|
لا تتزوجوا إلا الجميلات
شوقية عروق منصور
الحوار المتمدن-العدد: 6373 - 2019 / 10 / 8 - 21:34
المحور:
الادب والفن
أستاذ جامعي من غزة يُطلق حملة على الفيس بوك – لكن قام بمسحها بعد ذلك - موجهه الى الرجال الذين يقرأون يومياً وجوه النساء بحثاً عن زوجة جميلة ، ودائماً تنشط عندهم غدد ملاحقة أخبار النساء وتفرز عندهم الكثير من العناوين والعبارات ، لكن هذا الأستاذ الجامعي فاق توقعات الجميع بالجرأة والوضوح معلناً بأعلى صوته " يا رجال لا تتزوجوا إلا الجميلات " لقد قام بتوجيه مسدسه المليء برصاص الحكم على حياة المرأة وتفكيرها ، مستعيناً بثرثرة ذكورية تحمل مناخ السطحية والتفاهة وجغرافية المجتمع الذي يعيش فيه . لا أحد يكره الجمال ، وجمال المرأة على مر التاريخ مر بأوصاف وأشكال جسمانية عديدة ، والعصور التي كانت تتغزل بالمرأة وتنتشي من تقاطيع جسدها كما قالت العرب - لها مؤخرة إذا قامت أقعدتها - دخلت هذه الأوصاف ثلاجة التاريخ ولم تعد قائمة بتاتاً ، وجميع رسومات النساء التي رسمت في العصور الوسطى ومعروضة في المتاحف العالمية ، كانت لها جماليتها الخاصة ، فقد قامت بالتركيز على الصدر المرأة الواسع الكبير، وكان هذا الصدر دلالة على قدرة المرأة على الانجاب والارضاع ، ومع تطور الزمن تطورت النظرة للمرأة حتى وصلت الى صورة المرأة النحيفة التي تزن وزن الريشة . وما زالت الكثير من المجتمعات تصر على أن تكون العروس بدينة لأن البدانة تدل على رغد العيش والغنى والجسم الصلب القوي القادر على انتاج الأطفال . اذا اختصرنا جميع النظريات الجمالية والمجتمعات العربية والغربية ، وحاولنا عصر المفاهيم الجمالية في معصرة اليوم ، نكتشف أن هناك تغيرات في عالم الجمال، ولم يعد الجمال الرباني هو المسيطر بقدر ما هو الجمال الاصطناعي ، والذي يملك المال يملك الجمال ، عندها يخسر الرجل الرهان لأن الجمال الذي امتلكه قد صنع بأيدي الجراحين وأصحاب مصانع المساحيق والألوان، والفضائيات تحمل الوجوه النسائية التي أصبحت جميعها متساوية ، الأنف واحد والشفاه واحدة والصدر والخدود والرموش حتى أصبح الشعار " يا نساء العالم اتحدوا عند عيادات الجمال ". الغريب في الأمر أن ردود الفعل حول حملة الأستاذ الجامعي " لا تتزوجوا إلا الجميلات " بَصمت ووقعت وصادقت وأكدت على هذه الدعوة من قبل الرجال ، وتحولت المرأة الجميلة في نظر هؤلاء الرجال إلى سمكة شهية والصياد الشاطر الذي يفوز بهذه السمكة . لا تستطيع المرأة اطلاق حملة معاكسة " لا تتزوجي إلا الرجل الجميل " لأنها تعلم علم اليقين ان الرجل بقيمته وفكره وعمله وشخصيته، وأن الرجل الوفي الأب المخلص المعطاء أكبر من قناع قد يظهر خلفه الف حصان خشبي . الغريب أن يأتي قول من أستاذ جامعي " لا تتزوجوا إلا الجميلات " ومن قطاع غزة، توقعت أن يكتب هذا الأستاذ " لا تتزوجوا إلا المناضلات " أو " لا تتزوجوا إلا السجينات السياسيات " ، خاصة بأن هناك أزمة حقيقية ، أو أزمة فلسطينية خاصة تؤكد أن هناك نسبة عالية من السجينات السياسيات و المناضلات أو اللواتي حقق معهن الاحتلال دخلن العنوسة ولم يتزوجن بسبب نظرة المجتمع الفلسطيني لهن ، نظرة فيها الشك وتساؤل ، وهذا الشك يبرز بعد انتهاء الحفلات والاستقبالات وعبارات الفخر والاعتزاز ، حيث تطل برأسها التساؤلات الذكورية، ويفضل الرجل الزواج من امرأة بعيدة عن كل هذا الشك . على وقع المزاح – كما قال الأستاذ الجامعي - أو على وقع الكتابة العابرة ، نقول نحن النساء ، لم يعد في القلب ذلك المتسع لمهاترات الرجال ..!! ولم نعد نتقن فن التصفيق ونمجد كل ما يتفوه به الرجال ، لن نمدح رجلاً يحاول حصر امرأة داخل زجاجة ملونة، ويقلل من عطاء امومتها وعشقها وبيتها وتعليمها ونضالها وقضبان سجنها، لن نمدح رجلاً يخون الكلمات ويمارس العنصرية النسوية ، حيث يفضل فئة على فئة ، لا نحترم رجلاً تأتي طعناته من الخلف ولكن بسخرية نقول أن الطعنة من الخلف تدفعنا أمتاراً الى الأمام .
#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا عنب الخليل كن سماً على المحتل
-
القبلة الزجاجية
-
استقالة ورقة التوت - قصة قصيرة
-
الثيران الهائجة والعجول المذبوحة وبينهما ابن نتنياهو
-
حين يسرق الموت صندوق الاسرار
-
الحفيد يشنق ساعة الجد
-
العامل الأسود في الوطن الأبيض
-
حدث في يوم العيد
-
فنجان التطبيع ودف الرفض
-
صالحة تفوز بالجائزة ونحن نركب الحنتوش
-
اضربوا الرجال .. وبيضة على رأس كل مسؤول
-
المرأة الفلسطينية وتوهج الثامن من آذار
-
اطلعوا برة .. وجاء أبو عواد وقال : آه يا ديسكي
-
يهودية وسعودية وبينهما طفلة يمنية
-
الرقص في وارسو بعيدا عن طريق سموني
-
مقتل الخاشقجي ودموع فرح
-
هل ستقوم مصر بتصدير الكلاب
-
أنا في دار الصياد
-
عندما يموت البحر من الجوع
-
حرب الدم في داخل حبة بندورة
المزيد.....
-
حضور وازن للتراث الموسيقي الإفريقي والعربي في مهرجان -كناوة-
...
-
رواية -سماء القدس السابعة-.. المكان بوصفه حكايات متوالدة بلا
...
-
فنانون إسرائيليون يرفضون جنون القتل في غزة
-
“شاهد قبل أي حد أهم الأحداث المثيرة” من مسلسل طائر الرفراف ا
...
-
تطهير المصطلحات.. في قاموس الشأن الفلسطيني!
-
رحيل -الترجمان الثقافي-.. أبرز إصدارات الناشر السعودي يوسف ا
...
-
“فرح عيالك ونزلها خليهم يزقططوا” .. تردد قناة طيور الجنة بيب
...
-
إنتفاضة طلاب جامعات-أمريكا والعالم-تهدم الرواية الإسرائيلية
...
-
في مهرجان بردية السينمائي.. تقدير من الفنانين للدعم الروسي ل
...
-
أوبرا زرقاء اليمامة.. -الأولى- سعوديا و-الأكبر- باللغة العرب
...
المزيد.....
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
المزيد.....
|