أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - الحكومة والبحث عن يقين














المزيد.....

الحكومة والبحث عن يقين


قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 1908 - 2007 / 5 / 7 - 12:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الحقيقة السيكولوجية الأولى التي تشغل الإنسان، وشغلته منذ خلق، هي البحث عن يقين فيما يخص وجوده ومصيره وما يحيط به من أمور. والمفارقة، أن أوضح وأريح يقين خبره الإنسان في تاريخه، ليس حين صار عالما ومتحضرا، إنما أيام كانت علاقته محصورة بالطبيعة قبل آلاف السنين. فقد كان يعرف أحوالها، وتقلبات مزاجها، وكيف يتعامل معها. وفيها لم يكن يعرف حدودا لسكناه أو ممارسة نشاطاته. والأهم من ذلك، أنها كانت صادقة معه، لا تكذب عليه، ولا تخدعه بأوهام، ولا يخاصمها حتى في أشد حالات غضبها عليه.
وبـ( اختراع ) السلطة، أنتقل بحث الإنسان عن اليقين من الطبيعة الى السلطة. أعني أن وجوده ومصيره وما يخصه من أمور، صارت بيد السلطة. ومن هنا بدأ الإنسان يتلقى الصدمات ويعاني أفدح خيباته وأوجع نكباته. وكانت أقسى أوجاعه النفسية عليه أنه صدّق بخدعة ما كان ينبغي أن تمّر عليه حتى في أشد حالاته سخفا وحماقة. فكل سلطة تأتيه كانت تزقّه بيقين يتبين له بعد فوات العمر أنه وهم ليس إلا. فالسلطة في الاتحاد السوفيتي وأوربا الشرقية - في سبيل المثال- وعدت إنسانها بأجمل ما في الإنسانية من قيم...العدالة. فأوحت له بأن يكون يقينه بها كيقينه بأن الشمس تشرق غدا. وإذا بكل السلطة تنهار في زلزال، وكانت نار ذلك الزلزال هو ( يقين ) العدالة الذي كان وهما.
وفي عالمنا العربي، كانت السلطة قد وضعت يقين الناس في ( القومية ) وإذا بهذا اليقين الذي حقنت به عقول الملايين من مئات السنين، ينهار ويتطاير في ستة أيام بنكسة أوجع خجلا من العار !.
وهنالك سلطات في مكان آخر من عالم قريب منا، التجأت الى الدين في تطمين الناس( بيقين )، فكان ما كان مما نحن نعرفه من خذلان للإنسان والدين معا. وغسل الناس أيديهم – هنا – من القومية، و- هناك - من الدين. وكان آخر يقين سوّق إلينا هو ( الحرية )، وأغلب الظن أن الناس سيغسلون أيديهم منها بعد أن ينتهي التبشير بها ويكتشفون يقينها وهما.
وكانت آخر سلطة حكمتنا متخبطة ب( يقينات ) بين القومية والاشتراكية والدين على طريقة ( عبد الله المؤمن ) الذي أثبت بالدليل المشهود أن إيمانه عميق عمق الحفرة التي اختبأ بها!. وكان يقين السلطة السابقة بنفسها أنها تمتلك من القوة ما يبقيها الى الأبد، أو الى أحفاد السلطان في الأقل. والمصيبة أن عقل السلطة عندنا يخترع وهما بهيأة يقين ثم يصدّقه على طريقة جحا.
وإلا لو كانت( السلطة السابقة ) تدرك أن يقينها وهم فلما حلّت بها كارثة، الموت بها أهون من تعفّن صاحبها في حفرة وفضيحته أمام الناس الذين كان يزقهم بـ ( يقينات ) آخرها : تحطم الغزاة على أسوار بغداد.
والحقيقة السيكولوجية المرتبكة التي يعيشها العراقيون اليوم، هي أن السلطة ليس لديها ( يقين ) تعد الناس به. بل أنها هي نفسها لا تملك يقينا بشأن نفسها. فهل هي – في سبيل المثال – إسلامية أم علمانية ؟ . وهل لديها يقين بهوية العراق ما اذا كان سيبقى عربيا أم بصياغة أخرى؟. وهل بآخر جندي أجنبي يغادر العراق يكون الاحتلال قد أنتهي أم يبقى موجودا في الحبانية وأم قصر؟. وهل ستظل ( الحكومة ) في صراع مع إسرائيل أم تتحول الى مغازلتها ؟ وكل غزل في البدء يكون على استحياء !.
ما نأمله من الحكومة الحالية " أو المرتقبة التي تعدّ مقاديرها الآن في مطابخ السياسة " أن تخرج العراقيين من محنتهم، وأن لا تعد الناس بما هو ليس يقينا، كما فعلت في أول يوم لها حين سوقت لهم ( يقينا ) بأنها ( حكومة وحدة وطنية ). وأن تعقّلن وهمها في تسويق ( الحرية ) و (الديمقراطية ) كيقين فيما هما مسلفنان بالموت . فحتى الذين استطعموهما في شهر عسلهما صارا الآن عندهم علقما .. وسيغسل الباقي أيديهم منهما كما غسلوها من ( القومية) وأخواتها. والأهم من ذلك أن تغتسل السلطة ( الحكومة ) من أوهام تخصها وتحسبها يقينا، في مقدمها : أن تخاطب الناس بـ ( يقين ) أن زمام الأمور سيكون بيدها وحدها حين تتسلم الملف الأمني للبلاد ... فتكون بذلك في وهم مبين.!




#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)       Qassim_Hussein_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر الشعبي... ندّابة المازوشيا الممتعة!
- العلم العراقي
- العرب.. وقراءة الطالع
- جيل الفضائيات
- أغلقي عينيك وفكّري في إنجلترا
- السيكولوجيون العرب وتحديات العصر
- الحزن المرضي ... والشخصية العراقية
- 10% فقط. ..نزيهون في العالم
- مرض الكراهية
- مصيبتنا ..فيروسات ثقافية!
- كردي ما اعرف ... عه ره بي نازانم !
- حصة العراقي بالنفط ... والدستور
- العراقي وسيكولوجية الرمز
- الشخصية العراقية تخطّئ علم النفس!
- العراقيون...وسيكولوجية الحاجة إلى دكتاتور!
- يا أعداء أمريكا ... اتحدوا لتدمير بغداد !
- تعدد مرجعيات الإرشاد لدى العربي بين العلم والخرافة
- الحقيقة ...عند الحاج غيلان !
- العراقي : هل صار مكروها عالميا ؟!
- هاملت شكسبير تحليل لشخصيته وتردده


المزيد.....




- كيف تمكنّت -الجدة جوي- ذات الـ 94 عامًا من السفر حول العالم ...
- طالب ينقذ حافلة مدرسية من حادث مروري بعد تعرض السائقة لوعكة ...
- مصر.. اللواء عباس كامل في إسرائيل ومسؤول يوضح لـCNN السبب
- الرئيس الصيني يدعو الولايات المتحدة للشراكة لا الخصومة
- ألمانيا: -الكشف عن حالات التجسس الأخيرة بفضل تعزيز الحماية ا ...
- بلينكن: الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان
- انفجار هائل يكشف عن نوع نادر من النجوم لم يسبق له مثيل خارج ...
- مجموعة قوات -شمال- الروسية ستحرّر خاركوف. ما الخطة؟
- غضب الشباب المناهض لإسرائيل يعصف بجامعات أميركا
- ما مصير الجولة الثانية من اللعبة البريطانية الكبيرة؟


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - قاسم حسين صالح - الحكومة والبحث عن يقين