التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية


عبلة أبو علبة
الحوار المتمدن - العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 13:05
المحور: ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي     

ملف التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية - بمناسبة 8 آذار/ مارت 2013 عيد المرأة العالمي
أجوبة أسئلة الملف
بمناسبة الثامن من آذار عيد المرأة العالمي, أتوجه للقائمين على هذا البرنامج بكل التقدير والاحترام والأماني الجميلة بحياة أفضل تسودها الكرامة الإنسانية والعدل والمساواة.
س1: التحرش الجنسي ضد المرأة في الدول العربية, ظاهرة متعددة الأسباب ويجب ان يقلقنا جميعاً اتساع الظاهرة وانتشارها, لان هذا يعني مزيداً من تخلف مجتمعاتنا, ومزيدا من القهر الذي يمارس ضد المرأة بغض النظر عن الأسباب. الكبت الجنسي هو ناتج ثقافة سائدة تتعلق بغياب الحريات العامة والخاصة معاً. إضافة الى التمييز السلبي ضد المرأة واستسهال قهرها وإهانتها. الفت النظر هنا الى ما تمارسه بعض الفئات الحاكمة العربية ورموزها في هذا المجال, وشيوع ظاهرة الانفلات الأخلاقي دون أي ردع قانوني او أدبي ودون تسليط الضوء على هذه الزاوية المظلمة في العلاقات الإنسانية في بلادنا فمن يحاسب هؤلاء على جرائمهم؟
س2: ترتبط الظاهرة بأكثر من عامل/ ولعلّ التربية الذكورية في نطاق العائلة لها نصيب كبير في ترسيخ دونية المرأة في ذهن الرجل, لاحظوا مثلاً ان الأفعال الشائنة ضد المرأة في نطاق العائلة, تعاقب عليها المرأة بالقتل أو السجن أو النبذ على الرغم من إنها الطرف المظلوم / ولا يعاقب الرجل مرتكب الجريمة بل يجري التواطؤ مع سلوكه. هذه أيضاً ظاهرة تكرس التمييز والظلم, والتربية العائلية المنحازة للرجل.
س3: النظم السياسية التي لا تتبنى الديمقراطية السياسية والاجتماعية كناظم أساسي لعلاقة السلطة بالمجتمع, هي نظم استبدادية بالضرورة مهما رفعت من شعارات قومية او إسلامية. هذه النظم لا تكترث أبداً بحريات المواطنين وحقوقهم جماعات وأفراداً؛ لا بل تعمل على قمعها بكل السبل. إضافة إلى إنها لا تتحمل مسؤوليتها في تنظيم طاقات الشباب – ذكوراً وإناثاً – في أنشطة وطنية وترفيهية واجتماعية وإبداعية خلاّقة, بل تتفنن في تجييشهم من اجل استنزاف ولاءاتهم للسلطة السياسية. الأمر الذي يتسبب في خلق حالة من الخواء الفكري والفراغ الروحي وانسداد أفاق الإبداع والتطوير. حتى القوانين الرّادعة لهذه الظاهرة في البلدان المحكومة بالأنظمة القومية او الدينية, تصاغ على أساس الانحياز للرجل او التواطؤ معه ضد المرأة.
س4: دورنا في حماية المرأة, يحدده دورنا في حماية وتماسك وتطوير المجتمع نفسه, باستمرار النضال من اجل قوانين ديمقراطية تنظم الحياة الاجتماعية والأسرية, وأخرى تنظم الحياة السياسية, علينا ان ندافع عن حق المواطنين في استرداد كرامتهم الإنسانية والوطنية والمشاركة في صنع القرار, وحق المرأة في هذه المشاركة والنهوض بأوضاعها, وإيجاد كل الحوافز الضرورية من اجل تعزيز انخراط الشباب في العمل العام.
المنظمات النسائية والحقوقية ايضا معنية بالتأسيس لحماية مباشرة للنساء ( الدفاع عن قضاياهن وإيجاد دور رعاية لهن والقيام بحملات تثقيف وتوعية شاملة ). إضافة الى ضرورة مطالبة وزارات التربية والتعليم بان تتضمن المناهج مواد تحض على احترام المرأة وقيم المساواة والعدالة والعلاقات الإنسانية السوية. كما ان فضح وتعرية كل أشكال التمييز والممارسات والسياسات الاجتماعية غير السوية في إطار ثقافي محدد هو آمر في غاية الأهمية خصوصاً إذا ما ترافق ذلك مع محاسبة المسؤولين المباشرين عن انتشار الظاهرة.
س6: اتساع ظاهرة الحجاب: جميعنا يعرف إنها ردة فعل على التطرف والقهر السياسي الذي تبناه الغرب منذ بداية التسعينات, واستفادت منه النظم السياسية وأحزاب الإسلام السياسي. كان يجب ان تخفّ وتنحسر ظاهرة التحرش الجنسي إذا ما أخذنا بتفسيرات ومبررات شيوع الحجاب على أساس التحليل والتحريم. ولكن ما وقع كان العكس.. أدعو جميع من يقرأ هذه المداخلة الى مراجعة تقرير الأمم المتحدة الصادر عام 2010م حول ظاهرة الاتجار بالنساء في " منطقة الشرق الأوسط " ملاحظة: " تسمية الشرق الأوسط تعود للأمم المتحدة وليس لكاتبة هذه المداخلة ". لان محتوى التقرير يصدم " كل من يقرأه, بسبب ما يحدث في البلدان العربية الإسلامية ".
س7: كم أدهشنا جميعاً مواقف النخب الحاكمة في عدد من الدول العربية تحديداً تلك التي تشهد ثورات شعبية, من حقوق المرأة كما وقع في مصر وتونس. وبدلاً من الوفاء بمطالب الثورات وفي القلب منها الحفاظ على مكتسبات المرأة, والعمل على تطويرها وإعادة النظر في القوانين والسياسات التي تميز ضدها, بدلاً من ذلك نراهم في مصر, يرتكبون أحط الأساليب ضد المرأة في الميدان, في ظاهرة – ولا أقبح – من اجل منعها من المشاركة في المظاهرات, والحيلولة دون انخراطها في الحياة العامة " أشير هنا الى ما وقع في ميدان التحرير من حالة تحرش جماعي مقصود ومنهجي ". هذا يقع في باب الإرهاب الاجتماعي والفكري والسياسي, دون اعتبار للقيم الإنسانية والأخلاقية والدينية ايضاً.
الثورات العربية لن تكتمل دون ان تحصل المرأة على حقوقها كاملة كمواطنة ودون احترام إنسانيتها: وهذه المسالة تعد أداة قياس لمدى جدية أي نظام سياسي يٌعلن عن نفسه انه يتبنى الدولة المدنية الديمقراطية.
س10: من الضروري جداً ان تضع المرأة من خلال المؤسسات المدنية والحقوقية إستراتيجية متماسكة وواضحة, استناداً الى التصدي للسياسة الرجعية التي تريد إعادة عقارب الساعة الى الوراء, وعلى قاعدة تطوير دور المرأة ومشاركتها في ثورات التحول نحو الديمقراطية. الاهتمام يجب ان ينصب على دمقرطة العلاقات الاجتماعية والقوانين الناظمة لها وكذلك دمقرطة الحياة السياسية والقوانين الناظمة لها.
ووسط كل ذلك إعلاء شأن قيم المساواة والعدالة الاجتماعية والحقوق الإنسانية. الإصرار على المضي في النضال والإصلاح والمقاومة هو الحل وليس الهروب الى الخلف او التقوقع والاستسلام لدعوات الجهل والتخلف.
عمان 3 آذار 2013
عبلة محمود ابو علبة
الأمين الأول
لحزب الشعب الديمقراطي الأردني " حشد "