أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الله محبة !- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (24)















المزيد.....

الله محبة !- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (24)


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3742 - 2012 / 5 / 29 - 12:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم تنشأ فكرة الإله فى الذهن الإنسانى لإعطاء سبب للوجود فى المقام الأول , أى أن إنساننا القديم لم يجلس على ربوة عالية متأملاً السماء والأرض ليهتم بإيجاد سبب لها على شاكلة سببية البعرة من البعير والأثر من المسير , بل جاءت رؤيته لفكرة الإله عندما دخل فى دوائر الألم فبحث عما يؤلمه وكيفية الخروج من محنته , لتتحرك آليات الدماغ فى البحث عن سبب , فهو لن يعنيه من أوجد الحجر إلا عندما يسقط على دماغه - يمكن القول أن الإنسان دفعته الحاجة والرغبة فى تجاوز قسوة الطبيعة بالبحث عن مُعين يعبر به الألم ولم يجد غضاضة أن يقدم له بعض القرابين والطقوس والرقصات فلا يوجد شئ يُمنح مجاناً .

تَفاعل الإنسان مع الطبيعة والحياة من خلال وعيه وإحساسه ليبدأ فى رسم صورة للإله , والصورة هنا ليس المقصود بها التكوين الشكلى الذى يحل فيه الإله فقط فهذا قائم بالضرورة فى التجسيد والإحلال , ولكن تكون الصورة الإلهية فى سمات هذا الإله كفاعل , فكانت صورة الإله القوى هى الصورة الأقرب للقبول فلن يكون الإله ضعيفاً بل هو رمز للقوة التى يتوسم أن تمنحه الدعم والمدد لمواجهة الأخطار التى تحيق به بل هى القوة المتجسدة فى ظواهر الطبيعة .

تظل فكرة الإله القوى حجر الزاوية فى بناء فكرة الألوهية لتستوعب القوة صفات كثيرة بجانبها كالخلق والقدرة والعظمة ,وتبقى صورة الإله فى إطار فوقى مُبجل تحيطه هالات العظمة والرهبة فهو مَلك ومُتحكم ماسكاً كل الخيوط بيده لتظل صفة القوة لصيقة دوماً بفكرة الإله فهو القاهر الجبار المتكبر وهى الصيغة التى يحترمها الإنسان ويُقدرها فى واقعه حيث خضوعه للقوة المفرطة وإنسحاقه أمام ناموس القوة ورضوخه لها , بل لم يتوانى عن نفاقها كمحاولة منه لتجنب شططها وجموحها أو إستمالتها نحوه لتكون دعماً له بتقديمه بعض الصلوات والطقوس , ولعل هذا يعطى ملمح عن الأثر السلبى لفكرة الألوهية فهى عمقت فى الداخل الإنسانى منهجية النفاق والزيف والبرجماتية .

بشرية الفكرة طلبت بجوار مفهوم القوة المفرطة للإله جانب مترفق يخفف من وطأتها , فالفكرة تم خلقها أساساً لتكون مُعتنية فلا تقتصر على إحترام القوة , فإحترام القوة هو تمظهر لفكرة الإله الذى يجب ان يكون هكذا , ولكن الفكرة الإنسانية تطلب منح الرعاية والحماية من وجود غير مُعتنى , لتظهر مشاهد متماثلة فى الميثولوجيات والمعتقدات فنجد الإله المُحب المعتنى الرحيم للجماعة البشرية الذى يمنح عناية محددة ومحدودة لجماعة بشرية بعينها ويظل إله القوة ممارساً فعله الباطش بالجماعات البشرية الأخرى والحامى لمحبيه , فنجد على سبيل المثال الإله يهوه القوى القاهر لكل الاجناس الأخرى والمُعتنى والمُدلل لبنى إسرائيل لدرجة العشق .. كما يعتنى الإله الإسلامى بتابعيه المؤمنين المسلمين لينصرهم ويحميهم ويغدق عليهم بالمنح والبركات بينما ثورته وغضبه ونقمته على الكافرين , فمفهوم المحبة لكى يظهر وتحظى وتستمتع به جماعة بشرية محددة فسيكون من المُحتم بروز النبذ والكراهية لأجناس وجماعات بشرية خارج الدين المؤسس حتى تعطى لمفهوم المحبة والإعتناء معنى وإلا كيف يكون للمحبة حضور بدون أن يكون نقيضها حاضراً , فالمحبة الإلهية ليست مفهوم عام ذو شمولية بل يتم توظيفه لكل جماعة بشرية خالقة لآلهتها .

تطرح كل الأديان صورة الإله المحب ولكن بشكل خجول وقاصر وإستثنائى فمفهوم القوة هو المهيمن على صورة الإله لتأتى المسيحية بطرح مفهوم متقدم جاء من تطور إنسانى طلب ان تكون صورة الإله المُحب فى مقدمة المشهد الإلهى بل تتسيد كل المشهد , لتتفلسف الفكرة فى إطار الله محبة , فخلقه للإنسان هو محبة , ومنحه وعطاياه وبركته هى محبة , وعنايته هى محبة , بل يرتفع سقف المحبة ليصل إلى حد الإفراط بحرصه على تحرير الإنسان من الخطية ببذل إبنه الوحيد فداء للبشرية.
يمكن القول بأن ظهور فكرة الإله المُحب فى المسيحية وسيطرتها على المشهد الإلهى يرجع لحضور فكرة الإله المتجسد فى المسيح فقد توجهت العواطف لكيان متجسد واضح يستطيع العقل أن يتفهمه ويتعاطى معه مثلما نجد حضور عالى فى التراث الإسلامى لشخصية محمد حيث العواطف المُنسابة والمُتأججة والغيورة تجاه النبى لتطغى على الشعور المُحب تجاه الله .. فالمشاعر تتخلق لما له وجود ويتفق مع شفرة الدماغ .

فكرة العلاقة المُحبة بين الإله والإنسان تجد قبولاً فى نفسية الإنسان فهى تمنحه دفء خاص وإرتياح وطمأنينة وسلام متوهم يخفف من عبأ الحياة وجفاف الفكرة الإلهية , فهو حضور عاطفى متوهم يخفف من وطأة فكرة الله التى تبدو وفق التراث الدينى كطاغية مُنتقم ذو قوة مفرطة غير مترفقة يتسم بالغضب والثورة والإنتقام لذلك ظهرت فكرة الإله المُحب المعتنى الرحيم كرغبة إنسانية فى الأمان لنجد تركيز المسيحية على فكرة الله المحب والراعى المترفق الذى يقدم كل المحبة حتى أنه بذل إبنه الوحيد من أجل خلاص البشرية , ففكرة الله محبة هى التى سمحت للمسيحية بالإنتشار والبقاء بالرغم مما تحمله على كاهلها من خرافات وتعقيدات فى الفكرة الألوهية تتسم باللامعنى والإغراق فى الميتافزيقا , لكنها عرفت كيف تتعاطى مع نفسية إنسانية تأمل فى الراحة والأمان والشعور بالحب والإحتضان فهذا سيجد صداه فى الداخل الإنسانى يجعل تحمله للخرافة سهلاً , بل سنجد الحماس والتماهى للفكرة .

الله محبة- إستحالة التفاعل بين طبيعتين مختلفتين .
فى معرض تصفحى لمقالات الحوار قرأت مقال للكاتب المحترم إبراهيم عرفات يفيض بالصوفية فى حب الله - مقال يمكن أن نعتبره تسجيل لحالة شعورية خاصة بالكاتب صاغها بمشاعره وأحاسيسه فى إطار أدبى فنى لا يتعامل مع العقل والمنطق ولا يقدم أدلة ثبوتية فهذا الأمر لا يعنيه بقدر ما يعتنى بتقديم حالة شعورية تغمره يتصورها ويتوهمها .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=308503
احترم أحاسيس الأخ إبراهيم عرفات فهى صادقة بالنسبة له وإن كان الوهم يشكل كل محتواها , ويأتى إحترامى من رؤيتى بحق أى إنسان فى خلق حالة تخيلية من الإيمان والصوفية يُحلق فى رحابها طالما لا تراوح دماغه فهذه حياته وليعشها كما يريد , فلن تُمنح جوائز لأحد أدرك الحياة والوجود بشكل صحيح ولن يُصفع أحد إذا تمرغ فى الأوهام .. ولكن من يتوهم هذا الخيال حقيقة ويريد تصديره للآخرين فله أن يتعامل مع العقل .

أتذكر كلمة الله محبة حينما كانت فكرة الله متواجدة لم تُغادرنى بعد , لأجد من يقول لى : بأن الله يحبك , فينتابنى الدهشة والخجل فى ذات الوقت ويأتى الخجل كحياء أن ألفظ مشاعر أحد يُقال أنه يَحبُنى , ولكن كيف ولماذا يحبنى !! .. لأجد إستكماله لهذه المعلومة بسؤال : ألا تحب الله ؟!
أجاوب سائلى بأننى لا أحب الله , وقبل أن تصعقه الدهشة من إجابتى تلك أكمل بالقول أننى لا أحب الله ولا أكرهه فليس لدى أى مشاعر سلبية أو إيجابية تجاهه لأننى ببساطة لا أستطيع إدراكه .
يندهش مُحدثى ولكن هكذا تكون مشاعرى فليس عدم إحساسى بحب تجاه الله أنى بارد عاطفياً بل على العكس , فأنا أعيش حياتى كلها على الإحساس والمشاعر ويكون الحب هو الرافد الوحيد والأصيل فى داخلى ولكن بالفعل لا أجد مشاعر مُحبة تجاه الرب فالمشاعر لا تتحقق إلا فى وجود معطيات ومفردات تخلقها .
كانت تحيرنى مشاعر كثيرة مثل مشاعرالمحترم إبراهيم عرفات عندما يُردد الكثيرون بأنهم يحبون الرب والرب يحبهم لأقول فى سريرتى لماذا أجدهم يحبون الله و لا تتحرك فى داخلى أى مشاعر تجاهه , هل صحيح كما يقول أبى أن الشيطان إستبد وهيمن على دماغى , ولكنى لا اعتقد بقصة الشيطان تلك فقلبى يفيض حبا لأمى وأبى وإخوتى ورفاقى وجارتى , بل أتفانى وأسعد فى تقديم كل شئ لإرضائهم , فلماذا لا توجد مشاعر مُحبة تجاه الرب .. أدرك الآن أن الفرق بينى وبينهم هو أننى لم أستعير مشاعر الحب من ذاكرتى لأسقطها على الله بينما هم فعلوا ذلك , فمشاعر الحب لديهم هى خلق حالة متوهمة والتماهى فيها .

مقولة إبراهيم فرحات أنه يحب الله تبقى فكرة مثل فكرة الله والملائكة والشياطين وليست بشعور , فالشعور هو تعاطى وتفاعل مع الوجود الملموس والمحسوس والواعى , لذا أرى أن من يقولون بأنهم يحبون الله يحاولون بناء علاقة عاطفية متوهمة مع صورة أو أيقونة للمسيح مثلا ًيبنون عليها خيالاتهم العاطفية فعندما تتم صياغة المُحب فى وجود محسوس فيمكن هنا خلق خيالات على أساسها كما يعيش المراهقون قصص حب من صورة نجمهم المفضل .

لماذا "الله محبة " وهم ؟!
فكرة ان الله يحبنا ونحن نحبه هى فكرة واهمة لا أساس ولا وجود واقعى لها , فكرة خلقها الإنسان ومنحها خياله لإيفاء حاجات نفسية فى داخله تطلب الراعى والمترفق والمُعتنى لمواجهة الحياة , ولا تزيد عن طلب هذا المدد , فالوعى بماهية الإنسان تجعل شعوره بالمحبة تجاه الإله وهم لن يتواجد لعدم وجود مقومات حضوره , كما أن فكرة الإله إذا تواجدت وفقا لمعطياتها التى حددها الفكر البشرى فلن تحقق فكرة الله محبة .. دعونا نتناول إستحالة تولد مشاعر مُحبة يكون طرفيها الإنسان والإله .

الإنسان يتعامل مع الوجود المادى المَحسوس والمُدرك ومنه يطلق إنطباعاته وإنفعالاته عليه , فالمشاعر والأحاسيس هى إنطباعات لما هو مُدرك ونتاج لوعى الإنسان بالموجودات المادية , فلا وجود لشعور بدون وجود مادى نتعاطى معه سواء هذا الوجود واعى أو غير واعى , حى أو جماد .. ولا شعور إلا بتواجد مادى مستقل وسابق للوعى وهذا من الأهمية بمكان أن ندركه .

تأتى هذه الرؤية لتؤكد ما خضنا فيه سابقا بمقال عن الصلاة كوهم إنسانى وفعل مزيف فلا يوجد إنسان يستطيع الزعم أنه لا يشرد أثناء الصلاة وأنه يقيم علاقة تواصل روحي بينه وبين الإله فكيف يكون التركيز فى الصلاة وليس هناك إدراك بالإله , فلا توجد صور فى الذهن تستدعى إستحضاره أثناء الصلاة وتخيله وإدراك المحضر الإلهى , لذا تكون مشاعر الخشوع التى تنتابنا هى مشاعر مزيفة , وما هى إلا إستعارة مشاعر الخشوع من دولاب الذاكرة وإسقاطها على المشهد بينما ذهننا بحكم انه لا يتوقف عن إنتاج المشاهد والصور من واقعه المادى القريب من الوعى والإدراك سيفكر فيها ويتأملها فيشرد المرء حتماً .

ليس بالضرورة أن تكون مشاعرنا وإنطباعاتنا مع وجود عاقل , كما لا تكون مشاعرنا واحدة أمام كل تمظهرات الوجود , فالإنسان يكون علاقات مع نظيره الإنسانى فى أعلى مستويات التفاعل لتحفل بكل أشكال التعاطى من حب وكراهية ويرجع هذا لوجود كيانين على نفس المستوى من الوعى والتفاعل , ويبقى دائما إسقاط إنطباعاتنا الخاصة على الآخر الإنسانى .

الإنسان يكون علاقة مع الحيوان لن تصل بالطبع مثل علاقته مع نظيره الإنسانى , فالحيوان كائن أقل درجة من الإنسان فى الوعى والإدراك لذا فالعلاقة ستكون محددة داخل مفردات قليلة , فبالنسبة للحيوان سيحده وعيه الشحيح والضئيل فى التعبير بينما الإنسان سيصبغ علاقته بالحيوان وفق إحساسه وإحتياجاته ورؤيته .
العلاقة بين الإنسان والنبات تأخذ منحى وحيد وهى رؤية الإنسان وإحساسه بالنبات ليكون علاقة أحادية مع النبت والزرع والزهر يسقط فيها إنطباعاته وإحتياجاته ومزاجه بينما تنعدم هذه الأحاسيس فى النبات لإفتقادها الوعى .

عندما نبحث فى العلاقة بين الإنسان والجماد فسنصل إلى أدنى مستوى من العلاقة لوجود طرف مادى عاقل واعى وطرف مادى مصمت غير عاقل وغير حى متمثلا فى الجماد , فلن يحدث بالطبع أى فعل تواصل ولكن يمكن للإنسان أن يخلق إحساس من داخله يسقطه على المادة لنجد إرتباط وحنين الإنسان لحاجياته الخاصة والدار والقرية والوطن فهنا تكون العلاقة عبارة عن ربط الوجود المادى بذكريات ومشاهد قديمة وإنطباعات محددة يخلق الإنسان منها الإحساس بالأمان أو الوحشة , ومن هنا يُمكن تفسير إيمان الإنسان منذ البدء بفكرة الإله المُشخصن فى طوطم أو فى طبيعة كالشمس والقمر بإيجاد علاقة متخيلة يسقطها على وجود مادى .

نستطيع القول بأن العلاقة لكى تتكون لابد من وجود كيان واعى يمارسها , فالوعى هو الذى يجعل للعلاقة وجود لذا تتكون علاقات بين الإنسان ومثيله البشرى كما تتواجد له علاقة مع الحيوان والنبات والجماد تكون جميعها عبارة عن إسقاطات الإنسان شعوره عليها , وكلما إنخفضت العلاقة المتبادلة بين الإنسان و الوجود المادى كلما تحرك ذهنه فى إسقاط رؤيته وإنطباعاته وتخيلاته وتصعيدها ليصبح هو الممثل والمخرج وصاحب المشهد الوحيد.

المشاعرهى إحساسنا وإنطباعاتنا شريطة وجود مادى نمارس من خلاله خلق الإحساس فكيف يكون هناك علاقة بين الإنسان والإله سواء أكانت محبة أو كراهية؟!!..كيف تتواجد هذه المشاعر فى الداخل الإنسانى إذا كان الإله مُخاصماً الوجود المادى .؟!!
الإنسان كائن ذو طبيعة مادية بينما الله كما يتم تعريفه حسب الفكر الديني ذو طبيعة مغايرة فهو روح ولكن كلمة الروح هنا لا تقدم لنا شيئا فهى لا تعطينا وعى بماهية الروح لنحظى بغموض يلف ذات الله وكينونته ولتُدهش من حجم يقينهم هذا طالما هم لا يدركون شيئا عن طبيعة من يعبدوه سوى أنه كيان غير مادى لا يخضع للمادة منزهاً عن الزمان والمكان , وتزداد الأمور تعقيداً بعدم الإدراك والإحساس بما يسمى اللامادة !!!.. كيف سيجد هذا الكيان الحضور داخل شفرة الدماغ لتتكون علاقة وإحساس , فمشاعرنا وأحاسيسنا تشترط وجود مادى ذو أربعة أبعاد ومنها يكون الدماغ المشاعر والإنطباعات فكيف تتواجد مشاعر مع وجود يقال عنه لامادى بلا أبعاد؟! , وكيف يجد السبيل إذا كانت شفرة الدماغ لا تعرف غير الأبعاد الأربعة .!

الحب هو فكرة تستدعى إحساس وترتبط به , والفكرة لكى تتشكل فيلزم وجود صور مادية لتخلق تكوينها فلا فكرة مستقلة عن الوجود المادى , كما يستحيل أن تسبق الفكرة الوجود المادى فلا يوجد حب بدون حبيب ومن هنا تكون مقولة أننا نحب الله مقولة خاطئة واهمة .

مقولة أن الله يحبك بالرغم انها مقولة طيبة أكثر رقياً وحميمية من الإله الجبار القاهر فهى تمنح الدفء والأمان والسعادة لمستقبليها وتجعلهم يحلقون فى أوهام الإعتناء والإهتمام والرعاية لتكسر قسوة مادية الحياة لكنها مقولة لا تزيد عن رومانسية رقيقة واهمة لا أساس لها , ولا تتوافق مع العقل والمنطق بل لا تتفق مع فكرة الإله ذاته .

فكرة أن الله يحبك لها أبعاد كثيرة لا تكتفى بالصورة الجميلة والرقيقة المُحبة ,فهى تعنى بقضية مهمة تناولتها فى رؤية سابقة بأهمية الشعور بالإهتمام وأننا ضد التهمييش فهناك من يحبنا , فالحب يبنى نفسه من فكرة الإهتمام فنحن نحب لأننا نسعد بحالة الإهتمام بنا ليصبح لوجودنا معنى ونتجاوز قضية العدمية واللامعنى واللاجدوى .

أن يحب الله الإنسان فيعنى هذا ان لديه مشاعر , ولكن المشاعر تبنى نفسها على الإحتياج , فالحب يحقق إشباع معين من الأمان والسعادة والراحة والإهتمام وهو ما يحتاجه الإنسان من قضية الحب ,فهل الله يحتاج لمثل تلك المشاعر .؟!!

أن يحب الله الإنسان فهو هنا يستعير صفة إنسانية أو قل للدقة نحن من أعرنا الإله صفة من طبيعتنا الإنسانية وهى الحب لذا لو إكتسب الله صفة المحبة فهو من أجل عواطفه الباحثة عن الفرحة والسعادة والإهتمام , وإلا ما معنى الحب فهل هو باحث عن هذه الإحتياجات ويجد إشباعه منها .

لو أردنا أن نطلق صفة المحبة لتتناسب مع الإله فسنجد أننا وقعنا أمام إشكالية هل محبة الإله وليدة ومستحدثة مثلنا أم لا , وهل الله مارس حب الإنسان بعد خلقه أى تشكلت فى داخله محبة للإنسان بوجوده مثل الأب الذى تتولد مشاعر الأبوة عندما يحظى على طفل أم أن مشاعر الحب الإلهى للإنسان تواجدت قبل وجود الإنسان بحكم إطلاقها وعدم إستحداثها , ان نتصور وجود محبة لله سابقة لوجود الإنسان بحكم إطلاق محبته فهنا نحن العبث بعينه فلا وجود للصفة بدون فعلها ولا تبنى الصفة وجودها بدون الموصوف فكيف يكون الله محبة فى عدم وجود الإنسان ليمارس فعل المحبة .. وإذا كانت صفة وحالة مُستحدثة وليدة فنحن أم تواجد بشرى آخر يبنى أحساسه على الموجود .

أن تتواجد صفة المحبة فى الإله فيلزم وجود نقيضها ليخلق وجود المحبة فى الداخل الإلهى , فوجود المحبة مُنفردة ومُتفردة وبإطلاقها فى الله بدون وجود الكراهية لن يجعل لصفة المحبة معنى ومحتوى وقيمة ووجود .
"الله محبة " تعنى شمولية كل البشر بمحبته بلا إستثناء وتعضد هذه الصفة معانى الرحمة والرأفة والمغفرة فى داخله ولكنها فى نفس الوقت ستحول من تفعيل صفة العدل فكلما مارس الله محبته فسيكون مترفقاً ورحيماُ وغفوراُ بلا حدود , ولو مارس عدله فى إطلاقه فيعنى هذا أنه سينصرف عن أى محبة .

عندما يقول أحد بأنه يحس بوجود الله وبمحبته وأنه فاعل فى حياته فهو مُخادع أو قل هو واهم .. هو يعيش حالة هلوسة أو بمعنى آخر تخيلات وتوهمات يخلقها فى داخله .

دمتم بخير .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوراق الشجر والله - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.( 17)
- إشباع نرجسية وغرور من لذة التماهى فى مفهوم مغالط للوجود - لم ...
- عسكرة الإيمان أم إيمان العسكرة - لماذا نحن متخلفون ( 5 )
- نحو تطوير الفكرة الإلهية ! - خربشة عقل على جدران الخرافة وال ...
- ليس هوساً جنسياً بل الشذوذ بعينه - الدين عندما ينتهك إنسانيت ...
- إشكالية النص والواقع -الأديان بشرية الهوى والهوية (4)
- خمسة قرود - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (22)
- الإسلام السياسى يعيد إنتاج النظام ومن كنف نفس الطبقة .
- الشيطان يعتزل - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم (15)
- هكذا يؤمنون - تأملات وخواطر فى الله والدين والإنسان (16)
- الطبيعة تنحت وترسم الآلهة - لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (21)
- أيهما الإسلام أفيدونا ؟!- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (34)
- الإيمان إيجاد معنى لوجود بلا معنى -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون ...
- ثقافة التشرنق والتحفز - لماذا نحن متخلفون ( 4 )
- المنطق الدينى بين الهشاشة والسذاجة والهراء - خربشة عقل على ج ...
- البحث عن قضية إهتمام - الله مهتماً - لماذا يؤمنون وكيف يعتقد ...
- المرأة العربية بين جمود الثقافة والتراث وهيمنة مجتمع ذكورى
- الأديان بشرية الهوى والهوية -خيالات إنسان قديم (3)
- ثقافتنا ومعارفنا البائسة بين التلقين والقولبة - لماذا نحن مت ...
- حكمت المحكمة - يُقتل المسلم بكافر ! (4)


المزيد.....




- ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟ ...
- الرئيس الصيني يؤكد استعداد بلاده لتعزيز التعاون مع الدول الإ ...
- الاحتلال يشدد إجراءات دخول المسيحيين إلى القدس لإحياء شعائر ...
- “أحلى أغاني البيبي الصغير” ضبط الآن تردد قناة طيور الجنة بيب ...
- لماذا تحتفل الطوائف المسيحية بالفصح في تواريخ مختلفة؟
- هل يستفيد الإسلاميون من التجربة السنغالية؟
- عمارة الأرض.. -القيم الإسلامية وتأثيرها على الأمن الاجتماعي- ...
- وزير الخارجية الايراني يصل الى غامبيا للمشاركة في اجتماع منظ ...
- “يا بااابااا تليفون” .. تردد قناة طيور الجنة 2024 لمتابعة أج ...
- فوق السلطة – حاخام أميركي: لا يحتاج اليهود إلى وطن يهودي


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - الله محبة !- لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون (24)