامدتان تحت قسوة الذهول، وقد تسربت زُرقة الوحدة إلى عروقك، لتغطيهما باردة كليل الطوفان. وظلت الأيام المستبدة تفترس آخر ما تبقى من دفء ذكرياتك، فحولتها إلى شظايا دامية هجرتها الأرواح.

امنحني يدك! دعني أتنفس دفئًا يشق طريقه عبر جليد وحدتك. كم استعصت علينا تلك الطبقات السميكة التي أغلقت نوافذ قلبك وعزلتك عن العالم.!
لا بد من تحرير رموشك المتصلبة، تلك التي أثقلها الانتظار الطويل، وتخليصها من هشاشة الصبر الذي ينهار بين ضربات الأمل وخيبات اليأس. لقد حان أن يعاد إليها لمعان الطمأنينة وهدوء اللحظات المنتظرة.

شفاهك المتعبة كأرض استنزفها الجفاف وتنتظر أولى قطرات المطر، ما زالت تحمل آثار النسيان التي مر بها الكلام الذي لم يُقَل. أناملك المرتعشة، التي ظلت تائهة في بحث مضنٍ عن دفء يد حانية، تستحق لمسة تعيد إليها الإحساس بالظلام. فدعني أكون المطر الذي ينبت زهور اللوتس من تحت طبقات التربة التي فكت عنها للتو كوابيس الأنوار. تلك الأزهار التي ستشق طريقها إلى كؤوس النبيذ بحلول آخر أيام آذار، معلنة عن بدء القطط بشم الربيع وتجدد الطيران بعد اجتياز حلم طويل.

أبتغي الآن ترويض زمهرير الأيام وصرامة العواصف التي حاصرت أرواحنا لكي ننسج وشاحًا دافئًا من خيوط الشمس المتسللة بخجل من بين الغيوم المظلمة، ونغمر قلوبنا بعمق ينبض ببراعم الأمل من جديد. لنجعل أرواحنا تزهر كما تزهر أشجار اللوز في ربيع العمر، فتتحول الكلمات إلى فصل دائم من انتعاش الأعناب.
مالمو
2025-03-23