أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عائشة خليل - الحصانة المجتمعية للمتحرشين














المزيد.....

الحصانة المجتمعية للمتحرشين


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 4443 - 2014 / 5 / 4 - 08:49
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


بينما تعمل المؤسسات النسوية ومؤسسات حقوق الإنسان بدأب للحد من التحرش الذي بات يشكل ظاهرة غير صحية في المجتمع القاهري، فمازالت هناك حصانة مجتمعية للمتحرشين تدارى أفعالهم الشنيعة تحت شتى المسميات، أشار التقرير الصادر عن هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن ٣-;-ر٩-;-٩-;-٪-;- من الفتيات المصريات قد تعرضن للتحرش في مرحلة ما من حياتهن. وهذا ما أخبرتني عنه أيضًا فتاة مصرية في منتصف العشرينات من عمرها حيث قالت إنها (وصديقاتها) يرتبن يومهن حول تلك المسألة. فإذا كن سيخرجن في المجال العام بأنفسهن وبدون تواجد أحد أقاربهن من الذكور فهن يرتدين ملابس معينة من أجل التقليل من إمكانية (أو نوعية) التحرش، وإذا كن سيخرجن من أجل مناسبة خاصة قد تقتضى ارتداء فستان مثلا فإنهن يصطحبن إحدى الأقارب من أجل درء التحرش. كما يأخذن في حسبانهن كل صباح وسيلة التنقل والأماكن التي سيذهبن إليها. ولقد أحزنني كثيرًا الحال التي وصلت إليه الفتيات في مصر اليوم، فمنذ جيل واحد كان التحرش لا يتعدى اللفظ (وهذا ليس تقليلا من شأن التعدي اللفظي، وإنما فقط مقارنة بين حالين أحلاهما مر) ولكن تجربة الفتاة تنبئ بأن الفضاء العام في القاهرة اليوم أصبح حكرًا على المتحرشين يحددون من خلاله تحركات الفتيات. وهو وضع محزن للغاية.

وقد يكون التحرش الجنسي بالفتيات ظاهرة قديمة قدم تكون المجتمع الذكوري. وقد تكون للظاهرة جذور تاريخية ترجع لدخول الفتيات معترك المجال العام منذ أوائل القرن العشرين في مصر، ولكن هناك ظاهرة جديدة (ولن أقول طارئة، فهي لم تزل بعد لنتحدث عن كونها طارئة) هي أن تتحدد حركة الفتاة في المجال العام لسيطرة المتحرشين عليه. بحيث أصبح تواجد الفتاة في المجال العام بمثابة إذن للتعدي عليها. ويلازم تلك الظاهرة ويصاحبها حصانة مجتمعية للمتحرشين. فلقد سمعنا مرارًا عن فتيات امتلكن من الشجاعة الكافية ما يمكنهن من تقديم بلاغات ضد من تحرش بهن، ولكنهن اصطدمن بعناد ذكوري ضد تحرير المحضر، أو اتخاذ إجراءات فاعلة ضد المتحرش بناء على المحضر المقدم منهن، وتكون الإجابة الجاهزة لذلك: "حرام عليكِ .. سيضيع مستقبله بسببكِ" فعندما يطالب المجتمع من الفتاة غض النظر عن الإساءة التي لحقت بها أو التحرش الذي وقع عليها بدعوى أن مستقبل المتحرش على المحك، فمعنى ذلك أن المجتمع يمنح المتحرش حصانة. وخطورة ذلك أنه يلقى بالمسؤولية على الفتاة (الضحية) بينما يخلى الشاب المتحرش (الجاني) من المسؤولية. وهو سلوك غريب في الأساس؛ لأنه يعطى مؤشر بأن سلامة جسد الفتاة لا تساوي شيئا في عرف المجتمع. بالإضافة إلى كونه موافقة ضمنية على التعدي الذي وقع على الفتاة. لماذا لا يفكر هؤلاء في الألم النفسي الذي سببه المتحرش للفتاة؟ ولماذا لا يفكر هؤلاء في أن المتحرش يجب أن يعاقب ليكون عبرة لغيره؟ لماذا يفكر هؤلاء في المجني عليها عوضًا عن التفكير في الجاني؟

أعتقد أنه مع تفشي التحرش ليصبح ظاهرة فإن على المجتمع أن يمتنع عن منح الحصانة للمتحرش، وتعرفيه بأن ما يقوم به مخالف للأعراف والقوانين والأديان، وأنه تعدٍ على الأعراض، وأنه بالأساس مجرم بالقانون. والتأكيد على آثاره السلبية على المرأة. فعندما نقف كمجتمع متكاتفين لنقول لا للتحرش، ولنردع المتحرشين، ولنرفع عنهم الحصانة التي يسبغها المجتمع ككل عليهم، فإن هذا سيؤدي إلى انعدام ظاهرة التحرش (أو على الأقل التقليل منها)، الذي باتت تؤرق كل فتاة قاهرية تخرج إلى الشارع. فهل نعمل على رفع الحصانة التي يسبغها المجتمع على المتحرشين من أجل ألا يكون الفضاء العام ذكوريًا بامتياز؟



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسيرة استرداد الشارع ليلا
- الغناء لأم العيال
- قوانين جندر جديدة بفرنسا
- الفيموقراط: تجربة من استراليا
- وضع النساء في مصر على ضوء تقرير البنك الدولي
- التواصل ووضع المرأة
- التهميش الْمُركَّب للنساء في فيلم -صمت القصور-
- التغني بالخضوع يتخطى حاجز المليون!!!
- السم في -عسل أسود-
- النكات والتحرش
- العنف على أجساد متباينة
- درية شفيق والحقوق السياسية للمرأة
- الموضة والقيم الذكورية
- النساء والطعام
- العُصبة الوردية
- الفطنة العاطفية
- كاتب نسوي من الصين: لي شو-شين
- فرنشسكا دينيز نسوية من البرازيل
- نسوية من الهند: شريفة حامد على
- النسوية اليابانية كشيدا توشيكو


المزيد.....




- غزة محور جوائز بوليتزر ونيويورك تايمز تستبعد تقريرها عن العن ...
- ساعد الأخطبوسات يتشاقوا
- هل روجت منظمة العفو الدولية لارتداء الفتيات الصغيرات للحجاب؟ ...
- السعودية.. الأمن يتحرك بعد تداول فيديو تهديد شخص للنساء اللا ...
- منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. تعرف على الشروط وكيفية ا ...
- بريق الذهب يُغري المُقبلات على الزواج في الأردن والشباب يستد ...
- حقوق المرأة المطلقة عربيا
- «لولو يالولو وينك يالولو».. تردد قناة وناسة Wanasah TV بجوده ...
- الفئات المستحقة للحصول عل منفعة الأسرة سلطنة عمان 2024 والشر ...
- أوكرانيا.. مقتل امرأة وإصابة 24 في قصف روسي على خاركيف


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - عائشة خليل - الحصانة المجتمعية للمتحرشين