أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود جلبوط - المسكوت عنه















المزيد.....

المسكوت عنه


محمود جلبوط

الحوار المتمدن-العدد: 1725 - 2006 / 11 / 5 - 10:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثيرة ومتعددة هي الأمور والمسائل والأشياء المسكوت عنها في بلادنا , وسيان إن كنا أسميناها بلادا عربية أو إسلامية أو شرق أوسطية أو غرب آسيوية , لا تهم التسمية مادمنا نتناول المسكوت عنه فقط ولا نتطرق للخلفية السياسية للتسمية فنثير خلافات ما بين التيارات والجماعات والأحزاب السياسية .
حتى أن المسكوت عنه لدينا مختلف باختلاف الموضوع الذي نريد تتداوله في حديثنا أو كتاباتنا أو مقالاتنا , فلا نكاد نتطرق لأي ناحية من نواحي حياتنا العملية والمشتركة كشعب يقطن هذه المنطقة , لا يهم الفترة الزمنية المقصودة ولا الطرف المعني كحزب أو تيار سياسي أو دين أو مذهب أو طائفة أو أكثرية أو أقلية هنا أوأثنية هناك , إلا ووجدنا مساحات واسعة من نقط أو فراغات أو صفحات بيضاء أو صفحات منزوعة من كتبنا تدل على هذا الشيئ المغيب والمسكوت عنه , فترات تاريخية مطموسة تسكت عن الكلام وإن تكلمت فهي مشوهة ومقطوشة عن صيرورتها , أفكار و تيارات فلسفية نشأت عبر تطورنا تاريخيا أزيلت و حرقت وسكت عنها أو ابتسرت وانقطعت عن أسباب ظهورها , جرى هذا على أيدي ولصالح قوى سيطرت على دفة السلطة عبر التاريخ حاولت عبر حكمها , كما يحدث دائما وأبدا , إنتاج وتعميم فكر خاص بها مسيطر تحكم من خلال تبني العامة له .

المسكوت عنه لدينا هو عام يشمل كل شيء , يشمل ماضينا وتاريخنا وحاضرنا , فنحن نطمس كل الفترة التاريخية لتاريخنا الما قبل الرسالة المحمدية فنختزله إلى عصر جاهلي باستثناء ما يخدم ايديولوجيا الرسالة , قاصدين بهذا إظهار نورانية الدعوة المحمدية وعظمتها , غير عابئين بمنطق التطور والصيرورة التاريخية , وكأن عظمة الدعوة وإثبات ألوهيتها لا يتأتى إلا عبر إلغاء القوانين الموضوعية التي تحكم التاريخ و الصراعات البشرية , كما أنه يشمل تاريخنا وصراعاتنا الاجتماعية مابعد الدعوة , إن في العصر الذهبي منها أو عبر صيرورتها التاريخية أو تجلياتها في حاضرنا .
نسكت ولا نمر على ذكر التفاعلات الاجتماعية والفكرية التي سادت منطقة الصحراء العربية وما يحيطها والتي مهدت لظهور الدعوة , ولا نذكر أي من المؤثرات التي تأثر بها نبينا محمد في رسالته لألا تمس ألوهية تنزيلها , ونغفل عن مناوراته السياسية كقائد فذ يعقد التحالفات ويفضها إن مع قريش والقبائل العربية الأخرى أومع اليهود اللذين كانوا يقيمون بين ظهراني المسلمين أو غير اليهود , وأنه كان يدير مفاوضات يقدم عبرها تنازلات هنا أو تصلبا هناك فيخطيء مرة ويصيب مرات , أو ما يخص نشاط الدعاة الصالحين اللذين حكموا من بعده وحملوا لواء نشر هذه الدعوة , ونغفل أن محمد ودعاته أبو بكر وعمر أو علي وشيعته والأنصار والمهاجرين هم جميعهم بشر ككل البشر عبر التاريخ وعبر الكرةالأرضية يتصارعون من أجل السلطة يختلفون ويتفقون ويجرون التحالفات لأجلها .
نحن نخاف أن نأتي لا نأتي على ذكر آيات الغرانيق وأسبابها , ولا كيفية فتح مكة وما جرى من قبل النبي في مجاراة معاوية , ولا نأتي على ذكر أسباب الردة وما جرى من تفاصيلها , ولا عن أسباب اغتيال الخلفاء الراشدين ومن قبل من , ولا عن المعارك المتبادلة والمتكررة بين الفرقاء المسلمين , منذ معركة الجمل , والمعارك بين معاوية وعلي , ومقتل علي على يد شيعته وتحولهم إلى خوارج , مرورا بصلب الصحابي عبدالله بن الزبير على أسوار الكعبة بعد أن حسم الأمر لدى أصحاب القرار في الإدارة الأموية إثر رفض فكرة رهط من الأمويين بتحويل وجهة الحج والكعبة إلى المسجد الأقصى في القدس حيث أسري بالنبي , ومقتل الحسين وما أثاره من رمزية في الدعوة لدى الشيعة ليومنا هذا , ثم استتباب الأمر للأمويين , ثم زوال ملكهم على يد أبناء عمومتهم العباسيين ثم انفراط عقد دولتهم , ثم انفراط عقد الدولة الواحدة وبداية فترة أمراء الطوائف .
لا نعرف ما يفيد عن ثورة الزنج التي لا نعلم إلا القليل القليل عنها بسبب السكوت عنها , عن حركة القرامطة وتشكيلهم دولتهم وإلغائهم الحج سنوات بسبب سيطرتهم على طريقه وعلاقتهم بالدولة الفاطمية ثم زوال دولتهم وحرق كل ما يخص تاريخهم المحكي والمسكوت .
نغفل ذكر الأسباب الموضوعية التي كانت دفعت لعودة انفتاح الغلق الذي قامت به المذاهب الإمامية الإثنا عشرية , وتفريخ المذاهب الباطنية (اسماعيليين ودروز ونصيريين وحشاشين وغيرها من المذاهب), وغيرها وغيرها وغيرها .....إلخ . وترانا نكتفي لتفسير ما جرى لدينا عبر هذا التاريخ بتحميل ما حدث لمؤامرات عقدها شخصيات يهود أو مجوس أظهروا الإسلام , مدسوسون , ليخربوا المنطقة ويشوهوا الدعوة حسب نظرية المؤامرة على الرغم من عدم تهويننا للدور الذي تلعبه المؤامرة .

إن المسكوت عنه لدينا يشمل حتى النص القرآني والحديث النبوي الشريف ما قبل عصر التدوين الذي عرب في عهد عبد الملك بن مروان والتي يستدل على آثارها من خلال اختلاف النصوص أو الأحاديث أو الأقاويل لدى المذاهب والطوائف الإسلامية أو النصف إسلامية لوجود هذه النصوص أو عدم وجودها أو حول تحريفها أو إضافتها أو حذفها .

المسكوت عنه لدينا يشمل أيضا تياراتنا الفكرية في الحكم الإسلامي , فعلى سبيل المثال لا الحصر لا نعرف الشيء الكثير عن تيار المعتزلة أو علماء الكلام كما يسميهم البعض , لأن معظم تراثهم وكتبهم ومكتباتهم قد أحرقت ولم ينج منهم ومن تراثهم إلا القليل القليل .
لا نعرف إلا لمما من هم القرامطة أو من هم الزنج الذين ثاروا , ولا نعرف من هم إخوان الصفا الذين كتبوا مؤلفهم المشهور , ولا نعرف إلا القليل عن الكتب الدعوية التي قد ألفت وتوورثت ككتب سرية جدا غير متداولة لا نعرف عن أسماء مؤلفيها ولا يعلن عنها ولا يؤمن أن تسلم لأحد من أبناء الدعوة ذاتها إلا بعد بلوغه سن الأربعين من العمر , كتب تحوي دعوة قائمة بحد ذاتها تحكم سلوك التيارات الدينية التي سميت باطنية (كتاب الجفر عند العلويين وكتاب الحكمة عند الدروز على سبيل المثال) , ولا نعرف إلا القليل من إنتاج المتصوفة وفكرهم المتوارث وملاحقاتهم وتصفيتهم وتصفية إنتاجهم الفكري ....إلخ .

ولو تساءلنا عن سبب وجود الحجم الكبير هذا من المسكوت عنه في تراثنا وتاريخنا ومعتقدنا وفكرنا وحركاتنا الاجتماعية والكثير من معتقدات تيارات باطنية لدينا هي جزء من مكوناتنا الاجتماعية والجغرافية والدينية والوطنية حكم سلوكها العام في النشاط الديني والاجتماعي والمدني والسياسي مبدأ التقية وكتمان ما بالأنفس عن الآخرين , أكثرية كانوا هؤلاء الآخرين أم أقلية , لاكتشفنا أنه سبب جوهري بين واضح يختزل معظم الأسباب , هو أس معاناتنا تاريخيا وحاضرا ألا وهو الطغيان العام في القمع والظلم والإستبداد على كل المستويات : سياسيا واجتماعيا ودينيا واقتصاديا .

إن هذا القمع الطاغي هو الذي يمنعنا من دراسة علمية لتاريخنا وتاريخ أجدادنا ويخيفنا من استرشاد وصياغة السبل الكفيلة للخروج من مشاكل حاضرنا , بل يصادر أي محاولة لرؤية مستقبلية متبصرة , ويمنعنا ويرهبنا من إعادة النظر في الكثير من الدجل والباطل الذي يلف فكرنا وديننا , وبالتالي يعيق أي عملية إصلاح فيها وأي محاولة نهضة تضع قدمنا على عتبة الخلاص والنهوض والاندماج على المستوى الوطني والعالمي .

هذا القمع المعمم هو هو الذي يعيق في يومنا هذا أي نقاش مخلص وجاد للتوصل إلى الخروج من جزرنا الجزئية المعزولة , دينية كانت أو مذهبية أو إثنية قومية أو حزبية أو حتى ايديولوجية , والتي نزح إليها كل منا لتعوضه عن فقدان شعور الأمان والاطمئنان والمساواة وعدم الغبن باتجاه الآخر , أي آخر , لافتقار شعور الجماعة وحق المواطنة والحقوق المدنية التي نصت عليها شرعة حقوق الإنسان للجميع بغض النظر عن العرق أو الدين أو المذهب أو الطائفة أو اللادين أو اختلاف القومية التي من المفروض أن تسود بين أبناء الوطن , هذه الجزر الشوهاء التي شوهتنا سلوكيا وشوهت طريقة تفكيرنا وجعلتنا باطنيين في جميع تعاملاتنا فغزت هذه الطبيعة العلاقات البينية فيما بين أبناء شعب القومية الواحدة أو الدين الواحد أو المذهب الواحد أو الوطن الواحد , حتى أنها أحيانا غزت بعض العلاقة الزوجية والعلاقة العائلية التي عقدت وقامت لبعض أفراد الوطن من أديان أو طوائف أو مذاهب أو قوميات مختلفة بعد أن تناسوا تلك التقسيمات المقرفة واعتمدوا الحب والتفاهم أساسا لارتباطهما وزواجهما , لكن استبطان هذا الشعور لدى أحد الزوجين أو كلاهما في ساحة لاشعورهما عبر التربية الباطنية آنفة الذكر أدت إلى فشل هذه العلاقة , هذا عدا عن الآثار الرهيبة التي تتركه على الأطفال المشتركين بدل الانصهار العائلي كمقدمة للانصهار الوطني , فتصبح العائلة بحكم هذه التقسيمات أعدائا يتربصون لبعضهم .

نعم علينا طرح المسكوت عنه على ساحات النقاش العامة والخاصة الحزبية منها والجبهوية , والدينية منها والمدنية لكي نتخلص من باطنيتنا جميعا , ورفض كل منا للآخر بل العداء له أكثر حتى من العدو الوطني والديني والقومي كما حدث في الحرب اللبنانية الأخيرة , ولنبحث بكل صراحة وحرية عن كل أسباب التفرقة والتفتت الوطني , وعن المبطون فينا والمسكوت عنه في ساحة شعورنا ولاشعورنا , وعن هواجسنا وتخوفاتنا وتحفظاتنا إن وجدت التي تؤدي للبعض منا للاستعانة بالعدو أو بأي أجنبي للخلاص من البعض من أبناء البلد الظالمين المستبدين والمستبيحين لكل مقومات الحياة لدى مواطنيهم , كما حدث دائما في منطقتنا على مر التاريخ (مراجعة لتاريخنا تبين كيف كان البعض يتحالف مع الصليبيين أو التتر أو الإسبان ضد أهله) , ولنبحث بكل صراحة عن أسباب إعاقة بناء الوطن المنسجم والمنصهر والعادل بين جميع أبنائه .

لكن هل يمكن إنجاز هذا الحوار والنقاش الواسع في ظل طغيان القمع بجميع أشكاله وفي ظل حكم أطراف من مصلحتها أن يبقى الوطن مفتتا وأن يظل مواطنيه حبيسي جزرهم الصغيرة طائفية كانت أو إثنية ..إلخ ؟ وللحديث صلة .




#محمود_جلبوط (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة........حدث في مركز اللجوء المركزي في Halberstadt
- طبيعة الصراع الطبقي في حركة التحرر الوطني متابعة
- إلى صديقي الساكن في الضفة الأخرى من المنفى
- في حركة التحرر الوطني القومي من الإمبريالية ...متابعة
- الامبريالية وكيفية الخروج من أزمته الراهنة ...متابعة
- البنية الطبقية للنظام الامبريالي
- قصة قصيرة ......فسحة صغيرة من الحرية
- قصة قصيرة جدا......فسحة صغيرة من الحرية
- من أين يأتي هذا الإيغال والمبالغة في سفك دماء الأطفال والغلو ...
- وين العرب.....وين الإسلام ؟؟
- قراءة في البيانات والكتابات السياسية لبعض أطراف المعارضة الع ...
- كتابة على جدار حر
- بالأمس ابتهجت وابتهجت معي قريتي الجاعونة
- خنجر من لحمي في لحمي
- أنا والسياسة الواقعية أو الواقعية السياسية
- من ذاكرة معتقل سابق ...الذاكرة الأخيرة
- هل الأول من أيار عيد للعمل أم عيد للعمال ؟
- ويرحل الحمام
- قصة قصيرة ...موعد في 8 آذار
- -إن درجة تحرر المرأة هي مقياس التحرر بشكل عام-


المزيد.....




- انتشر بسرعة عبر نظام التهوية.. لحظة إنقاذ كلاب من منتجع للحي ...
- بيان للجيش الإسرائيلي عن تقارير تنفيذه إعدامات ميدانية واكتش ...
- المغرب.. شخص يهدد بحرق جسده بعد تسلقه عمودا كهربائيا
- أبو عبيدة: إسرائيل تحاول إيهام العالم بأنها قضت على كل فصائل ...
- 16 قتيلا على الأقل و28 مفقودا إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة ...
- الأسد يصدر قانونا بشأن وزارة الإعلام السورية
- هل ترسم الصواريخ الإيرانية ومسيرات الرد الإسرائيلي قواعد اشت ...
- استقالة حاليفا.. كرة ثلج تتدحرج في الجيش الإسرائيلي
- تساؤلات بشأن عمل جهاز الخدمة السرية.. ماذا سيحدث لو تم سجن ت ...
- بعد تقارير عن نقله.. قطر تعلن موقفها من بقاء مكتب حماس في ال ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمود جلبوط - المسكوت عنه