أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - دلور ميقري - العثمانيون والأرمن : الجينوسايد المتجدد















المزيد.....

العثمانيون والأرمن : الجينوسايد المتجدد


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 1701 - 2006 / 10 / 12 - 10:12
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    



حينما يصرّح اردوغان ، رئيس الوزراء التركي ، على الملأ ، بما يصفهُ " لاحكمة " الإقتراح الفرنسيّ ، الخاص بتجريم إنكار مجازر الأرمن ؛ هكذا تصريح ، يُحمّله وحكومته قبل كل شيء ، المسؤولية الأخلاقية في تبرير تلك الجريمة ، الكبرى ، وتالياً توتير العلاقات مع الإتحاد الأوروبي . فأيّ حكمةٍ ، يستظلّ بهديها سليلُ الخلافة الهمايونية هذا ، في الإصرار على إنكار حقيقة معروفة ، نكراء ، تنتمي على كل حال إلى حقبة مطوية من تاريخ بلاده خاصة ً ، والشرق الأدنى عموماً : أمْ أنّ ذلك الإرث ، الدمويّ ، ما فتأ له أصحابه ، وورثته الغيورون على أثاله ، التليدة ؟ لا ريبَ أنّ اردوغان وحزبه السياسي ، الإسلامي الهوى ، في مأزق بيّن الآن ؛ لجهة ناخبيهم ، الموعودين ببرنامج إنتخابيّ يُعيد إلى حاضر بلادهم ، البائس المتأزم ، ذلكَ الماضي ، العثماني ، المزدهر ـ كذا ـ المستوفي أحلامهم وآمالهم في دولةٍ عادلة ، مرهوبة الجانب ومترامية أطراف المجد . أوهامُ إستعادة الخلافة العثمانية ، السماوية ، التي يداعبُ فيها إسلاميو أنقرة جمهورَهم الإنتخابيّ ، تصطدمُ بعدَ كل شيء بتلك الحقيقة الفظة ، الموسومة ، المكتنفة بملايين الضحايا من رعايا وسبايا الباب العالي ؛ بأنهار من دمهم القاني ، المصطبغ به لون العلم التركي ، الحالي .

في مثل هذه الأيام ، قبل تسعة عقود من الأعوام ، تحديداً ، كان الجيش العثمانيّ منتشياً بنصر وحيد ، تمّ له في الحرب العظمى ، الناشية آنئذٍ : وهوَ إبادة مواطني الدولة العلية ، من الأرمن . كان ذلك الجيشُ المعتلّ بالفساد والتخلف ـ كدولته ، المعروفة وقتذاك بنعتِ " الرجل المريض " ـ يواجه النكسات المهينة على كافة جبهات الحرب ، المفتوحة على القفقاس والبلقان والسويس . وإذاً ، لم يبل الجنود التركُ بلاءهم ، الحَسَن ، في تلك الحرب الموصوفة ، إلا على جثث الشعب الأرمنيّ ، العريق ، أطفالاً ونساءً ومسنينَ ورجالاً عزلَ ؛ لم يرتو أسيادهم ، السفاحون ، في إستانبول ، من دم أولئك الضحايا ، قط ؛ فما تورعوا عن تعميم " فرمان " الجينوسايد الأرمني ، السيء الصيت ، ليشمل باقي النصارى من رعايا خلافتهم ، كالآشوريين والسريان واليونان والروم .. وغيرهم . كان التحريض على الجريمة ، الجماعية ، قد بلغ كماله بـ " فضل " نقصان مروءة أغلب رجال الدين ، المسلمين ، من النافخين في بوق التعصب والتزمت والتكفير ؛ حدّ أن الأديب المصري ، المتنوّر ، مصطفى لطفي المنفلوطي ، لم يجد حرجاً آنذاك في أن يكتبَ في مقالة له ، شهيرة ، ، مشهّراً براءته من المرجعية الدينية ، المشاركة في تلك الجريمة أو الصامتة إزائها ، على السواء .

لا ريبَ أنّ المدنيين المسلمين ، من الكرد ، خصوصاً ، قد عانوا أيضاً في تلك الآونة ما عانوه من إعتداءات الجنود الروس وبعض حلفائهم المتطرفين ، من الأرمن والآشوريين واليونان . إلى أنّ ذلك الإنتقام ، المتبادل ، ما كان سياسة ً منهجية ؛ حال " الفرمان " العثماني ، آنف الذكر . إن أجلى برهان على براءة الشعب الكرديّ من دم جيرانه النصارى ، هوَ تمكن أعداد كبيرة من هؤلاء الأخيرين من النجاة بأنفسهم ، ومن ثمّ الإلتجاء إلى حمى جنود الحلفاء ، الفرنسيين والبريطانيين ، في سورية والعراق . فما كان من الممكن إختراق ذلك العدد من الناجين ، لخطوط الجيش العثماني ، المحكمة المراقبة بفعل حالة الطواريء المصاحبة للحرب ؛ لولا شهامة العشائر الكردية ، أو معظمها ، على وجه الصواب . لقد دفع العثمانيون تلك العشائر ثمناً باهظاً ، لموقفها الإنسانيّ ذاكَ ؛ فتمّ شمل الكثير من زعمائها وأفرادها وعوائلها بقوانين الترحيل ، الجائرة ، فمات الكثير منهم في الطريق إلى المنافي الأناضولية والشامية ، برداً وجوعاً وضنكاً . إنّ حقيقة تورط بعض زعماء الأكراد ، المتحالفين مع الدولة التركية ، في جريمة الجينوسايد ، الأرمني ، غيرَ قابلة للدحض . بيدَ أنه تبقى الحقيقة الاخرى ، أشدّ مضاءً وسطوعاً : وهيَ أنّ كردستان العثمانية ، آنئذٍ ، كانت مرتبطة بالكامل مع الحكومة المركزية ، بعدما كانت إماراتها قد سبق وفقدت إستقلالها ، الذاتيّ ، منذ ما صار يُعرف بـ " إصلاحات عبد المجيد الثاني " ، في أواسط القرن التاسع عشر . وحتى التشكيلات شبه العسكرية ، من مرتزقة العشائر الكردية ، والتي نعتت بـ " الخيالة الحميدية " ـ نسبة لراعيها السلطان عبد الحميد ـ فكانت قد حلّتْ مع إسقاط ذلك السلطان الراعي ، نفسه ، في ثورة الدستور العثماني ، المصاقبة للعام 1909 .

قد يكون من المستغرب ، والحالة هكذا ، إصرار الحكومات التركية ، المتعاقبة ، على إنكار جريمة الجينوسايد ، الأرمني : الخلق التركيّ ، الممعن بالشوفينية ، هوَ وجه المسألة هنا ، ولغزها . فلا العلمانيون الكماليون ولا الليبراليون المتفرنجون ولا المحافظون الإسلاميون ، ليكاد كل منهم يختلف في تلك المسألة ، القومية . إقرار هؤلاء أو أولئك بجريمة كبرى ، كالإبادة الأرمنية ، معناه في نظرهم ، على الأرجح ، نوعاً من القبول بحقيقة الكيان التركي ، " المصطنع " ؛ القائم على سلبٍ تاريخيّ ، سافر ، لحقوق القوميات الاخرى ، الأصلية ، من أرمن ويونان وكرد وآشوريين ولاز وعرب . من المحال ، إذاً ، أن يتخلق الساسة التركُ بمسلك أصدقائهم الألمان ، الذين إعترفوا بشجاعة بجريمة الجينوسايد اليهودي ؛ إستحالة ، تحيلنا أولاً وأخيراً إلى السياسة التركية ، المغرقة في عنصريتها تجاه المطالب العادلة للقوميات الاخرى ، وخاصة الكردية . فالجمهورية التركية ، العلمانية شكلاً ، والمتهيئة للإنضمام إلى صرح حضاريّ ، شامخ ، كالإتحاد الأوروبي ؛ هذه الجمهورية ، مستمرة في حربها ضد الكرد ، بحجة واهية ، متخرصة عن " الإرهاب والإنفصالية " . حكومة سلفية ، أو علمانية مزيفة سواءً بسواء ، لعلى أتمّ الإستعداد نفسياً وإجتماعياً وعقائدياً ، لتجديد الجينوسايد الأرمنيّ ، الآن ونحن في مستهل القرن الواحد والعشرين ، بحقّ كل مكوّن إثني يجرؤ على البوح بأبسط حقوقه المشروعة ؛ حتى لو كان الأمر ، متعلقاً بحقّ بسيط كالتعلم باللغة القومية . ومن فواحش الأثافي في مسلك الإعلام التركيّ ، أن " يعترف " بوجود الكرد ، في حالة واحدة حسب ؛ حينما يتمّ توجيه الإتهامات الرخصة ، العشوائية ، بالتضييق على التركمان في كردستان العراق ، على سبيل المثال . هكذا إعتراف مزعوم ، يضافره بعض المؤرخين الترك ، المدعين تورط الكرد بمجازر الأرمن في مفتتح العقد الأول من القرن المنصرم : لكأنما شوفينيو مشرقنا ، على الوتيرة نفسها من المسلك الدوغمائي ؛ خاصة ونحن في غمرة محاكمة مجرمي " الأنفال " ، من البعثيين الصداميين ؛ وحيث يزعم أبواقهم هنا وهناك ، في عالم العرب ، أنّ مسؤولية ذلك الجينوسايد نفسه ، إنما تقع على كاهل ما يسمى " تشكيلات الفرسان الأكراد " ، من المتعاونين مع حكومة بغداد .. !!



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزوة نوبل ، العربية
- معسكراتُ الأبَد : إلتباسُ التاريخ والفنتاسيا
- مقامُ المواطَنة ، سورياً
- الوحدة الوطنية ، المفقودة
- حوارُ أديان أمْ حربٌ صليبيّة
- نصرُ الله والعَصابُ المُزمن للفاشية الأصولية
- سليم بركات ؛ الملامحُ الفنيّة لرواياته الأولى
- خيرُ أمّةٍ وأشرارُها
- إعتذار بابا الفاتيكان ، عربياً
- وليم إيغلتن ؛ مؤرخ الجمهورية الكردية الأولى
- الثالوث غيرَ المقدّس
- الحادي عشر من سبتمبر : خمسة أعوام من المعاناة
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 3 / 3
- الأعلام العراقية والإعلام العربي
- علم الكرديّ وحلمه
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 2 / 3
- محفوظ ؛ مؤرخ مصر وضميرها
- الجريمة والعقاب : طريق نجيب محفوظ في بحث مقارن 1 / 3
- كردستان ، موطن الأنفال
- ثقافة المقاومة أم ثقافة الطائفة ؟


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - دلور ميقري - العثمانيون والأرمن : الجينوسايد المتجدد