أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - فارس كمال نظمي - وداعاً -عبدالله مهدي الخطيب- آخر فلاسفة الشيوعية في العراق














المزيد.....

وداعاً -عبدالله مهدي الخطيب- آخر فلاسفة الشيوعية في العراق


فارس كمال نظمي
(Faris Kamal Nadhmi)


الحوار المتمدن-العدد: 1820 - 2007 / 2 / 8 - 11:50
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


أخيراً، رحل البطل العراقي "عبدالله مهدي الخطيب" (1927 – 2007)م الفيلسوف والشاعر والقاص والرسام والموسيقار واللغوي والناقد والسياسي والكيميائي والمؤرخ العلمي للتأريخ الاسلامي، تاركاً عصر المهزومين للمهزومين، منتصراً لوحده بشيوعيته التي لم تبلى، وبطفولته التي لم تكبر، وبتفاؤله الفطري الذي لم يصدأ. غادر مكتبه الصباحي المشمس جوار أشجار النارنج، لينغرس عميقاً في ذاكرتنا القادمة، وفي إدراكنا القادم لصورة عالمنا اللا بطولي !
لا أراه إلا بطلاً امتزج فيه المعنى والعبث بعفويةٍ لا تجاريها الا زقزقات العصافير غير المكترثة بآثام البشر تحتها. كان يرفض القبح البشري حد الحب، وكان يعبد النبل البشري حد الثمالة!
توقف قلبه المأزوم في إعماق ليل بغداد الممزق بشظايا قنابل المورتر، وبصدى اطلاقات القناصين الأراذل، ... بغداد التي اتخذها وطناً بديلاً عن المسيب والحلة وكربلاء وقلعة سكر، وأقام فيها جمهورية الحب والتسامح والفكر الاشتراكي المزهر، مختزلاً شوطه الأسطوري في بلاد النهرين بخيار طالما ردده مبتسماً: ((حين أخذوا ولديّ "أنيس" و"زيدون" إلى أحواض التيزاب، كرستُ ما تبقى من حياتي للدفاع عن الحقيقة المسالمة، بلا دماء ، وبلا ضوضاء..!!))
مزج "الخطيب" المادية التأريخية بالحس الشعبي الراصد لتقلبات الشخصية في إطارها السوسيولوجي، فكان أن ابدع مذهباً مدهشاً تلاقح فيه الحب بالاقتصاد، وكان أن أرسى منهجاً ممتعاً يحلل أكثر آثام الرأسمالية والاقطاع خزياً بمجهر الفكاهة السوداء. تتلمذ على أيدي "علي الوردي" و"طه باقر" و"نوري جعفر" في معهد المعلمين العالي ببغداد، وبالرغم من مشاكساته لهم إلا أنهم أودعوه نصيباً وافراً من أسرار عقولهم وشخصياتهم.
أسهم في تأسيس أولى الخلايا الشيوعية في المسيب قبل أن يصل سن البلوغ، ثم تولى أمر البريد الشيوعي بين بغداد وألوية الفرات الأوسط. عمل معلماً جوالاً في مدارس قرى الجنوب منذ أواسط أربعينات القرن الماضي، مبشراً بفكرتين ظل أمينأً لهما حتى آخر سطور الكتاب الأخير الذي كان عاكفاً على تأليفه ولم يكتمل: "العدالة" و"المحبة"، فكان إماماً "اشتراكياً" تبعه الفقراء والموسرون والمتعلمون والأميون والملحدون والمتدينون على حد سواء. وظل كذلك حتى النهار الأخير يمزج البساطة بالتفلسف على نحو فريد، فكان بيته مزاراً لكل النماذج البشرية الباحثة عن مشورة أو تعاطف أو وقفة تضامن وأمان، بصرف النظر عن عمرها أو ثقافتها أو انتمائها.
كان متيقناً تماماً أن عالمنا هذا يمكن انقاذه من غباء الرأسمال وساديته لو اجتمع "ماركس" و"فرويد" و"فروم" و"اينشتاين" و"غاندي" على طاولة واحدة، وتبادلوا الأسرار والمشاعر والأفكار حد الامتزاج والتماهي، ثم خرجوا إلى الناس بفريق واحد يعيد ترتيب الفوضى البشرية.
كان يؤمن ببساطة أن ديناميات الصراع البشري ستقلب الطاولة على أي مؤسسة مخابرات (محلية أو عابرة للقارات) تحاول عصب عيون التأريخ وحرفه عن درب العدالة "الحتمي".
نقرأ في كتبه ومقالاته قاطبة فكرة واحدة مركزية تستتر خلف السطور: ((الظلم حادثة اقتصادية غير ضرورية كأي جرثومة تم اكتشافها ومعرفة أسباب نشوئها وانتشارها، وحان وقت الحجر عليها وافنائها)). ففي اطروحته للدكتوراه، أعاد قراءة تأريخ الأحزاب السياسية التي نشأت بعد وفاة النبي محمد، محرراً إياه من الإطار اللاعقلاني الساذج الذي لطالما اعتقل فيه، مانحاً للدوافع البشرية المجتمعية الحق في تفسير الظاهرة الدينية على أرضية تطورية متينة من تفاعل الغريزة الجدلي بالنظام الاقتصادي والمنظومات القيمية السائدة.
التحق "أبو أنيس" بحلم العدالة الأبدي، تاركاًُ ضحكاته وحكاياته وطريقته الفذة في النظر للإنسان، تبلل أبصارنا وأسماعنا، وكأنه قرر منذ البداية أن لا يموت أبداً، لأنه كان يعلم أن الموت نهاية بيولوجية فحسب، فيما الحياة خيار مفتوح يستحق التخصيب والتخليد. ولذلك وجدته على الدوام بطلاً مقامراً من النوع الذي لم يعرف طعم الخسارة، لأنه حقن نفسه بمصل الهزيمة منذ البداية، فانتصر على كل شيء، وجاء غيابه الأخير أشبه باحتفالية متوقعة نقلته الى حديقة الحضور الأبدي!
قبضة من دموع عاقلة أرشها على تربتك الأخيرة يا "أبا أنيس"، ليس حزناً، وانما اعتذاراً عن عالم غافل لم ينصفك، ولم يتوقف ما يكفي عند صوفيتك التي امتزجت بنزعة ثورية رومانسية لونت كل وردة نضحت من عقلك الجميل والباهر والكوني. ولذلك أحبك كثيراً، وسأظل منحنياً لك أروي ثراك بأيامي، وأحلم بعالمك البطولي الذي لن يفارقني!





#فارس_كمال_نظمي (هاشتاغ)       Faris_Kamal_Nadhmi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلق الموت لدى الأستاذ الجامعي العراقي – دراسة ميدانية
- مفهوم العدالة في الفكر الاجتماعي (من حمورابي الى ماركس) 3 - ...
- مفهوم العدالة في الفكر الاجتماعي (من حمورابي الى ماركس) 2 - ...
- (مفهوم العدالة في الفكر الاجتماعي (من حمورابي الى ماركس)(1 – ...
- عقدة (الطابور) في الشخصية العراقية
- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية(دراسة ميداني ...
- هل كان (مؤيد نعمة) معالجاً نفسياً؟
- الهوية الاجتماعية العراقية...إلى أين؟
- يحملون الجنسية العراقية ويسكنون في العراء وتحت الجسور
- سيكولوجية (الحصة التموينية) لدى فقراء العراق
- الثقافة الدستورية لدى سكان مدينة بغداد – دراسة ميدانية
- اللغة البشرية بين فطرية جومسكي وبنيوية بياجيه
- الـدمـاغ والـعـقـل:جدلية متجددة
- سيكولوجية الحب الرومانسي لدى المرأة
- الاضــطرابـات الـنـفـســية الناجمة عن استخدام الحاسوب والانت ...
- الثقافة العلمية والصحة النفسية للمجتمع
- ثقافة السلاح تنخر شخصية الطفل العراقي
- سيكولوجية الانتخاب لدى الفرد العراقي
- سيكولوجية البطالة لدى حملة الشهادات الأكاديمية في العراق
- المنظور الماركسي للحب بين الجنسين


المزيد.....




- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية
- الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (الإتحاد المغربي للشغل) تدعو ...
- الرفيق جمال براجع يهنئ الرفيق فهد سليمان أميناً عاماً للجبهة ...
- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - فارس كمال نظمي - وداعاً -عبدالله مهدي الخطيب- آخر فلاسفة الشيوعية في العراق