أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كلكامش نبيل - فيلم داليدا: تراجيديا خلف أضواء المسرح















المزيد.....

فيلم داليدا: تراجيديا خلف أضواء المسرح


كلكامش نبيل

الحوار المتمدن-العدد: 6579 - 2020 / 5 / 31 - 20:10
المحور: الادب والفن
    


مع حبي الكبير لأغاني داليدا، وترجمتي لبعضٍ منها ومعرفتي بحياة المغنية الإيطالية-الفرنسية المصرية المولد، قررتُ مشاهدة فيلم "داليدا" ليلة البارحة وكان الاختيار موفقًا للغاية. الفيلم من إخراج الفرنسية ليزا أزويلوس عام 2016 وتم عرضه أول مرة في فرنسا في 11 كانون الثاني 2017. تعلب الممثلة سفيفا ألفيتي دور البطولة ببراعة وقد حصل الفيلم تقييم بنسبة 40 في المائة على موقع روتين توميتو و6.9 من 10 على موقع قاعدة بيانات الأفلام على الإنترنت IMDb، لكنني أعطيه تقييما أعلى بلا شك.

يبدأ الفيلم بمحاولة انتحار داليدا (المولودة باسم يولاندا جيليوتي) في أعقاب انتحار حبيبها لويجي تينكو، لنتعرف بشكل لاحق على طفولتها في القاهرة وتنمّر الفتيات عليها في المدرسة بسبب نظاراتها والمصاعب التي رافقت اعتقال والدها – الموسيقي – بتهمة التعاون مع النازيين وتعذيبه في معسكر الاحتجاز. يتطرق الفيلم لحياة داليدا وحبها لزوجها لوسيان موريس الذي ساهم في نجاحها وشهرتها بعد ان يكتشفها على المسرح ويحصدان سوية الكثير من المال والشهرة. لكن داليدا، وكأي امرأة، ترغب في أن تصبح أمًا وأن تحضّر له العشاء كزوجة، فيرفض لوسيان ذلك ويقول لها أن بقية النساء يحسدنها على وضعها ويتمنين أن يصبحن مثلها، لكنها تخبرها أنها تتمنى أن تصبح مثلهن. نلاحظ الضغوط الأسرية على داليدا عندما يصرّح شقيقها للمعالج النفسي بأن داليدا ليست كأي امرأة وانها ولدت مختلفة وأنها مكرّسة للمسرح والشهرة.

تقع داليدا في حب بوهيمي مع جان سوبيسكي (الذي يقول بأنه أمير بولندي منفي) وتقول له أن حب أمير منفي أجمل من الوقوع في حب ملك متوّج، ولكن الصحف تنشر صور تجمعهما ويتسبّب ذلك في تأزم العلاقة مع زوجها لوسيان لينتهي الأمر بالطلاق. لا يوضح الفيلم كثيرًا عن نهاية قصة حبها لسوبيسكي الذي يصرّح للمعالج النفسي بأنه اكتشف أن لداليدا جانب فصامي وأنها تحب الشخصين معا (يولاندا تحب سوبيسكي وداليدا تحب لوسيان). يحاول لوسيان محاربتها ومنع بث أغانيها واعتبارها موضة قديمة أمام انتشار موسيقى الروك.

تظهر حادثة انتحار المغني لويجي تينكو أنه كان يشعر بالغيرة منها مع انه اعتبر أن انتحاره احتجاج على ذائقة الجمهور و"جهل العامة". تفاجأ بعد ذلك بأن ابن شقيقها سيحمل الاسم لويجي ولكنها تتقبل الأمر وتعبر عن حبها للطفل.

بعد التعافي من تأثير الانتحار ونجاتها من الموت بأعجوبة، تعود إلى روما لتصادف شاعر شاب يهديها كتاب عن لويجي تينكو. تلتقي داليدا بالشاب وتتحول العلاقة إلى قصة حب مع أنه في مطلع العشرينيات من عمره. يحرج الشاب داليدا بزيارتها لمنزلها في عيد الميلاد لينزعج شقيقها من ذلك ويغادر المكان. فجأة، يتحقّق حلم داليدا بأن تصبح أما في ظرف غير مناسب لأنها تدرك فجأة أن علاقتها بلوشو غير مناسبة وأنه يصغرها سنّا. في تلك الفترة، تغني أغنية رائعة تذكر فيها بأنها "نسيت أن عمرها ضعف ال 18 عام". لا تخبر داليدا الأب بمسألة الحمل وتقوم بإجهاض الطفل ويترك ذلك أثره عليها. في الوقت ذاته تترك للشاب بعض النقود ليكمل تعليمه وينساها.

من النقاشات المؤثرة في الفيلم، نقاشها مع معلم هندي روحاني – عندما تقرر ممارسة التأمل وترك الغناء وتذهب إلى الهند. يسألها المعلم عن سبب عدم رغبتها في الغناء وهل تشعر بأنها لا تحب الغناء، ليكتشف بأنها متوحدة مع ذاتها عندما تغني وهذه هي رسالة وهدف التأمل. يخبرها المعلم بعدها أن رسالتها في الحياة هي أن تغني لاسعاد الناس ومنحهم الأمل، لكنها تكرّر على الدوام أن لا أحد يسعدها في المقابل.

تغني داليدا الأغنية الرائعة "أنا مريضة" Je suis malade وتبدع المخرجة في تصوير الأغنية ومشاعر داليدا وتزامن ذلك مع انتحار طليقها السابق لوسيان – الذي يستمر في حبّها سرّا. مع وفاة والدتها، يعرض الفيلم أداء داليدا لأغنية ليو فيري الرائعة "مع الوقت" Avec le temps.

في فترة الاكتئاب بسبب انتحار لوسيان، تلتقي داليدا بريتشارد شانفري المعروف باسم الكونت دي سان جيرمان وتقع في حبه. يبدو أنها تقضي فترة حياة سعيدة معه ويشتري لها كلبًا جميلا ليكون بمثابة طفلها. تحقق داليدا نجاح باهر في أميركا وتؤدي عروض استعراضية مع أغاني مثل Gigi l amoroso ودعني أرقص وغيرها الكثير. يشعر ريتشارد بالغيرة من أداءها لأغنية مع المغني الوسيم ألين ديلون – وهي أغنية ترجمتها ذات مرة بعنوان كلمات Parloes – ويرغب في أن يشاركها في أداء أغنية على الرغم من أنه ليس مغنيا. تتدهور العلاقة بينهما وتنجح المخرجة في تصوير ألم داليدا عندما تعرف أنها لن تصبح أمّا في حياتها. تقف داليدا بجوار ريتشارد وتدفع له الكفالة لإخراجه من السجن عندما يقتل بعض اللصوص في منزلهم ويذكرها توقيفه بعذابات والدها في مصر. مع ذلك، تتدهور العلاقة مع ريتشارد الذي يذكرها بأنها كبيرة في السن ولن تجد بديلا إذا ما تركها، لكنها تقوم بطرده وينتهي ذلك بانتحاره.

تدخل داليدا في موجة اكتئاب جديدة وتبقى في المنزل وحيدة ولا تفتح ستائر الغرفة وتتناول المعكرونة فقط كل يوم وتتقيأها. يأتي عرض يوسف شاهين لينقذها من ذلك الوضع وتؤدي دور مهم في فيلم "الأيام الستة". يصوّر الفيلم مشهد رائع بين طفل مصري وداليدا وهو يسألها بأنه سمع انها ماتت من قبل، فتقول له، "نعم ولكن ليس بالضبط" ويسألها ان كانت الموت مرعبًا، فتقول له، "كلا، مثل الحلم". الحوار مؤثر للغاية وعميق. وسط غمرة الفرح باستقبال داليدا في مصر وكأنها رئيس جمهورية، تمرّ بحي شبرا حيث ولدت لكن ذكريات التنمر في طفولتها تعود إليها برؤية طفلة ترتدي نظارات طبية. الحزن والموت يطاردان داليدا طوال حياتها وفي لحظات فرحها.

يصور الفيلم الأيام الأخيرة لداليدا ووحدتها التي تجسدها أغنية "كي لا نعيش وحيدين" Pour ne pas vivre seul ولكنها وكما تقول كلمات أغنيتها Mourir sur scene أو الموت على المسرح، تختار داليدا موتها بنفسها وفي اليوم الذي تحب "الأحد" ووسط أجواء احتفال اخبرت فيها السيدة التي ترعى شؤون منزلها بأن تغادر لأن لديها موعد غرام وان لا تتصل عليها صباح الغد. لقد كان موعد غرامي مع الموت الذي طارد داليدا طول حياتها. المشاهدة رائعة وعليكم الاستعداد لذرف الدموع. لقد بكيتُ في هذا الفيلم كما بكيت عند وفاة مطربي المفضل الفرنسي الأرمني شارل أزنافور عام 2018. خلدت كلمات داليدا الأخيرة في أذهان محبيها "الحياة لم تعُد تُحتمل، سامحوني!" لكنها لم تغادر حياتنا أبدًا والدليل أنني وغيري نحب فنها على الرغم من ولادتي بعام واحد على انتحارها.

أجواء الفيلم مثل حياة داليدا بالضبط: كآبة خلف الكواليس وبهجة عارمة على المسرح. اختيار الأغاني رائع ومناسب لكل فترة من فترات الفيلم ويعبّر عن غناء داليدا حقّا لما تمرّ به، لقد تقمّص فنها حياتها وجسّد كل ما مرّت به. هناك أغانٍ بالفرنسية والإيطالية والعربية والإنجليزية والإسبانية، وكذلك حال الحوارات في الفيلم. الشبه بين الممثلين والشخصيات الحقيقية كبير لدرجة لا تصدّق ويعطي انطباع عن مدى دقّة المخرجة في الاعتماد على صور حقيقية حتى من ناحية الملابس لمحاكاة تفاصيل حياة داليدا. أنصح بمشاهدة الفيلم وأعتبره من الأفلام التي يمكن أن أشاهدها مرّة أخرى بلا شك.



#كلكامش_نبيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيلم الباباوان: صداقة رغم الاختلاف ونقاش شفاف للإصلاح
- فيلم الجوكر: دعوات للفوضى والقتل ردًا على التنمّر والفقر!
- الفنان الفرنسي مارسيل مارسو: إنقاذ الأيتام ومقاومة النازية ف ...
- رحلة حول العالم: أنغولا - حرب أهلية في خضم الحرب الباردة
- رحلة حول العالم: الجزائر - الظروف التي مهدت للعشرية السوداء
- رحلة حول العالم: أستراليا - عذابات المُدانين وأحلام المغامري ...
- رحلة حول العالم: أرمينيا - أرض العزيمة والأمل
- رحلة حول العالم: الأرجنتين - الإبادة الاجتماعية والإفلاس الا ...
- رحلة حول العالم: نهضة ألبانيا المتعثرة
- رحلة حول العالم: أفغانستان - حروب ثلاث إمبراطوريات
- الحرب العالمية الأولى: حرب إعادة تشكيل العالم - الجزء الثاني
- الحرب العالمية الأولى: حرب إعادة تشكيل العالم - الجزء الأول
- الكساد العظيم: كيف يقود الانهيار الاقتصادي إلى الحروب
- أجيال ما بين بنغلاديش وبريطانيا - قراءة في رواية -بريك لين- ...
- العدالة والانتقام – مطاردة النازيين الهاربين في فيلم -العملي ...
- إيجه، كنعان وسوريا – اطلالة على حضارات شرق المتوسط
- توق الى الحياة والنور – قراءة في رواية -تلك العتمة الباهرة- ...
- قصة كمال – أسرار أغنية يونانية عن العراق والمشرق
- عبث الانتظار - قراءة في رواية -في انتظار جودو- لصمويل بيكيت
- سُريالية رومانسية حالمة - قراءة في كتاب -كأنني أسابق صخرة- ل ...


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كلكامش نبيل - فيلم داليدا: تراجيديا خلف أضواء المسرح