أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - اين تزدهر الثقافة















المزيد.....

اين تزدهر الثقافة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 1851 - 2007 / 3 / 11 - 13:10
المحور: المجتمع المدني
    


الإنسانية تنقسم إلى ن قبل بداية عصر البخار، كانت المجتمعات وعين ثقافيين، الأول هو: المجتمع الزراعي، والثاني هو المجتمع الرعوي وكان المجتمع الزراعي هو المجتمع الأكثر ثقافة وكانت عواصم الإمبراطوريات تنشأ في وسط المجتمع الزراعي، ولهذا فإن المثقفين من المجتمع الرعوي كانوا يرحلون بقلوبهم وعقولهم وأقلامهم لعرض ما لديهم للسلاطين والقضاة الذين يشغلون مراكز إدارية في العواصم والمدن القديمة، وكانوا يأخذون بيد المنافقين ويطاردون المبدعين الحقيقيين، لذلك كان المجتمع الرعوي يخسر المثقفين ليكتسب من خبرتهم المجتمع الزراعي، لهذا ظل الرعاة قروناً عديدة وهم يعانون من نقص عام في المثقفين والمبدعين ولهذه الأسباب بقيت مواصفاتهم تتسم بالخشونة والصلابة وقلة الوعي وهذه الظاهرة بقيت آثارها واضحة حتى بدأت وسائل الإعلام بالوصول إليهم من خلال الإعلام المرئي والمسموع.
ومنذ نهاية القرون الوسطى وبداية عصر البخار ظهرت أساليب جديدة بدأ الإنسان بها يطور حياته بفعل الآلة وليست بفعل اليد كما كان سابقاً في المجتمعات الزراعية ولهذه الأسباب ظهرت لأول مرة في التاريخ مجتمعات رأسمالية، من خلال بناء المصانع وتحسين الإنتاج وزيادة الأرباح وانتشرت مع هذه الظاهرة مؤسسات المجتمع المدني الحديث ووضعت القوانين من أجل حماية العمال والشغيلة من جشع الانتهازيين فما هي أوجه الشبه بين المجتمع الرأسمالي القديم أبان عصر بدايته وبين المجتمع الزراعي القديم؟
لا شك أن طبائع الاستبداد والظلم والطغيان والديكتاتورية، كانت هي الغالب على النظام العائلي القديم في المجتمع الزراعي، وهذا يعود لضعف إرادة المزارعين في كسب لقمة الخبز وهذا أدى بالطبع إلى زيادة الفقراء والتفافهم في شكل مشاعات قروية يحكمها (شيخ العشيرة) وهي العائلة الممتدة ولم يكن بوسع الفقراء أن يتعلموا أو يتثقفوا بسبب قلة إمكانياتهم وكان الفقراء يحرمون أبنائهم من التعليم ونادراً ما يحظى أحد الأفراد بالثقافة على حساب إخوته، وكانت المرأة مستبعدة من كافة المواقع العلمية، لذلك فإن أي نظام إجتماعي زراعي أو رعوي قديم تكثر فيه عوامل التخلف بسبب زيادة الطغيان نتيجة لديكتاتورية العائلة الممتدة ولضعف انتشار الآلة التي تتحكم بزيادة الإنتاج وتحسين ظروف المعيشة وكان الأغنياء يعيشون بكد العامل.
وإذا أتيحت الفرصة لكاتب أن يكتب، فإن عليه أن يلتزم بقواعد وشروط مجتمع الاستبداد وذلك يعود إلى عدم قدرة المثقف على الإنفاق المهني بحكم وظيفته كمبدع أو أي مثقف، أما المثقفون الأحرار والمتمردون فقد كانوا يطاردون ويقهرون وتتقطع بهم السبل، ويبقى المتسلقون والمنافقون يصورون الأخطاء على أنها حقيقة لذلك ولهذه الأسباب كانت الثقافة هزيلة وهشة على قدر هزالة المثقفين وهشاشتهم وإن مجتمع الاستبداد القديم، تتبنى أجهزته الحكومية مطاردة المتمردين من أجل حماية مصالحهم قبل مصالح السلاطين، وذلك كي يتمكنوا من الأعمال الليلية مثل السرقات والفساد الكبير بعكس النظام الديموقراطي الذي يدعم المثقفين ويطارد اللصوص.
أما الفارق بين النظام الثقافي القديم والحديث فإن له تناسب عكسي، فمع ظهور المصانع الإنتاجية، أرتاح الناس والعمال والشغيلة من الكد والإرهاق، وأصبح لديهم أوقات فراغ كافية لشرب القهوة وتبادل الأحاديث الثقافية مع ما رافق ذلك من تحسين ظروف الكتابة بسبب تحسن الصناعات الورقية التي أدت إلى انتشار مؤسسات قانونية تدافع عن الحقوق المدنية، وبدأت الاتجاهات السياسية بالظهور مما أدى بالنهاية لوضع الدساتير الديمقراطية واحترام الرأي والرأي الأخر، فما كانت النتائج؟
- لقد تراجعت المجتمعات الإستبدادية بسبب ظهور مجتمعات ديمقراطية، وانتهى زمن الذين يدفعون للمنافقين والمتملقين والمتسلقين وبدأ زمن الذين يحترمون الرأي والرأي الآخر، وتصالح المثقفون مع السلطة من خلال فسح مجال من الحرية في التعبير عن أرائهم ووفر الحكام والسلاطين على أنفسهم إضاعة الوقت في إخماد الثورات السياسية والعصيان المدني، ولهذا كله فإننا نلاحظ اليوم أن السرعة في التطور تعود أصلاً إلى سرعة انتشار البحث العلمي وإلى إزدهار الثقافة وقد تزدهر الثقافة في المجتمعات الديمقراطية التي تعترف ضمناً بوجود الآخر ولا تنفيه ولا تضطهده ولا تطارد لقمة خبزه.
- وبسبب الاستقرار السياسي وقلة الحروب تتوفر مناخات مناسبة للمثقفين للإبداع، بدل إضاعة الوقت بتبادل التهم والشتائم بين الدول المتصارعة بين المثقفين والسلطة، وهذا يعود إلى تراجع كلفة الإنفاق العسكري وتحويل هذه الأموال إلى ميدان البحث العلمي وبناء الأكاديميات والصروح الثقافية، وتعزيز مفهوم دولة القانون والمؤسسات.
- وانتشار الحرية بالتعبير يؤدي إلى الاستقرار الثقافي والتفاف المثقفين حول مؤسسات المجتمع المدني الحديث، بدل اضافة الوقت في الهجرة من أوطانهم إلى دول مجاورة غالبا ما تكون معادية وليس لها نوايا حسنة، وبذلك توفر الدول الديمقراطية على نفسها إضاعة الوقت في مراقبتهم والتشكك في نواياهم.
إلا نلاحظ أن المواقع الساخنة تزداد حين يزداد قهر المثقفين وإن المواقع الباردة تنتشر في المواقع التي يحترم بها الرأي والرأي الآخر تحت شعار التعددية والوحدة وتوسيع قاعدة الحوار وتوسيع قاعدة المشاركة وفي المجتمع الديمقراطي الصحيح تتوفر مناخات مناسبة للثقافات وللإنتاج ويطارد اللصوص ويضعف الفساد الإداري نزولاً عند- رغبة الجماهير والمستثمرين بحماية مصالحها المدنية وهذا يؤدي إلى الحفاظ التام على سلالة المبدعون الحقيقون ويتوفر جيل جديد بل المنافقين والمتسلقين ففي مثل حالة مجتمع الاستبداد يموت المبدعين الحقيقيين ويطارد الأقوياء ويبقى الضعفاء وهذا على مبدأ الانتخاب الطبيعي الذي يموت به الأقوياء ويبقى به الضعفاء كنتيجة طبيعية لمطاردتهم وتضييق الحصار عليهم لأنهم يتحولون إلى ضعفاء بسبب عوامل القهر والاستبداد ويتحول الضعفاء إلى أقوياء بسبب دعم المجتمع الاستبدادي لهم وإعطائهم فرص كبيرة للظهور.
ولا شك أن القارئ يعرف عن الإمبراطوريات الاستبدادية القديمة فقد كانت تطارد العائلات المالكة بسبب زيادة الضرائب على الفلاحين وكانوا يهاجرون ويتركون أرضهم وبهذا يبقى الضعفاء ويتناسلون وتتشر سلالات ضعيفة ومهترئة عملت هذه السلالات قروناً طويلة من التاريخ على انتشار مجتمعات ضعيفة بدنياً وعقلياً ولهذا كانت تتراجع الثقافة والتقدم العلمي، بسبب هجرة الأقوياء اقتصادياً وثقافياً أما في المجتمع الديمقراطي الصحيح فإن زيادة لإنتاج عمل على زيادة الأرباح وبسبب ظهور القوانين المدنية والرعاية الصحية وبسبب احتماء المثقفين بالديمقراطية توفرت لديهم فرص النجاح واستقرار سلالاتهم مما أدى اليوم إلى تقدم الثقافة .
- ولقد نعمت بلاد الشرق الأدنى بالشمس الدافئة والمناخ المستقر منذ 12.000 سنة قبل الميلاد، ولهذا كان هناك مناخاً مناسباً لنشوء الزراعة والرعي، مما أدى إلى استقرار الإنسان به والحضارة، ولكن تطور الحياة الاجتماعية والصناعية في أوروبا وانتشار المصانع المدنية عمل هناك منذ بداية عصر البخار على انتشار الحقوق المدنية، وبذلك خسرنا نحن بعض مقومات الإصلاح المدني بسبب ضعف الصناعة والحقوق المدنية لأن بعض أسواقنا التجارية ما زالت تحمل طبائع القرون الوسطى ولان غالبية مثقفينا ما زالت تحيا حياة سلفية في تلك الأسواق القديمة، وهذا يؤدي إلى استمرار الأنماط القديمة في طرائق التفكير.
- وتعود أسباب ضعف الثقافة وقلة الإنتاج الثقافي ورداءته إلى ضعف انتشار المصانع والآلات العصرية، فما زالت غالبية سكان الوطن العربي يعيشون مع الماضي إلى ما قبل القرون الوسطى لذلك ولعدم التطور الصناعي يعجز التطور الاجتماعي على مد روحه في الأحياء السكنية وإن الشرق الأدنى- على حسب تعبير آرنل نوينبي يستسلم لقبول التكنولوجيا الغربية ولا يستسلم لقبول التطور الاجتماعي، ونلاحظ أن امتداد سلطة العشيرة ما زالت قوية والحفاظ عليها ظاهرة مقدسة، رغم أن تغير أساليب الإنتاج قد أحدث بع الثغرات في صلب العائلة الممتدة، حيث عملت الوظائف الحكومية على نقل ولاء الفرد من العائلة إلى السلطة وكذلك توسع أساليب التجارة قد خلق وراءه أقوياء مادياً مما أدى إلى عدم اعتبار القوة للعائلة، وهذا عمل على تفسخ قاعدة العائلة الممتدة، وبالتالي فإن المجتمعات العربية ما زالت في حالة دعم ومناهضة للتطور الثقاقي، والغالب هو المناهضة وذلك حتى يبقى الوضع على ما هو عليه لصالح المستفيدين اجتماعياً واقتصاديا من النظام القديم وإن عمل أي تغيير سوف يهدد مصالحهم:... الخ لذلك فإن الكاتب والكتاب العربي يواجهون طغيان الماضي بوسائل اجتماعية وأخيراً كان الفكر السلفي أداة حقيقية لقهر الروح العصرية.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألمرأة وألفن وألدعارة الفكرية
- الفن والدين الرعوي
- الدورة الشهرية للمرأة والأدب الديني
- المرأة القديسة والمرأة الكديشة والقديشة والبهيمة؟
- نقد المجتمع العربي المعاصر
- طغيان رجال الدين
- تعريف النسوية والنسونجية
- مصطفى امين في سجنه
- تعريف المرأة والرجل
- الدورة الشهرية للمرأة والعطلة الأسبوعية
- تعريف الثقافة
- الفردية والجماعية في ضوء التطور دراسة عن سلامه موسى والعقاد ...
- المراة الشرقبة بين ثقافتين رعوية وزراعية
- اثر الثقافة الشرقية على المرأة والرجل
- المفكر العربي الكبير - سلامه موسى
- الحجاب الأجتماعي


المزيد.....




- سفير فرنسا في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء فوري للحرب على غزة
- شكري: مصر تدعم الأونروا بشكل كامل
- تقرير يدق ناقوس الخطر: غزة تعاني نقصا بالأغذية يتخطى المجاعة ...
- الأمم المتحدة تدين اعتقال مراسل الجزيرة والاعتداء عليه في غز ...
- نادي الأسير يحذّر من عمليات تعذيب ممنهجة لقتل قيادات الحركة ...
- الجيش الإسرائيلي: مقتل 20 مسلحا واعتقال 200 آخرين خلال مداهم ...
- وفد إسرائيلي يصل الدوحة لبدء مباحثات تبادل الأسرى
- إسرائيل تمنع مفوض الأونروا من دخول غزة
- برنامج الأغذية العالمي: إذا لم ندخل شمال غزة سيموت آلاف الأط ...
- تقرير أممي يحذر: المجاعة أصبحت وشيكة في شمال غزة


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جهاد علاونه - اين تزدهر الثقافة