عبلة أبو علبة في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اليسار والقوى التقدمية في الأردن، المرأة والقيادة.


عبلة أبو علبة
الحوار المتمدن - العدد: 3262 - 2011 / 1 / 30 - 14:04
المحور: مقابلات و حوارات     

عبلة أبو علبة الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: اليسار والقوى التقدمية في الأردن، المرأة والقيادة.

أجرت الحوار: هيفاء حيدر

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا – 27 - سيكون مع الأستاذة عبلة أبو علبة الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني حول: اليسار والقوى التقدمية في الأردن، المرأة والقيادة.


1- كانت هناك الكثير من الانتقادات حول الانتخابات,وشكك  بنزاهتها , كيف تقيمين التجربة؟ وما هي برأيك أهم مثالب قانون الانتخاب الأردني؟

 قبل اجراء الانتخابات النيابية الأردنية في 9/11/2010م، سادت البلاد حالة واسعة من النقاش ووجهت انتقادات جدية لقانون الانتخابات من قبل جميع الأحزاب السياسية على مختلف تلاوينها، كما قدمت أحزاب المعارضة الوطنية مرتكزات أساسية بديلة للقانون المعمول به والقائم على أساس الصوت الواحد للناخب الواحد، في دوائر انتخابية ليست متساوية من حيث عدد السكان او عدد الناخبين او عدد المقاعد المخصصة لهذه الدوائر او تلك.
لذلك فقد أسس هذا القانون لعمليات تزوير مسبقة النتائج، على اعتبار عدم تساوي قوة الصوت الواحد في الدوائر المختلفة، وهذا يأتي خلافا لما جاء في الدستور الاردني من أن المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات.
وكما يعلم الجميع فقد تباينت مواقف الأحزاب السياسية واشتدت التجاذبات بين الأحزاب الداعية للمقاطعة وبين الحكومة، حيث انتهت هذه الحالة الى مقاطعة حزبين معارضين وهما جبهة العمل الاسلامي، وحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني.
وقد صاحب هذه التفاعلات السياسية، تشكيك مباشر بامكانية نزاهة العملية الانتخابية حتى قبل إجراء الانتخابات، وذلك لسببين أولهما قانون الانتخابات القائم على الصوت الواحد، وثانيهما عدم استجابة الحكومة لتشكيل هيئة قضائية تشرف على الانتخابات وتكون هي المرجعية للبت في اية إشكالات او طعون. وتقرر ان تكون وزارة الداخلية هي الجهة المرجعية للإشراف والبت.
بعد صدور النتائج، تقدم العديد من المرشحين الخاسرين بشكاوى وطعون في نتائج العملية الانتخابية التي جرت، ولديهم وثائق ومستندات ثبوتية، كما كتبت الصحافة المحلية ايضا حول هذا الموضوع. الآن شكل مجلس النواب عددا من اللجان للنظر في الطعون جميعها المقدمة للبت فيها، وهذه ايضا مشكلة اخرى، حيث يجب ان يبت القضاء في هذه الطعون بناء على المعطيات المقدمة وليس مجلس النواب.
بالنسبة لي، فقد كانت تجربة خوض الانتخابات ثمينة جدا ومرهقة جدا ايضا فقد قدمني الحزب الذي انتمي اليه كمرشحة اتبنى برنامجا سياسيا اصلاحيا شاملا.. وهذه المرة الاولى التي اخوض فيها انتخابات نيابية، وكنت قد شاركت سابقا في الحملات التي خاضها الحزب ورشح رفاقا آخرين منذ عام 1989م.
الجمهور الانتخابي الذي التقيته في الدائرة الاولى في العاصمة ينتمي معظمه الى الشرائح الدنيا من الطبقة المتوسطة، او الفقيرة واثناء الحوارات التقيت بإعداد واسعة من المناضلين القدامى الذين خاضوا تجارب سياسية قاسية ضمن أحزاب المعارضة الوطنية في مرحلة السبعينيات والثمانينيات، في ظل سيادة الاحكام العرفية.
وقد دعيت الى ما يزيد عن مئتي لقاء جماهيري انتخابي في هذه الدائرة الواسعة المترامية الأطراف، وكنت في معظم الايام اتحدث في ثلاثة او اربعة لقاءات جماهيرية، إضافة الى اللقاءات الصحفية، والإذاعية، والتلفزيونية.
كان هناك حماس منقطع النظير لتأييد امرأة سياسية مناضلة ترشح نفسها للانتخابات النيابية، وأشد ما تأثرت به هو الثقة الكبيرة لدى جمهور الناخبين بأني سأكون صوتهم في البرلمان وسأتبنى قضاياهم السياسية والمعيشية.
ولكن قلقا كبيرا كان يساور هؤلاء المؤيدين، من إمكانية تجاوز المرشحين الآخرين المدججين بالمال والنفوذ والجاه العشائري، إضافة لكوني سياسية معروفة، حيث يشكل هذا سببا إضافيا لإمكانية إقصائي عن النجاح من قبل الجهات الرسمية المتنفذة. سلاحي الوحيد كان تراثا طويلا من النضال الجماهيري وبرنامج سياسي واقتصادي معارض للسياسات الحكومية المطروحة.
اما الجوانب السلبية فتمثلت في أثر قانون الصوت الواحد على خيار الناخبين من جهة، وقدرة المرشحين الآخرين لى الوصول للجمهور الانتخابي من خلال "المال الأسود" والرشاوى بأشكال وألوان مختلفة، في الوقت الذي تعاني فيه فئات اجتماعية واسعة من الفقر والبطالة والعوز، دون وجود أفق جدي لحل هذه المشاكل. مما اثر كثيراً على انحياز معظم هذه الفئات للمرشحين الموسرين الذين اغدقوا اموالاً طائلة على ناخبيهم.

2 -   كيف تقيمين نظام – الكوتا النسائية- في الانتخابات الأردنية ؟وهل أنت راضية عن أداء المرأة تحت قبة البرلمان؟ وبشكل عام هل تعتقدين إن البرلمان  الأردني يمكنه القيام بدوره التشريعي والرقابي وفي فرض القوانين التي  تحقق الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي؟

نظام الكوتا في البرلمان: هذا النظام يضطر المشرع لوضعه انصافا للجهات المضطهدة او للأقليات، في سياق تاريخي واجتماعي محدد.
لا بأس بنظام الكوتا كمرحلة انتقالية، ولكن الذي ينصف وضع المرأة هو دمقرطة قانون الانتخابات النيابية نفسه، واستبدال قاعدة الصوت الواحد، بقاعدة التمثيل النسبي القائم على القوائم الحزبية والاقرار بالتعددية السياسية والفكرية. مع اعطاء المرأة موقع متقدم في القائمة المشكلة.
فازت على الكوتا لهذه الدورة الانتخابية 12 امرأة اردنية من 12 دائرة انتخابية على مستوى المملكة، لديهن خبرات متنوعة ومتفاوتة في العمل العام والسياسي، ولكنهن جميعا يطمحن لخوض غمار هذه التجربة الديمقراطية بكفاءة ويسعين للدفاع عن قضايا المرأة والقضايا الديمقراطية عامة.
البرلمان الاردني بتكوينه الآن، يفتقر لوجود كتل سياسية حزبية معارضة ولكن هناك اتجاه عام في المجلس منحاز للاصلاح الوطني الديمقراطي، الذي بات ضرورة، لا يمكن بدونها ان تخرج البلاد من أزماتها السياسية والاقتصادية.
 


3 - هل تشعرين وأنت أمين عام لحزب يساري , بجدية طرح قضية المرأة من قبل الحكومات العربية  وبماذا اختلفت  عن الأحزاب اليسارية  لجهة القناعة والرؤية والبرنامج الذي يطرح حول تمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ووصولها إلى مواقع صنع القرار؟.
 هناك تمايز بالطبع بين رؤية الاحزاب اليسارية لقضية المرأة، وبين رؤية الحكومات العربية "خصوصا وان السؤال يجمل الحكومات العربية ويضعها في سلة واحدة" فالاحزاب اليسارية تتعامل مع قضية المرأة باعتبارها قضية وطنية ديمقراطية، ويترتب عليها استحقاقات برنامجية وتنظيمية وخطاب متقدم مشتق من هذه الرؤية المنحازة للفئات المضطهدة من النساء، ولدور المؤسسات النسائية ذات الطابع الديمقراطي.
الحكومات العربية تتباين في رؤيتها لقضية المرأة وان كان المناخ العالمي منذ أوائل السبعينيات قد شكل ضغطا معنويا وسياسيا. على الحكومات العربية من اجل أصدرا تشريعات تنصفها.
ملاحظة: أقرت هيئة الأمم المتحدة عام 1974 تحديد عام 1975 عاماً دولياً للمرأة, وعقد مؤتمر عالمي نسائي كل عشر سنوات وهكذا مثلاً لم يكن صدفة ان صدرت الإرادة الملكية في الأردن بإعطاء المرأة الأردنية حق الترشيح والانتخاب للبرلمان عام 1974م رغم وجود الأحكام العرفية في ذلك الوقت وتعطيل البرلمان حتى عام 1989م.
اعتقد ان إجراءات متقدمة قد اتخذت من قبل عدد من الحكومات العربية تجاه أوضاع المرأة مثل ما جرى في الأردن, مصر, تونس, وبعض دول الخليج ( الإمارات, وعٌمان ), ولكن هذا ليس كافياً, والصورة ما زالت ناقصة, يجب ان تكون لنا عين على الانجازات الفوقية, والعين الاكبر على جموع النساء الموزعات على الفئات الاجتماعية الفقيرة  والطبقة الوسطى, واللاتي يعانين من القهر المركب على جميع الأصعدة: المعيشية والديمقراطية والثقافية عامة.


4 –تقودين حزب يساري غالبيته من الرجال، ما هي ابرز التحديات التي تواجه المرأة القيادية قي المجتمع الأردني؟

التحدي الأبرز الذي يواجه المرأة القيادية في المجتمع الأردني هو ضيق مساحة الديمقراطية السياسية, والديمقراطية الاجتماعية ايضاً, وما يترتب على كل ذلك من تمييز وصعوبة الإقرار بدور قيادي للمرأة تحديداً في المجال السياسي.
انتخبت لأمانة الحزب بعد سنوات طويلة من الكفاح والعمل الميداني والقيادي في مناحي مختلفة على امتداد اكثر من أربعين عاماً؛ لدى حزبنا رؤيا خاصة بقضية المرأة ودورها وضرورة الدفاع عن الظلم المحيط بها. وقد ترتب على هذه النظرة برنامج عمل ومهام وهياكل تنظيمية, وخطاب متقدم خاص بالمرأة هذا إضافة الى ان برنامج الحزب هو برنامج ذو طابع وطني ديمقراطي متقدم, ونظامه الداخلي ايضاً يعطي فرصة لجميع الأعضاء رجالاً ونساءً للتطور في سياق موضوعي تماماًَ.
لقد أنتجت هذه الحالة عدداً وافراً من الكوادر النسائية الهامة على امتداد تاريخ حزبنا, واللاتي أسهمن في بناء الحركة النسائية والحركة النقابية والحياة السياسية العامة. لذلك لم يكن مستغرباً في أوساط حزبنا ولا في أوساط الأحزاب الأخرى ايضاً ان يتم انتخابي لأمانة الحزب. فقد توليت مسؤوليات عديدة – ثقيلة – داخل الحزب على امتداد عشرات السنين. القوى الوطنية الديمقراطية رحبت كثيراً بهذه الخطوة, وهذا أسعدني كثيراً بسبب المغزى الثقافي والتقدمي لهذا الترحيب.


5 – كيف ترين أفاق الحل السياسي على الصعيد الفلسطيني ؟ وما هي وجهة نظرك إزاء ما يطرح من حلول دولة واحدة أو دولتين أو كونفدرالية مع الأردن؟ 
 
 افاق الحل السياسي على الصعيد الفلسطيني: لا يبدو قريباً في الأفق بسبب إصرار الأطراف المعنية على تجاهل المرجعيات الدولية, أي تجاهل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني: حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على ارض وطنه وعاصمتها القدس. حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي تغلق كل أبواب المفاوضات وليس أبواب الحل, بسبب الاصرار على فرض شروطها على الأرض والتمدد الاستيطاني وهدم كل إمكانيات نشوء دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة. الوضع العربي مفكك كما يعلم الجميع وهناك انحياز دولي كبير لصالح الشروط الإسرائيلية. ولكن الاستعصاء الاكبر هو الانقسام الداخلي الفلسطيني وعدم وجود برنامج وطني متفق عليه بين جميع المكونات السياسية الفلسطينية مقابل الخطط الإسرائيلية والأمريكية.
يجب ان تتوفر الشروط الذاتية الفلسطينية والعربية, اولاً واولاً حتى نفرض الشروط على المجتمع الدولي من اجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة, فحق الشعب الفلسطيني ذو الملايين العشرة ان تكون له دولة مثل بقية شعوب العالم. وبعد ذلك يمكن صياغة علاقته مع الأردن على أسس ديمقراطية ومتكافئة بين البلدين والشعبين الشقيقين الأقرب والأكثر تداخلاً في العلاقة بينهما من أي بلدين عربيين آخرين.