أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - اغتراب الغربة 12/15














المزيد.....

اغتراب الغربة 12/15


محمد البوزيدي

الحوار المتمدن-العدد: 1604 - 2006 / 7 / 7 - 10:25
المحور: الادب والفن
    


اغتراب الغربة 12/15
في الشهر الثاني بدأ يحفظ قواعد اللعب أسماء العمال، ألقاب الشافات، طريقة التحية الخاصة والحذاء الذي يجب أن يطلى بغاز خاص يمنع تسرب الفيروسات للقاعات البلاستيكية التي يعمل فيها، لم يجد كبير عناء لكن بدأ يحس باغتراب خطير سبب له اكتئابا نفسيا أثار انتباه كل أصحابه .
وجد نفسه مع زملاء لا يملكون أي رصيد معرفي ،مع مستويات متدنية لا يلتفتون لما يحدث لا محليا ولا عالميا ،لا يهمهم أخبار ولا مستجدات العالم ،بدأ ينظر إليهم كالحيوانات التي تأكل لكي تنتج ،بدأ يحس بالخطر الذي يتهدده وهو الإنغماس في هذا الجو وبالتالي عودة الأمية المعرفية له خاصة أن أغلب الأوقات الفارغة يقضيها في لعب الكارطة مع الآخرين والتفرج على القنوات الإسبانية الخليعة ،لقد ضاق ذرعا بكآبة أحس أنها ستطارده إن لم يتخلص مها بكل الوسائل ولو بالتكيف مع المحيط العام
مرة سأل أحدهم عن الجرائد فضحك منه بل سأله أحدهم:أنصحك أن لا تسال عن الحروف أو تدعي معرفتها، إياك أن تثير هذا الموضوع مع الشافات ،فإذا عرفوك واعيا تقرأ وتكتب وأنت ما زلت في البداية فقد يطردك خشية أن تنضم لجمعيات المهاجرين التي تدافع عن حقوق الآخرين ،أما حقوقنا وأوراقنا نحن فقد ضمناها بعد ستة اشهر من العمل السري والجدي وها أنت ترى كل شيء بعينيك.
لم يعلق على صاحبه خشية أن يكون رسولا لجس النبض بل تظاهر باتفاقه التام مع وجهة نظره .
في المساء بدأ يعانق التراب لكن لم يدر يكيف بدت له فكرة بدأ في تنفيذها فورا وهي كتابة أشعار على الأرض لقد كتب يقول :
في المزرعة الكئيبة
أسافر فوق الآهات
محلقا في السراديب المؤدية للضياع
والتيهان
وحين أتذكر أمي
أحن إلى الخبز المطهي وإلى الشاي المنعنع
ابكي بحرارة فتنتابني الأحزان المختلطة بالدفء العميق
عنا...وهناك
21
مع مرور الوقت استطاع أن يكسب ثقة الطيب وان يصبح صديقه المفضل، إذ بحكم تجربته في الحياة التي اكتسبها في الجامعة بدأ يقترح عليه أفكارا ثبت صحة تقديراتها، وأصبح يظهر أمام الباطرون كمحنك متميز وسط الشافات الآخرين وكزعيم لعداء الجاليات عند كل اجتماع مع صاحب المزرعة مما جعل هذا الأخير ينصب الطيب كرئيس لفدرالية المهاجرين السريين بالمزرعة ولقد ساهم ذلك في تحسين راتبه ونقله من 3000بسيطة إلى 4000 بسيطة
ذات يوم همس الطيب في أذن رشيد :رفيقي لقد عملت في هذه المزرعة قرابة ثلاث سنوات ولم أسوي وضعيتي القانونية داخل اسبانيا إلا قبل سنة ،لذلك فانا ما دمت حرا طليقا وأتوفر على بطاقة إقامة فلا أخفيك أنني أفكر في الرحيل للبحث عن عمل بثمن أحسن ،كما أنني قد أسافر في العطلة الصيفية ،لكن قبل ذلك فإنني سأعمل كل ما في وسعي لتهيئة الطريق لك للنيابة عني في منصبي هذا،وهذا سر بيني وبينك ،فأنت ابن بلدي وقريب من بلدتي وقد علمتني سنوات الغربة أن أفضل طريق للنجاح في سائر الأعمال هي كتمانها عن أي كان فكن حذرا جدا جدا.
بعد أربعة أشهر بدأ الصيف يقترب وهوما يعني تفكير العمال في العودة للأهل ،ولقد علمت عائلة رشيد أن ابنهم باسبانيا ،حينها انقسمت العائلة ما بين معجب بشهامة رشيد وما بين متخوف من المستقبل في ظل التعامل الخاص الذي يلاقيه المهاجرون هناك ،والعنصرية و.... و...و.....
ومع دنو العطلة كان الجميع يترقب إمكانية التسوية القانونية لوضعيته للعودة للوطن للإستجمام والزهو، والافتخار على الجيران والأقارب بأنه حقق مرور طارق بن زياد ،ومع مرور الزمن الهارب استطاع الطيب بخبرته وعلاقاته نقل رشيد للجناح الذي يشرف عليه ،حينها تخلص رشيد من ثقل البروتوكولات المقيتة كما تخلص من عقدة العمل تحت إشراف كونغولي الذي كان يضرب بها ببلده المثل أمام أصدقائه في التخلف وسريان مرض السيدا
كان يرى حجم الإنتاج الذي يحققه صاحب المزرعة على حساب عرق العمال، لقد كانت محاصيل جناح واحد لشهر واحد كفيلة بتأدية أجور جميع عمال الأجنحة السبعة طوال السنة .
لذلك كان فيليبي دوما مبتسما، ويعد العمال بقرب الإفراج عن وثائقهم، وحين كان يحس ضجرهم ومللهم وانخفاض مستوى الإنتاج كان يختلق حكايات عن وضع الوثائق لدى إدارة الهجرة والإتصال أمامهم بأحد الوسطاء الوهميين كما لم ينس زمن ارتفاع أسعار منتوجات المزرعة أن ينظم حفلة يشتري فيها للعمال المحرومين قنينات الخمر ويأتي بالنساء ،حينها يدرك البعض كرم وجود وسخاء صاحب المزرعة، فتطوى أفكارهم للإضراب والاحتجاج إلى زمن آخر يدركون فيه أن الوقت كالسيف يقطع حتى الذي لا يقطعه .
لكن رغم ذلك كانت نظرة الطيب خاصة وإن كان لا يظهرها ولا يعبر عنها إلا لرشيد استثنائية، كان يرى في العمل بالمزرعة أبشع صور الإستغلال ونموذج البؤس ومصاص دماء والخبث الفظيع، ويتأسف لعدم إدراك العمال لذلك، وإن كان يشرب معهم الخمر ويحيي السهرات التي يشرف عليها أحيانا بل وحين يقترحها على فيليبي يدرك هذا الأخير بفطنته أن الطيب ينقل إليه ضجر العمال واشتياقهم للمتعة، كان رشيد ينخرط في المسار ويركب القطار وفقا لمبدأ الوسيلة تبرر الغاية فهدفه محدد كالآخرين، وهو يعمل لتحقيق شعار التسوية القانونية في هذا الزمن فوق القناعات والمبادئ فقد قطع أشواطا ويجب أن يستفيد من مجهوداته طوال الأشهر السبعة الماضية، ولأنه حيوي وبإيعاز من الطيب تمت ترقيته ليحل محله الذي سيستفيد من إجازة قصيرة مدتها شهرين .
عندما اقترب موعد السفر نصب فيليبي رشيد مكان الطيب الذي كان يساعده ويفرض احترام العمال له علما أنهم لم يستسيغوا تعيين شخص لم يتجاوز وجوده هنا سبعة اشهر كشاف عليهم، لم يقدر أحد على التعبير عن ذلك ولكن تقاسيم الوجوه كانت تنبئ بكل شيء .
عندما بقيت ثلاثة أيام للسفر دعا فيلييبي الطيب للتسوق في المدينة على نفقته، وللوزن الذي أصبح يتمتع به رشيد استدعاه لمرافقتهما قائلا له:أولد بلادي سأستدعيك لتذهب معنا لتتعرف وتتقرب أكثر من فيليبي، كن على يقين انه إنسان خبيث، وعندما يدرك أنه استنفذ أغراضه جيدا مع شخص ما فهو يصبح طيبا في الظاهر معه أما الباطن فهذا شيء آخر.



#محمد_البوزيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ساعات في السجن
- اغتراب الغربة 11/15
- اغتراب الغربة 10/15
- اغتراب الغربة 9/15
- حوار صحفي مع الفاعل الجمعوي محمد بلمو
- اغتراب الغربة 8/15
- الهجرة إلى............... 2* هوامش من دفاتر الأحزان
- اغتراب الغربة 7/15
- هوامش من دفاتر الأحزان
- حوار مع المبدع المغربي أحمد الكبيري
- اغتراب الغربة 6/15
- قراءة في رواية المبدع المصري -بورتريه لجسد محترق-2/2
- تيهان
- قراءة في رواية المبدع المصري -بورتريه لجسد محترق-1/2
- 4/15اغتراب الغربة
- اغتراب الغربة
- في ذكرى النكبة
- اغتراب الغربة 2/15
- اغتراب الغربة 1/15
- الخريطة الدينية بالمغرب من خلال صناعة النخبة بالمغرب


المزيد.....




- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد البوزيدي - اغتراب الغربة 12/15