أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - كامل الدلفي - أيام الدراسة أول نص تاريخي عن التملق : ودرس في الفساد الأداري الموروث في الحيز التعليمي















المزيد.....

أيام الدراسة أول نص تاريخي عن التملق : ودرس في الفساد الأداري الموروث في الحيز التعليمي


كامل الدلفي

الحوار المتمدن-العدد: 1695 - 2006 / 10 / 6 - 10:19
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


يعد صموئيل كريمر من أشهر الاختصاصيين في المباحث السومرية بشكل خاص والمباحث المسمارية بشكل عام كما ان له مكانته المتميزة في الكشف عن أصول العمران البشري وحضارة الإنسان . وهو صاحب المقولة الشهيرة ( ان التاريخ ابتدأ من سومر )، لا أدعي لنفسي سعة الاطلاع في معرفة كل كتابات هذا العالم الكبير ، وإذ اناقش اليوم في موضوعي هذا واحدة من شروحاته القيمة لوثيقة تأريخية لها مساسها في البعد السيكلوجي للانسان السومري فأنا مجرد ذلك الناهل من البئر العذبة ، وإن أضفت في التحليل شيئاً جديداً فأنما ذلك بسبب معايشتي أنا لاسباب ذلك التحليل أي أنني مواجه للظاهرة التي دعت ان أضيفها استنتاجاً للقصة التي ذكرها العالم الجليل ،فالعالم الجليل صموئيل كريمر يعيش في بيئة ثقافية وفكرية تختلف عن التي نعيشها نحن اليوم في العراق تحديداً ،ان بيئته التدريسية لم تفرز الاشكالوية التي سآتي اليها في كتابتي هذه ، ندخل الى عالم القصة التي هي عبارة عن فك لطلاسم لوح سومري انتجت الجهود منها رسالة او مقالة سومرية عن النشاط اليومي لتلميذ في مدرسة سومرية (( تبين لنا هذه الرسالة التي ألفها مدرس مجهول الأسم عاش في حدود 2000 ق.م أن الطبيعة الانسانية باقية ولم تتبدل خلال الالوف من السنين اللهم إلا القيل ،نجد في هذه الرسالة القديمة تلميذاً بمدرسة سومرية ،وهو لا يختلف عن مثيله التلميذ المعاصر ،يخشى إذا تأخر عن موعد بدء العمل في المدرسة ( مخافة ان يضربه معلمه بالعصا ) فبعد ان يستيقظ يحث أمه ان تهيء له طعام الغذاء على عجل . وفي المدرسة نجد المعلم على ما يبدو يحصل على مرتب ضئيل القدر كما هو حال زميله المعلم الحديث الآن وعلى ذلك فكان يسعده كثيراً اذا حصل على بعض المال الاضافي القليل من آباء الطلاب ليزيد قليلاً في دخله ، ان هذا الانشاء ( المقدمة ) من تأليف احد اساتذة بيت الالواح ( الاسم السومري للمدرسة ) وهنا يسأل التلميذ
( أيها الطالب الى اين كنت تذهب منذ أيامك المبكرة ؟ فيجيب الطالب بقوله ( كنت اذهب الى المدرسة ) ثم يسأل المؤلف : ( وماذا كنت تفعل في المدرسة ؟ ) فيجيب الطالب : ( كنت استظهر لوحي ، وآكل طعام غذائي وأهييء لوحي الجديد لأكتبه وأكمله ، ثم يعينون لي درسي الشفهي ،وفي العصر يخصصون لي درسي المكتوب ، وعندما تنصرف المدرسة أعود الى بيتي فأدخل الدار ،وأجد أبي جالساً هناك فاطلع أبي على درسي المكتوب ثم استظهر له لوحي . فيسر أبي لذلك … وعندما استيقظ في الصباح الباكر أواجه أمي واقول لها : أعطيني طعام غذائي لانني أريد الذهاب الى المدرسة فتزودني أمي برغيفي وعندئذ أشرع بالمسير الى المدرسة . وفي المدرسة قا ل العريف : ( لم انت متأخر ؟ ) ثم دخلت وأنا وجل خافق القلب في حضرة مدرسي ،وحييته باحترام ).
ان يوم تلميذنا في المدرسة كان عصيباً ،فقد تلقى الضرب بالعصا من أكثر من شخص من اعضاء هيئة التدريس من اجل ما ارتكبته من هفوات كالتكلم والقيام في الصف والخروج من باب المدرسة وقول المدرس له ( ان خط يدك في الاستنساخ رديء غير مرض ) وضربه بالعصا من اجل ذلك .
لقد نفذ صبر الصبي لأنه فوق ما يحتمل )
هذا المقطع النصي لترجمة العالم صموئيل كريمر للمقالة والذي أدهشني فيها بأن تفاصيلها تطابق كلياً تفاصيل الحياة المدرسية المعاصرة في العراق وكثير من البلدان ،وذلك مما يزيدنا زهواً بأن حضارتنا السالفة انتجت نمطاً تعليمياً قبل 4000 سنة ،لا يزال ساري المفعول لنا ولغيرنا ،ولكن الجانب الآخر ينتج الأسف الحارق في النفس بأننا لم نستطع ان نضيف جديداً لهذا المنتج القديم ،إلا ان قضيتنا التي نناقشها ليست عند هذا الحد من الاستعراض فلقد انتهت القصة عند نفاذ صبر الصبي ، فما الذي جرى بعد ذلك ؟ما العمل
( أشار على ابيه ناصحاً إياه بأن خير ما يفعله في هذا الشأن ان يدعو المدرس الى بيته ويسترخيه ببعض الهدايا ) يقول صموئيل كريمر هذه أول حالة مدونة من ( التملق ) في تاريخ الانسان ).
( استمع الأب الى نصيحة ابنه التلميذ ، وجاء المدرس من المدرسة ، وبعد ان ادخل البيت أجلسه في أشرف مكان ، وقام التلميذ على خدمته ، وأخذ يستعيد أمام ابيه كل تعلمه من فن كتابة الالواح ،ثم ان الاب قدم الخمر للمدرس وقدم له الطعام وكساه بحلة جديدة وأهداه هدية ووضع خاتماً في أصبعه ) هذه هي الحلول المستديمة الى وقتنا الحاضر فماذا كان من رد فعل المدرس : ( طابت نفس المعلم من هذا الاكرام وحسن الضيافة فأخذ يطمئن التلميذ بتعلم فن الكتابة وقال له ( ايها الشاب لأنك لم تهمل قولي ولم تنبذ إرشادي ،عساك ان تبلغ القمة في فن الكاتب ولعلك ان تكون القائد بين اخوتك ، وان تصبح رئيساً على جميع اصدقائك ،حقاً لقد أحسنت في انجاز اعمال المدرسة كل الاحسان واصبحت رجل علم ! )
أخذ كريمر جانباً واحداً من الثنائية الطالب / المعلم واعتبر ان حيلة الطالب التي اهتدى بها الى ابيه في دعوة المعلم الى المنزل وتثبيتها في هذا النص على انها اول نص مكتوب في التاريخ الانساني عن التملق وقد تكون البيئة الفكرية والثقافية لصموئيل كريمر غير منتجة للشق الثاني من معنى الحكاية إلا وهو اعتبار هذا النص أول مدونة بالاضافة الى ما وصفه كريمر عن التملق فهي أول مدونة عن الفساد الاداري التعليمي في التاريخ الانساني ، ان السومريين انتجوا لنا مدارساً وعلوماً وطرقاً تدريسية وفي الوقت ذاته انماط علاقات لازالت سارية المفعول ان العذر الذي جاء به صموئيل كريمر للمعلم ( اما عن حال المعلم فان ما كان يحصل عليه من مرتب كان على ما يبدو ضئيل القدر كما حال زميله المعلم الحديث الآن ) والذي منعه من جعل المدونة سابقة للفساد الاداري الذي أتى به ذلك المعلم وقد يكون كريمر لاحاجة له بها اطلاقاً فأن سير التعليم لديهم لا يفرز فساداً ، لكن الذي يجري لدينا في العراق من سلوكيات المدرسين يجعلنا نفقد الثقة تماماً بامكانية اصلاح العملية التعليمية والتربوية ، فرغم جميع التحسينات والتطورات التي تمت بعد التغيير السياسي في العراق على مرتبات المعلمين والمدرسين حتى يمكن اعتبارهم من الشرائح الاجتماعية التي دبت الحياة في اوصالها فعلاً وذلك استحقاق غير محسودين عليه ولكنهم وللاسف الشديد لم ينهوا ظاهرة الدروس الخصوصية والملزمات المطبوعة والاسئلة الوزارية المهربة والتي وصلت في الذهنية الطلابية المعاصرة على انها القاعدة والتعليم في الصف هو الاستثناء ، لقد سألني صديقي المدرس الى اين وصل أبنك في المدرسة أجبته انه في الخامس الثانوي قال احضر له مليوناً ونصف .وبعد دهشتي شرح لي مشكوراً تفاصيل ما يجري وكيف ان التلميذ الذي لا يدخل في حلقات الدروس الخصوصية ، سيكون نصيبه من النجاح قليلاً جداً ، ولما سألته كيف تقبلت ذلك وانت تمتلك قيماً معرفية واخلاقية عالية افهمني ( لقد قاومت عاماً دراسياً كاملاً ولكن الادارة اعلمتني بان لامكان لي في المدرسة إذا لم أسير على نفس الخطة ) واخبرني أخيراً بأن دخله السنوي يصل الى 20 مليون دينار عراقي ، وفي واحدة من الفورات الوجدانية لمحق الماضي يقول صاحبي ( ذهبت الى السوق واشتريت ملابساً بمليون دينار عراقي في ساعة واحدة ) حينها تذكرت معه كيف حصل على عقد للتدريس في مدرسة نائية في دولة عربية مقابل 200 دولار لا تكفي ذهابه وعودته الى العاصمة كان يدرّس اولاد البدو ومراراً قد شهد هجوم الذئب على الصف ، عذراً لصموئيل كريمر اذا اضفت الى مدونته العلمية استنتاجاً آخراً سمح لي فهمي ان اضيفه. .



#كامل_الدلفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدلية الترابط بين امركة العراق وعرقنة امريكا
- الاعلام والدور الوطني في تفعيل مشروع المصالحة
- ثنائية القاتل-القتيل بين خصائص الدولة والدكتور فائق كولبي
- الديمقراطية ومزايا العصر الحديث
- الولادة القيصرية للد يمقراطيةفي العراق و البديل الليبرالي ال ...
- الثقافة والعنف جدلية الخفاء المتبادل
- الثقافة وثنائية العرقنة - الفناء
- دفاعا عن السلوك الديمقراطي لاينبغي خلط الاوراق في قضية مؤسسة ...
- عاصمتا الاحتراق الديمقراطي بغداد وبيروت


المزيد.....




- أمين الأمم المتحدة: أي هجوم بري إسرائيلي برفح سيؤدي لكارثة إ ...
- -بحلول نهاية 2025-.. العراق يدعو إلى إنهاء المهمة السياسية ل ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة يطالب بالامتثال للقرارات الدولية بو ...
- مندوب مصر بالأمم المتحدة: نطالب بإدانة ورفض العمليات العسكري ...
- الأونروا- تغلق مكاتبها في القدس الشرقية بعدما حاول إسرائيليو ...
- اعتقال العشرات مع فض احتجاجات داعمة لغزة بالجامعات الأميركية ...
- تصويت لصالح عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- الأمم المتحدة تدين الأعمال العدائية ضد دخول المساعدات إلى غز ...
- الإمارات تدين اعتداءات مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات ...


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - كامل الدلفي - أيام الدراسة أول نص تاريخي عن التملق : ودرس في الفساد الأداري الموروث في الحيز التعليمي