أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم العايف - أضواء 14 تموز 1958















المزيد.....

أضواء 14 تموز 1958


جاسم العايف

الحوار المتمدن-العدد: 1613 - 2006 / 7 / 16 - 10:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جاءت ثورة 14 تموز 1958 الوطنية الديمقراطية بعد نضال مرير حافل بالتضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب العراقي وأحزابه وقواه الوطنية ضد محاولات السيطرة الكولونيالية التي رعت تأسيس الدولة العراقية ابان نشوئها ، مُحكمة الطوق على العراق المعروف بغنى ثرواته ، التي تم وضع الخرائط لها من قبل المستكشفين الأوائل ، رسل المملكة المتحدة ،والذين وضعوا البرامج لإحكام السيطرة على العراق، لما له من موقع ستراتيجي مهم ، ولقد قاومت الروح العراقية المتمردة كل المخططات الاستعمارية لإلحاق العراق كمحمية بريطانية من خلال التبعية بالإمبريالية في تطلعها وشراستها للتحكم بالعالم و بالمنطقة العربية، وقادت القوى الوطنية العراقية صراعاً متواصلاً ضد الارتباط بالأحلاف العسكرية العدوانية التي كانت تطبق على العراق كما قاومت الحكام الذين مهدوا لتلك الأحلاف عبر ديمومة الحكم الإقطاعي واستبداده وتعسفه السياسي المتواصل. لقد احتدمت الصراعات الجماهيرية الاجتماعية- السياسية من اجل انبثاق الوطن العراقي عبر نضاله الوطني الديمقراطي ولم تعرف الساحة العراقية الوثابة هوية غير الهوية الوطنية وروح المواطنة العراقية نبراساً في كل الوثبات والانتفاضات والاحتجاجات المدوية التي كانت تضع روح المواطنة العراقية كتحصيل حاصل في طريق النضال الشعبي- الوطني الديمقراطي من اجل كنس الاستعمار البريطاني وممثليه الذين تعاقبوا على حكم العراق بالحديد والنار وبإنزال أقسى العقوبات بقادة الروح الوطنية العراقية بالسجن والنفي والتشريد والإعدام، ولم يكن العراق وروح شعبه الوطنية الوثابة غائبا عن كل التاريخ العراقي منذ نشوء المملكة العراقية ، ولم يهادن الوطنيون العراقيون وأحزابهم وكل شرائحهم ، الممتدة على خارطة العراق، الحكم الاستبدادي الإقطاعي رغم موجات العسف والإرهاب المتعاقبة وبقي العراقيون يطاولون الحكم الملكي وممثليه من الإقطاعيين والرجعيين من اجل لحظة التغيير الحاسمة تجسيدا للصراع الاجتماعي-السياسي المتواصل ، الذي شهد صعوداً ونزولاً وتراجعاً وتقدماً حتى اكتسحت الجماهير العراقية مواقع الإقطاع والتبعية والرجعية في لحظة باهرة تميزت بجرأة الفصائل الوطنية العسكرية المرتبطة بالشعب العراقي وقواه الوطنية- التقدمية فأجهزت على الحكم الملكي في صبيحة 14 تموز 1958 بإسناد شعبي منذ اللحظات الأولى لذلك الفجر الباهر في تاريخنا المعاصر. وامتد ضوء 14 تموز ليضيء الطريق لملايين العراقيين من الشغيلة والفلاحين والنساء والمثقفين والشباب الذين اندفعوا لصناعة تأريخهم و لتأسيس منظماتهم المهنية على طريق إرساء المجتمع المدني وتقاليده التقدمية وقيمه التنويرية حيث كانت الأحداث الكبرى العاصفة التي أسس لها فجر 14 تموز 1958 نتيجة حتمية فرضتها المستجدات والضرورات الموضوعية والتاريخية لارتقاء الشعب العراقي سلم التطور السياسي- الاجتماعي . لقد دشنت ثورة 14 تموز مرحلة إنجاز مهمات الثورة الوطنية الديموقراطية من خلال تعزيز الاستقلال السياسي والتطور الاقتصادي وإشاعة الحريات الديمقراطية ورفع المستوى الاجتماعي للعراقين وخاصة للشرائح الهامشية والمضي في طريق التحولات الاجتماعية النوعية التقدمية في المدن والأرياف اعتمادا على الوعي الوطني الذي تميزت به جماهير العراق واحزابه و نخبه السياسية-الثقافية ، وعلى اللحظات الثورية المتنامية للمزاج الجماهيري الجارف في مرحلتها الأولى ، حيث قامت ثورة 14 تموز بإجراءات حاسمة سريعة لتقويض مواقع الاستعمار الاقتصادية - السياسية وفي مقدمتها الانسحاب من حلف بغداد وإلغاء معاهدة 1930 العبودية الجائرة ، وكان ذلك دعماً لحركة التحرر الوطني العربية وهي تخوض اشرس معاركها القومية التحررية ، و خطوات أخر منها تحرير العملة العراقية من قيود منطقة الإسترليني، وسن قانون /80/ الذي أعاد للشعب العراقي / 99% / من الأراضي العراقية ذات الخزين النفطي الهائل ، وتجريد شركات النهب الاستعماري النفطي من قدراتها في الحاق الاذى بالعراقيين عبر عرقنة الادارات في تلك الشركات،و اعتماد سياسية خارجية منحازة لقوى التقدم والنضال التحرري في العالم ، كما عملت ثورة 14 تموز على إحداث تغييرات وتبدلات جوهرية في هيكلية الواقع الأجتماعي من خلال إصدار قانون العمل والضمان الاجتماعي لصالح الطبقة العاملة العراقية ، وقانون الإصلاح الزراعي الذي فتت البنية الاقطاعية من خلال تحديد الملكية وتوزيع الاراضي على الفلاحين ، والسماح بإنشاء جمعيات تعاونية فلاحية لكسر الهيمنة الاقطاعية في الريف،كما ساهمت النخب الثقافية العراقية في الحراك الاجتماعي الذي تفجر بعد الثورة من خلال المنظمات الثقافية- المهنية التي اسست بعيدا عن تحكم السلطة او اغراءاتها . وعمدت الثورة الى إحداث تطورات بنيوية مهمة في المجتمع العراقي من خلال سن قانون الأحوال الشخصية سنة 1959 والذي لازال حتى آلآن صالحا في رؤيته الواقعية-العملية، للمجتمع العراقي متعدد الاديان والمذاهب ، و فقراته التقدمية التي واجهت الحملات الشرسة المتلفعة برداءات الدين خدمة لاغراضها ومصالحها الدنيوية ، والاعتراف بالحقوق القومية للشعب الكردي دستوريا وفعليا، وفسحت المجال للتنظيم النقابي والمهني والحزبي ، وبدأت في خلق اسس التقدم الاجتماعي من خلال التخطيط العمراني والصناعي الذي اعتمدته الثورة في سنتها الأولى حيث عمدت الى خلق الركائز الأساسية لقيام المؤسسات الصناعية الانتاجية و تبديل المناهج الدراسية وتعميم المدارس في الارياف والقصبات النائية وتأسيس جامعة بغداد بروح مهنية عالية مستقلة واسناد رئاسة الجامعة الى شخصية علمية –عالمية عراقية لامعة بغض النظر دينه او طائفته ، وانحسرت كل القوى الرجعية متخاذلة أمام الزخم الجماهيري العراقي الذي كان سياجا واقيا للدفاع عن الثورة ومنجزاتها في مرحلتها الأولى بالذات ، اننا هنا لاندافع عن التجاوزات والافعال الهمجية التي ميزت الشارع العراقي ورافقت تلك المرحلة والتي اندفعت لتأيدها قوى سياسية تقدمية كان عليها ان لا تصاب بقصر النظر السياسي و مخاطبة الشارع تنظيميا و اعلاميا على وفق همجية الغرائز المتدنية . مع علمنا ان تلك المرحلة بحثت و قيمت بوضوح لا لبس فيه من اطراف محايدة قامت بدراستها بموضوعية وامانة وتجرد كاشفة الكثير من الخفايا والالتباسات التي تم طمسها في حينه. وما أن بدأ الزعيم عبد الكريم قاسم طريق الانحراف والتردد والمهادنة والتخاذل بحجج التوازن السياسي ، حتى استثمرت ذلك القوى الرجعية وبعض القوى السياسية في تحالف غير مقدس للإجهاز على مكتسبات ثورة 14 تموز و توج ذلك في انقلاب 8 شباط 1963 الدموي ، لحظة اغتيال المشروع الوطني – الديمقراطي العراقي ، الذي سلم العراق أخيراً الى الاحتلال متعدد الجنسيات والذي فتح الباب على مشاريع التقسيم والعزل الطائفي والعمل على وأد الروح والهوية الوطنية العراقية عبر مخططات الحرب الأهلية وشيكة الوقوع. في ذكرى ثورة 14 تموز على العراقيين استذكار هويتهم العراقية الوطنية التي تجمعهم على اختلاف ديانانتهم وطوائفهم و قومياتهم من أجل الحفاظ على الوطن العراقي والمشروع والهوية الوطنية العراقية من تلاعب الأيادي الخفية خدمة لمصالح قوى اقليمية مؤثرة في الشأن العراقي حاليا ،محولة العراق وشعبه ومصيره دريئة لتصفية حساباتها مع الادارة الامريكية بغرض تخفيف الضغط عليها، وتعمد الى ذلك عبر التفتيت والعزل الطائفي ونعراته المدمرة ، والذي سيجعل الوطن العراقي ونسيجه الشعبي التاريخي ينتمي الى ماض كان ( اسمه العراق وشعب يدعى العراقيين)عندها ستحين لحظه الانهزام الكبرى في تأريخ الأمة العراقية الذي يمتد الى الاف السنوات وعجزت امام صلادتها وروحها وغناها الثقافي كل موجات الغزو الخارجي التي استهدفت العراق ومكوناته الديمغرافية . في 14 تموز 1958 انبثق نمط من الحكام جديرين بحمل اسم العراق ، والحفاظ على تاريخه وهويته الوطنية وانسجام نسيجه الاجتماعي بعيداً عن التمايزات القومية والطائفية والاثنية والمحاصصة المقيتة والتدين الزائف المنافق اجتماعياً، وكانوا مثال العفة والتجرد والنزاهة والاحتكام الى الضمير الوطني العراقي في كل ممارساتهم الوظيفية اليومية وتاريخهم المشرف أولئك الذين قاوموا قطعان الانقلابين المدعمة بالخدمات اللوجستية التي قدمتها المخابرات الامريكية وبعض دول الجوار،وكانت ملحمة الـ (36 ) ساعة الباسلة في وزارة الدفاع والتي اشترك فيها الجنود وضباط الصف والضباط العراقيين وهم يقاومون حمم الموت التي تصبها عليهم الطائرات الانقلابية ببسالة وشجاعة وسقطوا شهداء الغدر والخيانة . نستذكر في هذا اليوم الصفوة من الشرفاء الذين ظلوا محيطين بالزعيم الوطني العراقي عبد الكريم قاسم بلا تردد وبمبدأية ولم يتخلوا عنه و قضوا معه مغدورين في "ستوديو الموت" وكانوا معه معبرين عن الروح الوطنية العراقية وتجلياتها وما أحرانا آلآن ان نجعلهم وضوء 14 تموز الوطني الديمقراطي شواخص تاريخية مضيئة في عتمة الأيام الراهنة .



#جاسم_العايف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا اذن... !!
- حق التفكير وحد التكفير*
- في عيد الصحفيين العراقيين
- ذلك البياض.. ذلك المكان
- الناقد المسرحي (حميد مجيد مال الله)فضاءات العرض المسرحي..تست ...
- القصيدة..مهربة..مستنسخة *
- فنارات..مجلة اتحاد الادباء والكتاب العراقيين في البصرة.. عرض ...
- في الاول من ايار..بناة الحياة والمستقبل
- في فضاء المربد الثالث..*
- فتوى (الشيخ الحنفي) في وشم الجبهة
- قليل من الوهم.. شيء من الواقع *
- في اربعينية الرفيق جبار فرج(ابوسعيد)
- ملتقى البريكان الأبداعي الثالث في البصرة
- قراءة في كراس:..التوظيف السياسي للفكر الديني
- قتلٌ واضحٌ .. علني *
- *الورثة والأسلاف
- حوارمع القاص (مجيد جاسم العلي) رئيس اتحاد الادباء والكتاب ال ...
- ..السؤال .. مجلة تعنى بثقافة المجتمع المدني ..ملف خاص بالقاص ...
- مابعد الانتخابات العراقية ونتائجها
- مجلات


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم العايف - أضواء 14 تموز 1958