أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - تغيير حقيقي أم خديعة؟!















المزيد.....

تغيير حقيقي أم خديعة؟!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1851 - 2007 / 3 / 11 - 07:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


للرئيس جورج بوش، مع القوة المركزية في فريقه الحاكم، وحزبه الجمهوري، مصلحة كبرى وجوهرية في أن يتغيَّر اتِّجاه الأحداث والتطورات في العراق بما يسمح له، قبل بدء معركة انتخابات الرئاسة، بجعل الغالبية من مواطنيه، ومن الناخبين منهم، مقتنعين بأنَّه قد عرف كيف يحوِّل، أو يبدأ تحويل، الفشل الاستراتيجي العسكري والسياسي الكبير لإدارته وللولايات المتحدة في العراق إلى نجاح يصعب التشكيك فيه؛ ولكن ثمَّة عقبة كبرى تعترض طريقه، أو محاولته، وهي تعذُّر واستعصاء نجاحه في أن يشتري هذا النجاح بثمن بخس، فالشرط الجوهري لجَنْيِهِ الربح الذي يريد هو أن يخسر، وأن يخسر كثيرا، في قضايا له فيها، أيضا، مصلحة جوهرية وكبرى في أن يربح، وكأنَّ "يد القدر العراقي" تدفعه رغما عنه إلى أن يبحث عن ربح بيده اليمنى حتى يَفْقِدَهُ، ويتحوَّل إلى خسارة، بيده اليسرى.

الجمهوريون ممَّن لهم مصلحة في ترجيح كفَّتهم على كفَّة الديمقراطيين في ميزان القوى الانتخابي يضغطون لحَمْل الرئيس بوش وأركان فريقه الحاكم على تغيير مسار الأحداث والتطورات في العراق بما يقيهم شرَّ الهزيمة في انتخابات الرئاسة المقبلة. والرئيس ذاته، مع مَنْ شاركه صنع وإنتاج الفشل الاستراتيجي العراقي، له، ولهم، مصلحة في اتِّقاء الشرِّ العراقي بَعْد مغادرتهم مواقع السلطة والحُكم إذا ما استولى الديمقراطيون على البيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية المقبلة. ولإسرائيل ومؤيِّديها في إدارة الرئيس بوش، والكونغرس، وفي مواقع أخرى، مصلحة في أن ينهي الرئيس بوش النزاع النووي مع إيران قبل مغادرته البيت الأبيض، وبما يُعْجِز إيران مستقبلا عن صنع القنبلة النووية، أو عن امتلاك القدرة على صنعها، فالديمقراطيون أقلُّ ميلا إلى المغامرات العسكرية من إدارة الرئيس بوش الجمهورية.

الرئيس بوش هو الآن، ولجهة سعيه إلى إحراز نجاح كبير في العراق، إنَّما يشبه مَنْ ذهب إلى السوق ليشتري بضاعة هو في أمسِّ الحاجة إليها؛ ولكنه، في الوقت نفسه، لا يريد دفع ثمنها، أو دفع الجزء الأعظم من ثمنها. وحاله هذه نراها واضحة جلية في الاجتماع الدولي ـ الإقليمي في بغداد والذي دعت إلى عقده إدارة الرئيس بوش عَبْر حكومة المالكي في سعيها إلى الحصول على دعم إيراني وسوري، على وجه الخصوص، لمحاولتها حل الأزمة العراقية بما يعود بالنفع والفائدة على تلك الإدارة في المقام الأول، فإذا هي فشلت في الحصول على هذا الدعم بأقل قدر ممكن من الخسارة نجحت في أن تَظْهَر لدى مواطنيها والعالم على أنَّها قد بذلت وسعها في سبيل تحويل إيران وسورية إلى "قوَّة إيجابية" في العراق؛ ولكنَّها لم تُوفَّق؛ لأنْ لا مصلحة لهما في العراق الآمن المستقر المزدهر الديمقراطي.

وقد تقول إدارة الرئيس بوش وهي تُنازِع الديمقراطيين في الكونغرس إنَّ إيران اشترطت للتعاون مع الولايات المتحدة في العراق اعترافا بحقها في امتلاك القدرة النووية على النحو الذي تريد، وإنَّ سورية اشترطت إنهاء قضية اغتيال الحريري بما يؤكِّد براءة نظام الحكم فيها من تهمة تدبير الاغتيال. ولا شك في أنَّ إظهار إيران وسورية على هذا النحو يمكن أن يفيد إدارة الرئيس بوش في سعيها إلى إقناع مواطنيها بأنَّ شرَّ التعاون معهما يفوق كثيرا خيره، ولا بدَّ، بالتالي، من نبذ هذا الخيار، وكأنَّ الهدف الكامن في دعوة إيران وسورية إلى المشاركة في هذا الاجتماع هو تأكيد وإثبات أنَّ توصية "لجنة بيكر ـ هاملتون"، في هذا الشأن، تفتقر إلى الواقعية السياسية، ويمكن أن يُلْحِق الأخذ بها ضررا كبيرا بمصالح وأهداف الولايات المتحدة في العراق، وفي محيطه الإقليمي.

إدارة الرئيس بوش لن تجنح للتعاون مع إيران في حل الأزمة العراقية بما يؤدِّي إلى جعل برنامجها النووي في أمن وآمان؛ وإذا كان من شيء تُعنى به تلك الإدارة الآن، أو من الآن وصاعدا، فإنَّ هذا الشيء هو السعي في جمع مزيد من الأدلة على أنَّ إيران هي التي تُمْعِن في زعزعة وتقويض أمن واستقرار العراق، و هي التي تتسبب في كثير من الخسائر البشرية لجيش الولايات المتحدة هناك.

ظاهر الأمور قد يشجِّع كثيرين على "التفاؤل"، فإدارة الرئيس بوش تبدو في ميل متزايد إلى اجتذاب إيران وسورية إلى مساعيها لحل الأزمة العراقية؛ والسعودية وإيران تبدوان في ميل متزايد إلى التعاون، عراقيا، ولبنانيا، وفلسطينيا؛ وتعاونهما يبدو ناجحا مثمرا حتى الآن.
وقد وُجِّهَت دعوة سعودية إلى سورية لـ "تَصَدُّر الهلال الخصيب".

على أنَّ باطن الأمور يؤكِّد أنَّ ثمة مناورة سياسية كبرى، وأنَّ في الأمر خديعة يكمن فيها هدف إعداد العدة لإشعال فتيل حرب جديدة في المنطقة، فضرب إيران عسكريا، وليس "خطة أمن بغداد"، هو الحل، على ما تعتقد إدارة الرئيس بوش، لأزمتها في العراق.

وكل ما يُبْذَل الآن من جهود دبلوماسية وسياسية لا يمكن أن يفسَّر على خير وجه إلا في هذا السياق.. سياق الإعداد لضربة عسكرية لإيران. ويراد للنتائج والعواقب الإقليمية لهذه الضربة أن تكون في أقل حجم ممكن، فلبنان، قبل الضربة، يجب أن يكون في حال سياسية يصعب فيها أن ترد إيران عسكريا من خلاله، أي أنَّ احتمال وقوع نزاع عسكري بين إسرائيل و"حزب الله" يجب أن يكون في منتهى الضعف. وسورية يجب أن تشعر بأنَّ لها مصلحة في اجتناب نزاع عسكري مع إسرائيل ولو ضُرِبَت إيران عسكريا. والفلسطينيون يجب أن يشعروا بجدية ما يُبْذَل من جهد، هذه المرَّة، لرفع الحصار الدولي المضروب عليهم، وللتوصُّل إلى حلول عبر التفاوض مع إسرائيل. والسعودية ينبغي لها أن تؤسِّس لعلاقة مع إيران تفيد في جعلها بمنأى عن عواقب الضربة العسكرية لإيران، فـ "الصراع المذهبي" في العراق يجب إلا ينتقل إليها، ومصالحها النفطية يجب ألا تتضرَّر إذا ما ضُرِبَت إيران عسكريا.

إنَّ سؤال إدارة الرئيس بوش والذي يكمن في تلك المناورة السياسية الكبرى هو الآتي: كيف يمكن ضرب إيران عسكريا (عن بُعْد) وإفقادها القدرة، في الوقت نفسه، على الرد في الطريقة التي لا تريدها الولايات المتحدة، وتخشاها؟ إنَّ الجواب نراه الآن في كل ما يُبْذَل من جهود دبلوماسية وسياسية لجعل يديَّ إيران، عند ضربها، مقيَّدة بكثير من السلاسل "الذهبية".

وتتوقَّع إدارة الرئيس بوش أن تتمخَّض الضربة العسكرية لإيران عن نتائج عراقية تسمح لها بالتأسيس لائتلاف بين "المعتدلين" من السنة والشيعة، في مقدوره أن يحل الأزمة العراقية على النحو الذي يتَّفِق مع مصالحها، ومع المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في العراق، وفي محيطه الإقليمي.

وإذا كان من مبدأ تعمل بموجبه إدارة الرئيس بوش الآن فهذا المبدأ إنَّما هو "لا مانع في أي شيء من شأنه أن يساعدها في إنجاز مهمتها العسكرية في إيران، وفي إفقاد طهران القدرة على الرد العسكري الذي لا تريده (تلك الإدارة) وتخشاه".



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات في مناخ -الفقر الديمقراطي-!
- اليوم -حَبْس- وغداً.. !
- -روح إسرائيلية- لإحياء -المبادرة العربية-!
- فيلم -هيكل سليمان الضائع-!
- -اتفاق مكة-.. و-أهل مكة-!
- صورة الحرب إذا ما نشبت!
- بعضٌ من الثقافة التي رضعنا!
- -الشريك الفلسطيني-.. هل عاد إلى الوجود؟!
- عباس وهنية في خطَّين متوازيين!
- كوريا وإيران.. فَرْق أعظم من الشبه!
- مسطرة -المجلس الأعلى للإعلام-!
- نُذُر حرب جديدة!
- ساعة المخاض لسلطة -فتحماس-!
- في جدل العلاقة بين -الذات- و-الموضوع-
- بند -الاعتراف- في -الحوار المكِّي-!
- شلال دمٍ من أجل -عَظْمَة-!
- الطريق التي افتتحها اجتماع -الرباعية-!
- ثلاث سنوات من الجَزْر الديمقراطي!
- والمفتي إذ أفتى!
- لن يُغْفَر للشعب الفلسطيني سكوته!


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - تغيير حقيقي أم خديعة؟!