تأمين الثورة


محمد منير مجاهد
الحوار المتمدن - العدد: 3268 - 2011 / 2 / 5 - 23:38
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية     

رغم تمسك الرئيس مبارك بالبقاء في الحكم حتى نهاية فترته الرئاسية الحالية، فقد سقط النظام بالفعل، وسقط الرئيس وما تمسكه بالبقاء في السلطة حتى نهاية فترة رئاسته الحالية إلا "حلاوة الروح" كما نقول في مصر، وسوف يختفي من السلطة سواء طال الزمن حتى أكتوبر 2011 أو قصر حتى بضعة أيام من الآن، وعلينا أن نفكر في تأمين الثورة ومنجزاتها من جهازين رهيبين هما جهاز الشرطة، والحزب الوطني الديمقراطي.

من المفارقات أن يوم 25 يناير يمثل لمحتي ضوء ملهم في تاريخ مصر، أولاهما عام 1952 حين صمدت قوات الشرطة في الإسماعيلية في وجه قوات الاحتلال البريطاني وسقط عدد كبير من الشهداء حتى نفذت ذخيرتهم، وثانيتهما هو ذلك اليوم الذي عشناه منذ بضعة أيام حين انطلق الشعب المصري محطما قيوده ومطالبا بسقوط النظام، وما بين اليومين تحول جهاز الشرطة – الذي تضخم كثيرا في عهد الرئيس مبارك – من جهاز يعمل على حماية أمن الوطن والمواطن إلى تشكيل عصابي يهدد أمن الوطن والمواطن.

كثرت في الآونة الأخيرة الحوادث التي تظهر في الصحف عن جرائم يرتكبها أعضاء في جهاز الشرطة تتراوح بين فرض الإتاوات والرشوة إلى القتل بأجر كما حدث في واقعة قتل سوزان تميم في دبي، مرورا بالسرقة بالإكراه وتسهيل الدعارة وغيرها من الجرائم التي يندى لها الجبين، وكان الأمر يصور في كل مرة على أنه وقائع انحراف فردية يمكن أن تحدث في أي مكان، ثم ظهر دور هذا الجهاز في تزوير الانتخابات وتسهيل تقفيل الصناديق وحماية البلطجة لحساب مرشحي الحزب اللا وطني واللا ديمقراطي، ولكن دوره كتشكيل عصابي ظهر أثناء تصديه لثورة 25 يناير حيث مارس أشد درجات القمع والتي تجسدت في استخدام الرصاص المطاطي، ودهس المتظاهرين بسيارات الشرطة، وإطلاق الرصاص الحي عليهم، وحينما فشلوا بسبب صمود الثوار وبطولتهم، انسحبوا ليس فقط من مواجهة المتظاهرين ولكن من كل واجباتهم كالمرور والحراسات الخاصة والأمن العام وحراسة السجون وغيرها، وفي توقيت متزامن في كل أنحاء مصر بدأت عصابات من البلطجية ومعتادي الإجرام في مهاجمة المحلات التجارية والبنايات العامة والخاصة وترويع المواطنين لدفعهم للاستنجاد بالنظام البائد.

ما كشف عنه هذا الأمر أن العلاقة بين البلطجية ومعتادي الإجرام علاقة عضوية فهم جزء من جهاز الشرطة ويعملون لحسابه، وكان قد ظهر في أعقاب اغتيال خالد سعيد فيلم يوضح قيام ضباط وصف ضباط أحد الأقسام بتقاسم ضبطية حشيش وقيل أن هذا الفيلم كان سببا في قتل خالد سعيد الذي وزعه على الإنترنت، ولهذا فإن هذا الجهاز بوضعه الحالي عصي على الإصلاح ولذا فعلى الثورة أن تقوم بحل جهاز الشرطة وإعادة تشكيله على أسس تلتزم بأمن المواطن المصري وحقوق الإنسان والكفاءة.

في أعقاب التنازلات الشكلية التي قدمها الرئيس بهدف خداع الشعب وإحداث انشقاق في صفوفه المجمعة على ضرورة تخليه عن الحكم، تم إطلاق البلطجية المرتبطين بالحزب الوطني لمهاجمة المعتصمين في ميدان التحرير بالأسلحة البيضاء وقنابل المولوتوف والأسلحة النارية، وهم ذات البلطجية الذين استخدمهم لترويع الناخبين وتزوير إرادة الشعب في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وقد حدث نفس الشيء أيضا بشكل متزامن في عدد من محافظات مصر.

فالحزب الوطني ليس إلا تنظيم لأصحاب المصالح أو الطغمة الفاسدة التي كوَنها ابن الرئيس لتعبر عن الزواج الخبيث بين السلطة والثروة، وهؤلاء البلطجية يرتبطون ارتباطا عضويا بالحزب الوطني ويتبادلون المصالح مع أعضاءه الفاسدين، وكان هذا الحزب قد تكون على أنقاض حزب مصر حينما أعلن الرئيس السادات أنه سيشكل "الحزب الوطني الديمقراطي" فغادر جميع أعضاء الحزب القديم إلى الحزب الجديد، هو إذن حزب للمنافقين عديمي المبادئ الذين يمكن أن يفعلوا أي شيء إرضاء للثروة أو السلطة أو لكلاهما معا، وبالتالي فهم يشكلون خطرا كبيرا على الدولة الجديدة، ولذا يجب حل هذا الحزب وحماية الدولة منه عن طريق إصدار قانون "استئصال الحزب الوطني".

بهذا وبدعم المبادرات الجماهيرية كاللجان الشعبية التي تأسست بمبادرة شعبية لحماية الممتلكات والأرواح من فلول جهازي الشرطة والحزب الوطني وبلطجياتهم يمكن تأمين الثورة لتنطلق في إصلاح ما أفسده نظام مبارك.