أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - لا تَدَعوا الجرح يبرأ على صديد!!!















المزيد.....

لا تَدَعوا الجرح يبرأ على صديد!!!


علي جرادات

الحوار المتمدن-العدد: 1867 - 2007 / 3 / 27 - 12:02
المحور: القضية الفلسطينية
    


كان واضحا أن تحديين مباشرين يعترضان سبيل الحكومة الفلسطينية الوليدة ونجاحها، الأول مالي والثاني أمني. وإذا كان التحدي المالي لا يتعلق بالإرادة الوطنية إلا بمقدار قدرتها متراصة على توظيف الدعم العربي وما يمكن كسبه مِن دعم أوروبي متدرج في وجه الصلف الأمريكي الإسرائيلي الرامي لإستبقاء الحصار الاقتصادي كعامل استنزاف إبتزازي للإرادة الوطنية على قاعدة قاسية تقول: " أيها الفلسطينيون إما خبزكم أو حريتكم"؛ نقول إذا كان هذا هو حال التحدي المالي، بما يعني أن التغلب عليه لن يكون إلا متدرجاً وصعباً ومعقداً، فإن التحدي الأمني، وإن تداخل التغلب عليه بهذه النسبة أو تلك بين الخارجي والداخلي مِن العوامل، إلا أنه يتعلق أساساً وجوهرا بالإرادة الوطنية الداخلية، وهذا ما يسمح بعقلانية تفاؤل أن يكون الخلاص منه أسهل وأقل تعقيدا. ويغذي هذا التفاؤل الإجماع الرسمي والشعبي على ضرورة تجاوز هذه المعضلة الداخلية الفضيحة. لكن يبدو أن التحدي الأمني الداخلي بلغ مِن التعقيد والتشابك ما لا يتيح فرصة تجاوزه على أرض الواقع بسهولة ويسر، وأن تجاوزه على صعيد الورق والنصوص شيء آخر عنه على مستوى الممارسة العملية، ويزكي هذا الاستخلاص سعة وعمق ماخلقه هذا الاقتتال مِن احتقان وآلام وأوجاع في نفس وعقل أهالي وأقرباء وعائلات وأصدقاء ضحاياه، ذلك أنه (الاقتتال) لم يكن حدثا عرضيا، بل كان واسعا ووقع في أكثر مِن موقع جغرافي ودام كمظهر عام على مدى زمني غير قصير وتشابك فيه العائلي بالتنظيمي والسياسي، ولم يترافق إيقافه باتفاق مكة بإجراءات قانونية وقضائية عملية ضد مَن قام به أو تسبب في حدوثه أو غطاه وشجع عليه بهذه الطريقة أو تلك، هذا ناهيك عن عدم التوقف أمام ثقافة سياسية غذته وشحنته وقادت إليه.
إن ما جرى خلال الأسبوع المنصرم في شمال قطاع غزة مِن تَجدّدٍ لعمليات الخطف والحرق والقتل الداخلي، يؤكد فعلاً أن تجاوز التحدي الأمني ليس بهذه البساطة والسهولة التي يمكن أن يتخيلها أيُّ منا، وأن استعصاء تخطيه أصبح أعمق وأكثر تشابكا مما نظن ونعتقد جميعا، وإلا ما معنى تكرار مشاهد الاقتتال المشؤوم رغم "اتفاق مكة" الذي مهد لإستقالة حكومة اللون السياسي الواحد، وأعطى فرصةَ تشكيل حكومة إئتلافية؟!!!
في مقابلة مع وكالة معاً الإخبارية، أظهر السيد سعيد صيام وزير الداخلية السابق في حكومة "حماس" المستقيلة أسفا وألما باديين على ما ساد فترة توليه لمهامه مِن اقتتال داخلي وتفاقم لحالة الفلتان الأمني، وقال أن توفر التوافق الوطني والإرادة السياسية، وتحديدا لدى قيادتيْ "فتح" و"حماس" هو وحده الكفيل بتجاوز حالة الفلتان الأمني والاقتتال الداخلي، وأنه لن يكون بمقدور وزير الداخلية الجديد تحقيق إنجاز يُذكَر على هذا الصعيد بدون توفر ذاك التوافق وتلك الإرادة، وأضاف أن العامل السياسي هو سببُ ما جرى مِن اقتتال داخلي مؤسف. هنا ومع موافقتنا الجزئية على هذا التشخيص، وبرغم اتفاقنا النسبي مع صحته ودقته، وما يشير إليه مِن سبيل صحيح لوقف حالة الفلتان ومظهره الأخطر، أي الاقتتال الداخلي، إلا أننا، وعلى ضوء أحداث شمال غزة الأخيرة برغم تشكيل حكومة ائتلافية كشرط سياسي للجم الاقتتال الداخلي، نرى ضرورة إثارة السؤال الأهم فيما يخص الأعمق مِن أسباب الاقتتال الداخلي والفلتان الأمني عموما، ونصوغه على النحو التالي:
هل حقا أن العامل السياسي، وبمعنى آخر الخلاف السياسي، هو سبب ما جرى مِن اقتتال داخلي مؤسف ومفجع وتدميري، أم أن هذا السبب السياسي لا يعدو كونه تجليا لسببٍ أعمق وأكثر خطورة ؟!!! يجيز هذا السؤال، وإن بدا غريبا بعض الشيء، أن الشعب الفلسطيني هو ليس الشعب الوحيد الذي يعيش واقع الخلاف السياسي الداخلي، إذاً لماذا يا ترى لا يكون عامل الخلاف السياسي سببا لوقوع الاقتتال الداخلي والفوضى الأمنية لدى الشعوب التي لديها خلافات سياسية؟!!! وأكثر مِن ذلك، هل كان الداخل الفلسطيني يوما بدون خلاف سياسي؟!!! بل ألم يشهد في تاريخه، وفي مراحل سابقة ما هو أعمق وأعقد مِن مظاهر ودواعي الخلاف السياسي الحالي؟!!! إذاً لماذا لم يؤدِ ذاك الخلاف إلى الاقتتال الداخلي والفلتان الأمني بصورة دائمة، أو على الأقل بغير الصورة التي شهدناها خلال العام المنصرم؟!!! ثم، ألم تتم معالجة وتجاوز ما وقع من اقتتال داخلي محدود خلال مسيرة النضال الوطني الطويلة بالحوار الديموقراطي؟!!! وألم يتم ضبطه والتغلب عليه سريعا، وقبل تغلغل ثقافته السياسية وممارساته العملية في النسيج العائلي والاجتماعي للشعب؟!!! بل ألم يكن هذا النسيج الاجتماعي المتلاحم المتراص في وجه الاحتلال وجرائمه عاملا مِن عوامل دفن ما كان يقع مِن احتراب سياسي تنظيمي محدود وعرضي ومتباعد ولم يشكل مظهرا عاما في المشهد الفلسطيني عموما وفي مشهد العلاقة بين الفصائل السياسية خصوصا؟!!! هذا إذا استثنينا ما حصل مِن اقتتال فلسطيني داخلي بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، وهو الاقتتال الذي لا يمكن سحبه على المسيرة الفلسطينية، أو دمغها به، وذلك باختصار لأن ذاك الاقتتال، وبعيدا عن تبريره، كان له ظروفه الخاصة، ولعبت فيه عوامل خارجية ترتبت على ضرب المقاومة أكثر مما كان له مِن الأسباب الفلسطينية الداخلية المحضة.
ما أسلفنا يشير إلى أن هناك عاملا أعمق مِن الخلاف السياسي كسبب ظاهري للاقتتال الداخلي، وإن بدا الأمر في الظاهر، وللوهلة الأولى أن الخلاف السياسي هو السبب الجوهري للاقتتال. والسؤال: ترى ما هو هذا العامل الأعمق؟!!! بدون إطالة للشرح، وبعيدا عن القلب غير المقصود للحقائق، وخارج التحويل غير الواعي للمظهر إلى جوهر، فإن ثقافة سياسية لا تطيق الخلاف والإختلاف هي التي تحوّل الخلاف السياسي الطبيعي الذي لا يمكن أن نصحو يوما فلا نجده إلى سببٍ للاقتتال الداخلي. هنا، وحتى لا يكون كلامنا مجردا نسأل: إذا سلمنا جدلا أن الخلاف السياسي هو سبب اقتتال ألوان التنظيم السياسي ذات البرامج والمواقف المختلفة، ترى كيف نفسر، وما هو سبب حرق مؤسسة ثقافية تراثية مثلا، وهل تملك هي الأخرى عضوية تنظيمية تختلف في البرنامج والموقف السياسي مع مَن أقدم على إحراقها؟!!! كلا، وعليه، وحتى لا نبسط الأمور ونسطحها، وحتى نقبض على حقيقة الجرح، وحتى نتمكن مِن اقتلاع سبب الاقتتال مِن جذوره، وحتى لا نختزل معالجته بمواصلة الدوران حول سطحه ومظهره، وحتى لا نكرس مِن حيث لا ندري قناعة أن الخلاف السياسي ينطوي بذاته على الاقتتال الداخلي أو يبيحه، وحتى لا نقع بدون قصد في خطيئة أنه لا يمكن منع الاقتتال الداخلي إلا بإلغاء إختلافنا وخلافنا السياسي، وإلا إذا أصبح كلُّ منا نسخة كربونية عن الآخر. نقول حتى لا يكون كل ما تقدم، وحتى يغدو بمقدورنا دفن مأساة الاقتتال الداخلي وجرحه الوطني الغائر، نرى أن علينا معالجة ومداواة ما هو أعمق مِن أسبابه الظاهرية. وهذا ما لا يمكن أن يكون (برأينا) إلا بتحويل إدانة الاقتتال إلى ممارسة قانونية رادعة فضلا عن صراحة القول:
إن خلف ظاهرة الاقتتال ثقافة سياسية تربي على القتل والحرق، وأنها هي مِن يُحوّلُ الخلاف السياسي مِن عامل ثراء وتنوع طبيعي، وبالمقدور ضبطه والسيطرة عليه عبر قانون ديموقراطي يتيح ويضمن حق الاختلاف والتعبير والاجتهاد وابداء الرأي والتنافس الديموقراطي البرنامجي السياسي والاجتماعي الاقتصادي داخل الوحدة السياسية المبنية على أساس القواسم المشتركة في البرنامج الوطني العام المعبر عن المصالح العليا للشعب والوطن. هذا هو عمق الجرح، وعلينا أن لا نواصل الدوران حول سطحه، بل علينا أن ننكأه بجرأة لا تدعه يبرأ على صديد.



#علي_جرادات (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التجويف آلية للإجهاض
- أقمة نوم أم يقظة؟
- يتربصون بغزة
- التجويف كآلية للإجهاض
- ويبقى سؤال ما العمل قائما
- إسرائيل حبلى بحرب!!!
- هامش استقلال ضمن الرؤية
- بن غوريون يخاطب القمة العربية!!!
- مظهر الأزمة الفلسطينية وجوهرها
- أمريكا ترسل ولا تستقبل
- قنينة الماء
- بيع السراب وحرث البحر
- الضربة الرئيسية
- حجران روسيان في المياه الراكدة والدافئة!!!!
- هم السجان ونحن السجين
- أعيدوني إلى السجن
- المُغَّب الحاضر
- ذاكرة حرية تسيل
- -الحرية مِن- وإعاقة التحرر الحالة الفلسطينية نموذج


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - علي جرادات - لا تَدَعوا الجرح يبرأ على صديد!!!