أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - كمال سيد قادر - المندائيون امام خطر الابادة الجماعية















المزيد.....

المندائيون امام خطر الابادة الجماعية


كمال سيد قادر

الحوار المتمدن-العدد: 1608 - 2006 / 7 / 11 - 10:00
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    


جريمة الابادة الجماعية، هذه الجريمة البشعة التى رافقت تاريخ الجنس البشرى منذ نشأته، تشكل عارا على جبين البشرية باجمعها، عار على من يرتكبها، على من لا يمنعها و من يسكت عنها. فهي جريمة عار علينا جميعا لانها ترتكب بحق اخواننا و اخواتنا من الجنس البشرى، بحق انسانيتنا و الا ما الذى يفرق الانسان من الكائنات الحية الاخرى لولا الضمير و الشعور بالمسؤولية اتجاه الآخرين و التضامن معهم.

الابادة الجماعية جريمة عرفتها البشرية قبل مجئ الاديان، حيث كانت جماعة او قبيلة تقضى على جماعة او قبيلة اخرى او تذبح سكان مناطق معينة باكملها. مع ظهور الاديان تحولت هذه الجريمة الى وسيلة للابادة المتبادلة بين الديانات والطوائف المختلفة. و كان لنشوء الايدولوجية العنصرية القومية نصيبا فى جريمة الابادة الجماعية ضد اقليات عرقية و اثنية.

امثلة لا تعد و لا تحصى فى التاريخ البشرى الملئ بالعار و جرائم الابادة الجماعية تقص علينا بشاعة هذه الجريمة خاصة فى القرن العشرين الذى يمكن ان نسميه قرن الابادة الجماعية حيث وقع فيه الملايين من البشر ضحايا الجرائم الابادة الجماعية المنظمة. فالالمان قاموا بابادة شعب هوريرو فى ناميبيا بصورة شبه كاملة فى اوائل القرن العشرين، ليقوموا بجريمة ابشع منها فى الحرب العالمية الثانية حيث قتلوا سته ملايين من اليهود و مئات الآلاف من الغجر و الآخرين فى المحرقات الغازية النازية بسبب انتمائهم العرقى فقط. نفس هذه الجريمة قضت على حياة اكثر من 200 الف بوسنى و 800 الف من التوتسى فى رواندا و مليونى انسان من جنوب السودان و اقليم دارفور، و السبب لم يكن الا الانتماء الدينى و العرقى فقط.

و لم يكن العالم الاسلامى بعيدا عن ارتكاب هذه الجريمة سواء ضد الاقليات العرقية او الدينية. فتركيا العثمانية قامت بابادة اكثر من مليون و نصف مليون ارمنى فى الحرب العالمية الاولى، و باكستان قتلت فى اوائل السبعينات فى القرن الماضى اكثر من مليون بنغالى و ذكرنا جرائم الحكومات السودانية المتعاقبة ضد الاقليات العرقية و الدينية.

و العراق فى تاريخه الطويل كان قد اصبح مرارا وتكرارا مسرحا لجرائم الابادة الجماعية من غزو هولاكو فى القرن الثالث عشر الى جرائم البعثيين ضد الاكراد و الشيعة حيث دفن اكثر من 200 الف كردى احياء فى صحارى العراق لتلحق بهم عشرات الالوف من اخوانهم الشيعة و السنه المعارضين للنظام الدكتاتورى.

و الآن بعد سقوط النظام الدكتاتورى العنصرى عادت هذه الجريمة البشعة الى العراق تحت مسميات و ذرائع اخرى لتقضى على الاقليات العرقية والدينية و الطائفية فى العراق كالآشوريين و الكلدانيين و اليزيدين والصابئة المندائين .

الصابئة المندائين هم اقلية عرقية و دينية فى نفس الوقت لكونهم شعبا لهم لغتهم و تاريخهم العريق و دينهم المسالم و هم ناس مسالمين لا يريدون الا العيش بسلام مع اخوتهم العراقين من كل الاعراق و الاديان.

جرائم القتل و الترهيب و هتك الاعراض و التهجير القصرى و استعمال القوة و الاكراه لتغير دينهم، ليست الا اعمال تدخل فى اطار جريمة الابادة الجماعية ضد هذا الشعب حسب تعريف القانون الدولى لجريم الابادة الجماعية. فتكفير المندائين ليس الا ذريعة لابادتهم كما ان التكفير استخدم قبلا لابادة المسيحين و اليزيدين فى العراق. فالمندائين يضطهدون و يلاحقون كجماعة عرقية و كاقلية دينية بسبب انتمائهم العرقى و الدينى فقط، كما كان الحال مع اليهود و الارمن فى القرن الماضى.

هذه الجريمة البشعة ترتكب ضد المندائين فى العراق و هم تحت حماية القانون الدولى كاية جماعة عرقية او دينية اخرى فى العالم. لقد جاء فى المادة الثانية من الاتفاقية الدولية لمنع و معاقبة جريمة الابادة الجماعية، بان جريمة الابادة الجماعية تشمل كل الاعمال التى تستهدف و بقصد الى تدمير جماعة عرقية او اثنية او دينية بصورة جزئية او كلية.
و بالنسبة للاعمال التى تقع ضمن جريمة الابادة الجماعية فان المادية الثانية من هذه الاتفاقية تذكر:
1. قتل اعضاء من هذه الجماعة
2. الحاق اضرار جسدية و نفسية بالغة باعضاء هذه الجماعة
3. فرض ضروف معاشية قاسية على هذه الجماعة بقصد تدميرها جسديا بصورة جزئية او كاملة
4. فرض ضروف على الجماعة تؤدى الى منع الولادة
5. نقل اطفال من هذه الجماعة الى جماعة اخرى.

المادة الثانية، كما تم تفسيرها و تطبيقها قبلا من قبل محاكم الجرائم الدولية، لا تعنى فقط قتل كل اعضاء الجماعة بل يكفى قتل بعض من افرادها بقصد ابادتها، او الحاق اضرار نفسية و جسدية بافرادها بقصد الابادة كالتهجير الجماعى و الحرمان من الكسب مثلا.
و معاقبة هذه الجريمة لا تشمل فقط مرتكبيها الفعليين، بل و حسب المادة الثالثة لهذه الاتفاقية، تشمل العقوبات التحريض على ارتكاب هذه الجريمة و المحاولة و الشروع و المساهمة فى ارتكابها.

و اذا طبقنا معاهدة منع و معاقبة جرائم الابادة الجماعية على حالة المندائين فى العراق نرى بان الجرائم التى ترتكب الآن ضدهم هى من ضمن الجرائم التى يعاقب عيها القانون الدولى حول جريمة الابادة الجماعية كما جاء فى اتفاقية الابادة الجماعية و النظام الاساسى لكل من محكمة الجرائم الدولية ليوغسلافيا و رواندا.

التهجير القسرى للمندائين من ارض اجدادهم و ممارسة جريمة التطهير العرقى ضدهم ليس الا محاولة لفرض ضروف معيشية قاسية عليهم و الهدف منها هو محوهم كليا او جزئيا حسب المادة الثالثة لاتفاقية الابادة الجماعية و قرارات محكمة الجرائم الدولية ليوغسلافيا السابقة حيث اصدرت هذه المحكمة عدة احكام بالسجن لمدد طويلة ضد مجرمين من طائفة الصرب بسبب ضلوع هؤلاء فى جرائم التطهير العرقى البوسنيين و الكروات، و هى جرائم اعتبرتها المحكمة من ضمن جرائم الابادة الجماعية.

و نفس هذه الجرائم ترتكب اليوم ضد المندائين فى العراق حيث اجبرت الآلاف من العوائل المندائية الى ترك ديارها و مناطق سكناها و التوجه الى خارج العراق او مناطق اخرى داخل العراق و هى تعيش فى حالة بائسة.
اذا كان القصد الرئيسى من جريمة الابادة الجماعية هو اخلاء منطقة معينة من جماعة دينية او عرقية ما عن طريق قتل او تهجير هذه الجماعة، فان الحالة تطبق كليا على المندائين فى العراق. فالجمعية العامة للامم التحدة و مجلس امنها اعتبرتا التهجير القسرى و التطهير العرقى شكلا من اشكال جريمة الابادة الجماعية فى العديد من قراراتهما.

معاهدة منع و معاقبة جريمة الابادة الجماعية هى ليست الآلية الوحيدة فى القانون الدولى لحماية الاقليات العرقية والدينية كالمندائين مثلا، بل هناك العشرات من اتفاقيات حقوق الانسان و قرارت المنظمات الدولية عقدت و صدرت لهذا الغرض، منها:الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية،الاتفاقية المتعلقة بالشعوب الأصلية والقبليّة 1989،الاتّفاقيّة الدّوليّة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصريّ و الاعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التّعصّب و التّمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد

اذن فان السبب الرئيسى وراء اضطهاد المندائين و محاولة ابادتهم هو ليس انعدام القواعد القانونية لحمايتهم كشعب و اقلية دينية، بل هى مسالة المسؤولية عن تطبيق هذه القوانين.

و المسؤولية هذه تقع بالدرجة الاولى على عاتق الحكومة العراقية الحالية التى الهدف الرئيسى لوجودها هو حماية المواطنين افرادا و جماعات، كما جاء فى المادة الخامسة من اتفاقية الابادة الجماعية حيث نصت على ان على الحومات اتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع و معاقبة جرائم الابادة الجماعية. و المعلوم بان الحكومة العراقية لم توفى بالتزاماتها اتجاه حماية الاقليات فى العراق من الاضطهاد و الابادة الجماعية لحد الآن.

و الطرف الثانى الذى يقع عليه المسؤولية الاخلاقية و القانونية لحماية المندائين و الاقليات الاخرى من الابادة الجماعية هى القوات المتعددة الجنسيات. فان حسب قرار مجلس الامن رقم 1546 لهذه القوات مسؤوليات امنية، حيث جاء فى ديباجة القرار بان على القوات المتعددة الجنسيات مواصلة الجهود الرامية للمساهمة فى صون الامن و الاستقرار فى العراق، وكما جاء ايضا فى الفقرة العاشرة من هذا القرار على ان للقوة المتعددة الجنسيات سلطة اتخاذ جميع التدابير اللازمة للمساهمة فى صون الامن و الاستقرار فى العراق.

و لكن اين هذه القوات الآن من حماية المندائين من جرائم الابادة الجماعية من خلال قتل و تشريد اعضاء هذا الشعب؟ و لماذا لا تقوم بعثة الامم المتحدة بواجباتها لحماية هذه اللاقليات حسب ميثاق الامم المتحدة و الاتفاقيات الدولية و الفقرة السابعة من قرار مجلس الامن رقم 1546 حيث جاء بان من الواجبات الرئيسية لبعثة الامم المتحدة فى العراق هو تعزيز حماية حقوق الانسان و المصالحة الوطنية.

و ما هو دور رجال الدين و المرجعيات و رؤساء العشائر فى المناطق التى يسكن فيها المندائيون جنبا الى جنب مع اخوتهم من الشيعة و السنة؟ لماذا لا نسمع فتاوى من المراجع الدينية تحرم قتل و تشريد المندائين و الاقليات الاخرى و تلزم المسلمين بالدفاع عنهم و التضامن معهم؟ هذه المرجيعات يمكن ان تواجه المسؤولية القانونية بجانب المسؤولية الاخلاقية، لان الامتناع عن قيام بعمل ما لمنع وقوع جريمة وشيكة او جارية يمكن ان يعاقب عليه القانون. و جريمة الابادة الجماعية ضد المندائين ترتكب امام اعين هذه المرجعيات فى الجنوب و الوسط.

الحرب الطائفية الدائرة الآن بين الشيعة و السنة يمكن ان تؤدى الى القضاء الكامل على الاقليات الدينية فى العراق اذا لم يتم اتخاذ اجراءات عاجلة لحماية هذه الاقليات من الابادة الجماعية، عن طريق توفير مناطق آمنة لهم مثلا تحميها قوات دولية.

و المسؤولية تقع ايضا على عاتقنا جميعا لان السكوت عن الجرائم ليس الا مساهمة فى ارتكابها.



#كمال_سيد_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق امام مفترق الطريق،ا صلاح من الداخل ام انقلاب؟
- العلمانية كمنفذ للمحنة العراقية
- السوق الحرة والاحتكار والفساد فى كردستان
- الرابح و الخاسر فى الدستور العراقى الجديد
- العقبات الرئيسية امام فدرالية العراق
- فرق بين الشيعة و السنة تسد
- حول حقوق العمال فى القانون الدولى
- لماذا ستنسحب امريكا من العراق؟
- نعم، انه عراق المساواة و الديمقراطية
- ألأتفاقية ألعسكرية ألعراقية-ألأمريكية ألمقبلة و دروس من تجار ...
- نحو دستور عادل للعراق (القسم1): مبدأ ألعدالة
- شرعية ألأنتخابات ألعراقية و آلية تأجيلها فى ألقانون ألدولى
- أسطورة ألهوية ألعراقية ألمشتركة كورقة ألتوت
- ديون ألعراق و ألقانون ألدولى: ألعراق غير ملزم بديون النظام أ ...
- أعمال ألعنف فى ألعراق: بين ألأرهاب و ألمقاومة ألشرعية فى الق ...
- نظرية ألتحالفات ألحزبية: من سيتحالف مع من و لماذا
- حالة ألطوارئ فى ألقانون ألدولى
- ألديمقراطية ألتوافقية فى قانون أدارة ألدولة ألعراقية
- نحو تمثيل عادل للأقليات فى ألعراق
- حول توفير منطقة آمنة للمسيحيين فى ألعراق


المزيد.....




- رمى المقص من يده وركض خارجًا.. حلاق ينقذ طفلة صغيرة من الدهس ...
- مسيّرة للأمن الإيراني تقتل إرهابيين في ضواحي زاهدان
- الجيش الأمريكي يبدأ بناء رصيف بحري قبالة غزة لتوفير المساعدا ...
- إصابة شائعة.. كل ما تحتاج معرفته عن تمزق الرباط الصليبي
- إنفوغراف.. خارطة الجامعات الأميركية المناصرة لفلسطين
- مصر.. ساويرس يرد على مهاجمة سعد الدين الشاذلي وخلافه مع السا ...
- تصريحات لواء بالجيش المصري تثير اهتمام الإسرائيليين
- سيدني.. اتهامات للشرطة بازدواجية المعايير في تعاملها مع حادث ...
- ليبيا وإثيوبيا تبحثان استئناف تعاونهما بعد انقطاع استمر 20 ع ...
- بحضور كيم جونغ أون.. احتفالات بيوم الجيش في كوريا الشمالية ع ...


المزيد.....

- الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية / نجم الدين فارس
- ايزيدية شنكال-سنجار / ممتاز حسين سليمان خلو
- في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية / عبد الحسين شعبان
- موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية / سعيد العليمى
- كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق / كاظم حبيب
- التطبيع يسري في دمك / د. عادل سمارة
- كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟ / تاج السر عثمان
- كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان / تاج السر عثمان
- تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و ... / المنصور جعفر
- محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي ... / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير - كمال سيد قادر - المندائيون امام خطر الابادة الجماعية