أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سهر العامري - عرب الأهوار ، الضيف والشاهد 11















المزيد.....

عرب الأهوار ، الضيف والشاهد 11


سهر العامري

الحوار المتمدن-العدد: 1844 - 2007 / 3 / 4 - 12:56
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


التخلف والظلم الاجتماعي
ظلّت الأهوار وعلى امتداد عصور عديدة مرتعا للظلم والتخلف المريع ، وظلّ الإنسان فيها يجاهد من أجل البقاء ، معتمدا في ذلك على ما يمده الهور به من ثروات طبيعية ، تمثلت في الأرض والمياه ونبات القصب والبردي ، فمن مياهه سقى واستقى ، وعلى أرضه زرع وجنى ، ومن قصبه وبرديه شاد بيته وبنى سفينه ، وهو بعد ذلك اعتمد على ما أبدعه عقله من حرف وصناعات يدوية تضرب في جذورها الى أكثر من خمسة آلاف سنة ، وعلى ما رباه من حيوان البقر والجاموس (1) الذي يذكر مشاهده بالثيران المجنحة التي أبدعتها يد الفنان العراقي القديم ، والتي تطرز الآن متاحف المدن الأوربية ، بعد أن امتدت يد السطو إليها.

لقد ظلّ هذا الإنسان رهين محبسين كما يقال ، الكوارث الطبيعية التي صمد بوجهها ببسالة ، وظلم الإنسان لأخيه الإنسان الذي قاومه على امتداد عهود وما زال يقاومه ، فقد أحال ابن الهور الأول: أتونابشتم بيته الى سفين كي ينقذ الإنسان من فساد عتاة الأرض الذي كان سببا في طوفان مهلك، حين كان هذا الفساد حرابا بيد جند سنحاريب تلاحق إنسان الهور ، وسيفا بيد خليفة ظالم يطارده ، وطائرة مستعمر تصبّ حممها عليه، و" قائدا منتصرا! " قتل مياهه.

لم يتركوه حرا كما ولد وكما أراد ، فلم يبقَ أمامه إلا الموت أو المفر.( لماذا نبقى هنا مرهقين أنفسنا 

 
بالزراعة من أجل الشيوخ ؟ لماذا نعمل من أجلهم على أيّة حال ؟ نحن أحرار وليس عبيدا ، للآن يعاملوننا مثل الكلاب ، ما الحق في أن يمتلكوا هم الأرض؟ لو أنّ الحكومة وطنية كانت ستأخذها منهم وتعطيها لنا ، ليست هناك زراعة هذه السنة ، وليس هناك ماء ، سنجوع إذا بقينا ، لكننا سنحصل على عمل إن نحن رحلنا الى بغداد ، وخلال أشهر قليلة سنكون أغنياء ، انظر الى واوي فقد ذهب قبل سنتين دون شيء 
ما عدا ثوبه ، والآن يملك هو سيارة وبيتا ، وكذلك علي وعباس وزاير جاسب كلهم ذهبوا حتى غنام لقد باع جواميسه وغادر، هيا يا أبي ، حالا، فنحن الذين بقينا من الناس فقط ، سيجعلنا الشيوخ نعمل كلّ العمل بدلا عنهم ، دعنا نرحل قبل أن يرسلوا علينا لنبني لهم السد الكبير عند " أبو فحل " .)(2) هذا حوار دار بين طالب مدرسة وأبيه نقله ثيسجر في كتابه : عرب الأهوار ، فقد ألحّ الطالب على أبيه الفلاح بوجوب الرحيل الى بغداد ، بعد أن استبد بهم ظلم الشيوخ ، وإهمال الحاكم ، وقساوة الظرف الطبيعي ، 
فقد لخصّ هذا الطالب أسباب الهجرة بعدم امتلاكهم للأرض ، وذهاب جهودهم المبذولة فيها لصالح الشيوخ ، وذلك في ظل حكومة غير وطنية ، تركتهم دونما حماية ، لا من استبداد الشيوخ ، ولا من قساوة الظروف الطبيعية ، حين يشح الماء ويحلّ الجفاف ، أو حين يطغى فيكون الفيضان. تركتهم حيث الأساليب الزراعية المتخلفة ، فالسد الكبير يصعد على ظهورهم ، وحفر قناة يأكل أيدهم ، فعلام البقاء بعد هذا ؟

أما ثيسجر فقد استعرض أسباب الهجرة هذه ، فهي عنده الجفاف الذي أصاب الأرض عام 1955م، وإنتاج النفط الذي بدأ في العراق ، حيث قامت حملة اعمار خاصة في بغداد ، حينها تقاطرت الأخبار عن فرص عمل كثيرة ، لكنه يرى أن أهم أسباب هذه الهجرة هو التعليم الذي تلقاه بعض الشباب من أبناء الفلاحين في مدارسهم ، والذين أصبحوا أداة تحريض على الهجرة ، ومنهم هذا الطالب الذي نقل الحديث عنه.
 ويبدو أن ثيسجر قد بنى رأيه في أهمية عامل التربية كسبب من أسباب الهجرة هذه على سماعه لوجهات نظر مختلفة من سكان عرب الأهوار فيقول : ( كان في مدرسة تلاميذ قلائل راغبين بالبقاء في قراهم ، فهم ولسنوات كانوا متأثرين بمعلميهم الذين يكرهون الحياة العشائرية ، والذين شجعوهم على الاعتقاد في أن الحياة المحترمة تكون في المدن ، خذني معك الى البصرة ، يا صاحب ، وجد لي عملا جيدا هناك ، هكذا كان الشباب يلتمسونني ، أنا أكره البقاء هنا ، فنحن نعيش مثل الحيوانات، العيش هنا ملائم لوالدي وأخوتي لكن أنا متعلم...(3 ) 
وإذا كانت هذه وجهات نظر التلاميذ الشباب من عرب الأهوار ، فما هي وجهات نظر آبائهم. ( كلّ الآباء تقريبا كانوا متلهفين لإرسال أبنائهم الى المدرسة، لكن أتذكر رجلا عجوزا من قرية تقع على نهر العدل تحدث لي : إبني لديه عل حكومي في البصرة ، فنحن فقراء كما ترى ، وقد أنفقت عليه مالا كثيراً خلال عشرة سنوات حين كان يدرس في مدينة العمارة ، واعتقدت أنه سيساعدنا ، فقد كنّا سعداء معه حين كان طفلا ، فهو طفلنا الوحيد ، لكنه الآن لا يأتي لزيارتنا أبدا ، ولا يساعدنا ، هذه تربية سيئة ، يا صاحب ، إنها سرقت أطفالنا.) (4) ، ( 
وهذه وجهة نظر مغايرة لامرأة من قرية القباب ، يعمل زوجها الذي طلقها حارساً ليلياً في مدينة العمارة التي يدرس ابنها فيها كذلك، وكان يزورها مرتدياً سترة وسروالاً، ويدهن شعره بمستحضر، ويفرقه على النمط الأوربي ، وبعد يومي زيارته لها تدور هذه المرأة على جيرانها معلنة: أنّ ولدها أصبح مدنياً، فهو يأكل بالملعقة، ويبول واقفاً، أما رجال العشيرة فهم يجثمون دائماً للتبول. (5)

لقد كانت سنة 1954م هي سنة آخر فيضان مدمر يصيب العراق ، وهي السنة ذاتها التي بدأت أنا فيها الدراسة الإبتدائية ، وبذا أكون أنا واحدا من التلاميذ الذين التقاهم ثيسجر حين كان هو ينزل ضيفا بين عرب الأهوار ، وعلى هذا سيكون من المفيد أن أدلي بشهادتي عن الظرف الدراسي القاسي الذي كان يحيط بتلاميذ الأهوار وبمدارسهم ، فأقول : كان بعضنا يقطع مسافة عشرين كيلو متراً تقريبا كلّ يوم الى المدرسة جيئة وذهابا ، وسيرا على الأقدام في أغلب الأوقات ، يضاف الى ذلك وجود الأنهر الصغير التي كانت تقع على الطريق الى المدرسة ، والتي يصعب علينا عبورها نحن التلاميذ الذين لم تتجاوز أعمارنا السابعة من العمر، لولا المساعدة التي يقدمها لنا من هم أكبر منا سنا من زملائنا التلاميذ ، 
وحين يقارن المرء بين حالة الدراسة في الأهوار ، وحالتها في المدن التي كانت تشد أنظار تلاميذ عرب الأهوار إليها يجد أنّ البون كبير ، فالطرق الى المدارس في المدن سالكة، والتلاميذ فيها يستطيعون القراءة ليلا على ضوء من الكهرباء ، في وقت كانت تعزّ علينا نحن تلاميذ الأهوار القراءة على ضوء الفانوس ، عندها يكون البديل ضوء زجاجة سعتها لترا من النفط ، تتدلى في جوفها ورقة من نبات البردي أزيل قشرها ، تلصق الى فوهة الزجاجة بقليل من التمر ، ومن خلاله يصعد جزء صغير من تلك الورقة ، نقوم بإيقاده فيشع ضوء خافت منه ، نواصل الدرس عليه.


لقد كان البون ، ومازال ، شاسعا بين المدينة والريف العراقي ، فالمدرسة المشيدة من الطابوق في المدينة تكون في أندر الأحوال مشيدة من الطين ، وفي أغلبها مشيدة من القصب في الأهوار ، وإذا كان تلاميذ المدن يسكنون بيوتا من طابوق كان زملاؤهم في الأهوار يسكنون بيوتا من قصب ، هي ذاتها التي شيدت قبل 
ما يزيد على خمسة آلاف سنة ، وحين يستطيع طلاب المدن مواصلة دراستهم بعد المرحلة الإبتدائية في مدنهم تلك كان الكثير من طلاب الأهوار لا يستطيع ذلك لعدم وجود المدرسة المتوسطة أو الثانوية على طول الأهوار وعرضها ، إلا إذا كانت ظروف أحدهم المالية تسمح له بالانتقال الى المدينة ، أو إلا إذا كان له أقرباء يسكنونها.أما مساهمة الدولة من خلال الأقسام الداخلية فكانت محدودة لا تذكر، ومع ذلك استطاع بعض من طلاب عرب الأهوار التخرج في الجامعات العراقية والأجنبية بعد حصولهم على منح وزمالات دراسية ، خاصة بعد قيام ثورة 14 تموز، واعتمادها مبدأ الكفاءة العلمية الى هذا الحد أو ذاك. ففي السنوات التي كان ثيسجر يدون كتابه عن عرب الأهوار ، ويتحدث عن الفصل " الدية " في القتل كان في لندن طالب من سكان عرب الأهوار يدرس هندسة نفط ، وكانت أم الطالب هذا ، والتي هي من عشيرتنا ، قدمت عوضا عن قتيل لعشيرة أخرى ، كما كان هناك طلاب غيره ممن واصلوا دراساتهم في دول أخرى. 
يضاف الى ما تقدم أن المتخرج من عرب الأهوار في المرحلة الإبتدائية لن يستطيع مزاولة مهنة أو عمل ، إذ لا يوجد في الأهوار معمل واحد ، كما لا توجد دوائر للدولة كثيرة ، اللهم إلا مراكز الشرطة ، ودوائر جباية الضرائب ، والتي كانت تسمى وقتها بـ " القولجي ". هذه الأسباب هي التي كانت تدفع التلاميذ من سكان عرب الأهوار الى النزوح منها والى المدن ، آملاً في مواصلة دراسة أو الحصول على عمل.

ومن بين أسباب الهجرة عند ثيسجر هو استبداد وطغيان الشيوخ ، حيث كان بعض المهاجرين يظهرون امتعاضهم حين يمرون أمام مضيف شيخ من آل ازيرج يدعى" أنكال " * مرددين:( حمال ولا عند أنكال )(6) أيّ أعمل كحمال في المدينة ، ولا أعمل فلاحا عند الشيخ أنكال.
ثم ينقل ثيسجر هذه الصورة عن هذا الظلم والإذلال ( في سنة 1954 كان أحد عبيد الشيخ مجيد الخليفة قد ضرب أخا لرئيس عشيرة الشغانبة في قرية العقر ، ولهذا ضرب هذا العبد من قبل القرويين الغاضبين حتى عاد نصف ميت ، لأن رئيس العشيرة وأسرته كانوا محترمين جدا ، فما كان من الشيخ 
مجيد إلا أن أرسل ممثله الذي جلد العديد من كبار السن في القرية ، بسبب من أن الشغانبة تركوا قرية العقر ، وفروا الى قرية الصيكل ، وحين سمع الشيخ مجيد بهذا صرخ علانية : لقد ذهب الكلاب، سأجد كلابا أخرى وأحلهم محلهم . لكن خلال شهر تموز عام 1955م لم يستطع ان يجد ذلك بسهولة حين سألته : ماذا تعمل لو أن نصف عدد فلاحيك قد هاجر؟ فكر لدقيقة ثمّ أجاب بعصبية: لا. أنا أعتقد أن هناك العديد الآن. سألته: ماذا تعمل لو غادر الكثير؟ قال: سيتخلى عن زراعة الرز ويركز على زراعة القمح والشعير بالآلآت الزراعية ، فأرضه هي الأهم عنده حتى من قبيلته. لقد تذكرت صرخته المؤلمة في عزاء ابنه: أرضي! الآن، حين أموت ماذا سيحدث لأرضي ، لقد شعرت بالحزن وقتها حين قدم أرضه على قبيلته. ) (7) ولهذه الصورة من صور الظلم الذي أناخ على صدور الفلاحين من عرب الأهوار يضيف جيفين يونغ الى ذلك قوله : إنّ الشيخ مجيد وابنه فالح قد مدّا سيطرتهما ليس على الفلاحين وحسب ، وإنما على المعدان من أجل تزويدهما في جزء من محصول الرز ، وكذلك القصب ، واليد العاملة ، وألا ستكون العقوبة السياط والجزية ويروى إنّ الشيخ كان يأمر اتباعه بإدخال الأشخاص الذين يروم معاقبتهم في تابوت ملئ بالمسامير، ثمّ يأمر برمي التابوت على الأرض ودحرجته. (8) أما الحكومة** فهي التي ستواصل مسلسل الظلم هذا ، بعد أن وجد الفلاحون في الهجرة ملاذا يحميهم منه ، حين تركوا كلّ شيء وراءهم إلا ما خفّ حمله ، وحطوا الرحال على أطراف المدن الكبيرة كبغداد والبصرة ، من هنا تبدأ مطاردة الشرطة لهم ، وذلك بإزاحة أكواخهم المشادة على هذه الأطراف ، وإجبارهم على العودة من حيث أتوا.وقد سمع ثيسجر الحوار التالي الذي دار بين الشرطة وبين الفلاحين فنقل : (:
 ـ أين تريدوننا أن نذهب؟
:
ـ الى أيّ مكان، لا تبقوا هنا، عودوا الى قراكم إذا كنتم لا تحبون العيش هنا.

:ـ هيّا ، أزل كوخك ، أسرع ، نحن لدينا عمل!
 
هكذا وبصعوبة سينقلون أشياءهم الى موقع آخر، وستزيحها الشرطة ثانية ، وهم إن سكنوا هذه الضواحي فسينفقون مداخيلهم على النقل من والى أعمالهم ، متحملين ذلك بمشقة.
وقد كانت السلطات التي أخطرت بحجم الهجرة تواقة لوقفها ، حيث شجعت الشرطة ، التي اعتبرت هؤلاء القرويين لعبة قانونية ، على إرهاقهم.

:ـ أرني جنسيتك ، دفتر خدمتك ، أنت لم تحصل عليهما ؟ معي الى مركز الشرطة.

كلّ رجل في العراق تفرض عليه خدمة سنتين في الجيش ، لكن عدد قليل جدا من المهاجرين قد قام بتأديتها.(9)
هكذا يحاصر السكان من عرب الأهوار جهاز بيروقراطي ظالم وضخم ، رأسه في لندن وأقدامه على ضفاف الأهوار، فحين فرّ الفلاحون خلاصا من ظلم الشيوخ الذين هم عماد النظام وسنده واجهتهم الحكومة التي نصّبها الانجليز بموقفها ذي الشينات الثلاث: شروقي، شيعي، شيوعي.
مع أن الحقيقة ليست كذلك ، فالذي استفز الحكومة من هؤلاء رفضهم للظلم الذي خيم عليهم لسنوات عديدة، والذي أنزله بهم أبناء جلدتهم من الإقطاعيين والحكام وبعض الموظفين الذين ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا خدما لمستعمر مستبد ، هاله من أهل الجنوب موقفهم البطولي بتصديهم له منذ أن وطأت أقدامه أرض العراق ، وحتى سنوات لاحقة أخرى ، دفاعا عن أرض العراق ، وعن ثرواته التي باتت نهباً بأيدي الغرباء ، وحفنة أدعياء من أبناء الوطن عاشت على ما تفضل به سيدها الغريب عليها.

لقد جعلت الحكومة وأجهزتها المتنفذة من موقفها ذي الشينات الثلاث سبة على الإنسان العربي القادم من جنوب العراق وجنوبه الشرقي الى بغداد ، حتى لكأن بغداد أصبحت حصرا على بقايا التتار وأحفاد الأتراك والمماليك، وخدم جيوش الإنجليز ، ومن جنسيات أخرى شتى ، وقد ظلت هذه الإسطوانة تردد حتى بعد قيام ثورة 14تموز، إلا انها تصاعدت في زمن الأخوين عارف ، وبشكل حاد وبصورة جلية في زمن صدام حسين ، رغم أن صداما قد شمل بظلمه الجميع ، لكن ليس للحد الذي أنزله بعرب الجنوب وأكراد الشمال ، والأمثلة على ذلك كثيرة. فقد نظر للعرب القادمين من محافظات: البصرة والعمارة والناصرية ، أو من عرب أهوارها نظرة ازدراء ، وذلك حين يحلون بغداد للعمل أو الدراسة***
= = = = = = = = = = =
1- رددت صحافة النظام في العراق بعد انتفاضة آذار سنة 1991 قولة هي : إنّ الحجاج بن يوسف الثقفي، الجلاد الشهير هو الذي أتى بسكان الأهوار وجواميسهم من الهند، والحقيقة هي أنّ الإنسان في جنوب العراق قديم في تاريخه وفي حضارته، كما أنّ مدنه: الناصرية والبصرة والكوفة وغيرها أشادها العرب وسكنوها حين نزلوا جنوب العراق، أما مدنه القديمة كأور مثلاّ فهي تضرب في جذورها الى ما قبل العصور السومرية، وقد عدت مدن العراق الجنوبية مما سمي بالعراق العربي، في حين عدت مدينة تكريت وما داناها من مدن ما سمي بالعراق الأعجمي، ولازال الكثير من العراقيين يعدون صداماً وأسرته بقية من بقايا الأتراك في العراق، بعد أن استعمروا الوطن العربي تحت ستار من الدين، وبقاياهم هذه لازالت متواجد في أكثر من قطر عربي، تنتحل لقب هذه القبيلة العربية أوتلك ، أما الجاموس الذي هو فصيلة البقر فموجود في الأهوار وفي بغداد وفي الموصل ومدن عراقية أخرى، وينقل جيفين يونغ في كتابه : العودة الى الأهوار ما نصه : يعتقد بأنّ السومريين قد استوردوا الجاموس من الهند في الألف الثالثة قبل الميلاد. وحتى هذا التاريخ يبدو قريباً، إذا ما عرفنا أنّ صورة رأس الثور ظهرت في الكتابة الصورية التي أبدعتها يد الفنان السومري في مدينة أور. فأين الحجاج من هذا ؟
2 – عرب الأهوار ص 195.
3- نفسه ص176.
4- عرب الأهوار ص177.
5- نفسه ونفسها .
* 
أنكال بن امهاوي بن فهد احد شيوخ آل ازيرج في العمارة ، وهو ابن عم الشيخ مشاي أحد شيوخ آل ازيرج أيضا الذي " هوّس " أي هزج أحدهم من أجله : " مشاي اللّه وامشي ابكاعه " وابكاعه هنا تعني أرضه .
6- عرب الأهوار ص 195.
7- عرب الأهوار ص 196.
8- العودة الى الأهوار ص68... صناعة الموت هذه طوّرها حفيد الإقطاع ناظم كزار عام 1963م حين وضع أحد الشيوعيين العراقيين في تابوت ونشره الى نصفين بمنشار . راجع العراق دولة المنظمة السرية ص347.
** وأنا أدون هذه الأسطر سمعت خبرا مفاده أن صداما يريد أن يمنع أيّ عراقي باستثناء التكارتة ، من تملك دار في بغداد ، ما لم يكن مسجلا فيها عند تعداد عام 1957م، إنها عودة للسياسة التي انتهجها نوري السعيد ضد الأغلبية الشيعية ، والتي هي حديث ثيسجر أعلاه ، والعجيب في هذا المضمار أن حكومة مدينة النجف بشخص محافظها ، أسعد أبو كلل القادم من إيران ، تحرم اليوم السكن على أبناء المحافظات الجنوبية مثل : الناصرية ، والبصرة ، والعمارة ، في تلك المدينة بحجة واهية تقول : إن هؤلاء الفقراء قاموا بتجاوزات على أرض المحافظة المذكورة . وتصرف كتصرف محافظ النجف هذا إنما ينم عن حقد دفين على فقراء الشيعة العرب الذين اضطروا للرحيل عن ديارهم لظروف قاهرة . والسؤال الوجيه هنا هو : ما الفرق بين تصرف صدام ونوري السعيد وبين تصرف سعد أبو كلل ، محافظ النجف بالنسبة لهؤلاء الذين تحول وطنهم الى مقاطعات وأمارات ودول ؟
9- عرب الأهوار ص198.
*** قبلت أنا وزميل لي من أهوار العمارة ومن أسرة معدمة في كلية التربية من جامعة بغداد، وحين قابل زميلي أستاذا! مسؤلا عن منح الطلاب مبلغا شهريا قدره خمسة دنانير، سأله الأستاذ: هل تملك أسرتك بندقية؟ أجاب زميلي بصدق لا . فحرمه الأستاذ من المنحة لأنه يعتقد أن عرب الأهوار مدججون بالسلاح.




#سهر_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحقيقة التي يجب أن لا تغيب !
- الغزال 2
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد 10
- الهلع يستولي على عملاء إيران في العراق!
- الدب القطبي يسبح في مياه الخليج الدافئة !
- المتعة ومرض الأيدز يجتاحان المدن العراقية !
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد . 9
- تفاقم الصراع الأمريكي - الإيراني على العراق !
- دولة تعشق الفساد !
- البكاء على التدخل في الشؤون الداخلية !
- البكاء على التدخل في الشأن الداخلي !
- الموافقة الأمريكية والرغبة الإيرانية قتلتا صداما !
- حصيلة إعدام صدام نبذ الشيعة !
- هل تعدم أمريكا صداما ؟
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد . 8
- 7عرب الأهوار ، الضيف والشاهد
- ( الغزال ( 1
- تقرير جيمس بيكر- هاملتون : الفشل والانسحاب !
- (عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (6
- عرب الأهوار ، الضيف والشاهد (5)ه


المزيد.....




- فيديو يُظهر ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت ...
- شاهد كيف علق وزير خارجية أمريكا على الهجوم الإسرائيلي داخل إ ...
- شرطة باريس: رجل يحمل قنبلة يدوية أو سترة ناسفة يدخل القنصلية ...
- وزراء خارجية G7 يزعمون بعدم تورط أوكرانيا في هجوم كروكوس الإ ...
- بركان إندونيسيا يتسبب بحمم ملتهبة وصواعق برد وإجلاء السكان
- تاركًا خلفه القصور الملكية .. الأمير هاري أصبح الآن رسميًا م ...
- دراسة حديثة: لون العينين يكشف خفايا من شخصية الإنسان!
- مجموعة السبع تعارض-عملية عسكرية واسعة النطاق- في رفح
- روسيا.. ابتكار طلاء مقاوم للكائنات البحرية على جسم السفينة
- الولايات المتحدة.. استنساخ حيوانين مهددين بالانقراض باستخدام ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سهر العامري - عرب الأهوار ، الضيف والشاهد 11