أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كشكولي - فدرالية أم مركزية؟ فتلك ليست المسألة















المزيد.....

فدرالية أم مركزية؟ فتلك ليست المسألة


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1709 - 2006 / 10 / 20 - 11:24
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إنّ الحديث عن مشروع الفيدرالية في العراق ذو مقاربات بالغة التعقيد، تشتبك فيها السياسة بالاقتصاد والثقافة والتاريخ والدين . وباقتضاب ، فقد بدا واضحاً لأي مراقب بأن المشروع الذي أقره البرلمان العراقي مؤخراً هو المرحلة الثانية من المشروع الأمريكي في المنطقة والذي طرحه بيكر وزير الخارجية الأمريكية السابق بعد أن تجاوز هذا المشروع المرحلة الأولى المتمثلة باحتلال البلد واستلابه من الاستقلالية والاستقرار، حيث أن متابعة سريعة لمنظري السياسة الأمريكية والإسرائيلية ستبين أن الهدف الأسمى هو تفتيت الدول الكبرى في المنطقة وتحويلها إلى دويلات صغيرة متشرذمة، أو دول موحدة في الشكل ، متمزقة في المضمون ، لن تكون لها أية فاعلية في الوسط السياسي الإقليمي أو الدولي، هذا إلى جانب أن إقرار البرلمان العراقي بالمشروع المذكور جاء ناقصاً ولم يحضَ بأغلبية الكتل السياسية وبالتالي يُخشى أن يتحول المشروع إلى قنبلة موقوتة.
ومن الضروري أن أؤكد هنا أن الحدود المرسومة لبلداننا والأعلام الوطنية وتربة الوطن وغيرها من خزعبلات البرجوازية والبدوية لا يمكن أن تكون مقدسة لي ، وإنّ حياة الإنسان وكرامته هي المقدسة . وإن كانت القوى البعثية والقومية العروبية ترفض الفدرالية فأن أسباب رفضها تختلف كليا عن أسباب رفض القوى التقدمية و والإنسانية والإشتراكية لها. فلا شئ مشتركا يربط هذه القوى بالشيوعيين والتقدميين ، لا الوطنية ولا القومية ولا الدفاع عن الوطن و سيادته ، ولا مقاومة الغرباء والأجانب. فالشيوعي والتقدمي لا يرفض الفدرالية من منطلقات وطنية وقومية وعنصرية، لأن لا وطن للعمال ولا قومية .
ولم يعد ثمة شك أن عواقب الحرب الإمبريالية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على العراق لم تكن سوى المزيد من موجات العنف والإرهاب والمجازر والمذابح والفقر و الجوع والتعذيب في السجون" الديمقراطية" ، وبالتالي الخراب الشامل وانهيار مقومات الدولة العصرية التي قامت في عشرينيات القرن الماضي باشراف الإستعمار البريطاني.
وقد كان الغائب الأكبر هو " الديمقراطية " الموعودة والرفاه الذي لا تنفك الميديا الإمبريالية و كتّاب الإحتلال والعولمة تروّج له بكل وقاحة .
ويستمر جورج بوش أيضا في الدفاع عن الحرب وضرورة شنها رغم هذه المآسي التي جلبتها على أهالي العراق الغارق في بحر الدماء والنيران والدخان.
تلك الضرورة التي أكدتها إدارة المحافظين الجدد بعد فاجعة 11 سبتمبر 2001 ، ضرورة شن الحروب لتحقيق الأهداف الإمبريالية ، وعدم اعارة أية أهمية للرأي العام الأمريكي والأمريكي ومشاعر الناس الغاضبين من أكاذيب بوش وزمرته وحلفائه ، بامتلاك النظام البعثي لأسلحة الدمار الشامل ، وعلاقته بالقاعدة وتفجيرات 11 سبتمبر.
ضرورة شن الحرب كانت تكمن في أهداف الإمبريالية الأمريكية بالسيطرة على المطلقة على الإقتصاد العراقي وخاصة النفط. وكانت دول أخرى مثل فرنسا وروسيا تلعب بشكل وبآخر هذا الدور ، لكن رغم أن أمريكا ضمنت بعد الحرب على العراق سيطرتها المطلقة على قطاع النفط عماد الإقتصاد العراقي، ألا أنها فشلت في الميادين الأخرى ، ولم تتمكن من تحقيق أهدافها السياسية .
بعد انهيار الامبراطورية العثمانية أقدمت الدولتان الإستعماريتان بريطانيا وفرنسا بتقسيم منطقة الشرق الأوسط التي كانت ولايات عثمانية إلى دول وفق مصالحهما، فتشكلت دولة العراق من الولايات الثلاث بغداد والبصرة والموصل، وبدون الرجوع إلى آراء السكان ولا الإستناد إلى منطق العدالة الذي يضمن عدالة توزيع الثروات وامكانيات تطور كل المناطق وتنميتها اجتماعيا واقتصاديا وحضاريا . واليوم تقتضي مصالح الإمبريالية الأمريكية التي غدت القوة المهيمنة في العالم بعد انهيار الإتحاد السوفيتي تقسيما جديدا للمنطقة يضمن مصالحها إلى آماد بعيدة. وقد تم تكليف جيمس بيكر السياسي الإمبريالي المخضرم الذي أدار مع كيسنجر السياسات الأمريكية المتعلقة بحرب فيتنام والحرب الباردة ، و الذي يضع مصلحة أمريكا فوق مصالح جماهير المنطقة ، وفوق كل شئ آخر. وبيكر يعرف ثعلب السياسة مثل كيسنجريدرك ادراكا جيدا كيف يحمي مصالح الرأسمال الأمريكي ، وكيف يواجة منافسة الدول الإمبريالية ألأخرى. وبيكر أدعى أن تفسيم العراق فدراليا إلى أقاليم كردية وشيعية وسنية لها سلطات واسعة عدا الإشراف على السياسة النفطية والخارجية سيضمن عدم اندلاع الحرب الأهلية ، والحرب الأهلية قائمة على أرض الواقع. واليوم يتعرض الرأسمال الأمريكي إلى تهديد من الرأسمال الصيني والياباني ، ويتعرض – كعادة اي رأسمال- إلى أزمات حادة متتالية ، ولكي يواجه الرأسمال الأمريكي وذراعه الإدارة ألأمريكية هذه الأوضاع لا بد له أن يتخذ مواقع مهمة ستراتيجيا واقتصاديا، ولا تهمه في هذا السبيل حياة مئات الآلاف من العراقيين . فتلك هي الحرب الخفية وراء مشاريع أمريكا ومنها مشروع الفدرالية ، الحرب في مواجهة القوى الرأسمالية الأخرى في العالم.
والمشروع الأمريكي الذي أعلنه بيكر لا يخرج من اطار هذه الفلسفة الرأسمالية. إنه سيناريو جديد لاعبوه أيضا القوى الرجعية والطائفية والقومية التي تتحكم في الشارع العراقي ذبحا وحرقا وجحيما. وإن تقسيم العراق إلى 3 أقاليم كردية وسنية وشيعية سيخلق مزيدا من التفرقة والضغائن والقتل على الهوية في أوضاع ستعترف رسميا بها . فهذا المشروع لن يضمن سوى مصالح أمريكا والقوى المرتبطة بها في العراق.
لقد كانت حمامات الدم وجرائم التطهير العرقي والمجاعة وسمت القرن العشرين وبزوغ القرن الواحد والعشرين بميسمها، وأن المشاريع الدموية لأمريكا استمرار لها.

إن النظام الرأسمالي لا تقوم له قائمة بدون الإستغلال للإنسان و الاستعمار وارتكاب جرائم الإبادة الجماعية و بث الفرقة والشقاق وفق مالمبدأ الاستعماري المعروف " فرّقْ تسُد ْ". وقد تأسس العراق ورسمت خارطته السياسية وفق ما يقتضيه مصالح وأهداف بريطانيا في تلك الفترة وفي مقدمتها ضمان مصادر المواد الخام وطرق التجارة لإدامة صناعاتها وتوسيع امبراطورتها والتغلب على مناغسة القوى الإستعمارية الأخرى ، ولم يكن الهدف التحرير من نير العثمانيين ، وتطوير البلد وتنميته، وانقاذ أهل العراق كما أدعوا عند دخول قواتهم إلى العراق في البصرة. وإن الإنتفاضات والوثبات ضد الإنجليز أدت إلى تغيير سياستهم في العراق، وفسح المجال لقيام حكومات وطنية تراعي مصالح بريطانيا.
فالمجتمع العراقي تمزقه الحرب الأهلية التي تتهرب الإمبريالية من الاقرار بوجودها، وأن الأحزاب والمليشيات ذات النفوذ الواسع اليوم في العراق أمست أطراف هذه الحرب الداخلية وهي تقوم بعمليات الإحتطاف والقتل والذبح والتعذيب على الهوية المفروضة الزائفة على الناس الذين لم يألفوها و ملّوا منها، و أمست لهم علامات شؤم .
الحكومة الطائفية التحصصية و أحزابها أثبتت عجزها على عن إدارة البلد وتحقيق أبسط مقومات المعيشة للمواطنين ، وقد فشلت كل اجراءاتها من قبيل فرض منع التجول ، ومبادرة ما يسمى المصالحة الوطنية ، ولا يبدو في هذا النفق المظلم أي بصيص أمل للأمن والاستقرار.
وهل الفدرالية ستحقق الأمن والأمان و تنهي مآسي أهل العراق؟ فأنا في شك . و إنني على يقين أن النظام الفدرالي لن يكون ضمانا لحقوق المواطنين العراقيين السياسية والإقتصادية والإجتماعية . وحقيقة الأمر هو أن النزاعات والانقسامات بما فيها الطائفية هي موجودة فقط في الحكومة الطائفية القائمة على المحاصصات ، وميليشياتها التي تصول وتجول في الشارع العراقي ، و دون رادع. والمتتبع للأوضاع في البلاد يجد وبشكل واضح أن موضوع الطائفية وكل الزوبعات هي جديدة ومرفوضة من العراقيين، والكلّ يحلم في العيش في أخوّة ووئام وصفاء بعيدا عن مآسي القومية والطائفية والمذهبية في عراق قوي اقتصاديا و مستقر ينعم الإنسان فيه بالأمان والأمن . ويمكنني القول إنّ الفدرالية لن تنهي الاوضاع المأساوية الحالية، بل يمكن أن تزيد الطين بلة، بتشريع الطائفية والتمييز المذهبي والقومي. وإن الترحيب الإيراني حسب ما جاء في جريدة كيهان الرسمية – اعلام الخارج للجمهورية الإسلامية- لمشروع الفدرالية واعتباره خطوة على طريق استتباب الأمن والإستقرار ، وادعاء الجريدة أن أمريكا تقف حجر عثرة أمام المشروع ، وهذا يعتبر علامة شؤم ، وأن ّأسباب هذا الترحيب معروفة وهي أن الأطراف الموالية للجمهورية الإسلامية ستعترف رسميا بسلطاتها في الجنوب العراقي ، ما يحقق لإيران امتيازات سياسية وحتى اقتصادية كبيرة.
فالمشكلة الأساسية لا تكمن في الفدرالية أو المركزية، بل إن المصيبة هي أنه طالما يسود الفقر والبطالة و يغرق العراق في حمامات الدم والجرائم ، وطالما لا تملك الجماهير إرادتها والسيادة على مصيرها وقرارها، وطالما أن السلطات كلها اغتصبها المحتلون والمليشيات الرسمية وغير الرسمية ، ستدوم المأساة. القوى التقدمية في العراق عليها تشكيل الجبهة العالمية الثالثة لمواجهة الإرهاب الدولي والقوى الرجعية الأخرى المختلفة. وإن رأي أغلبية جماهير العراق في أجواء من الحرية التامة والإستقرار والأمن والأمان يجب أن يكون الحاسم في تقرير مصير البلد .



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرمن ضحايا الصراع الإمبريالي والإستبداد الشرقي
- الأفق الساطع
- كابوس القانون... شبح الإرهاب
- شافيز واليسار القومي والأنظمة والقوى الرجعية الفاشستية
- لا حياد للميديا
- قصيدة - الموت وحده- لبابلو نيرودا
- ما وراء حوار الأديان والحضارات
- Look who is talking عن تصريحات بينيديكت السادس عشر :
- بروق في خطوات الرمّان
- معاداة الإمبريالية في عصر العولمة
- ثلاث قصائد للشاعرة التحررية فروغ فرّخزاد - 1935_ 1967
- تشريع الإرهاب و تقنين انتهاك حقوق الإنسان وحرياته
- ألا إن حزب الله وإسرائيل كانوا هم الغالبين
- فيكتور خارا – انتصارالفن ّ على طغيان رأس المال
- ملوك الطوائف في أرض الرافدين
- نجيب محفوظ الحاضر أبدا في بيوتنا
- الخيبة الأخلاقية للسلطات الكُردية
- خبز في -طاسلوجة- مغموس بدم الفجر
- جماهير لبنان ليست وحدها في مواجهة العدوان الإمبريالي الآثم
- جبهة البشرية المتمدنة و الإنسانية كفيل بإيقاف العدوان الإسرا ...


المزيد.....




- السعودي المسجون بأمريكا حميدان التركي أمام المحكمة مجددا.. و ...
- وزير الخارجية الأمريكي يأمل في إحراز تقدم مع الصين وبكين تكش ...
- مباشر: ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب ع ...
- أمريكا تعلن البدء في بناء رصيف بحري مؤقت قبالة ساحل غزة لإيص ...
- غضب في لبنان بعد تعرض محامية للضرب والسحل أمام المحكمة (فيدي ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /26.04.2024/ ...
- البنتاغون يؤكد بناء رصيف بحري جنوب قطاع غزة وحماس تتعهد بمق ...
- لماذا غيّر رئيس مجلس النواب الأمريكي موقفه بخصوص أوكرانيا؟
- شاهد.. الشرطة الأوروبية تداهم أكبر ورشة لتصنيع العملات المزي ...
- -البول يساوي وزنه ذهبا-.. فكرة غريبة لزراعة الخضروات!


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد كشكولي - فدرالية أم مركزية؟ فتلك ليست المسألة