القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها


عبلة أبو علبة
الحوار المتمدن - العدد: 4126 - 2013 / 6 / 17 - 19:20
المحور: ملف - القضية الفلسطينية، آفاقها السياسية وسبل حلها     

الحوار المتمدن
س1: هل ترى في الأفق القريب حلا عادلا للقضية الفلسطينية؟ ولماذا؟ وكيف ترى حل الدولتين؟
ــ لا ارى في الأفق القريب إمكانية حل عادل للقضية الوطنية الفلسطينية بما يضمن الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني "حق العودة الى الوطن والديار، وتقرير المصير، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الاراضي المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية"، أي الحل المرحلي المستند الى قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والتي تنص صراحة على ان الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية هي مناطق محتلة ويجب اعادتها للشعب الفلسطيني، وهناك ايضا القرار 194 الذي ينص على عودة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم وديارهم. موازين القوى الراهنة مختلة لغير صالح الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية لأسباب كثيرة أهمها:
أ - حقيقة الانقسام الداخلي الفلسطيني في السياسة والجغرافيا وهو أمر في غاية الخطورة.
ب – الصراعات الجارية في منطقتنا العربية، التي يأخذ بعضها منحى دمويا (على أسس فئوية او عرقية او طائفية)، كلها تضعف إمكانيات الاسناد العربي الرسمي والشعبي الى جانب القضية الوطنية الفلسطينية، في المرحلة الراهنة.
ج – الانحياز الدولي السافر وغير المسبوق الى جانب دولة الاحتلال وسياساتها العدوانية ((الادارة الامريكية)).
ــ ان طرح تصور لحل الصراع العربي الاسرائيلي على اساس حل دولتين يشكل وهما كبيرا، وتضليلا للرأي العام العالمي، لأن دولة اسرائيل الاحتلالية قائمة منذ عام 1948 على أساس قرار صادر عن هيئة الامم المتحدة وهو القرار المشؤوم الذي بات يعرف بقرار التقسيم، ولكن الشعب الفلسطيني هو المحروم من وجود دولة تمثل أمانيه الوطنية على أرض وطنه ولا يجوز ان نساوي أبدا بين الضحية والجلاد في أي تصور سياسي لحل الصراع القومي القائم منذ أكثر من خمسة وستين عاما.
هذا من ناحية، من ناحية اخرى، فان اقصى ما هو مطروح لدى حكومة اسرائيل الآن هو اعطاء الفلسطينيين 20% من اراضي الضفة الغربية، وصحراء النقب، بعد ما يسمى بتبادل الاراضي!!! مع الابقاء على المستوطنات والجدار، والاستيلاء على منابع المياه والمناطق ذات الطبيعة الاستراتيجية في الضفة الغربية. أما القدس فليس هناك لدى قادة العدو سوى تصور واحد وهو الاحتفاظ بها كاملة وعزلها سياسيا بصورة تامة عن الضفة الغربية، بعد ان عزلتها جغرافيا بفعل الاستيطان والجدار.
فأية دولة هذه التي ستقوم على 20% من اراضي مستقطعة من الضفة الغربية، لا سبيل الى التواصل بينها، ولا سبيل الى تواصلها مع قطاع غزة؟.
س2: حل الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة لكل ساكنيها بغض النظر عن القومية والدين.
هذا الحل طرحته القوى الديمقراطية الفلسطينية، بعد الاحتلال الثاني عام 1967م، على قاعدة رؤية استراتيجية لحل الصراع العربي الاسرائيلي. ولكن هذه الرؤية اصطدمت دائما بجدار المشروع الصهيوني العنصري الإحلالي الذي يقوم على اساس احتلال الارض بالقوة، وطرد الشعب الفلسطيني، واحلال مجموعات سكانية اخرى محله. المشكلة ليست في ان يعيش الجميع على ارض واحدة، لأن هذا ما كان قائما قبل الاحتلال عام 1948م ولكن المشكلة والاستعصاء التاريخي الأكبر هو في النظام العنصري الاستبدادي الاحتلالي الذي لم يتخل يوما عن مشروعه في ضم مزيد من الاراضي العربية وانكار حق الشعب الفلسطيني في العيش في وطنه وعلى أرضه التي أخرج منها بالقوة وعلى غير وجه حق.
س3: ما هي القوى المعرقلة والقوى المساعدة لحل المشكلة الفلسطينية؟
ــ يمكن حصر القوى المساندة لحل المشكلة الفلسطينية: الحركة الكفاحية المتواصلة للشعب الفلسطيني التي تنتهج سياسات وطنية وديمقراطية عميقة ومخلصة وجادة، ولا تكتفي برفع الشعارات بل تحمل المشروع الوطني الفلسطيني باخلاص وتدافع عنه وتناضل من أجل تحقيقه. الى جانبها تقف جميع قوى التحرر والديمقراطية في العالم العربي وهي مسلحة ايضا برؤية استراتيجية تحررية ضد المشروع الصهيوني العنصري. وثالثهم قوى التحرر والديمقراطية في العالم أجمع دون استثناء: وهنا أؤكد على ان القوى الديمقراطية التي انتصرت في بلدانها على قوى الاستبداد – كما في امريكا اللاتينية وبعض دول افريقيا، تشكل اسنادا غير مباشر للنضال الوطني الفلسطيني.
القوى المعرقلة كثيرة، وهي أرجح في الميزان السياسي الراهن حيث تمتد من الداخل الفلسطيني للقوى التي تعمل على الانقسام وتعززه يوما وراء يوم، مرورا بالقوى الرسمية العربية التي تفرض وصاية غير مشروعة على الشعب الفلسطيني كما حصل في "مؤتمر القمة العربية في الدوحة مؤخرا، وموقف وزراء الخارجية العرب من تبادل الاراضي في اجتماع واشنطن" ثم القوى الدولية المنحازة تماما للسياسة العدوانية الاسرائيلية تحديدا – الادارة الامريكية -.
س4: قوى التعصب القومي والديني في فلسطين واسرائيل والانظمة العربية الحاكمة؟ دورها في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي في المرحلة الراهنة؟
ــ رأيي دائما منحاز للمشروع الوطني والقوى الديمقراطية والحلول الوحدوية الجامعة لكل مكونات الشعب الفلسطيني على أسس برنامجية واضحة. ولكن من الظلم تماما المساواة بين ما يسمى "بقوى التعصب القومي والديني في فلسطين واسرائيل"!! فقد قامت دولة اسرائيل العنصرية اصلا على اكتاف القوى الدينية والقومية المتعصبة ((عصابات الهاجاناه والاشتيرن)) واستخدمت الايديولوجيا الدينية ولا تزال في توحيد شتات التجمعات اليهودية في العالم، واضطهاد الشعب الفلسطيني لندقق ما هو مشروع قوى التعصب القومي والديني في اسرائيل؟
هو مشروع الاحتلال على حساب شعب آخر والاستيلاء على ارضه وطرده من وطنه بالقوة، مستخدما بذلك الحروب العدوانية والابادة الجماعية ولدينا شواهد تزدحم في ذاكرتنا الفلسطينية والعربية على ذلك.
ــ الآن فيما يخص قوى التعصب القومي والديني في فلسطين؟
بالتأكيد فان المشروع الذي يقوم على ابادة شعب او تجمعات بشرية، فهو ليس مشروعا تحرريا ولا يمكن لأية قوى تتبنى مقاومة المشروع الصهيوني العنصري، بمشروع عنصري مقابل!!
الصراع العربي الاسرائيلي القائم أصلا لم يكن سابقا او لاحقا ضد اليهود في فلسطين او العالم وكان اليهود يعيشون جنبا الى جنب مع اصحاب الاديان الاخرى في فلسطين سواء كانوا مسلمين او مسيحيين، لذلك فان اي طرح سياسي لحل الصراع على اساس ديني هو طرح خاطئ ومستنكر وعنصري، لقد توافق الشعب الفلسطيني بكل قواه السياسية منذ عام 1974م على طريق لحل مرحلي للصراع يقوم على اساس "حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس"، ودفع الشعب الفلسطيني آلاف الشهداء وتضحيات لا حصر لها من أجل تحقيق الحلم الوطني الذي لا زال قائما وان كانت تواجهه عقبات كبيرة، ليس المهم الآن هو اجتراح مشروع حل جديد، لأن الحل الوطني وبرنامج الاجماع الوطني الفلسطيني لا زال قائما، بل المهم في كيفية ادارة الصراع على اسس تلتزم بهذا البرنامج وتوحد قوى الشعب الفلسطيني المنقسمة وتوقف مسلسل التنازلات المجانية من جانب القيادة الرسمية الفلسطينية والعربية.
س5: القوى اليسارية والديمقراطية الفلسطينية يقع عليها عبء كبير في الظروف الراهنة وذلك من أجل اعادة الاعتبار للبرنامج الوطني الذي أجمع عليه الشعب الفلسطيني – كما اشير الى ذلك سابقا – يضاف الى ذلك ما يجب ان ينجز على المستوى الديمقراطي الداخلي وتصويب العلاقة بين الحكومة والشعب في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، على اسس من العدالة الاجتماعية وبناء الاقتصاد المقاوم والاستمرار في مقاومة الاحتلال وفق برنامج وطني وسياسي محدد. اضافة الى ذلك فعلى هذه القوى دور كبير في اعادة اللحمة للصف الوطني الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية الغائبة.
ــ القوى اليسارية والديمقراطية الاسرائيلية ((التعبير هنا ليس متماثلا)) هناك احزاب معارضة اسرائيلية تسمى يسارية ولها برنامج مع الاحتلال والعدوان والاستيطان وانكار حق عودة اللاجئين الى وطنهم وديارهم. هذه القوى - التي لا توضع في سلة واحدة – عليها ان تظهر برنامجها تماما تجاه سياسات الاحتلال والاستيطان....الخ وتجاه القضية الوطنية العادلة للشعب الفلسطيني، اضافة للقضايا الديمقراطية الداخلية. تأثير هذه القوى لا زال ضعيفا للغاية في المجتمع الاسرائيلي الذي تسوده العنصرية والتعصب، وخير دليل على ذلك مواقف هذه القوى منذ الانتفاضة الثانية وما تلاها.
ــ القوى اليسارية والتقدمية العربية والعالمية: يمكن ان يكون لها دور كبير في مساندة قضايا الشعب الفلسطيني، على مستويات متعددة: المستوى الأول هو باتجاه الضغط على حكوماتها من اجل اتخاذ مواقف متقدمة ومؤيدة للحق الفلسطيني، والمستوى الثاني هو في التواصل الدائم مع مثيلاتها في فلسطين والحركة الوطنية من أجل استمرار تنظيم الفعاليات الاحتجاجية وكل اشكال الدعم السياسي والمعنوي. في هذه المناسبة لا بد من توجيه تحية محبة واخلاص لا ينسى لهذه القوى التي نعرف عن جهودها الكثير ماضيا وحاضرا.
س7: لا يخفى على أحد موقف الإدارة الامريكية المنحاز تماما لاسرائيل سابقا ولاحقا. هذا الموقف سيؤدي الى حالة عجز لدى الولايات المتحدة يمنعها من فرض تسوية او حل للصراع بالضرورة، حتى ولو كانت هي القوة الاكبر في العالم. الاتحاد الاوروبي يتميز موقفه او مواقف بلدانه خصوصا تلك التي تستند الى قرارات الشرعية الدولية في حل الصراع وترفض الاستيطان.
روسيا والصين: تؤيدان الحقوق الوطنية الفلسطينية، ولكن موضوع الصراع العربي الاسرائيلي ليس في الأولويات السياسية لدى كل منهما – راهنا على الأقل -.