رأس المال: II- الإنتاج الراسمالي كإنتاج لفائض القيمة (110)


كارل ماركس
الحوار المتمدن - العدد: 7054 - 2021 / 10 / 22 - 00:15
المحور: الارشيف الماركسي     


الانتقال من القسمين II و III إلى القمسم I(*)


لقد رأينا أن الإنتاج الرأسمالي هو إنتاج فائض قيمة، وبهذه الصفة فإنه (في عملية التراكم) في الوقت نفسه إنتاج رأس المال وإنتاج وإعادة إنتاج مجمل العلاقة الرأسمالية على نطاق متزايد (متسع) باطراد. ولكن فائض القيمة لا ينتج إلا كجزء من قيمة السلع، وهو يظهر في كم معين من السلع أو المنتوج الفائض (Surplus Produce). إن رأس المال لا ينتج إلا فائض قيمة، ولا يعيد إنتاج نفسه إلا بصفته منتجاً للسلع. وعليه ينبغي أن نشغل أنفسنا من جديد بالسلعة بوصفها منتوجه المباشر. لكن السلع، كما رأينا، هي نتائج غير مكتملة منظوراً إليها من ناحية الشكل (أي كأشكال اقتصادية). فقبل أن يكون بوسعها أن تنشط ثانية بمثابة ثروة (سواء كنقود أم كـ قيم – استعمالية) ينبغي لها أن تجتاز تغيرات معينة في الشكل، ويتوجب عليها أن تدخل من جديد عملية التبادل كيما تحقق ذلك. لذا ينبغي أن نلقي عن كثب نظرة متفحصة على السلعة باعتبارها النتيجة الأولى لعملية الإنتاج الرأسمالية، وأن ندرس العمليات اللاحقة التي يجب أن تمر بها.

(إن السلع هي عناصر الإنتاج الرأسمالي، والسلع هي منتوجه؛ إنها الشكل الذي يعاود به رأس المال الظهور في نهاية عملية الإنتاج).

ونبدأ بالسلعة، بهذا الشكل الاجتماعي الخاص للمنتوج – لأنها أساس الإنتاج الرأسمالي ومقدمته. لنأخذ المنتوج المفرد بين أيدينا ونحلل المحددات الشكلية التي يحتويها كسلعة، والتي تسمه بميسم سلعة. قبل الإنتاج الرأسمالي، كان جزء كبير مما ينتج لا يأخذ شكل سلع، ولا كان ينتج لهذا الغرض. الأكثر من ذلك، أن نسبة كبيرة من المنتوجات التي كانت تذهب إلى الإنتاج لم تكن سلعة، ولم تدخل في عملية الإنتاج بوصفها سلعة. إن تحويل المنتوج إلى سلع كان يجري في نقاط معزولة لا غير؛ وكان ذلك يمس المنتوج الفائض، أو قطاعات معينة (مثل منتوجات المانيفاکتورات). أما المنتوج ككل فلم يدخل في العملية كسلعة، ولا خرج من العملية بهذه الصفة (1). مع ذلك فقد كانت السلع والنقود تداول، في حدود معينة، وبالتالي فقد كان هناك تطور معين للتجارة: كانت تلك هي المقدمة ونقطة الانطلاق لتكوين رأس المال والنمط الرأسمالي للإنتاج. إننا نعتبر السلعة مثل هذه المقدمة، وننطلق من السلعة كإنتاج رأسمالي في أبسط أشكاله. من جهة ثانية، فإن السلعة هي منتوج، نتيجة للإنتاج الرأسمالي. إن ما بدا باعتباره أحد مكونات هذا الإنتاج، اتضح فيما بعد أنه منتوج هذا الإنتاج بالذات. إن السلعة لا تغدو الشكل العام للمنتوج إلا على أساس الإنتاج الرأسمالي. وكلما تطور أكثر، ازداد امتصاص كل عناصر الإنتاج في العملية(**).





III: الإنتاج الرأسمالي هو إنتاج وإعادة إنتاج علاقات الإنتاج الرأسمالية الخاصة


إن منتوج الإنتاج الرأسمالي ليس فائض القيمة فقط، بل هو أيضا رأس المال.

إن رأس المال هو (ن – س – ن)، كما رأينا، أي قيمة تنمي قيمة نفسها ذاتياً، قيمة تنجب قيمة.

وفي المقام الأول، حتى قبل تحويل القيمة أو النقود الموظفة إلى عوامل عملية العمل إلى وسائل إنتاج، رأسمال ثابت من جهة، وقدرة – عمل حول إليها رأس المال المتغير، من جهة أخرى فإن هذه القيمة أو هذه النقود ليست إلا رأسمالا في ذاتها، رأسماة بالقوة. وكان هذا أصدق قبل تحويلها إلى عوامل لعملية الإنتاج الفعلية. وحين تجد نفسها داخل هذه العملية، وحين يجري حقاً دمج العمل الحي في أشكال الوجود المتشيئة لرأس المال، وحين يجري اعتصار العمل الإضافي في العملية، عندئذ وحسب نجد أن هذا العمل قد تحول إلى رأسمال. وعلاوة على ذلك نجد، عندئذ، أن مقادیر رأس المال بالقوة، مقادیر ما كان رأسمالا من حيث النية، ما جرى توظيفه فعلا، قد تحول أيضا إلى رأسمال بالفعل وبالواقع. ما الذي جرى في هذه العملية ككل؟ لقد باع العامل حق التصرف بقدرة – عمله مبادلا إياها لقاء وسائل عيش ضرورية. وقد فعل ذلك لقاء قيمة معينة حددتها قيمة قدرة – عمله. وإذا ما نظرنا إليه ، فما هي النتيجة؟ ببساطة وجلاء (Simplement et Purement) إعادة إنتاج قدرة – عمله. ما الذي تخلى العامل عنه؟ النشاط الذي يحفظ القيمة، ويخلقها ويزيدها: عمله. وهكذا، إذا أغفلنا استنفاد قدرة – عمله، فإنه يخرج من العملية كما دخلها، أي بالتحديد مجرد قدرة – عمل ذاتية يتوجب عليها أن تسلم نفسها للعملية نفسها من جديد إن أرادت البقاء.

على خلاف ذلك، لا يخرج رأس المال من العملية كما دخلها . فقد أصبح رأسمالا حقيقياً، قيمة تنمي قيمة نفسها ذاتياً في مجرى العملية. إنه يوجد الآن كرأسمال متحقق في شكل منتوج إجمالي، وبهذه الصفة، كملكية للرأسمالي، يقف الآن كقوة مستقلة في مواجهة العمل من جديد رغم أنه خلق على يد ذلك العمل نفسه. من هنا فإن العملية لا تعيد الإنتاج فحسب بل تعيد إنتاج رأس المال. في السابق، كانت شروط الإنتاج تواجه العامل کرأسمال بمعنى واحد فقط هو أنه وجدها قائمة في الوجود ککائنات مستقلة متعارضة مع ذاته. وما يجده الآن متعارضاً معه، هو منتوج عمله هو بالذات. فما كان مقدمة بات الآن نتيجة عملية الإنتاج.

إن القول بأن عملية الإنتاج تخلق رأس المال هو، بهذه الحدود، محض طريقة أخرى للقول بأنها قد خلقت فائض قيمة.

لكن المسألة لا تتوقف هنا. ففائض القيمة يعاد تحويله إلى رأسمال إضافي؛ ويتجلی کتکوین لرأسمال جديد أو رأسمال موسّع. من هنا فإن رأس المال قد خلق رأسمالاً ولم يقتصر على تحقيق ذاته كرأسمال وحسب. إن عملية التراكم هي ذاتها لحظة باطنية ملازمة لعملية الإنتاج الرأسمالية. إنها تستتبع خلقاً جديداً لعمال مأجورين، خلقاً لوسائل تحقيق وزيادة المقدار المتاح من رأس المال. وهي تفعل ذلك إما بتوسيع سطوتها لتشمل أقساماً من السكان لم تكن خاضعة لها في السابق، مثل النساء والأطفال، وإما أنها تستبعد قسما من جماهير العمال التي ازدادت من خلال النمو الطبيعي للسكان. ويتضح بجلاء، عند تفحص الأمر عن كثب، أن رأس المال نفسه بضبط إنتاج قدرة – العمل هذه، إنتاج جمهرة من البشر الذين يزمع أن يستغلهم بما يتفق وحاجاته هو بالذات، لذا فإن رأس المال لا يخلق رأس المال فحسب، بل ينتج جمهرة عمال متنامية من البشر، المادة التي يستطيع بها وحدها أن يؤدي وظيفة رأسمال إضافي. لذلك ليس فقط صحيحاً القول إن العمل ينتج، على نطاق متزايد باستمرار، شروط العمل التي تقف في تضاد معه هو ذاته في شكل رأسمال، بل من الصحيح أيضا القول إن رأس المال ينتج، على نطاق متزايد باستمرار، العمال المأجورين المنتجين الذين يحتاجهم. إن العمل ينتج شروط إنتاج في شكل رأسمال، ورأس المال ينتج العمل، أي كعمل مأجور، كوسيلة لتحقيق ذاته هو کرأسمال. ليس الإنتاج الرأسمالي مجرد إعادة إنتاج للعلاقة: إنه إعادة إنتاجها على نطاق متزاید باطراد. ومثلما أن القدرات الإنتاجية الاجتماعية للعمل تتطور بالتوافق مع النمط الرأسمالي للإنتاج، كذلك فإن الثروة المتكدسة التي تواجه العامل، تنمو قدماً وتواجهه کرأسمال، کثروة تسيطر عليه. إن عالم الثروة يتوسع ويواجهه كعالم غريب يهيمن عليه، وبتوسع هذا العالم ينمو على النقيض من ذلك فقره الذاتي، وحاجته وتبعيته نمواً أعظم. إن حرماناته هو ووفرتها هي [الثروة ] صنوان متلائمان بالضبط. وهناك في الوقت عينه زيادة مقابلة في كتلة هذه الوسيلة الحية لإنتاج رأس المال: البروليتاريا الكادحة.

إن نمو رأس المال والزيادة في البروليتاريا، يظهران، بناء على ذلك، منتوجین مترابطين – وإن يكونا قطبين متضادين – للعملية الواحدة نفسها.

ولا يقتصر الأمر على إعادة إنتاج هذه العلاقة، إذ يجري إنتاجها على نطاق متعاظم باستمرار، بحيث أنها تخلق إمدادات جديدة أبدا من العمال، وتنتهك فروع إنتاج كانت مستقلة من ذي قبل. يضاف إلى ذلك، كما رأينا في عرضنا لنمط الإنتاج الرأسمالي الخاص، يعاد إنتاج العلاقة بأسلوب مفيد أكثر فأكثر لجانب أول، الرأسماليين، وضار أكثر فأكثر لجانب ثاني، العمال المأجورين.

ولو أخذنا استمرارية عملية الإنتاج، فإن أجر العامل لا يزيد عن ذلك الجزء من المنتوج الذي ينتجه العامل باستمرار، ويحوله إلى وسائل عيش، وبالتالي إلى وسائل الصيانة وزيادة قدرة – العمل التي تلزم رأس المال لإنماء القيمة لأجله، أي لعملية حياته الخاصة. إن صيانة وزيادة قدرة – العمل يظهران إذن، محض إعادة إنتاج وتوسيع لشروط إعادة إنتاج رأس المال نفسه وتراكمه (أنظر اليانكي)(***).

إن هذا يدمر آخر بقايا المظهر الوهمي المميز بوجه خاص للعلاقة لدى معاينتها سطحياً، والقائل إنه في عملية التداول في السوق، يتقابل مالكان للسلع، على قدم المساواة، وإنهما، شأن سائر بقية مالكي السلع، لا يختلفان إلا بالمحتوى المادي لسلعهما، بالقيمة – الاستعمالية الخاصة للسلع التي يرغبان في بيعها لبعضهما بعضا. أو بتعبير آخر، إن العلاقة في شكلها الأصلي تظل بلا مساس، ولكنها لا تستمر في البقاء إلا كانعکاس ظاهري للعلاقة الرأسمالية المختبئة وراءها.

ثمة هنا لحظتان متمایزتان: إعادة إنتاج العلاقة نفسها على نطاق متزاید باطراد نتيجة لعملية الإنتاج الرأسمالية، والشكل الأصلي الذي تظهر به أول الأمر تاريخياً، ثم تجدد نفسها باستمرار على سطح مجتمع رأسمالي متطور.

1) أولا – بخصوص العملية الابتدائية داخل میدان التداول، بيع وشراء قدرة – العمل.

إن عملية الإنتاج الرأسمالية ليست مجرد تحويل إلى رأسمال لتلك القيمة أو السلعة التي يضعها الرأسمالي جزئياً في السوق ويحتفظ بها جزئيا في عملية العمل على العكس، فهذه المنتوجات المحولة إلى رأسمال ليست منتوجاته هو، بل منتوجات العامل. إنه يبيع إلى العامل باستمرار جزءا من منتوجه به ضروريات الحياة لقاء عمله – لكي يصون ويزيد قدرة – العمل، أي الشاري نفسه. وهو يستعير منه بالمقابل جزء آخر من منتوجه، الشروط الموضوعية للعمل، كرأسمال، كوسيلة يستطيع رأس المال بواسطتها أن ينمي قيمته ذاتياً. وهكذا بينما يعيد العامل إنتاج منتوجه کراسمال، فإن الرأسمالي يعيد إنتاج العامل كعامل مأجور، وبالتالي كبائع لعمله. إن العلاقة بين البشر الذين يقتصرون على بيع سلعهم هي أنهم يبادلون عملهم الخاص المتجسد في قيم – استعمالية مختلفة. وعلى أي حال، فإن بيع وشراء قدرة – العمل، کنتیجة دائمة لعملية الإنتاج الرأسمالية، يتضمنان أن العامل يجب أن يعيد شراء جزء من منتوجه الخاص بالذات، باستمرار، مقابل عمله الحي. وهذا يبدد المظهر الوهمي بأننا معنيون هنا فقط بعلاقات بين مالكي سلع. إن هذا البيع والشراء الدائمين له قدرة – العمل والدخول الدائم للسلعة، التي أنتجها العامل نفسه، كشار لقدرة – عمله وكرأسمال ثابت، تظهر بوصفها مجرد اشكال تتوسط استعباده على يد رأس المال. إن العمل الحي لا يزيد عن وسيلة الصيانة وزيادة العمل المتشيئ وجعل هذا الأخير مستقلا عنه. إن هذا الشكل من التوسط ملازم باطنياً لهذا النمط من الإنتاج، فهو يخلد العلاقة بين رأس المال کشار والعامل كبائع للعمل. إنه شكل لا يمكن تمييزه إلا في الشكل عن الأشكال الأخرى الأكثر مباشرة لاستعباد العمل وامتلاكه كما يخلدها مالكو وسائل الإنتاج. فمن خلال توسط هذا البيع والشراء، نجده يموّه الصفقة الفعلية، والتبعية الأبدية المتجددة باستمرار، بتصويرها على أنها لا تزيد عن علاقة مالية، ولا يقتصر الأمر على إعادة إنتاج شروط هذه المتاجرة باستمرار، بل إن الموضوع الذي يجب أن يبيعه الأول، ويستخدمه الثاني لكي يشتري، هما ذاتهما نتيجة ناشئة عن العملية. إن التجديد الدائم لعلاقة البيع والشراء ينحصر في أن يتوسط تخليد علاقة التبعية الخاصة، وأن يسبغ عليها مظهراً مضللا يظهرها بهيئة صفقة، عقد بين مالكَين للسلع، حرّين متساويين. إن هذه العلاقة الابتدائية ذاتها تظهر الآن كلحظة ملازمة لسيطرة العمل المتشیئ على العمل الحي، السيطرة التي تتولد في الإنتاج الرأسمالي.

يترتب على ذلك أن وجهتي النظر واسعتي الانتشار خاطئتان: هناك أولئك الذين يعتبرون العمل المأجور، بيع العمل إلى الرأسمالي وبالتالي شکل الأجور (Salariats)، هو شيء لا يميز الإنتاج الرأسمالي، إلا سطحياً. وهو، على أي حال، واحد من أشكال التوسط الجوهرية لعلاقات الإنتاج الرأسمالية، شكل تعيد هذه العلاقات نفسها إنتاجه باستمرار.

وهناك أولئك الذين يعدون هذه العلاقة السطحية، هذه الشكلية في الماهية، هذا المظهر الخادع للعلاقات الرأسمالية باعتباره ماهيتها الحقيقية. ولذلك فإنهم يتخيلون أن باستطاعتهم إعطاء تقدير حقيقي عن تلك العلاقات بتصنيف كل من العمال والرأسماليين کمالكي سلع. وهم بذلك يقفزون فوق الطبيعة الأساسية للعلاقة، مزيلين خاصيتها المميزة (differentia Specifica).

2) [ثانياً] لکی توطد العلاقة الرأسمالية نفسها أصلا، يفترض سلفا أنه قد تم بلوغ مستوى تاريخي معين من الإنتاج الاجتماعي. ولا بد، حتي في إطار نمط إنتاج قدیم، من أن تتطور حاجات معينة ووسائل اتصال وإنتاج معينة تتجاوز علاقات الإنتاج القديمة وتجبرها على الدخول في القالب الرأسمالي. ولكنها تحتاج، في غضون ذلك، إلى أن تتطور حتى تبلغ النقطة التي تسمح بخضوع العمل شكلياً إلى رأس المال. وعلى أساس هذا التغير في العلائق، تطرأ تغيرات خاصة على نمط الإنتاج، فتخلق قوى إنتاج مادية جديدة من جهة، وهذه بدورها تؤثر على نمط الإنتاج بحيث تبرز الشروط الحقيقية الجديدة إلى الوجود من جهة أخرى. وهكذا تتحقق ثورة اقتصادية كاملة، تخلق، من جهة، الشروط الحقيقية لهيمنة رأس المال على العمل، محسّنة العملية ومزودة إياها بإطار مناسب. وتخلق هذه الثورة الاقتصادية، من جهة أخرى، بتطويرها شروط إنتاج واتصال وقوى منتجة للعمل متناحرة مع العمال المنخرطين فيها، تخلق المقدمات الحقيقية لنمط إنتاج جديد، نمط ينقض الشكل المتناقض للرأسمالية. وهي بذلك تخلق القاعدة المادية العملية حياة اجتماعية جديدة الشكل، وتخلق بالتالي تشكيلة اجتماعية جديدة.

إن وجهة النظر المعروضة هنا تفترق جوهريا عن وجهة النظر السائدة بين الاقتصاديين البورجوازيين حبيسي طرق التفكير الرأسمالية. إن أمثال هؤلاء المفكرين يدركون حقا كيف يجري الإنتاج داخل العلاقات الرأسمالية؛ لكنهم لا يفهمون كيف يجري إنتاج هذه العلاقات نفسها، سوية مع إنتاج الشروط المادية لانحلالها. وعليه، فهم لا يرون أن تبريرها التاريخي کشکل ضروري للتطور الاقتصادي والإنتاج الثروة الاجتماعية قد يتقوض.

وعلى خلافهم، فقد رأينا، كيف يقوم رأس المال بالإنتاج وكيف يتم إنتاجه هو ذاته ، ورأيناه أيضا كيف ينبثق من عملية الإنتاج كشيء مختلف جوهرياً عما كان عليه عند دخوله إياها. فمن جهة، هو يحول شكل نمط الإنتاج الموجود؛ ومن جهة ثانية، فإن هذا التغير في شكل نمط الإنتاج، المرحلة الخاصة التي تم بلوغها في مجری ارتقاء القوى المنتجة المادية، هو ذاته القاعدة والشرط المسبق – أو المقدمة لنشوئه هو بالذات.

نتائج عملية الإنتاج المباشرة


ليست الشروط الموضوعية لعملية الإنتاج هي وحدها ما يظهر كأنه نتيجة لهذه العملية. فالشيء نفسه يصح أيضا على طابعها الاجتماعي الخاص. فالعلاقات الاجتماعية وبالتالي الوضع الاجتماعي للذوات المنفذة للإنتاج إزاء بعضها، أي علاقات الإنتاج، هي الأخرى يتم إنتاجها: فهي أيضا النتيجة المتجددة باستمرار لهذه العملية(****).

______________

(*) في الأصل وضع مارکس لهذا القسم العنوان التالي: “الانتقال من القسم II, I لهذا الفصل [الجزء] إلى القسم III، الذي أدرج في الأصل بمثابة القسم I” وذلك بعد عزمه على إعادة ترتیب تسلسل الأقسام كما هو مبين على الصفحة 441 من المخطوطة. ولتفادي الخلط فقد أعدنا صياغة العنوان ليتفق مع تسلسل الأقسام الثلاثة الواردة هنا. [ن. ع].
(1) خذ العمل الفرنسي حوالي عام 1752 حيث كان يزعم أنه قبل ذلك… كان القمح وحده يعتبر سلعة (صنف تجاري) في فرنسا.
(**) بعد العنوان الموضوع للفقرتين السابقتين سجل مارکس الملحوظة: “انظر ص 1444”. لهذا السبب أدخلنا نص الفقرة الأخيرة هنا. فقد جرى التأكيد على ذلك في المخطوطة بعدد من الأقواس.
(***) المقصود هـ. س. کيري، مبادىء الاقتصاد السياسي، الجزء الأول، ص 76 – 78. [ن. ع].
(****) عند هذا الحد ينقطع نص المخطوطة المكرس لهذا الفصل [الجزء].

[يعقب ذلك شذرات متفرقة من النص الراهن، وقد طبعت بتسلسل اعتباطي ناجم عن اتباع الترقيم الذي وضعه مارکس، والذي يتضمن فراغات كبيرة. وقد استعرنا عناوينها الفرعية من طبعة بليكان الإنكليزية، 1982. ن. ع].