أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رافد الطاهري - شجرة نصف جذر ..















المزيد.....

شجرة نصف جذر ..


رافد الطاهري

الحوار المتمدن-العدد: 4076 - 2013 / 4 / 28 - 03:50
المحور: الادب والفن
    


شجرة نصف جذر ...

جاء بالفأس يمسكه بيده اليمنى مقتربا اكثر ، لقطع الشجرة ومن ثم اقتلاعها ، لكنه تبين انها اقوى منه ، فباشر بمسك الفأس بيديه الاثنين ، وضربها من وسطها ، حتى تهالكت انفاسه والبرد القارص ما عاد يشعره بانه يقف بلا لباس سميك ، فهو يحطب اوصالها بالبيجامة ، حتى سقطت من على ارتفاع خمسة امتار ، فرح كثيرا بأسقاطها ، وكانه منتصر على العالم اجمع ، وفجاء وعند ازدياد الليل عتمة واضاءت مصابيح الشارع وانارة جزء من حديقته الامامية ، حتى تراء له ان ظله يكبر ... ويكبر.. و يكبر ، حتى بداء يرتعب ضننا منه انه شبح ، تلفت الى يمينه وثم ببط اكثر الى يساره لكنه لم يرى شيئا ، انه امامه مباشرة كأنها مرآة تعكس ظله الخلفي الذي ازداد حجما وصار بهيئة لباس متعبد واخر رائسه قلنسوة مدببة جدا كسهم منطلق .
ارتعب بكثرة و ازدادت ضربات قلبه وجفلت اقدامه في الثلج المنصهر تحت اقدامه ، ويداه شلت للأعلى وهو ملوح للشجرة باخر الضربة ، عيناه برزت من محاجرها وتدورت كثيرا حتى بات البؤبؤ من شدة الظلام الذي خيمه كثقب ابرة ، شفته السفلى هدلت، رغم تجمد الرضاب فوقها وعلى جوانبها ، ولسانه يرتعش بردا مزرق وممدود داخل بلعومه كالمختنق غصبا ، وظل خياله يتوسع حجمه حتى رفع يده باتجاه الشارع ، وكأنها اشارة لشيء قادم او للذهاب هناك ، عقله في صدمة فلم يعد يفرزن الامور او يحلل المنطق ، واي منطق هو به ، تساءل بتعجب في عقله ؟! ما هذا الذي يحصل ؟! وما زال الشبح مؤشر له بأصبعه السبابة نحو ركن الشارع الخالي من المارة ، واذا بعربة سوداء تجرها خيول سوداء والظلام اشتد بالشارع جاءت مسرعة نحوه ، تبصر كثيرا المنظر ،والتفت خلفه فلم يرى الا شارع فارغ مغطى بالثلج الاحمر ، وجدران مدينته اتشحت سوادا شيئا فشيئا وبات يغزو السواد اطراف الشارع ، فعرف انه عليه النجاة بنفسه خوفا من سحقه بالعربة القادمة نحوه ، بعد ان بدأت تبرز اكثر فاكثر معانيها لها رغم سواد كل شيء الا ان الأحصنة والسائق عيونهم حمراء كالدم او اعتم ، جرت دماء من عقله الى اقدامه حاملة معها انذار وايعاز بالهرب ، والجري الى الركن الاخر لعله يستطيع التملص من اشارة شبحه والعربة السوداء التي تجرها خيول مجنونة من سياط السائس الاعمى ، ظل مهرولا بأقدامه وتحته الثلج الذائب صار مصدر قلقه الاكثر ، فلا يتحرك بسبب احتكاكه المنزلق اكثر ... وكانه فقد الجاذبية بالأرض وطار في مكانه ولكنه لم يتقدم ، الى ان تحرك بانطلاقة رصاصة من سلاح قديم المنظر ، وركض باتجاه قبلة نجاته من مطاردة عربة سوداء يركبها ظله ، وصرخ اخيرا وهو يركض ، والدم جرى اكثر فاكثر وفقد عقله ، وبات يركز على النجاة من ورطة هذا الشبح المبهم ، الى ان وصل اخر الشارع والتف بالركن ففاتته العربة واستراح ليلتقط انفاسه قليلا ، بعد مطاردة لم يحلم بها ابدا ، ولكن هيهات ان تفارقه الأحصنة ، وفجاءة جاءته من الارض منبعثة ، وكأنها خيول من القبر ، وظله يسكن عربتها والسائس بالسوط يضرب مرات متعددة ، فهرب ليبتعد عنها مرة اخرى ، وبادرته فكرة ان يدخل ازقة ضيقة ، لكي لا تستطيع العربة دخولها ، وهي فكرة منطقية ، ودخل الازقة ـ واذا برجال ونساء المدينة يحاولون الامساك به ، ولا يعرف لماذا ؟ ولكنهم يخرجون من تحت الارض كانه يسير في مقبرة قديمة على اثرها بنيت المباني الشامخة ورصفت شوارعها وعبدت طرقها ، وهم اليوم يستنفرون للامساك بالغنيمة ، يركض بسرعة الى المجهول ؟ واصبح لا يعرف حتى المدينة ، فأزقتها بدأت تصغر والسواد خيم عليها كثيرا رغم انه استرق النظر الى السماء لحظة و وجدها قمرا منيرة ، ولكنه كقمر خرج ليلعنه لعنة خفية ، فضوؤه مسلط عليه تسليطا ، والشبح يتبعه كظله او اشد اقتراب من خيالاته العقيمة ، ويركض حتى تراءى له ان عربة اخرى امامه تسير فمد يديه محاولا ان يمسك بها ، ولكن اصوات السياط على ظهور الاحصنة التي تتبعه ارهقته كثيرا ، وتوقف امام قبرا ، واستسلم لدهسه ،وفجاءة توقف كل شيء وصارت الدنيا (سنطه ) ، تلمس جسده من راسه الى قدميه بيديه ، فرح انه ما زال حيا ، وضوء القمر انار له ناصية القبر ، تملكه الفضول في معرفة من صاحبه السعيد هذا الذي اوقف مطارديه واراح نفسه ، واذا به يحاول مسح (مرمرة)* الاسم من الثلج المتراكم عليها ، واذا بمواليد المنقوشة على المرمة تظهر شيئا فشيئا ، واذا بمطابقة عجيبة مع مولده ( صفر قبل الميلاد ) تبلعم ريقه ، وبداء بمسح الباقي واذا بالكنية والاسم له ، فصرخ بإحباط وتعجب وعجرفة وتوسل ، واذا بظله خلفه ، اشار مرة اخرى بأصبعه؟ ولكن هذه المرة الى الارض ، التي لم يلحظ انها ابتلعت رجليه حد ركبتيه ، فنظر مرة الى رجليه واخرى الى الشبح ، وفمه مفتوح وبلعومه متحجر بصرخة لا تخرج ولا تعود فيبلع ريقه ، نفس بطيء جدا ودقات قلب تكاد تستنجد الطبل ، ويديه محنطة للخارج كيد السائل ، وفي عقله تدور كلمة واحدة ، واحرفها مبعثرة في ان يجمعها ، وهي ( ارجوك) طلب توسل ورحمة من الشبح القابع امامه ، فاختفى ضوء القمر وبهتت الدنيا ظلاما ادمس كثيرا الرؤية ، واذا بالأرض تبتلعه والحفرة تكبر حوله حتى باتت مرسومة كالقبر مستطيل بزوايا غير حادة ، ليست بحاجة لنظرية فيثاغورس ، واسفلها احمرار بداء يقترب اكثر كحمم بركانية ، فصرخ بكل انفاسه ارجوك.......انجدني لما تفعل بي هذا ؟!!! للشبح ، واذا التعرق اصابه وسقط الا بقايا جذر قصير لشجرة ، تمسك بها ورائسه تارة للأعلى تخاطب الشبح وتارة يشح بنضره نحو الاسفل والحمم تقترب منه وصار لها صوت كـ الفوران ، وازاد خوفا ورعبا حتى مات عقله من التفكير وظل جسده يتصبب عرق حتى ارادت يديه الانزلاق من شدة تعرقها على جذر الشجرة ، ولكن بأصبعه الذي ظل يطول اكثر حتى اقترب من انفه ، اسقطه في الحفرة ، وظل يهوي ويهوي ... ولا نهاية او وصول لهذه الحمم الحمراء وسطها وجوانبها تميل لصفار قرص الشمس عند منتصفها ؟.
واذا به يسقط من سريريه على وجهه ، و زقزقة العصافير تغرد امام شرفته ، فنسي الم السقوط واحمرار انفه الطويل ، وراح يتلمس جسده بيديه ، والابتسامة تشق طريقها لفمه ، التي تهرج...ضحكات بقهقهة عالية وقام برقصة اللقلق في الغرفة ، وتبين انه كابوس اسود من لياليه السود الطوال .
((مونولوج فكري)).... رافد الطاهري



#رافد_الطاهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شركة نفط الجنوب وحزب الدعوة ...
- مخلفات لص
- رحيل .. منتظر ؟؟!!!!
- سياسي مهزوم / ومجموعات اخر..
- اليمين واليمين المتطرف ..
- منارات غرقى؟.......
- همست
- المهم....
- لوحاتي...
- وزارة النفط الى اين
- اشارات ليزيرية
- عش
- سياسي
- لوحة غير معدنية
- الحدود الدنيا..
- لا حياة في بلدي؟!..
- كتاباتي البائسة
- جلجل
- جلجلوت
- نذور سماء ماطرة


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رافد الطاهري - شجرة نصف جذر ..