أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل الدلفي - مصطفى العقاد بين ابتكار التجلي وسيرورة الخفاء















المزيد.....

مصطفى العقاد بين ابتكار التجلي وسيرورة الخفاء


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 1699 - 2006 / 10 / 10 - 08:01
المحور: الادب والفن
    


الشرق الأوسط عزاء المعمورة الكبير، وأنين الحضارات الفاجع، والمقبرة الهيكلية العظمى، والأم الهرمة التي تلتهم أبنائها بعد جفاف حليبها في الضرع ألمتيبس، ليس العقاد أولهم ولاآخرهم أنها مسيرة الابتلاع الكبيرة التي تدوم طويلاً مالم تصل أمة الشرق الى تحليل أصيل لفاجعتها الحضارية وإنتاج أطروحتها البديلة، فقد ترامت أشواط العقاد بين مرونة الخيال ويبوسة الوقائع فأسقته التجربة والإرادة والتصميم إمكانية الابتكار وموهبة التواصل في أنتاج التاريخ، فلطالما حاول العقاد استنبات الأرض اليباب من جديد مرة وأخرى الى أن آتاه المصير، من جديد وبخشوع جليل تقلبت الام مغازلة وجدانها بإعادة الصياغة الفيلمية لملحمة الإسلام الخالدة (الرسالة)، محاولة ماهرة في الطرق على متصلبات الشعور الجمعي في رؤية تصحيح الخطى في انجراف التيار عن مجراه وفتح قنوات المرور السهلة بين أحضان العصرنة، من خلال أنتاج قراءات مفهومية جديدة للفعل الرسالي والأجراء الروحاني المكثف في وقت انتشار الجدب في مجاهل صحراء الذهنية، صراخ بأكثر من لغة للمشيئة التي ولدت يوماً في مكة ويثرب لانتاج حضارة سامية كبيرة في الأرض البكر.
مرة بلسان عربي مبين تمثله المبدع الراحل عبد الله غيث، وأخرى بلسان أعجمي تمثله مبدع من حضارة تسيدت على أوجاعنا الراحل انتوني كوين، فلا ريب أن كل شيء بمقدار حتى البنتاغون الأمريكي قد أشترى مئة ألف نسخة من الفلم لعرضها على الجنود قبل إرسالهم الى الحرب الأفغانية.
كان حمزة سيداً في المشاهد التي صنعها العقاد، أن اختيار (حمزة) يدل على أمكانية فكرية مختزنة لدى العقاد، فحمزة لم يكن وقتها يمارس عمومته للنبي (ص) ضمن الشكل القرابي المألوف وأفرازاته الدلالية في إعطاء رابطة القربى حقها، بل أن العقاد كان موفقاً في استخدام (حمزة) ليمثل التحول الذهني التام لدى الفتى المكي، وهذا اختيار ناجح منح الفلم قيمة الاستمرار والحضور المتميز على مدى ليس بالقصير، فظهرت شخصية حمزة خارج التخيل الاعتيادي ضمن النموذج المتحرك بالعلائق الدموية، بل أن اختزالات العواطف كانت بادية في التحول النوعي في شخصية (حمزة) مما جعل كفه تهوي الى صفع أحد رموز الأرستقراطية التقليدية (أبي جهل) وبتحدٍ تام ينبع عن إرادة حرة مستنيرة بفكر (ردها أن استطعت) لأنه قد أدرك نهاية المرحلة الأرستقراطية المكية بكل ربو بيتها ووثنيتها، وليس بمقدر منتهي استطاعة، أن العقاد منحنا مشهداً يكتنز بتمام التمثل الوجداني للفعل الحضاري الجديد (الإسلام) الذي بدأ صوته حينذاك يعلو على كل صوت في مكنونات الجزيرة.
ويستمر العقاد بتطوير التكنيك الأدائي له باستخدام المخزون المعرفي والفطري والتربوي للتاريخ فيأخذنا الى صحراء ليبيا الى أسد عجوز يزأر بقيم رسالية تمتد جذورها الى الرسالة الأم، متناوبات ثنائية الهجوم والدفاع، الكر والفر المقاومة والاستلاب- الرفض، خلق البقاء في العدم، لقد حاول العقاد أن ينخل ما تبقى من طحين الحضارة العربية والإسلامية بعد أن تلقت هزة عنيفة باشرها بها الرئيس المصري أنور السادات في زيارته لتل أبيب عام 1977 لقد كانت المناخات التي خلقتها الزيارة تنبئ بتقزم العقل القوموي العربي الذي صدمته في الصميم جاعلة منه شبه مخبولاً يرى أن كل شيء بدأ يخضع لدائرة الاستسلام، التفتيش في كل الممكنات المتوفرة للعادة الروح في المتر سخ الجمعي، لقد أظهر العقاد ذكاء غير طبيعي هذه المرة في تسخير السلطان العربي لتمويل جهده السينمائي ، مشروعية تبادل المنفعة.
ظل العقاد يشدد على إعادة الترابط مع الخيط الحضاري، فأظهر فيلم عمر المختار بالصورة التي كانت عليه، عسى أن يحقق هاجسه الأيدلوجي في راهنية استمرار التردي على واقع المدائن العربية والأوسطية، أن صنع الأسبرين المكثف وتعبئته في فيلمي الرسالة والمختار لم يحدث الأفاقة المؤملة من سكرة الموت الحادة التي أستشرت في الجسد الكامل، فظل حاملاً منظاره في البحث عن باعث جديد للأفاقة يحمل إسقاطا رمزياً يتناسب مع الحالة الحضارية ونقيضها، وقد وجد ذلك بحذق شديد يتجلى في شخصية صلاح الدين فلماً آخر يراد منه أن يكون مصداً جديداً للحرب الغربية الشعواء ضد قيم الشرق والإسلام اللذان نعتهما بالإرهاب، ان أنتاج التاريخ لعبة العقاد المفضلة ولكنها ليست (التسلية) بل انها اكتشاف إنتاج الأطروحة المقابلة للعادة أنبات القيمة الشرقية بتكنيك غربي. أن العقاد لايمارس تقنية سينمائية مجردة بل سعى الى تمأسس مشفى كبير للنتاج مضادات حيوية وايقاضية في زمن المخدرات والمهلوسات.
أن المنتج التأريخي لدى العقاد هو مستحضر طبي (إيقاضاً سايكلين) لايمتلك قدرة الشفاء الموضعية او الإفاقة، لأن الجسد الكامل قد فقد إمكانية الانتباه واستسلم للخدر التام والشلل المبرح مما دفع العقاد نفسه في اختيار كاتب السيناريو من الهناك لانعدام أمكانية الهنا بإنتاج سيناريو وكذلك البطل من نفس الهناك (شون كونري)، صلاح الدين، فاختار السينارست الأميركي (جون هيل)، ولو ان العقاد لم يدل بالسبب الحقيقي لهذه الاختيارات ربما لأنه غير جريء باعتبار ان الرصيد الشرق اوسطي ناخب عن الطرح،لكنه يبرر ذلك بأن أختيارهما في الفيلم سيضفي عليه تمييزاً كبيراً وواردات أكبر، إلا انه مثل حمال الأثقال ظل يبحث عن المنتج الذي يتوارى عن عينيه، كان العقاد موفقاً في إنتمائه السينمائي منذ لحظة العشق الأولى التي أولدت الاختيار الفني واجبرته على الرحيل الى هوليوود حاملاً حلم أبن الفقراء من مدينته حلب الى اميركا بمائتي دولار ومصحف كريم هما حيلة الأب الكادح وحط في جامعة (يو سي أل آي ).
أؤكد هذا من جهة الملاحظة التي أؤكدها حول مقدرة العقاد في اكتشاف سر الأطروحة البديلة، الناتجة من خلط القيم الشرقية مع حضارة وتكنيك الغرب، الذي زودنا بأروع مثالين سينمائيين هما الرسالة وعمر المختار، ان الجوانب الروحية المحملة بها شخصية العقاد جعلته يدور في نفس المناخات التي أردته صريعاً، فليس من قبيل الصدفة إعطاء ثقل غير اعتيادي لشخصية هند التي تجيد لعبة الاغتيال واكل الكبود، فإذا هند ثانية ترسم المشهد الأخير في أحدى فنادق عمان وليس أيضاً أن تكون الرحلة الى عمان والى ذات الفندق الذي يشهد انفجارا في لحظة وجود العقاد، أنه بحث العقاد عن مصيره وحتفه فقد مل من حمل صليبه ذلك هو البعد التنبؤي لدى الراحل العقاد في البحث عن المصير.



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يستثمر اليسار العراقي الفرصة السياسية القائمة ؟
- أيام الدراسة أول نص تاريخي عن التملق : ودرس في الفساد الأدار ...
- جدلية الترابط بين امركة العراق وعرقنة امريكا
- الاعلام والدور الوطني في تفعيل مشروع المصالحة
- ثنائية القاتل-القتيل بين خصائص الدولة والدكتور فائق كولبي
- الديمقراطية ومزايا العصر الحديث
- الولادة القيصرية للد يمقراطيةفي العراق و البديل الليبرالي ال ...
- الثقافة والعنف جدلية الخفاء المتبادل
- الثقافة وثنائية العرقنة - الفناء
- دفاعا عن السلوك الديمقراطي لاينبغي خلط الاوراق في قضية مؤسسة ...
- عاصمتا الاحتراق الديمقراطي بغداد وبيروت


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كامل الدلفي - مصطفى العقاد بين ابتكار التجلي وسيرورة الخفاء