أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء الثالث















المزيد.....

تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء الثالث


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 1787 - 2007 / 1 / 6 - 11:12
المحور: الادب والفن
    


قراءة لمرحلة من التاريخ العراقي المعاصر :
سعى نص ـ الغلامة ـ إلى تغطية فترة حيوية من تاريخ الصراع السياسي الدموي بدأ من نقطة مفصلية في دموية الصراع على السلطة السياسية الذي أنحصر منذُ وصول العسكر إلى السلطةي في العراق، فالسرد في تموز 1958 بين التيار الماركسي والقومي، حيث تمكن الأخير من السيطرة على دفة الحكم بانقلاب دموي في 8 شباط 1963 ، ـ زمن شروع السرد في النص 9 شباط ـ سيقتل الزعيم عبد الكريم قاسم بنفس الطريقة التي صفيت فيها العائلة المالكة جسدياً، سيعرض النص لهذه الأحداث وما قبلها بشكلٍ مفصل في الفصل السابع ـ ليحفظ الله الملك ـ من خلال حديث بين معاون الشرطة ـ جميل ـ والد هدى، ووالد صبيحة في جلسة شرب، حفلة تتويج الملك فيصل الأول، ثم مذبحة العائلة في الـ 58 . كما سيغطي النص حقبة الستينات حتى أواخر السبعينات زمن انفضاض تحالف الشيوعيين والبعثيين، وهو زمن نهاية السرد الفني عندما يعثر أطفال يلعبون على شاطئ دجلة، على جثة ـ صبيحة ـ مشوهة تطفو بمحاذاة الجرف في ظروف غامضة .
في خضم هذه المعمعة العويصة وغياب العقل لدى النخب الثقافية العراقية التي ترعرعت منذُ أوائل القرن، ممثلة بأحزابها السياسية المصابة بالطرش وعمى الألوان، والذين لم يسمعوا سوى صوت قناعاتهم المفردة ـ لا يزال الوضع قائماً إلى لحظة كتابة هذه السطور ـ . في الخضم ذاك، الفرد العراقي المسكين وحده من دفع وسيدفع الثمن، موتاً تحت التعذيب، مصير الدكتورة أنيسة، تغييباً أبدياً في المعتقلات مصير بدر في النص، أو مغادرة أماكن الصبا إلى ديار الغربة، مصير عادل، أو موتا في الحياة، مصير صبيحة المحطمة تماماً زمن كتابة نصها الروائي قبيل مقتلها الغامض . فمن سمات الجلاد العراقي المميزة، هي عدم اكتفاءه بإذلال الضحية بتعذيبها واغتصابها، بل يحاول تجنيد بقاياها الممزقة خدمةً لأهداف الطرف السياسي صاحب السلطة . فهذا ـ رامي ـ الذي يرتبط، بعلاقة اجتماعية ومعرفة مع الضحية صبيحة، ينجح بإطلاق سراحها، لكنه يحاول تجنيدها كمخبرة أثناء توصيلها من الملعب الأولمبي إلى بيت أهلها في فصل ـ صناعة منزلية ـ قائلاً بصيغة تهديد مبطن :
‘‘ ـ حاولي مساعدتنا، حاولي، ليس الآن، فيما بعد وإلا سيحترق الأخضر واليابس ‘‘ ص 65 .
فيثير طلبه تداعيها حول طلبات حبيبها المجهول المصير كي تختلط بالناس، تحرضهم على الفعل الثوري بلغة الخطاب الماركسي الثوري :
‘‘ ـ عليك بالجماهير . أدخلي معهم وأطلقي الأهازيج الشعبية بصوتك الجميل هؤلاء الناس يفرزون الغث من السمين ‘‘ ص 65 .
وفي فصل ـ المناضل ـ المروي على هيئة رسالة موجهة من صبيحة إلى ـ مسلم التقي ـ القومي الثوري، ومنظر حزب السلطة نفس الحزب الذي كانت صبيحة ضحيته، وهي رسالة تنضح بالإعجاب والشهوة للفحل الثوري المزواج، وعلاقتها الحائرة معه بين الصداقة شبه المستحيلة في بيئة صارمة كالبيئة العراقية متسائلة :
‘‘ هل صرنا أصدقاء ؟ لا بسرعة ولا على شكل عاصفة . كنا نمشي على حافة الصداقة التي تطفو ثم تغرق في جوف دجلة، في نوبات من الفوضى والضنك . كيف تمتد صداقة بين رجل وامرأة عراقيين وطوال تلك الأعوام؟ كم؟ خمسة، أربعة، ثلاثة أعوام ونصف؟ لم أحسبها . مقامرة على ما أظن ‘‘ ص44 .
أنها ليست مغامرة فحسب، بل سوف تنعتها في الصفحة اللاحقة بالورطة . هذه الرسالة والفصل يلقي الضوء ساطعاً على مخيلة المثقفة الثورية المنكسرة العراقية ـ صبيحة ـ وهي تتشهى فحولة الثوري ـ مسلم ـ متخيلة اغترابه الجسدي في فراش الزوجية :
‘‘ أراك في زاوية حادة من الحوش تنام على صدر الزوجة وبلا إلهام . منزعج، عصبي وضجر وكل شيء يمشي في مستواه المطلوب .لا صرخة ألم ولا صوت تلذذ ولا ضحكة صادرة من القلب . كأنك تنام وحدك، تنام مع نفسك . تساءلت : هل كنت تحادث زوجتك ؟ ‘‘ ص 45 ـ 46 .
وهي لا تدري بأن ـ مسلم التقي ـ نتاج نفس البيئة الكابتة مضاف إلى كونه رجل أباحت له ذات القيم عالماً سراً يجعله يستطيب الجسد مجرداً ويتماهى فيه، والحب تالياً أصلاً في ثوري ريفي مقترن بزوجتين، زورقين ليلين . في هذه الرسالة الرومانتيكية الغنية التي أرادتها الكاتبة إطاراً لإلقاء الضوء على بيئة صبيحة الجديدة، وجودها قريبة من كوادر حزب السلطة، وضعها الجديد، هواجسها، شهواتها الجديدة، والأهم أيديولوجيتها ‘‘ ـ الكاتبة في النص ـ وكاتبة النص ‘‘ في وعيها بخواء أيديولوجياً إلغاء الآخر جوهر الخراب العراقي المعاصر :
‘‘ ـ بدر من جانب كان يريد أن ينسف جميع ما يدور في رأسي . وأنت وغيرك وهم كثر بيدكم المسطرة والقلم تريدون قياس حركة البط وهو يتنزه في الساقية ساعة الغبش . والموضوع واحد لا غير ‘ إن الأيديولوجيا وحدها هي التي تهم . وان هناك أنظمة رائعة تعطي الجواب لكل شيء وما علينا سوى أن نختار معسكرنا وأن ننضم إلى الطيبين الأخيار ونحارب الأشرار ‘ وها أنت تراني أمامك لا أكف عن الصراخ وأردد ‘ أن الدواليب تغص بالجثث، وجميع الأيديولوجيات تحمل الأكاذيب وهي زائفة، وبعضها يساوي البعض الآخر ـ ‘‘ ص44 .
الغور في التاريخ لعراقي المعاصر لم يجر بشكلٍ مباشر، بل تسرب في أنحاء النص ومن خلال شخوصه المختلفة، فمن أسرار نجاح هذا النص فنياً، هو ذلك المرور الشفيف من غور أرواح النص المنشغلة بمصائبها وعذاباتها إلى إشكالية الصراع السياسي الدموي، من خلال سرد المحن الشخصية بأبعادها النفسية والاجتماعية في علاقاتها بالسلطة والصراع وببعضها البعض الأخر . يضاف إلى إن اختيار الشخوص ومواقعها في شبكة الحياة والصراع وطبيعتها وتوزيعها هو ما يحدد نجاح النص أو إحباطه . والكاتبة انتقت شخوصها بحذق بدءاً ـ بصبيحة ـ المنحدرة من عائلة شعبية متوسطة تقطن الجنوب العراقي ورحلة صعودها إلى بغداد والجامعة والنضال الطلابي، ثم عالم الصحافة والاقتراب من مركز السلطة ورجالاتها، واحتكاكها بأجواء النخبة ممثلةً بالوسط الأدبي والسياسي مما أتاح لها الإحاطة بمختلف البيئات الفاعلة في ساحة الصراع الاجتماعي والسياسي، الطلبة، ‘بدر‘ وفترة النضال الماركسي الثوري . ‘رامي‘ قريب مصعب ممثل حزب السلطة . ‘شاكر‘ قريبها ورجل أمن، والد هدى معاون الشرطة . ‘مسلم التقي‘ والناقد ‘عبد الجبار علي‘ الوسط الثقافي . والبيئة الشعبية في شوارع وأزقة السماوة بأسواقها وبيوتها وتفاصيلها الشعبية ـ الكلبة التي تصم على محروم ضاجعها وهروعه نحو الفرات لتفكه وسط الفضيحة وغيرها من الحكايات والأحداث ـ يضاف لكل ما ذكرته أن الكاتبة في النص ـ صبيحةـ وكاتبة النص ـ عالية ـ امرأة اكتوت بنيران البيئة الضاغطة القاسية، التي ينحصر عالمها خلف أبواب وجدران البيوت ، مما جعل القارئ يطل على عالم النساء العراقيات الغامض، الحميم والسري بجرأة قل نظيرها في الرواية العراقية .



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء ...
- تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة
- أزقة الروح قصة قصيرة
- قصة قصيرة-جنية الأحلام
- تحجر
- العصفور
- حصار يوسف
- بمناسبة محاكمة صدام حسين وأعوانه بقضية الأنفال عندما أدخلني ...
- بمناسبة محاكمة صدام حسين وأعوانه بقضية الأنفال...عندما أدخلن ...
- بمناسبة محاكمة صدام حسين وأعوانه بقضية الأنفال...عندما أدخلن ...
- العمة الجميلة*
- النص العراقي والناقد
- أنها الحرب
- اختطاف
- كتّاب كانوا سوط الجلاد الثقافي
- بمناسبة المؤتمر الرابع للطائفة المندائية..يا عراق متى تنصف أ ...
- قالت لي: أنا عندي حنين


المزيد.....




- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - تشوه بنية الإنسان في البيئة العربية المغلقة والقامعة- الجزء الثالث