رأس المال: الفصل الخامس عشر (68) التغير في مقدار سعر قوة العمل وفي فائض القيمة


كارل ماركس
الحوار المتمدن - العدد: 6671 - 2020 / 9 / 8 - 14:54
المحور: الارشيف الماركسي     




التغير في مقدار سعر قوة العمل وفي فائض القيمة

II– يوم العمل ثابت وقدرة إنتاجية العمل ثابتة، شدة العمل متغيرة

إن ازدیاد شدة العمل يفترض ازدياد إنفاق العمل خلال وقت العمل نفسه. لذا فإن يوم العمل الذي يمارس فيه عمل أشد يتجسد في منتوجات أكبر مما يقدمه يوم عمل أقل شدة، رغم ثبات عدد الساعات. صحيح أن ازدياد قدرة إنتاجية العمل يؤدي هو الآخر إلى تقديم منتوجات أكثر في يوم عمل محدد، ولكن قيمة كل وحدة مفردة من المنتوج تهبط، في هذه الحالة، نظرا لأنها تكلف عملاً أقل من ذي قبل؛ أما عند ازدیاد شدة العمل فإن قيمة كل وحدة من المنتوج تظل على حالها، لأنها تظل تكلف المقدار نفسه من العمل كما في السابق. إذن نحصل هنا على زيادة في عدد المنتوجات لا يرافقها هبوط في أسعارها. فمع ازدياد عددها يرتفع مجموع أسعارها. أما في حالة ارتفاع قدرة إنتاجية العمل، فإن مقدار القيمة ذاته يتوزع على كتلة أكبر من المنتوجات. وعليه، لما كان طول يوم العمل ثابتاً، فإن يوم عمل ذا شدة أكبر سيتبلور في قيمة منتجة جديدة
أكبر، كما سيتبلور في نقد أكثر، شريطة أن تظل قيمة النقد على حالها. إن القيمة التي يخلقها يوم عمل كهذا تتغير مع انحراف شدة العمل فيه عن الشدة العادية القائمة في المجتمع. لذلك، فإن يوم العمل نفسه لم يعد يخلق قيمة جديدة ثابتة كما في السابق، بل قيمة جديدة متغيرة؛ ففي يوم عمل مؤلف من 12 ساعة وبشدة عمل عادية، يمكن للقيمة المنتجة حديثاً أن تبلغ، مثلا، 6 شلنات، ولكن هذه القيمة المنتجة من شأنها أن ترتفع إلى 7 أو 8 شلنات فيما لو زیدت شدة العمل. ومن الجلي أنه إذا ما ارتفعت القيمة التي يخلقها يوم عمل ما من 6 إلى 8 شلنات، فإن الجزءين اللذين تتألف منهما هذه القيمة، وهما سعر قوة العمل وفائض القيمة، قد يرتفعان معا في آن واحد، إما بصورة متساوية أو متفاوتة. فقد يرتفع سعر قوة العمل وفائض القيمة معا من 3 إلى 4 شلنات إذا كانت القيمة المنتجة حديثة ترتفع من 6 شلنات إلى 8 شلنات. وفي هذه الحال لا يعني ارتفاع سعر قوة العمل، بالضرورة، أن سعرها قد تجاوز قيمتها، بل على العكس قد يعني انخفاض هذا السعر أدنى (*) من القيمة. ويحدث ذلك حيثما كان ارتفاع سعر قوة العمل لا يعوض عن تزايد استهلاك هذه القوة.

نحن نعرف أن تغير إنتاجية العمل لا يسبب، إلا في حالات استثنائية عابرة، أيما تغير في مقدار قيمة قوة العمل، وبالتالي في مقدار فائض القيمة، ما لم تكن منتوجات الفرع الصناعي موضع البحث هي مواد يستهلكها العمال عادة. إن هذا الشرط لم يعد ينطبق في الحالة الراهنة، لأنه عندما يحدث التغير إما في أمد العمل أو شدته، فثمة على الدوام تغير مماثل في مقدار القيمة المنتجة حديثة يقع بمعزل عن طبيعة المادة التي تتمثل فيها تلك القيمة.

وإذا ما كان لشدة العمل أن ترتفع في آن واحد وبصورة متساوية في جميع فروع الصناعة، فإن درجة الشدة الجديدة العالية هذه سوف تصبح درجة عادية بالنسبة للمجتمع، وعندها سنكف عن اعتبارها مقداراً أعظم. مع ذلك، حتى في حالة وقوع ذلك، فإن متوسط شدة العمل يظل متبايناً بتباين البلدان، وبالتالي فإنه سيعدل تطبيق قانون القيمة على أيام العمل عند مختلف الأمم. فيوم العمل الأكثر شدة لهذه الأمة سوف يمثل مقداراً من النقد أكبر مما يمثله يوم العمل الأقل شدة لأمة أخرى (1).

(*) في الطبعة الرابعة: انخفاض القيمة، وليس إلى أدنى من القيمة. [ن. برلین].
(1) إذا ما بقيت الظروف الأخرى متساوية، فإن بوسع الصناعي الإنكليزي أن يستخلص مقداراً أكبر بكثير من المنتوجات خلال فترة معينة من الزمن بالقياس إلى ما يستخلصه الصناعي الأجنبي، وذلك لموازنة الفارق بين ساعات العمل، التي تبلغ 60 ساعة في الأسبوع عندنا، وتبلغ 72 أو 80 ساعة في أماكن أخرى. تقارير مفتشي المصانع، 31 تشرين الأول/ أكتوبر، 1855، ص 65.
إن أنجع وسيلة لتقليص هذا الفارق بين ساعة العمل الإنكليزية وساعة العمل الأوروبية تكمن في تشريع قانون يقلص آماد يوم العمل في المصانع الأوروبية.