أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - هشاشة الشغل















المزيد.....


هشاشة الشغل


المناضل-ة

الحوار المتمدن-العدد: 1680 - 2006 / 9 / 21 - 11:12
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


تعريف الهشاشة.
هشاشة الشغل هي ظاهرة تمس بأوجه عديدة نسبة كبيرة من الشباب و العمال.فهي تعني من وجهة نظر اقتصادية عدم كفاية الدخل, كما تعني أيضا انعدام الاستقرار في الوضعية الاجتماعية على مستوى العمل و المداخيل, أي أنها تعني استحالة إشباع الحاجيات الأساسية للفرد.و سوف تتفاقم هذه الظاهرة في المستقبل القريب حيث أن التغييرات المدخلة على نظام التعليم (ميثاق التربية و التكوين ) ستؤدي بنسبة مهمة من الشباب المدرسي إلى الوقوع ضحية العمل الهش.
و لهشاشة الشغل مراد فات متعددة: العمل الغير القار – العمل المؤقت – البطالة المقنعة...

أشكال الهشاشة.
لهشاشة الشغل بالمغرب أشكال متعددة سنتناولها كل على حدة.
1 – التدرج المهني.
يؤطره ظهير 19 ماي 2000, ويهم البالغين 15 سنة فما فوق, أي انه يستهدف كل فئات الشباب (15 سنة فما فوق ) و غير الشباب.والتدرج المهني موزع إلى تكوين مهني بالمقاولة (80 %) و تكوين تكميلي (10%), لمدة لا تقل عن 3 سنوات. وهو غير موجه لفئة محددة.
أولى الملاحظات على هذا البرنامج نختصرها في ما يلي:
انه يقدم يدا عاملة رخيصة أو حتى بالمجان للمقاولات حيث ستستفيد من الإعفاء من الضمان الاجتماعي و من رسم التكوين المهني, اضافة إلى الاستفادة من المساهمة في تغطية تكاليف التكوين بالنسبة لمقاولات الصناعة التقليدية, في حين أن المتدرج سيقوم بكل الأدوار التي يمكن أن يقوم بها أي عامل عادي.
إن الظهير لم ينصص على أداء الأجر, بل أشار فقط إلى منحة شهرية, أي أن المتدرج عليه أن ينتظر عطف المشغل. مما يعد هجوما مباشرا على الحد الأدنى للأجر و تنازلا خطيرا لأرباب العمل و خصوصا القطاعات التصبيرية.
بما أن البرنامج غير موجه لفئة محددة فهو يعطي الفرصة لأرباب العمل لاستغلال كل فئات الشباب من حاملي الشهادات ذات الكفاءة العالية إلى المطرودون من المدرسة مرورا بأبناء المهاجرين القرويين و المقصيين و المهمشين بالمدن.
لم يحدد الظهير آليات المراقبة, بل أشار فقط إلى أنه سوف يصدر قانون تنظيمي لتحديد الهيئة المكلفة بالمراقبة.
غياب أي نوع من الحماية للمتدرج: فبالإضافة إلى الأجور البئيسة ( منح يخضع أدائها لعطف المشغل ) ثم غياب أي نوع من الحماية للمتمرن من ظروف العمل القاسية, فالظهير لم ينصص عل مدة العمل مما يفتح المجال للمشغل ليشغل المتمرن كيفما شاء, كما انه لم ينصص على حق المتمرن في العطل و الراحة الأسبوعية و الضمان الاجتماعي, إضافة خطر إصابة المتمرن بحوادث الشغل مع العلم أن الشباب هم الفئة الأكثر تعرضا للحوادث. إن هذا البرنامج هو شرعنة للاستغلال المفرط و بدون قيود لكل فئات الشباب. فمع ارتفاع نسب البطالة - خصوصا الدائمة – و احتداد نسب الفقر فان هذه الفئات مستعدة للعمل في ظل ظروف عمل أشد قساوة وهي مرغمة, كما أنها إذا حاولت أن تخرج عن طاعة المشغلين أو بدأت تبحث عن الانضمام إلى النقابات فان مصيرها سيكون هو الطرد.
إن أولى نتائج الهشاشة هو ضرب مقاومة العمال الشباب.
2 – التكوين المهني: التداريب les stages .
بلغ عدد المعنيين بالتداريب حسب إحصائيات سنة 1999-2000 حوالي 109.914 من بينهم 46.434 تابعين لمكتب التكوين المهني و55.778 تابعين للقطاع الخاص و 7.702تابعين للوزارات ( السياحة, الفلاحة و الصناعة التقليدية ), و يتلقى هؤلاء تداريب مهنية بالمقاولة قصد استكمال معرفتهم و مداركهم باحتكاك مباشرة بالمقاولة. وهم ملزمون بإعداد تقرير التداريب خاصة في السنة الأخيرة لفترة التكوين.
نحن لا نرفض مطلقا التداريب وبل بالعكس فهي محبذة من الناحية المبدئية لأنها تمكن من استكمال التكوين بالجانب التطبيقي, ولكن هذه التداريب هي في الواقع شكلا آخر لجعل عمل الشباب هشا و عاملا إضافيا لاستغلالهم لا غير.كيف ذلك؟
الشاب ملزم بالبحث عنها بنفسه, وعندما لا يجد يكون ملزما بقبول أي شيء, و غالبا مالا يجد مبتغاه أو ما يناسبه, نظرا للبنية التقليدية لأغلب المقاولات حيث أن 94% من المؤسسات التي تقدم تداريب لا تتوفر على الوسائل الكفيلة بتنظيم هذه التداريب. كما أن المقاولة هي التي تستفيد من مؤهلات المتدرب وليس العكس, بل في بعض الأحيان تكون مردودية المتدرب عالية أكثر من العمال العاديين.
غياب قانون يلزم المشغل بأداء اجر للمتدرب, حيث غالبا ما يكتفي المشغل ب"التدويرة" أو منحة لا تكفي في الغالب حتى لتغطية تكاليف النقل و الحمام. إنها عملية استغلال بدون مقابل, انه لمن غير المعقول أن يعمل المتدرب في أداء مهام مرهقة في الغالب و بوثيرة عمل مكثفة, ويقوم بادوار حيوية في المعمل أو لصالح المقاولة كغيره من العمال, و يكون هذا المجهود مجانيا تقريبا!
ظاهرة مراكمة التداريب أو العمل بالمجان. تلاحظ الظاهرة لدى ذوي الديبلومات الذين يفشلون في الحصول على إما على عقد عمل دائم أو مؤقت, حيث يعتقدون انه كلما كان من الممكن إحراز تدريب جديد و إضافة شهادة أخرى, كلما كانت حظوظهم في الحصول على عمل – ولو بالعقدة المحددة –اكبر.ولذلك فهم يبدون قدرتهم على تحمل قساوة ظروف العمل أملا في أن ينالون رضا المشغل ( الذي يعد كل المتدربين بإمكانية الإدماج ,ولكن يحرص دائما على عدم إدماجهم لأنه لا حاجة به لعمال يؤدي لهم الأجر ,ما دام بحوزته جيش من العمال المؤهلين المستعدين للعمل مجانا).
و هذه الظاهرة منتشرة عموما في أوساط الشباب الأكثر فقرا, سواء منهم حاملي الديبلومات المهنية أو الشهادات العامة, لكنها منتشرة بالخصوص في أوساط العاطلات الشابات المتعلمات نظرا لخوفهن من تكرار تجارب أمهاتهن, ولذلك يحرصن على فرض استقلال مادي عن الأسرة.ثم نظرا لتأخر سن الزواج الذي لم يعد يضمن شروط العيش, ثم لتعودهن الخروج منذ الطفولة,كما لتطلع المتعلمات إلى لعب دور اجتماعي عن طريق اعمل بدل الاكتفاء بالقيام بالعمل المنزلي.
إن إلزامية إعداد تقرير التدريب - الذي يدخل في الحكم على مصير السنة الدراسية – يدفع المتدرب إلى عدم المطالبة بالأجر أو الاحتجاج على ظروف العمل, لان مصيره سيكون فقدان التدريب و بالتالي الحكم على السنة الدراسية بالفشل. أما الشباب و خصوصا الشابات الذين يدخلون في دوامة التداريب, فيكونون مدفوعين إلى التزام الصمت بناءا على وغد المشغل بإمكانية إدماجهم.
إن التداريب تعد شكلا آخر لضرب استقرار الشغل, فالباطرونا لا حاجة بها لخلق مناصب شغل رسمية ما دام باستطاعتها الحصول على يد عاملة مؤهلة بالمجان. كما يتم استغلالها من طرف الباطرونا لانتقاء العمال الأكثر خنوعا.
3 – التعليم: إدخال " المهنية " و التكوين المهني بالتمرس.
شنت الدولة البرجوازية عبر خدامها في حكومة " التناوب " اكبر هجوم على التعليم العمومي من خلال إصدار قوانين جديدة لإعادة تنظيم التعليم (ظهير 19 ماي لتنفيذ القانون القاضي بإحداث الأكاديميات الجهوية للتربية و التكوين – ميثاق التربية و التكوين – ظهير 19 ماي المتعلق بتنظيم التعليم العالي ).حيث تتجه الميولات العامة نحو:
* التخلي عن التعليم العمومي و استبداله بشبكة مؤسسات مستقلة غير مرتبطة بتوجهات مركزية, بل أن القانون المنظم للتعليم العالي يفسح المجال لتفويت المؤسسات الجامعية للخواص و جعلها مجالا لجني الإرباح.فقد نصص القانون على أن الجامعات تتمتع بالاستقلال الإداري و المعنوي و العلمي, وكما يحق لها أن تقدم خدمات بالمقابل, و أن تسوق منتجات أنشطتها, و أن تساهم في رأسمال مقاولات عمومية أو خاصة, وان تحدث شركات تابعة لها يكون الغرض منها إنتاج سلع أو خدمات لتسويقها.كما أن الدولة ستفوت للجامعات كامل ملكية المنقولات و العقارات التابعة لملكها الخاص و الضرورية لمزاولة أنشطتها.أما مداولات مجلس الجامعة المتعلقة بالتفويتات العقارية و المساهمات في الشركات او إحداثها لا تصبح نافذة إلا بعد المصادقة عليها من طرف الإدارة في اجل لا يتعدى شهرا و إلا أصبحت نافدة.
* التداخل بين نظام التعليم و عالم المقاولة من خلال سن شروط أولية لفرض رقابة أرباب العمل على البرامج و المناهج. وقد بدأ ذلك بالتدريج من خلال حضور ممثلي هيئات المقاولين في الهياكل المسيرة لقطاع التعليم( المجلس الإداري للأكاديميات – مجلس الجامعة – لجنة تنسيق التعليم العالي ), وقد تسجل حضورها حتى في الهيئات المكلفة بالمراقبة و خصوصا منها مرصد مراقبة الالتزام بمبدأ " التوفيق بين الدراسات العليا و المحيط الاقتصادي و الاجتماعي ".
* التخلي عن تطوير الأهداف المعرفية ( المعارف و العلوم التي تمكن الشاب من التعرف على محيطه و العالم و تمكنه من اكتساب حس نقدي ), أو وضعها في مرتبة ثانية, لصالح تنمية الكفاءات والمهارات, أي إن الهدف طبعا ليس هو شباب واع ومنفتح بقدر ما هو تكوين مأجورين مؤهلين و مهيئين لخدمة مصالح الرأسمال.
و ليصبح التعليم أداة في يد البرجوازية لتفريخ يد عاملة مؤهلة و منضبطة, فقد تم إدخال ما يسمى ب" المهنية " إلى التعليم, ثم الاستعداد لإدخال التكوين المهني بالتمرس أو بالتناوب إلى الإعداديات و الثانويات ( ميثاق التربية و التكوين, قانون الأكاديميات ). و هذا التوجه مستنسخ من التجربة الفرنسية حيث يعرف بالتكوين بالتمرس أو بالتناوب (apprentissage). حيث بدأ هذا النظام يتطور بفرنسا منذ 1988, ويهم 330.000 شاب, حيث يرمي إلى إعداد ديبلومات التعليم التكنولوجي عن طريق التناوب. وقد جاء هذا النظام استجابة لرغبة الصناعيين في الحد من التكاليف بواسطة يد عاملة مؤهلة ولكن شبه مجانية.
وفقا لهذا النظام فإن المقاولات المستقبلة للمتمرسين سوف تستفيد من إعانات مالية ( تعويضات, إعفاءات من التحملات...).أما الشاب المتمرس فلن يكون مصيره غير الاستغلال المفرط, فالأجور زهيدة تصل إلى ربع الحد الأدنى للأجور تبعا للسن و الأقدمية, ووثيرة العمل مرهقة ( 39 ساعة في الأسبوع في المقاولة و مثلها في الدراسة ), و الساعات الإضافية غير مؤداة, وخطر الإصابة بحوادث الشغل ( ثلث المتمرسين يكونون ضحية حوادث الشغل خلال السنة الأولى ), إضافة إلى التهديدات الدائمة بالطرد في حالة الاحتجاج على ظروف العمل ( بواسطة ملف يملأه رب العمل و فيه يقيم عمل الشاب وفعاليته..).
باختصار فالمتمرسون بفرنسا هم فرائس سهلة يتم فرض الهشاشة عليها, دون أن تتوفر لها الإمكانية للدفاع عن نفسها. بل قد يصبحون وسيلة لإدخال الهشاشة إلى الوظيفة العمومية, خصوصا مع خلق عقدة التناوب المهني في قطاع البريد.أما المتمرسون المغاربة فان مستقبلهم سيكون أكثر من رفاقهم الفرنسيين, فليس هناك ما يوحي بإمكانية أداء الأجور حتى لو كانت هزيلة,كما أن ظروف العمل ستكون أقسى.
إن تجنيد أعداد هائلة من الطاقات الشابة في العمل المجاني بواسطة مثل هذه البرامج سيشكل وسيلة إضافية للحد من فرص الشغل حتى تلك المتعلقة بالعقد المحددة, وسيفرض هشاشة مفرطة على قسم واسع من الشباب المغربي, ابتدءا من سن السادسة عشر. دون أن ننسى أن أرباب العمل المغاربة يبدون دائما رغبتهم في إضفاء الصبغة القانونية على الاستغلال المجاني للأطفال دون 14 سنة. فقد جاء في ملاحظات جامعة غرف التجارة و الصناعة على مشروع مدونة الشغل لسنة 1995, أن اشتراط ألا يقل سن المتدرب و الأجير عن 14 سنة " هو أمر يخالف واقع المقاولات الصغرى و المتوسطة, كما انه لا يخدم من انقطع عن الدراسة, إذ أن تشغيله و لو دون 14 سنة سيجنبه الانحراف و التشرد".
4 – البرنامج الحكومي لتشغيل الشباب حاملة الشواهد: " التكوين من اجل الإدماج ".
هذا البرنامج هو عبارة عن عقدة محددة ( سنة و نصف ), يستفيد أرباب المقاولات عبره من تعويض عن اجر المتدرب يصل إلى 50% إضافة إلى إعانات على شكل إعفاءات من تسجيل المتدرب في الضمان الاجتماعي و من رسم التكوين المهني.أما بالنسبة للشباب المسجل ضمن هذا البرنامج فالأمر يعد كارثة بالنسبة لهم ,فلاستغلال مفرط, شروط العمل قاسية, وثيرة العمل عالية , كما أن اغلب المستفيدين لا يحصلون إلا على نصف مبلغ الأجر الأدنى ( 800 درهم ), بل إن بعضهم لا يستفيد حتى من هذا المبلغ الهزيل, وفضلا عن ذلك ليس هناك تنصيص على الإدماج ,هذا علاوة على أن التكوين لا يجري في مؤسسات إنتاجية فعلية. وقد قامت الدولة باستثناء التقنيين حاملي شهادة التكوين المهني من هذا البرنامج عبر تعديل في القانون المنظم للبرنامج, إذ أن هؤلاء التقنيين يستغلهم المقاولون مجانا عبر برنامج آخر: التداريب.
إن هذا البرنامج يعد وسيلة فعالة أخرى لجعل الشغل غير قار وفضلا عن ذلك غير مكلف لأرباب المقاولات.
إن هجوم الدولة وأرباب العمل قد يسر فرض هشاشة مفرطة على اغلب الشباب المتمدرس ( إعدادي, ثانوي و جامعي ) بواسطة إدخال «التكوين المهني بالتناوب " إلى النظام التعليمي.إننا اليوم نعيش مرحلة حيث تشمل الهشاشة مختلف فئات المجتمع,هشاشة خلال مرحلة الدراسة ,هشاشة بعد التخرج و الحصول على شهادة, هشاشة الأجير الذي سبق أن دخل عالم الشغل.

الهشاشة خلال فترة العمل.
كما في مرحلة الدراسة تتخذ الهشاشة في مرحلة العمل أشكالا متعددة, وبذلك يتم الحكم على الأجير بالمرور من شكل إلى آخر, وذلك بمحاولة إقناعه بان وضعيته ستتحسن, وانه تم جعل عمله مرنا خدمة لمصلحته.
1 – العقدة المحددة المدة.
يعد تشريع العمل بالعقدة المحددة واحدا من أبشع وجوه الهشاشة التي تمس عالم الشغل, حيث يفقد العامل أي ضمان لمنصب شغله الذي يقوم به ظل ظروف عمل بالغة القسوة, حيث أن أقدمية العامل لا تأخذ بعين الاعتبار وهي المكسب الهام للعمال و العاملات, كما ان العامل يعيش دوما في قلق لا متناهي حيث يجد صعوبة في تجاوز الدائرة الجهنمية للعقدة المؤقتة, و التي هي في الغالب عبارة عن فترة قصيرة من العمل ما بين مرحلتين طويلتين من البطالة. مما يجعل من المستحيل تقريبا الانضمام إلى النقابة للدفاع عن النفس نظرا لغياب أية حماية ضد جبروت الباترون.
2 – التشغيل من الباطن.
تم خلق مقاولات التشغيل من الباطن سنة 1993عن طريق اتفاقية بين وزارة التشغيل وعدة مؤسسات شبه عمومية. وتندرج هذه العملية في إطار سياسة الدولة لإعادة هيكلة المؤسسات الشبه عمومية لتخفيض تكاليف اليد العاملة الرسمية و التخلص من "التكاليف الزائدة" عن طريق العقد المحددة. و مضمون هذه العملية هو تفويت القيام بالأشغال الموسمية و الغير قارة إلى الخواص, عن طريق كراء الآلات و المرافق و القيام ببعض الخدمات الصغرى كالتنظيف و الحراسة و الترميم و الطباعة. وقد ساهمت هذه العملية في تخفيض العاملين بالمكتب الوطني للكهرباء إلى حوالي 40%, و العاملين بالمكتب الشريف للفوسفاط إلى حوالي النصف في اقل من عشر سنوات.
إن الدولة تتجه نحو تدمير مناصب الشغل القارة بما فيها التابعة للوظيفة العمومية و تعويضها بمناصب غير قارة, فهي في طور تفويت المؤسسات الشبه عمومية و ذلك بتأهيلها للمنافسة, فحسب دعاة التنافسية هناك 15%الى20% من اليد العاملة زائدة يلزم تسريحها.
3 – وكالات التشغيل الخاصة.
هي شركات تقدم خدمات الوساطة في اليد العاملة, حيث تمد الشركات بعمال مؤقتين. وقد صادق المغرب في 10 ماي 1999 على اتفاقية بشان هذه الوكالات المعتمدة من طرف المؤتمر الدولي للشغل, ونشرت الحكومة الاتفاقية بالجريدة الرسمية كإجراء تحايلي ولتشرعن التطبيق العملي لمشروع مدونة الشغل خاصة منها الفصول التي تبيح السمسرة في اليد العاملة والتي سبق للنقابات (كدش- امش) أن رفضتها. وتستهدف الدولة من خلال تشريع هذه الوكالات إضفاء الطابع القانوني على متاجرة وكالات التشغيل في اليد العاملة, وتسهيل تزود الباطرونا بيد عاملة رخيصة و سهلة الاستغلال و الرمي.
إن هذه الوكالات هي شكل آخر لتوسيع العمل الهش, ووسيلة لنهش لحم العمال حيث تفرض الوكالات أداء على الخدمات التي تقدمها وقد تكون على شكل نسبة من أجورهم. وتشكل أداة للإجهاز على الحقوق الأساسية للعمال, حيث تعد أداة لسد الأبواب في وجه العمال الذين يحاولون الانضمام إلى النقابات, فالعمل المؤقت لا يتيح لهم الفرصة حتى لنسج علاقات فيما بينهم, حيث يلتقي المؤقتين في أماكن عمل مختلفة ولكن بدون أن يبقوا أطول مدة ممكنة في نفس المقاولة ليدافعوا عن أنفسهم بشكل جماعي. ان وكالات التشغيل تسمح لارباب العمل باستغلال فاحش وبلا قيود للعمال, إن عملية السمسرة في اليد العاملة يمكن مماثلتها بتجارة العبيد العصرية.

مدونة الشغل: مزيدا من الهشاشة.
لقد شرعت مدونة الشغل العديد من أشكال الهشاشة.
1 – الوساطة.
الوكالات الخصوصية للتشغيل و مقاولات التشغيل المؤقت و المقاولة من الباطن. انظر أعلاه.
2 – مدة العمل.
*التخفيض من الأجر تبعا للتخفيض من مدة العمل: لقد سمحت مدونة الشغل الجديدة بتقليص مدة العمل إلى فترة تصل إلى 75 يوما في السنة, يؤدي إلى تخفيض الأجر بما يعادل 75%, في حين أن القانون القديم (ظهير 18-06-1936) نصص على انه لا يمكن أن يكون في كل الأحوال الإنقاص من ساعات العمل سببا في الإنقاص من الأجر.
* الزيادة في مدة العمل القانونية: السماح للمشغل بتشغيل العمال 12 ساعة بدل 8ساعات القانونية, بل قد يصل إلى 20 ساعة طيلة اليوم ثم تمديد المدة بساعتين خلال الثلاثة أيام التالية لذلك.
* التسريح: بالنسبة للعقد المحدد المدة فلا تعويض في حالة الخطأ الجسيم. أما بالنسبة للعقد الغير المحددة المدة فكذلك لا تعويض في حالة الخطأ الجسيم, ولا تعويض إذا كان المسرح أجير لم يمض على تشغيله 6 اشهر, مما يفسح المجال لأرباب العمل إلى التحايل على القانون حيث يتم التسريح قبل انقضاء الستة اشهر, ثم إبرام عقود جديدة.
* الفصل وإغلاق المؤسسات لأسباب اقتصادية أو تكنولوجية أو هيكلية: وهي وسيلة يستعملها أرباب العمل للتملص من الالتزامات اتجاه العمال مادام أن القانون لم ينصص على عقوبات رادعة, حيث نصص فقط على عقوبات هزيلة و ألغى عقوبة الحبس.
* فترة الاختبار: وهي في الجوهر عقود عمل محددة المدة تفسح المجال للمشغل بان يقوم بفصل الأجراء دون أن يضطر لأداء التعويض عن الفصل قبل حلول الأجل المحدد لإنهاء العقدة.وقد حددت المدونة فترة الاختبار في 15 يوما للأجير و شهرا و نصف للمستخدم و ثلاثة اشهر للأطر و رؤساء المصالح, مع إمكانية تجديدها لمرة واحدة.إنها فرصة أتاحتها المدونة لأرباب العمل تجعلهم في عنى عن اللجوء إلى إبرام عقود عمل محددة المدة.

الإطار العام للهشاشة: خدمة المصالح الاقتصادية للبرجوازية.
يرجع تطور الهشاشة في العالم إلى بداية الثمانينات من القرن المنصرم, ويدخل في إطار تكيف المقاولين مع ألأزمة الاقتصادية العالمية التي ابتدأت منذ أواسط السبعينات من القرن الماضي. فالبرجوازية تحاول الحد من انخفاض معدلات الربح, من خلال تقليص تكاليف اليد العاملة و الإجهاز على مكتسباتها من استقرار في العمل و تحديد للأجور و الحماية الاجتماعية, وكذلك انسجاما مع الانعطافة الليبرالية الحالية حيث العودة إلى رأسمالية بدون قيود كما عرفها القرن 19. وهكذا لم يتبقى للبرجوازية لتكييف المقاولات مع الأزمة و لدحر المنافسين سوى ضرب استقرار الشغل. كما يرجع تطور الهشاشة أيضا إلى السياسات الحكومية الليبرالية و تزايد هجوم شبكات المثقفين و المفكرين و المنضرين الليبراليين, حيث يتم التطبيل للتحرير الشامل للاقتصاد و لإلغاء قوانين الاستثمار ( إلغاء أية رقابة ) و لإلغاء قوانين الشغل ثم الخوصصة.

الهشاشة تكتيك حرب اجتماعية.
سيكون من الخطأ النظر إلى إدخال الهشاشة إلى عالم الشغل كاستراتيجية اقتصادية فقط. إن تحويل الشغل إلى عمل هش هو أيضا وسيلة فعالة لتفادي المعارضات الاجتماعية كيفما كان شكلها.إن جعل فترات التدريب و التمرس و العقد المحددة تتراكم على أجير معناه مضاعفة العراقيل أمام دمجه في منصب قار, فالمرشح لهذا المنصب يفترض لا أن يكون جيدا فقط بل أن يتحمل قساوة ظروف العمل و خنوعا, فالباطرون يستطيع منذ البداية أن يتأكد مما إذا كان المستخدم مستعدا بالقبول بكل شروطه و متطلباته, وكل شكل لمعارضة سلطة و تجاوزات رب العمل يتعرض صاحبها إلى العقاب بفقدان منصبه. و المثال الذي سيكون مرعبا بالفعل هو التشغيل المؤقت حيث جزء من العمال سيتعرضون لوقف عقودهم بين أسبوع وآخر بل في بعض الأحيان بين يوم وآخر, فأن ترفض الساعات الإضافية الغير مأداة أو تجادل المسئول عن المقاولة أو تلتحق بالعمل متأخرا أو ترتكب خطأ فإن ذلك يعني فقدانك لعملك و الرمي بك في أحضان البطالة, أما إذا طالبت بمطالب فإن وكالة التشغيل المؤقت هي التي ستقفل عليك أبوابها بشكل نهائي.
أما بخصوص أشكال النضال النقابي المنضم فإن القيام بها يعد من الصعوبة بمكان. فجعل الشغل هشا هو أيضا وسيلة مثلى لإضعاف النقابات و تفادي الإضرابات.باختصار لجم كل أشكال الدفاع الذاتي للمأجورين . فكيف يستطيع العامل بالعقدة المحددة أن ينضم بشكل صريح إلى النقابة إذا كان لا يرغب معاينة فقدان عمله؟



#المناضل-ة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البطالة كيف تهدد مكتسبات الطبقة العاملة
- إسبانيا خلال الثورة 1931-1937
- الأممية الرابعة: اشتراكية القرن 21 ؟ نعم
- كي يكون المؤتمر الثامن لنقابة التعليم –كدش خطوة لتعزيز كفاحي ...
- نصر جديد في ايفني : تراجع السلطة عن اعتقال مناضلي السكرتارية ...
- الولايات المتحدة الامريكية: الحركة الجديدة من أجل حقوق المها ...
- كين لوتش: السينما العمالية تفرض نفسها عالميا
- من هو المناضل موناصير عبد الله؟ ولماذا قتله النظام المغربي؟
- حوار مع أورنالدو شيرينو فنيزويلا: يجب تعميق الثورة
- حوار مع ماركسية ثورية عضو بالحزب الشيوعي الكوبي
- الأرجنتين : ثلاثون سنة بعد الانقلاب العسكري عام 1976 مقابلة ...
- من اجل الربح، برجوازية المغرب ودولتها يقتلان العمال والكادحي ...
- النيبال : نصر شعبي أول ورهانات سياسية واجتماعية جديدة
- صعود السلفية الاسلامية الثمار المرة للسياسة الامبريالية
- صندوق دعم مواد الاستهلاك الأساسية: مكسب شعبي في مهب العاصفة ...
- توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ ...
- أزمة نقابة التعاون مع ارباب العمل ودولتهم ومهام النقابيين ال ...
- توطيد الحركة النقابية وبناء حزب العمال الاشتراكي طريق انقاذ ...
- 25 ابريل 1974: «ثورة القرنفل» بالبرتغال
- الحزب الاشتراكي الديمقراطي و الاتحاد الاشتراكي: دلالة الاندم ...


المزيد.....




- زيادة الأجور تتصدر مطالب المغاربة قبيل عيد العمّال والنقابات ...
- حماس تدعو عمال العالم لأسبوع تضامن مع الشعب الفلسطيني
- “وزارة المالية 100 ألف دينار مصرف الرافدين“ موعد صرف رواتب ا ...
- جددها الان من هنا.. اليكم رابط تجديد منحة البطالة في الجزائر ...
- “880.000 دينار فوري مصرف الرافدين“ وزارة المالية العراقية تُ ...
- WFTU Declaration on Mayday 2024
- بيان اتحاد النقابات العالمي بمناسبة الأول من أيار 2024
- فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو في باريس دعما للفلسط ...
- قانون -استعادة الطبيعة- في أوروبا مهدد بالفشل والعلماء يحذرو ...
- راتبك بالزيادة الجديدة 200%..وزارة المالية تعلن سلم رواتب ال ...


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - المناضل-ة - هشاشة الشغل