أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال سيد قادر - نظرية ألتحالفات ألحزبية: من سيتحالف مع من و لماذا















المزيد.....


نظرية ألتحالفات ألحزبية: من سيتحالف مع من و لماذا


كمال سيد قادر

الحوار المتمدن-العدد: 1022 - 2004 / 11 / 19 - 11:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألهدف ألأول و ألأخير لكل ألأحزاب ألسياسية هو ألفوز بكرسى ألحكم كوسيلة لتحقيق أهدافها. هذه ألأهداف قد تكون نبيلة كألنهوض بألمجتمع و تحقيق ألعدالة و توفير ألأمان فى ألمجتمع، أو ربما قد تكون أنانية من أجل ألحصول على ألشهرة و ألمكاسب ألمادية و يمكن أن تكون أهداف أيدولوجية أو دينية بحتة لا يكمن تحيقيقها ألى تدريجيا و فى مدة غير محددة.

فى ألأنظمة ألديمقراطية هناك مجالا ضيقا لأجراء تجارب أيدولوجية طويلة ألمدى لأن ألأنتخابات تكون على شكل دورى و كل طرف سياسى فى ألسلطة سيحاسب على أداءه فى فترة حكمه و لهذا فأن برامج ألأحزاب ألسياسية فى ألأنظمة ألديمقراطية يتم صياغتها بشكل واقعى حيث يمكن تحقيقه فى فترة ألحكم ألمتاحة بين أنتخابات و أنتخابات . بعض فقهاء علم ألسياسة مثل ألفقيه ألسياسى M. Laver حاول تفسير طريقة تسير شؤون ألبلاد فى ألأنظمة ألديمقراطية ألنيابية على أساس نظريات علم ألأقتصاد أذ يدعى هؤلاء بأن نظام تداول ألسلطة و منافسة ألأحزاب على ألفوز بأكثرية أللأزمة لتشكيل ألحكومة فى ألأنتخابات لا تختلف كثيرا عن عملية منح مناقصات لشركات ألمقاولات لأنجاز مشروع معين. ألمشروع يكون فى هذه ألحالة أدارة شؤون ألدولة و فترة ألأنجاز هى فترة ألحكم بين ألأنتخابات و ألأحزاب ألسياسية تلعب هنا دور شركات ألمقاولات ألتى تتنافس على ألفوز بألمشروع من خلال تقديم عروضها للناخبين و ألناخبين أنفسهم يلعبون دور هيئة منح ألمناقصات للشركات عندما ينتخبون حزبا معينا بألأكثرية أللازمة لأستلام ألحكم معتقدين بأن هذا ألحزب سينجز ألمشروع حسب تصورهم. و محاسبة ألحزب ألذى لا ينجز ألمشروع حسب ألوعود ألتى قطعها قبل ألأنتخابات يتم من خلال عدم منح ألثقة له من قبل ألناخبين فى ألأنتخابات ألمقبلة و هذه ألعملية هى بمثابة أبعاد شركات ألمقاولات ألغير كفوءة.
و قد يحدث بعض ألمرات بأن شركة ما لا تستطيع أنجاز ألمشروع لوحدها و لهذا فهى تظطر ألى ألدخول فى شراكة مؤقتة مع شركات أخرى لهذا الغرض و هذه ألشراكة هى نفسها ألتى تظطر أن تقوم بها ألأحزاب ألسياسية بعض ألأحيان للحصول على ألأكثرية ألازمة لتشكيل ألحكومة و هى ما تسمى بألتحالفات ألحزبية.
و مع هذا فأن ألتحالفات ألحزبية تختلف قليلا عن ألشراكة فى مجال ألمقاولات لأن ليس كل نظام فى أطار ألنظام ألديمقراطى ألنيابى يسمح بعقد تحالفات سياسية لتشكيل ألحكومة. ففى ألنظام ألديمقراطى ألرئاسى مثلا حيث يلعب رئيس ألدولة دور رئيس ألحكومة أيضا و ينتخب مباشرة من قبل ألشعب و ليس من قبل ألبرلمان فأن ألحكومة تتكون فى ألمرحلة ألأولى من شخص واحد فقط و هو ألرئيس ألمنتخب و ثم يقوم هو بدوره بتعين ألوزرء حسب تصوراته ألسياسية أو حتى ألشخصية و حسب ألأجراءات ألمتبعة فى دستور ألبلاد كما هو ألحال فى ألولايات ألمتحدة ألأمريكية و روسيا ألأتحادية.
أذن فأن ألتحالفات ألسياسية هى ممكنة فقط فى ألنظام ألديمقراطى ألبرلمانى حيث تنبثق ألحكومة من ألبرلمان ألمنتخب و أستمراريتها فى ألحكم تتوقف على ألمحافظة على ألأكثرية أللازمة ألتى تدعمها داخل ألبرلمان. و حتى داخل نظام ألديمقراطى ألبرلمانى للنظام ألأنتخابى ألمطبق فى ألبلد ألمعنى تاثير كبير على أمكانية عقد تحالفات حزبية. ففى نظام ألأكثرية مثلا حيث ألفائز يأخذ ألكل كألنظام ألأنتخابى ألبريطانى نواجه عادة ظاهرة وجود حزبين كبيرين يتداولان ألسلطة حسب نتائج ألأنتخابات و لا حاجة فى أغلب ألأحيان لعقد تحالفات حزبية ألا فى ألحالات ألأظطرارية كألحروب وألأزمات ألكبرى. لذا فأن ظاهرة عقد التحالفات الحزبية هى ظاهرة شائعة فى ألنظام ألتمثيل ألنسبى من ظمن ألنظام ألديمقراطى ألبرلمانى نظرا لتشجيع هذا ألنظام لتوسيع ألخارطة ألحزبية فى ألبلاد. و فى بعض ألمرات يجعل دستور ألبلاد تشكيل حكومات أئتلافية ألزاميا كما هو ألحال فى سويسرا و بلجيكا.

و بألرغم من كون ألتحالفات ألحزبية ألطريقة ألمفضلة للحصول على كرسى ألحكم و لكنها ليست بشراكة سهلة لأنها تطلب تقديم تنازلات من قبل كافة ألأطراف ألمساركة خاصة من قبل ألأحزاب ألكبرى ألتى لا تستطيع ألحصول على ألأكثرية أللازمة لتشكيل ألحكومة لوحدها لصالح ألأحزاب ألصغرى ألتى يمكن أن تكون قد فازت بنسبة ضئيلة فقط من ألأصوات و لكن هذه ألنسبة هى ألنسبة ألتى تحتاجها ألأحزاب ألكبيرة لكى تتمكن من تشكيل ألحكومة و لهذا تظطر ألأستجابة لمالطب هذه ألأحزاب ألصغيرة ألتى تميل فى كثير من ألأحيان الى فرض شروط قاسية على ألأحزاب ألكبرى كألمطالبة بمناصب وزارية مهمة لا تتناسب مع أداءها فى ألأنتخابات. مشكلة ألأحزاب ألكبرى ألتى تفشل فى ألحصول على ألأكثرية أللازمة لتشكيل ألحكومة لوحدها هى ليس فقط ألحصول على دعم ألأحزاب الصغرى لتشكيل ألحكومة بل أيضا ألحفاظ على هذا ألدعم داخل ألبرلمان طول ألفترة ألقانونية للحكم. و حتى فى حالة نجاح ألأطراف ألسياسة فى عقد تحالف فيما بينها يكمنها من تشكيل حكومة أئتلافية فأن تأثير ألأحزاب ألمتحالفة داخل ألحكومة يختلف من دولة ألى دولة
أذ درجة نفوذ ألأحزاب ألمتحالفة داخل حكومة ما تتوقف على طريقة صنع ألقرار داخل هذه ألحكومة نفسها.
ألحكومات حسب طريقة صنع ألقرار فيها تصنف بصورة رئيسية كألآتى:

1. ألحكومات ألبيروقراطية: هنا يلعب ألبيروقراطيون أى موظفى ألدولة ألكبار ألغير ألمنتخبين ألدور ألرئيسى فى صياغة و تنفيذ قرارات ألدولة و لا يلعب ألوزراء ألا دور ألهواة فى ألسياسة تصدر و تنفذ ألقرارات بأسمهم. هنا يكون دور ألأحزاب ألمتحالفة فى أدارة شؤون ألدولة محدودة بصورة تلقائية.
2. ألحكومات ألبرلمانية: حيث يلعب ألبرلمان ألدورالرئيسى فى أدارة ألدولة من خلال توجيهه و أشرافه عن قرب لعمل ألحكومة. هنا يكون دور ألأحزاب ألمتحالفة كبيرا.
3. حكومات رئيس ألوزراء: حيث يكون دور رئيس ألوزراء كبيرا فى أدارة شؤون ألبلد يشبه دور رئيس ألدولة فى ألنظام ألديمقراطى ألرئاسى. دور ألأحزاب ألمتحالفة تكون هنا ضعيفا جدا.
4. حكومات ألأحزاب ألسياسية: هنا يتم توجيه أعمال ألحكومة من قبل ألأحزاب ألتى ينتمى أليها أعضاء ألحكومة مطابقا لأيدولجية ألحزب حيث تصبح ألحكومة أداة للسياسة ألحزبية خاصة. هذا الصنف من ألحكومات تظهر عادة فى أنظمة شبه ديمقراطية حيث يلعب رئيس ألحزب دورا كبيرا جدا حتى فى حالة وجوده خارج البرلمان و ألحكومة كعضو. دور ألأحزاب المتحالفة تكون تلقائيا دورا فعالا.
5. ألحكومات ألتوافقية: هنا تتخذ ألحكومة قراراتها بألأجماع و أعضاء ألحكومة يكونوا متساوون فى ألحقوق بسبب حق ألنقض ألذى يملكه كل واحد منهم حتى لو لرئيس ألوزراء دور مميز داخل ألحكومة. هنا يكون دور ألأحزاب ألمتحالفة دورا مساويا.
6. حكومة ألوزراء: هنا يدبر كل وزير شؤون وزارته بصورة شبه مستقلة و رئيس الوزراء يلعب دور ألمنسق بين ألوزارات. هنا يكون دور ألأحزاب ألسياسية ألمشاركة فى ألتحالف أعلى دور ممكن فى ألوزارات ألتى يديرها أعضاء ألأحزاب ألمتحالفة.

و فيما يتعلق بألتحالفات ألحزبية نفسها فأنها تنقسم ألى عدة أنواع.

أنواع التحالفات ألحزبية:

ألتحالفات الحزبية هى عملية تنسيق بين حزبين أو أكثر قبل أو بعد ألأنتخابات من أجل أهداف مشتركة. هذه ألأهداف غالبا ما تكون ألفوز بكرسى ألحكم حيث لا يستطيع طرف ما ألوصول الى هذا الهدف لوحده بسبب فقدانه للأكثرية أللازمة لتشكيل ألحكومة. و كلما زادت عدد ألأحزاب داخل ألبرلمان كلما زادت أمكانية عقد ألتحالفات فيما بينها.
كل حزب يستقبل عرض من حزب آخر للدخول فى تحالف معه، يأخذ فى ألحالات ألأعتيادية على ألأقل ألشروط ألتالية بعين ألأعتبار:

1. ألتحالف له فرصة واقعية بألفوز.
2. يمكن له أن يلعب دورا مناسبا فى هذا ألتحالف.
3. يكون سياسيا و أيدولوجيا قريبا ألى حد ما من هذا الحزب.
4. يمكن أن يحصل على حصة عادلة فى ألمناصب فى حالة فوز ألتحالف فى ألأنتخابات.

مصطلح ألتحالفات ألحزبية ليس ألا مصطلحا عاما يشمل أنواع عدة من ألتحالفات ألحزبية تصنف حسب ألزمن و ألمحتوى.
من حيث ألمحتوى هناك نوعين من ألتحالفات الحزبية: أولا ألتحالفات البرلمانية حيث تتحالف ألأحزاب داخل ألبرلمان لتشكيل ألحكومة، و ثانيا ألتحالفات الحكومية حيث تشترك ألأحزاب فى الحكومة فقط دون ألتنسيق فى ألبرلمان، ينشأ فى بعض المرات خلال منح ألحزب ألفائز بألأكثرية مقاعد وزارية للمعارضة لسبب ما.
هذان ألصنفان من ألتحالفات ألحزبية تتفرع منهما عدة أنواع من ألتحالفات ألحزبية تختلف حسب ألظروف ألسائدة فى كل دولة و أهمها هى:

1. ألتحالف ألموسع: هذا النوع من ألتحالفات ألسياسية تشترك فيه عادة كل أو أغلبية ألأطراف ألسياسية ألممثلة داخل ألبرلمان و هو يعقد غالبا فى زمن ألأزمات ألكبيرة ألتى تمر بها ألدول. عدة دول أوربية كألنمسا و بريطانيا عقدت تحالفات برلمانية موسعة بعد ألحرب ألعالمية ألثانية.
2. ألتحالف ألأيدولوجى: ألأحزاب ألمتحالفة يجمعها هنا ألتشابه فى ألأيدولوجيا كما هو ألحال ألآن بين حزب ألخضر و ألحزب ألأشتراكى فى ألمانيا أو بين ألأحزاب ألفاشية و ألعنصرية فى أسرائيل تحت راية كتلة ليكود.
3. ألتحالف ألتوافقى: هو تحالف ألزامى مستمر حسب بنود ألدستور كما هو ألحال فى سويسرا و بلجيكا.
4. تحالف ألمعارضة: هنا تتحالف أحزاب ألمعارضة ليس من أجل ألفوز بكرسى ألحكم لأنها لا تستطيع أن تشكل ألأكثرية أصلا، بل من أجل تشكيل معارضة فعالة لمواجهة ألأكثرية داخل ألبرلمان و مراقبة أعمال ألحكومة بصورة أفضل.

و من حيث ألتصنيف ألزمنى فهناك ألتحالفات قبل ألأنتخابات و بعد ألأنتخابات:

1- ألتحالفات قبل ألأنتخابات: ألتحالفات الحزبية قبل ألأنتخابات لا يمكن أعتبارها تحالفات من ألناحية ألعملية، أى تحالفات تؤدى الى تشكيل ألحكومة بألأكثرية لأن ألأطراف ألمتحالفة ليست متأكدة من ألفوز بألأكثرية أللازمة فى ألأنتخابات و لهذا لا يكمن أعتبار هذا ألنوع من ألتحالفات ألا مقترحا موجها للناخبين بأن ألحكومة ألمقبلة سيشكلها هذا ألتحالف أذا فاز بثقة ألناخبين. هذا ألنوع من ألتحالفات ينشأ عادة فى ظل نظام ألتمثيل ألنسبى عند تسابق عدد كبير من ألأحزاب على مقاعد ألبرلمان كما هو ألحال ألآن فى ألأنتخابات ألبرلمانية ألعراقية. و هو نوع شائع فى أوربا حيث كانت 41% من كل ألتحالفات ألبرلمانية ألمنعقدة بين 1946-2002 تحالفات من هذا ألنوع. لهذه ألتحالفات تأثير كبير على موقف ألناخبين خلال عملية ألتصويت لأن ألناخب يمكنه مسبقا ألتعرف على هوية ألأحزاب ألمشتركة فى ألتحالف بعكس ألتحالفات ألتى تعقد بعد ألأنتخابات و لهذا فهو يميل ألى عدم هدر صوته خلال ألتصويت لطرف ليست له فرصة واقعية بألفوز بألأكثرية و هذا هو ما يسمى بألتصويت ألأستراتيجى.

من أهم مزرايا ألتحالفات ألقبل ألأنتخابية هى:

1. هى تؤدى ألى تشكيل حكومة فعالة لأنها نالت بثقة ألناخبين سلفا.
2. هوية ألحكومة ألمحتملة ألمقبلة هى معروفة للجميع و لعل فى هذا أنصاف بحق ألناخب و تمنح ألحكومة ألمقبلة شرعية أكبر.
3. يكون دور ألناخب دورا أكبر و أكثر مباشرة فى أنتخاب الحكومة.

2- ألتحالفات بعد ألأنتخابات:

هذه هى ألتحالفات ألحقيقة ألتى تؤدى ألى تشكيل ألحكومة ما عدا فى حالات تحالفات ألمعارضة و هى ليست ألا تحالفات أظطرارية غير طوعية نظرا لعدم فوز طرف ما بألأكثرية أللازمة لتشكيل ألحكومة لوحده و لهذا فهى شراكة صعبة تؤدى ألى أعاقة عمل ألحكومة و أداءها و تتطلب فى بعض ألأحيان تقديم تنازلات كبيرة من قبل ألأطراف ألمشاركة على حساب برنامجها ألأنتخابى و ألوعود ألتى قطعها للناخبين و لهذا يعتبر هذا ألنوع من ألتحالفات خيانة لأرادة ألناخب لأنه عندما أنتخب حزب معينا كان هدفه حكومة يشكلها هذا ألحزب لوحده و ليس بألتحالف مع حزب آخر ربما لا يريده هو فى ألحكم.
ألتحالفات بعد ألأنتخابات تنقسم ألى قسمين: أولا ألتحالفات ألتشريعية و ثانيا ألتحالفات ألحكومية. فى حالة ألتحالفات ألتشريعية يتجاوز نطاق ألتنسيق بين ألأحزاب ألمتحالفة أطار تشكيل ألحكومة و بل يشمل توحيد ألمواقف فى حالة ألتصويت على ألقرارات و ألقوانين. ألتحالفات ألتشريعية يمكن أن تظهر فى ألنظام ألديمقراطى ألرئاسى أيضا حيث يمكن أن تعقد تحالفات مؤقتة بين ألأحزاب ألممثلة داخل ألبرلمان أو بعض من أعضائها لتمرير مشروع قانون معين بألأكثرية كما هو ألحال فى بعض ألمرات فى ألكونجرس ألأمريكى حيث يمكن أن ينضم بعض ألنواب ألديمقراطيين ألى ألجمهوريين أو بألعكس لتمرير مشورع قانون ما بألأكثرية.
و ليس من ألمفروض أن يؤدى تحالف تشريعى ما أيضا ألى تشكيل حكومة أئتلافية لأنه قد يحدث بعض ألمرات بأن ألأحزاب ألممثلة داخل ألبرلمان تفشل فى عقد تحالف فيما بينها للحصول على ألأكثرية أللازمة بسبب خلافات أيدولوجية أو سياسية و حتى شخصية و لهذا تمنح ألثقة لحكومة تشكلها ألطرف ألذى حصل على أعلى نسبة من ألمقاعد داخل ألبرلمان ولكن ما دون ألأكثرية ألمطلوبة و هذا هو ما يسمى بحكومة ألأقلية. حكومة ألأقلية هى حكومة هشة غير مستقرة ضعيفة لأنها تكون دائما عرضة ألى ألتصويت على حجب ألثقة منها من قبل ألأحزاب ألأخرى ألتى يمكن أن تتغير مزاجها بمرور ألزمن و تتغلب على خلافاتها حتى لو لمرة واحدة وهى عملية أسقاط ألحكومة.

و ثانيا ألتحالفات الحكومية كما تحدثنا عنها قبلا فهى تشمل ألحكومة فقط و لا تؤدى بألضرورة ألى تنسيق بين ألأحزاب داخل ألبرلمان.

مهما كان حجم و نوع ألتحالفات بعد ألأنتخابات فأنها عملية غير طوعية تتطلب ألتنازلات و تقسيم ألسلطة بين ألأحزاب ألمتحالفة. و لهذا فأن ألأطراف ألمشاركة تبذل كل جهدها لتشكيل تحالف يضمن لها ألأكثرية ألمطلوبة فقط لا أكثر و لا أقل لأنه كلما زاد عدد ألمشتركين كلما تقلصت حصة كل طرف مشارك فى ألمقاعد ألوزارية و ألمناصب ألعليا ألأخرى داخل ألدولة. و لهذا طور فقيه ألعلوم ألسياسية W. Riker فى كتابه "نظرية ألتحالفات ألسياسية" ألذى صدر عام 1962 مصطلح "تحالفات ألحد ألأدنى" .

ألأحزاب ألكبرى تكون عادة ألخاسر ألأكبر فى ألتحالفات ما بعد ألأنتخابات لأن عليها تقديم تنازلات كبرى لأحزاب صغيرة نسبيا تحتاج أليها ألأحزاب ألكبيرة لتشكيل تحالف ألحد ألأدنى. و ألأحزاب ألصغيرة على علم بألوضع ألمأساوى للأحزاب ألكبيرة فى هذه ألحالات و لهذا تحاول فرض شروطها ألقاسية عليها. فمثلا لو كانت نسبة حزب أ داخل ألبرلمان 49% و نسبة حزب ب 47% و نسبة حزب ج 4% و حزب ج هو حزب ألوسط أيدولجيا أى يمكنه ألتحالف مع كلا ألحزبين ، فأنه من ألمنطقى أن يتسابق كلا ألحزبين ألكبيرين على حزب ج لعقد ألتحالف معه للحصول على ألأكثرية أللازمة لتشكيل ألحكومة، فحزب ج بألرغم من ضآلة نسبته بوسعه فرض شروط قاسية على كلا ألحزبين لعقد ألتحالف مع أى واحد منهما لأنه يصبح فيما يسمى فى ألعلوم ألسياسية بصانع ألملك. هذا فقط فى حالة تكفى فيها أكثرية 50% زائد صوت واحد كحد أدنى لتشكيل ألحكومة. ولكن أذا كانت أكثرية ألثلثين أو ما فوقها ضرورية لتشكيل ألحكومة كما هو ألحال فى قانون أدارة ألدولة ألعراقية للمرحلة ألأنتقالية، فلا بد من عقد تحالفات موسعة قبل أو بعد ألأنتخابات لأن هذا ألنظام يقع ضمن نظام ألديمقراطية ألتوافقية.

من سيتحالف مع من فى ألعراق و لماذا؟

ألأنتخابات ألعراقية ألمقبلة هى حالة خاصة أذ لم تجرى لحد ألآن فى تاريخ ألعراق أنتخابات على ألمستوى ألوطنى تتوفر فيها كافة ألشروط ألدولية كألحرية و ألنزاهة و ألسرية بأستثناء أنتخابات برلمانية أقليمية فى كردستان ألعراق سنة 1992. و لذلك فأن نظرية ألتحالفات ألسياسية كما تم عرضها بصورة مختصرة أعلاه لا تنطبق كاملة على ألحالة ألعراقية. و مما يعقد أطلاق أية تنبآت حول ألتحالفات ألممكنة بعد ألأنتخابات ألبرلمانية ألعراقية هو ألأشتراك ألمنتظر لعدد كبير من ألأحزاب و ألمستقلين فى هذه ألأنتخابات و بألفعل سيتمكن ألكثير من هذه ألكيانات ألسياسية ألدخول ألى ألجمعية ألوطنية ألعراقية نظرا للتسهيلات ألتى يوفرها ألنظام ألأنتخابى ألعراقى ألنسبى كعدم وجود حاجز أنتخابى و أتباع ألمنطقة ألأنتخابية ألواحدة.
مشاركة عدد كبير من ألكيانات ألسياسية فى ألأنتخابات ألبرلمانية فى دول متعددة ألأعراق و ألأديان كألعراق هى ظاهرة مألوفة على ألمستوى ألدولى. فمثلا فى ألأنتخابات ألبرلمانية ألهندية فى نيسان 2004 أشتركت 220 حزبا سياسيا فيها بألأضافة ألى 2369 مرشحا مستقلا تنافسوا على 543 مقعدا برلمانيا و لم يستطع ألدخول ألى ألبرلمان ألهندى ألا سبعة و ثلاثون حزبا و أربعة من ألمستقلين. بما أن ألنظام ألأنتخابى ألعراقى هو نظام ألتمثيل ألنسبى بعكس نظام أنتخاب ألأكثرية ألهندى، يجب أن لا نستغرب أذا فاز عدد كبير من ألأحزاب و ألمرشحين ألمستقلين بمقاعد فى ألجمعية ألوطنية ألعراقية لأن كل كيان سياسى لا يحتاج ألا ألى 0.36% من أصوات ألناخبين للفوز بمقعد فيها.

و بألرغم من ألحالة ألعراقية ألخاصة فيما يخص ألأنتخابات ألمقبلة، فيمكن فى ضوء نظرية ألتحالفات ألسياسية ألتوصل ألى ألأستنتاجات ألتالية:

1. ألتحالفات ألحزبية ألتى تعقد ألآن فى ألعراق هى ليست تحالفات برلمانية و لا حكومية لأنها تحالفات تسبق ألأنتخابات و لهذا فهى ليست ألا أقتراحا موجها للناخب للتصويت لصاحه و من الناحية ألنظرية فهو من ألممكن بأن تحالف حزبى ما لا يستطيع ألدخول ألى ألجمعية ألوطنية أصلا.
2. توزيع ألمقاعد على قائمة هذه ألتحالفات لا تستند ألا ألى تخمينات من طرف واحد أذ لم يسبق لأى من هذه ألأحزاب بأستثناء بعض ألأحزاب ألكوردية قد تم أختبار ثقله ألحقيقى عند ألناخبين فى أنخابات ما فى ألعراق. و ربما من ألممكن ألتعويض عن هذا ألنقص بنوع ما خلال أجراء أستطلاعات للرأى تجريها أطراف نزيهة و مختصة و محايدة لتحديد ألثقل ألتقريبى لهذه ألأحزاب عند ألناخبين.
3. ألتحالفات ألسياسية ألحقيقة ألتى ستؤدى ألى تشكيل حكومة أئتلافية ستعقد بعد ألأنتخابات و هى لا بد منها بأن تكون تحالفا موسعا نظرا للصيغة ألتوافقية ألتى أتبعها قانون أدارة ألدولة ألعراقية و لو بصورة غير مباشرة حيث يتم حسب ألمادة ألسادسة و ألثلاثون لهذا ألقانون أنتخاب ألمجلس ألرئاسى ألمكون من ثلاثة أعضاء من قبل ألجمعية ألوطنية بأغلبية ثلثى أصوات ألأعضاء.
4. ألتكوين ألعرقى و ألدينى و ألطائفى فى ألعراق من ألصعب أن يسمح لأى تحالف مبنى على أساس طائفى ألحصول على أغلبية ثلثى أصوات أعضاء ألجمعية ألوطنية و لهذا يجب أن تكون هذه ألتحالفات عابرة للحدود ألعرقية و ألدينية و ألطائفية.
5. ألأحزاب العلمانية ألعراقية ستلعب دور صانع الملك لأنها كأحزاب وسط تضم فى صفوفها أعضاء من كافة ألجماعات العرقية و ألدينية و ألطائفية ألعراقية و لهذا تستطيع ألتحالف مع أحزاب أخرى مبنية على أسس قومية أو دينية أو قومية.
6. ألأحزاب ألطائفية وألقومية تستطيع ألحصول على أغلبية ثلثى أصوات أعضاء ألمجلس ألوطنى خلا عقد تحالف فيما بينها و لكنها تختلف كثيرا فى ألأهداف و ألأيدولوجية بصورة لا تستطيع ألتوصل الى صيغة مشتركة و لهذا فأن أحزاب الوسط ستلعب دور حلقة الوصل بين هذه ألأحزاب فى أئتلاف موسع.
7. أفضل طريقة لتشكيل حكومة فعالة فى ألعراق، كما تثبت لنا تجارب دول أخرى مرت بظروف صعبة مماثلة للظروف ألتى يمر بها ألعراق ألآن هو تشكيل أئتلاف موسع يضم ممثلين عن كافة ألجماعات ألعرقية و ألدينية و ألطائفية فى ألعراق.



#كمال_سيد_قادر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حالة ألطوارئ فى ألقانون ألدولى
- ألديمقراطية ألتوافقية فى قانون أدارة ألدولة ألعراقية
- نحو تمثيل عادل للأقليات فى ألعراق
- حول توفير منطقة آمنة للمسيحيين فى ألعراق
- تصفح سريع فى ألأنظمة ألجديدة للأنتخابات ألعراقية
- عودة تيمور لنك و جريمة أبادة ألمسيحيين فى ألعراق
- أنتصار ألأنتخابات هزيمة للأرهاب
- كوردوستان بين حق تقرير ألمصير و ألواقع السياسى
- ألمبادئ ألأساسية للنظام ألأنتخابى فى ألعراق
- أقتلوا أرهابيا أسمه ألفقر
- ألفساد ألأداري ..... أفيون ألعراق
- ملف العلاقات الكوردية الاسرائيلية: صداقة أم أستغلال


المزيد.....




- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة
- سيناريو هوليودي.. سرقة 60 ألف دولار ومصوغات ذهبية بسطو مسلح ...
- مصر.. تفاصيل جديدة في واقعة اتهام قاصر لرجل أعمال باستغلالها ...
- بعد نفي حصولها على جواز دبلوماسي.. القضاء العراقي يحكم بسجن ...
- قلق أمريكي من تكرار هجوم -كروكوس- الإرهابي في الولايات المتح ...
- البنتاغون: بناء ميناء عائم قبالة سواحل غزة سيبدأ قريبا جدا
- البنتاغون يؤكد عدم وجود مؤشرات على اجتياح رفح


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كمال سيد قادر - نظرية ألتحالفات ألحزبية: من سيتحالف مع من و لماذا