ملخص في عقود التراخيص النفطية/ العراق - الجزء 3


علي عباس خفيف
الحوار المتمدن - العدد: 7682 - 2023 / 7 / 24 - 18:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

▪ آراء من بعيد أيضاً في عقود التراخيص/ العراق
في تقرير على صفحة قناة الحرة جاء فيه على لسان "محمد رحيم الربيعي" ممثل العراق وعضو مبادرة الشفافية:
- رغم انضمام العراق لمبادرة الشفافية الدولية للصناعات الاستخراجية ، لم يلتزم العراق بالإفصاح عن تفاصيل العقود التي أبرمتها حكوماته المتتالية مع الشركات العالمية.
- صمت عراقي في قضية "أونا أويل"، مع كشف الإدانات البريطانية وملاحقاتها للشركات التي دفعت رشاوى لمسؤولين عراقيين. وقد قضت السلطات البريطانية، في آذار 2021، بسجن "رابع مدير تنفيذي"، بعد إدانته برشوة مسؤولين حكوميين عراقيين لنيل عقود نفطية في العراق.
- أبرز شبهات الفساد التي تشوب جولات التراخيص هو عدم نشر العقود التي أبرمتها الحكومة العراقية، ممثلة بوزارة النفط، مع الشركات العالمية.
- واعتبر الربيعي: "عدم قيام الشركات الأجنبية النفطية بتطوير الشركات الوطنية وبناء قدراتها التي توفر الأموال والوظائف، بأنها أحد أوجه الفساد الواضحة."
- وتحدث الربيعي عن العقود الثانوية التي تبرمها الشركات الاجنبية من الداخل، مع شركات أجنبية أخرى للقيام بأعمال محددة أو تجهيز المواد، يقول؛ إنّ هذه الشركات غير مسجلة بشكل رسمي في العراق. وحسب القانون العراقي؛ "يحظر على الشركات الأجنبية ممارسة أي نشاط تجاري أو فتح مقر لها في العراق إذا لم تمنح إجازة تسجيل من العراق."
- ويؤكد أيضاً: "تزيد قيمة الكثير من العقود الثانوية هذه عن أكثر من مئة مليون دولار أميركي." وهو مخالفة لبنود الترخيص لان المبالغ فوق 20 مليون دولار يجب أن تحصل على موافقة وزارة النفط العراقية عليها.
• وتحدث الخبير النفطي كوفيد شيرواني موجّه اتهامه الشديد للحكومات المتعاقبة واتهمها بالفساد:-
- وقال:- نقلاً عن وزارة المالية، إن حجم الهدر والفساد في موازنات الدولة منذ 2004 إلى 2020 بلغ مابين 450 إلى 500 مليار دولار من أصل 1200 مليار دولار هي موازنات العراق للفترة المذكورة".
- وقال إن الناس لن تصدق إذ: "هي نسبة مرتفعة؛ تفوق %30، ضاعت من مقدرات الشعب العراقي بسبب سوء الإدارة والفساد".
• وفي تفاصيل مذكرة مرسلة من "مركز العراق للتنمية القانونية" بخصوص "عقود التراخيص النفطية" موجهة إلى "مجلس القضاء الأعلى – الادعاء العام" و "هيئة النزاهة" نجد ما لا يحصى من موارد الفساد وخططه وتطبيقاته دونما خشية من قانون أو حرصاً على حقوق الشعب والوطن.
تذكر المذكرة:-
1- إنّ عقود التراخيص تمت دون غطاء قانوني، لعدم وجود تشريع عراقي بخصوص الثروة الكاربوهيدراتية، أي "قانون للنفط والغاز".
2- قانون الاستثمار الساري والمعتمد حالياً من قبل الدولة العراقية يمنع الاستثمار في قطاع النفط والغاز.
3- إذا أريد لهذه العقود الحصول على استثناء بتدخل تشريعي؛ فانها لم تحصل على الاستثناء،لأن عقود التراخيص هذه لم تُعرض على مجلس النواب أبداً. (بل جرى طبخها بين نوري المالكي وحسين الشهرستاني).
4- ولأن قانون (شركة النفط الوطنية ) ما زال نافذاً منذ العهد السابق ولم يجرِ إلغاءه، فإن أعمال عقود التراخيص من اختصاص "شركة النفط الوطنية" وحدها، والتي لايسمح قانونها للشركات النفطية الأجنبية بالعمل في حقول العراق.
5- ووفقا لقانون "شركة النفط الوطنية" النافذ، يجب أنْ تجرى جميع المفاوضات الخاصة بالاستثمار معها لا مع وزارة النفط.
6- لو كانت هذه العقود "عقود خدمة" حقاً، لكانت المحاكم العراقية هي المختصة بالحكم في الخلالافات بين الشريكيين المحلي والأجنبي. بينما جرى تثبيت فض الخلافات عبر محاكم دولية، اي انها ليست عقود خدمة.
7- على أي قانون استندت وزارة النفط بتمديد مدة العقد للشركات من 20 سنة إلى 30 سنة. وماهي مسوغات التمديد؟ وهذه مخالفة للدستور والقوانين العراقية.
8- لوكانت عقود وطنية وعقود خدمة حقا لماذا توفر لها الأمن شركات حماية أجنبية تختارها الشركات، وتدفع لها من أموال العراق بملايين الدولارات شهرياً؟ بينما الصحيح أن تحصل االشركات على حماية الجيش العراقي والقوى الأمنية العراقية. وهذا سبب آخر يثبت انها ليست وطنية وهي عقود مشاركة لا عقود خدمة.
9- قال "عادل عبدالمهدي اثناء ترؤسه الوزارة إنّ الحكومة دفعت 14 مليار دولار للشركات الأجنبية النفطية بسبب خلل حدث في الفترة بين 2011 و 2014" من دون الإفصاح عن طبيعة هذا الخلل، أو مناقشته. ولم يفصح أحد في الحكومة عنه. كذلك لم تسأل الحكومة ولا البرلمان؛ هل تتناسب هذه التعويضات الضخمة بمليارات الدولارات مع الخلل المذكور؟ وهذا أيضاً بقي من الأسرارالخفية.
10- لماذا يُغرّم العراق نسبة 1% من المستحقات التي للشركات على الحكومة، اي يضاف 1% على مستحقاتها، أذا تأخر العراق في الدفع للشركات الأجنبية ولم يلتزم بالدفع في وقته؟ بينما تجنب العراق وضع غرامات على الشركات الاجنبية في حال عدم الوفاء بالتزاماتها.
▪ في رسالته لنيل شهادة الماجستير المذكورة سابقاً ذكر السيد "هيتم عبدالنبي البديري"؛ أن عقود التراخيص الأولى والثانية وما تشتمل عليه من مخالفات قانونية ومساوئ وعيوب هي في حقيقتها عقود إنتاج إضافي. أي تتطلب نقل التكنولوجيا إلى الشركة الوطنية، لكن هذا الشرط لم يُنفّذ من قبل الشركات الأجنبية مع أنّه من طبيعة هذه العقود؟
- ومن العيوب والمخالفات الواضحة موضوع العمالة العراقية، إذ لم تلتزم الشركات النفطية الأجنبية بهذا الشرط الحيوي، الذي كان من مبررات تمرير العقود. ويفرض هذا الشرط على الشركات الأجنبية تشغيل اليد العاملة العراقية بحيث تشكّل العمالة العراقية 85% من حجم العمالة الكلي عند بدء العمل. والحقيقة أن العمالة العراقية في الشركات الأجنبية حتى الآن يتراوح بين 45- 55%، وقد أهملت الحكومة متابعة هذا الشرط وشروط أخرى، بينما تثقل كاهل الموازنة بالتشغيل العشوائي للمعطلين عن العمل لتخلق بطالة مقنعة من نوع جديد، خصوصاً في صفوف الأجهزة الأمنية المتورمة أصلاً.
- لم يتحقق إنتاج الذروة الذي على أساسه بررت الحكومة إطلاق عقود التراخيص، والذي تباهت به حكومة المالكي ووزيره الشهرستاني، حينما ادعت ان الإنتاج سيصل إلى 12 مليون برميل يومياً.
- رفعت الشركات النفطية الأجنبية كلفة إنتاج البرميل ما بين 18-23 دولار، فيما كانت تكاليف إنتاج البرميل الواحد، حسب تقرير الجزيرة، "تعد الأقل في العالم إذ تتراوح بين 0.95 و1.9 دولار للبرميل الواحد، مقارنة بكلفة إنتاج البرميل في بحر الشمال التي تصل إلى عشرة دولارات"، خصوصا حقول الرميلة في البصرة التي استهدفتها الجولتان الأولى والثانية. وقد ذكرت تقارير المالية هذه الكلفة.
- تصاعدت أرباح الشركات الأجنبية في الحقول المنتجة سابقاً، وهو إنتاج إضافي، ومن دون كلف الاستكشاف بشكل مثير، بينما حققت الحقول التي استكشفتها الشركات الاجنبية أرباحاً غير مشجعة. وهذا واحدٌ من عيوب عقود التراخيص. ويبدو منح الشركات عقوداً في الحقول المنتجة سابقا، كأنه مكافئة لرعاة الشركات الأجنبية، حيث تحقق لها أرباحا بجهود لاتُذكر.
- لوحظ أن تكاليف اللعمل التي قدمتها الشركات عن تطوير الحقول المستكشفة سابقاً وهي الحقول المنتجة، والتي تسسميها عقود التراخيص الحقول المطورة، أعلى بكثير من التكاليف المقدمة عن الحقول الجديدة أو غير المطورة!.
- ومن الجدير بالذكر أنّ الحكومة العراقية قامت بإلغاء البند الذي يشترط على الشركات الاجنبية في عقدي التراخيص الأول والثاني،"معالجة الغاز المصاحب"، ومن دون أيّ سبب.
- إنّ الميل للإسراع في إنتاج النفط فيما يسمى "إنتاج الذروة"، دفع إلى بناء خزانات ضخمة لمصلحة الشركات الأجنبية، الأمر الذي سبب زيادة في كلفة البرميل (كلفة الاستخراج + كلفة الخزن) الذي يجب أن يدفعه العراق إلى الشركات. مع العلم أنّ الأسواق العالمية لاقدرة لها على استيعاب هذه الزيادة الكبيرة من المعروض النفطي العراقي.
▪ ملاحظات ونتائج مزرية
يذكر السيد هيثم البديري جملة من تعاريف خبراء اقتصاد دوليين يكشوف عن معنى "الاستثمار الاجنبي المباشر" الذي منه "عقود الترخيص":-
- فقد عرّف الاقتصاديان "بيتر و توبياس" عام 2003 أن "الاستثمار الأجنبي المباشر" هو: "السيطرة على الملكية لثروة بلد أو شركة في بلد آخر من قبل شركة أجنبية حيث تنطوي هذه السيطرة على المشاركة في الإدارة وملكية المشروع.
- ويعرفه "هوغو و كيريت" عام 2016؛ هو عملية تحصل بموجبها الشركة الأجنبية على "فرصة التحكم والمنفعة الطويلة الامد" من كل الأنشطة الأخرى الخاصة بثروة بلد آخر.
- وعرفه عام 2005 كل من "Nasser، وفريدريك، وغتمان، وزوتر" (بأنه استثمار دولي للسيطرة الإدارية، وممارسة نفوذ كبير في اقتصاد الآخر).
- وعرّفه كل من "بنكهام، وفيليب، وفرانسيس، وفوربيجل" وآخرون تبعاً لمعيار هو الأهم حسب تعريفهم هو معيار "السيطرة والتحكم والمدة الزمنية الطويلة على ثروة بلد آخر،... ".
- وعرّفه "صندوق النقد الدولي- IMF" و "منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية- OECD": "إنه استثمار ينطوي على علاقة طويلة المدى، "تعكس منفعة وسيطرة من جانب مستثمر أجنبي مباشر.. على.. اقتصاد بلد آخر..".
- وخلاصة هذه التعريفات يتوصل كثيرون منهم البديري إلى أنّ "الاستثمار الأجنبي المباشر" الذي منه عقود التراخيص: "إنه يتميز عن غيره من الاستثمارات الأخرى.. من حيث "درجة الاستملاك وسيطرة المستثمر (الأجنبي) على المؤسسة (أو الثروة التي استثمروا فيها)".
وهذا الوصف ينطبق على الأشكال الستة للاستثمار الأجنبي المباشر- المذكورة في الجزء الاول من هذا الملخص -دونما استثناء.
سنأتي على تفاصيل اخرى في الجزء اللاحق الاخير.
يتبع....